ناديتُ شَعباً بوادى النيل لو سمعَا |
وجئتُ مستشفعاً بالشعر لو شفعَا |
يا ساكنى مِصرَ حيَّا اللهُ جيرتكم |
ردُّوا فآخذَ فى التّسيار أو أدعا |
يقول لى الناس قد أحسنتَ قلت أجل |
أحسنتُ لو كان شعري بينكم نفعا |
لا أبتغى المَدحَ فى مصرٍ على أدبى |
وإِنما ابتغى أَن نشرئب مَعَا |
ما الأمرُ أن تُعجبوا بى شاعراً فاذا |
طال المدى عدتمو فى أمركم شِيَعا |
كم بتُّ آسُو جراحاً قلما برئت |
وكم وصَفتُ دواءً قلما نجعا |
كم يائس قالَ لا أسعى الى أملٍ |
فالمرء تُفقده الآمالُ ما جَمَعَا |
فقل له إِننى نعم الضمين له |
بما يؤمل إِن أرشدتُ فاتبعا |
يا قومُ كم مصبح وسنانَ فى تَرَفٍ |
والموت ممسٍ على الآجالِ مطَّلِعا |
يا قومُ لاَ تركبوا من وهمكم أملاً |
من يركب الوهم فى آماله وقعَأ |
جفوتم النيل في البطحاء وهو على |
جفائكم كلما أستسقيتمو ترعا |
خصبٌ ترعرع فيه العودُ ذا غُررٍ |
محجَّلَ الساق لو ناديتَه لسعى |
يا قائمين بأمر النيل لا تذروا |
سبيل مصرَ الى العلياء منقطعا |
إِنَّا انتخبناكمو يا قومُ فاستبقوا |
إِن الشُّجاع اذا ما استُنِجد ادَّرعا |
من كلّ غضبان كالرئبالِ معترِكاً |
إِن صارعوه على أشبالهِ صَرَعا |
فأطلقوا قِطعَ الأقلامِ واردةً |
فإنها تبصرُ الميدان متَّسِعا |
وحرروا لغةَ القرآن واعتصموا |
بالدِّينِ فى كل أمر يُوجب الفَزَعا |
وعلموا فقراءَ الشعبِ واغتنموا |
أجر اليتيم اذا ما لونه امتقعا |
كم من فقير غبارُ العسرِ جلَّله |
حتى اذا نفَضته يُسرةٌ بَرَعا |
يا راقدين أطالَ الليلُ غفلَتهم |
أَلاَ افيقوا فإنَّ الصبحَ قد طلعا |
واسعَوا الى شرفاتِ المجد أو تصلوا |
إِن الهلال اذا رام التمام سعى |
زقا صدى من قبور السالفين فهل |
دوَّى فذكَّر منكم ناسياً فوعى |
لم يبقَ إِرثٌ سوى أخلاقهم فاذا |
ولَّت غدونا على آثارها تبعا |
يسدّد الغربُ خطَوَ المعجزات ولا |
يقلِّدُ الشرقُ إِلاَّ اللهوَ والبِدعا |
إِن قام يشرع فى محمودةٍ رجلٌ |
فحسبه من تمام أنه شرعا |
جربتمو أن تكونوا قانِعِين بما |
رُزقتموه فهل جرَّبتم الطمعا |
ليتَ الرئيسَ الذى استرضوا رياسته |
إِن شدَّ بالناس رحل المجد لن يضعا |
فأذكر لها الفضل داراً أبلغتك بها |
أفقَ الرياسة واسهر إن فتى هجعا |
واشدد يديك بسعد والتفت تره |
نعمَ الشِّهابُ اذا استهديته سطعا |
رأيتُهُ فرأيتُ الروضَ متَّسعاً |
والدهر مستمِعاً والخَلقَ مجتمِعَا |
ليتَ الغَمامَ الذى أمسى يظلّلنا |
من لفحةِ الحَرِّ إشفاقاً بنا همعا |
ليتَ الليالى التى طاح الزمان بها |
تلوى ويلتئم الشمل الذى انصدعا |
قالوا لىَ الصمت قلتُ القولَ فارتعدوا |
خوفاً علىَّ وما صمتُ امرىءٍ جَزِعا |
وأبلغونى أموراً ما اقتنعتُ بها |
حتى اذا عثرت بى عدت مقتنعا |
أأشتكى الجوع فى مائى وفى شجرى |
ويشتكى ظالمى فى ظلها الشِّبعا |
ما أضيعَ المرء فى دار اذا استبقت |
فيها الغيوث ورجى جرعة مُنِعَا |
وكيفَ أحيا بوادٍ جوُّه كدرٌ |
لو يبعثُ الله فيه البرقَ ما لمعا |
وكيفَ أشكو وأرضُ الله واسعَةٌ |
وكل حيٍّ قطينٌ حيثما انتفعا |
قرباً وإِلا فإنى طائرٌ غَرِدٌ |
إِن يدَّكر وكرَه في بعده سَجَعا |
يَفنَى الوجودُ وتبقى كلُّ صالحةٍ |
والمرءُ فى صُحُفِ التاريخِ ما صنعا |