عناوين ونصوص القصائد   أسماء الشعراء 
شعراء الفصحى في العصر الحديث > سورية > بدوي الجبل > ثكل الأمومة

سورية

مشاهدة
3393

إعجاب
4

تعليق
0

مفضل
0

الأبيات
0
إغلاق

ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك

إرسال
انتظر إرسال البلاغ...

ثكل الأمومة

ما للمنيّة أدعوها وتبتعد
أمرّ من كل حتف بعض ما أجد
ظمآن أشهد ورد الموت عن كثب
و الواردون أحبّائي ولا أرد
علّلت بالصبر أحزاني فيا لأسى
بالجمر من نفحات الجمر يبترد
دعوت خدنيّ من دمع ومن جلد
فأسعف الدمع لكن خانني الجلد
أصبحت أعزل والهيجاء دائرة
لا السيف ردّ الأذى عنّي ولا الزرد
أردّ رشق الظبى عن مهجتي بيد
و تمسح الدمع من نزف الجراح يد
***
أبا جميل سلام الله لا كتب
إليك تحمل أشواقي ولا برد
لقيت في الحق ما لاقى به نفر
من الهداة وما عانوا وما جهدوا
والعبقريّ غريب في مواطنه
يدور حيث يدور الحقد والحسد
وحاملين رسالات مقدّسة
توحّدوا بالجهاد السمح وانفردوا
مشتّتين بعصف الرّيح ولا وطن
يلمّ أشتات بلواهم ولا بلد
معارك الحقّ من أجسادهم مزق
على ثراها ومن مرّانهم قصد
وربّ شاك فساد العصر يظلمه
لم يفسد العصر لكن أهله فسدوا
***
أذاكر لي على صيداء هانئة
من الزّمان عليها نعمة ودد
يمشي بك المجد في أفياء وارفة
من الأمانيّ لا تلوي بما تعد
فيها صباك عطور عبقريّة
و لي شباب طريف العمر متّئد
ونحن بين الدّروب الحاليات
يد تضمّها في ظلال البرتقال يد
وأستعيدك شعري حين تنشده
حتّى يقوّم في إنشاده الأود
حبّ أبوك تولاّه ودلّله
و راح يكرم الإرث الوالد الولد
***
يا مبدع السحر إلاّ أنّه كلم
و ساقي الرأي إلاّ أنّه شهد
يا ناقدا، حبّه يملي فرائده
حتّى ليندى حنانا حين ينتقد
يا مانح النّور من تاهت دروبهم
و مانح الحبّ والغفران من حقدوا
يفنى المزوّر من مجد ومن خدعت
به الشعوب وتبقى أنت والأبد
لن يعدم القبر لا ريّا ولا عبقا
فلي جفون نديّات ولي كبد
أحنو على دمك المطلول ألثمه
أزكى من الورد ما جادت به الورد
دماء قلبك إيمان وغالية
فليس ينكرها بدر ولا أحد
دماء قلبك ما من قطرة نزفت
إلاّ تمنّت سناها نجمة تقد
يا من نحبّ ولولا الحبّ لا لعس
و لا لمى عبق السقيا ولا غيد
سهرت في زحمة الجلّى ومزّقني
أنّي شهدتهم أغفوا وما سهدوا
وفي ضناي وفي أحزاني ازدلفوا
يحرّضون عليّ الدّهر واتحدوا
حتى بكت محنتي من ظلمهم وغدت
بالدّمع تنهش من قلبي وتزدرد
***
أمّاه، دمعك تبكي من مواجعه
شمّ البواذخ والأفلاك ترتعد
أمّاه لم يبق لي روح فأغدقه
على أساك ولا دمع ولا كبد
تطوف عينك في الزوار سائلة
عن الحبيب الذي ولّى وتفتقد
وطاف ثكلك في عدن فهل سألت
مساحب النّور أين النّور والرّغد
ثكل الأمومة في التسعين حين بكى
عند الملائك في جنّانهم سجدوا
ثكل الأمومة عند الله حرمته
كحرمة الحقّ لا ستر ولا بعد
ثكل الأمومة عند الله فاتحة
من الكتاب وإيمان ومعتقد
ثكل الأمومة حفّ الأنبياء به
يهدهدون من الآلام واحتشدوا
يدعو فتفتح أبوا ب السماء له
و يمسح الدمعتين الواحد الأحد
***
وأنت أمّ جميل أيّ نازلة
لم تبق رفدا لحزن جاء يرتفد
ما قبل يومك يوم رحت أشهده
له لواء على الأحزان منعقد
لبنان أين ربيع كنت أيكته
يبكي الرّبيع إذا جافى ويفتقد
لا الشمّ كالعهد فيه لهفة
و قرى على النسور ولا الأمواج والزبد
لا الأرز بعد نوانا مائس عطر
و لا الغصون عليها الطائر الغرد
جيرانك الأنجم الزهراء عاتبة
و كلّ نجم حزين ثاكل حرد
يطلّ فيك دم للنور بعد دم
لي فيك شعر رواه العطر فازدحمت منك السّفوح على ريّاه والنجد
لبنان فيك قبور للسّيوف حمى
هان ففي كلّ قبر صارم فرد
تألّقوا في سماء المجد ما خمدت
رغم العواصف ذكراهم وما خمدوا
حتّى إذا ضفرت غارا لمفرقهم
أنامل الخلد زان الخلد من خلدوا
***
أبا جميل .. وقربى بيننا اتّصلت
إلى الجنان .. فدان وهو مبتعد
عدنان عندك في النعمى ولي كبد
عليه بالجمر والأحزان يتّقد
أحبابنا في جنان الله قد نعموا
لقد شقينا بهم لكنّهم سعدوا
هشّوا إلى ابن أخيهم وهو بينهم
بحاليات صباه كوكب يقد
يا للنجوم قديمات السنى نزلت
على قراها نجوم طلّع جدد
حمّلت عدنان أطياب الحنين فهل
أدّى أمانة ما أشكو وما أجد
لم أرثه وهو روحي فارقت جسدي
و كيف يبكي ويرثي روحه الجسد
ألمّ بالقبر أغليه وألثمه
و حولي الساخران: الغيب والأبد
أحبّتي كلّما غامت طيوفهم
هتفت: لا تبتعدوا عنّي وقد بعدوا
***
روح الشهيد كنور الله ما همدت
لبث قليلا الظلاّم قد همدوا
حرب على الكفر والطغيان يضرمها
رأي على الحجّة الزّهراء يعتمد
رموك غدرا ولو صالوا مجابهة
لمزّق الصائدين الضيغم الحرد
سلاحك النّور والإسلام وحدهما
و منهما العون عند الفتح والمدد
رسالة من أبي الزهراء خالدة
عديدك الفاتح المنصور والعدد
حتّى إذا انهزمت شتّى فلولهم
و مرّغ الجبن زهو الحقّ والصيد
أشرفت والدم شمس – راح يحجبها
بكفّه ويواري وجهها الرّمد
لا يخدعنّك زهو الظالمين وإن
تاهت على الفلك الأبراج والعمد
ثلاثة لهوان الدّهر قد خلقوا
ألظالمون وعير الحيّ والوتد
تكبّر الحقّ أن تلقاه مضطهدا
ألظلم في عنفوان الظلم مضطهد
***
شمائل الصّيد من قومي معطّرة
بمترف الحق لا غالوا ولا جحدوا
سمحاء لم تدر تهريجا ولا عقدا
فكيف شوّهها التهريج والعقد
تنكرّوا لقديم المجد وهو ضحى
يؤذي العيون ولا يؤذي الضحى الرمد
خطوبهم لا خطوب الدّهر ضاربة
على العروبة إن حلّوا وإن عقدوا
ألهانئون بسلم لا حماة
له فداء من زحموا الجلّى ومن نهدوا
القدس سيناء لحد هبّ منتفضا
به الكمأة وخيل الحقّ تطّرد
ورمل سيناء لحد هبّ منتفضا
بكلّ من سقطوا غدرا وما لحدوا
يصيح ألف صدى في الرّمل منتظرا
أن يستثير الصحارى فارس نجد
***
أرى الأذلاّء والهيجاء ساخرة
توعّدوا بالوغى لكنّهم وعدوا
ردّ الأباة على الطغيان غارته
و لم يسلّموا ظبى لكنّهم حقدوا
وكيف أرضى بقوم ألّهوا صنما
و كفّروه وذمّوا بعد أن حمدوا
حتى إذا راع قصف الرّعد من سمعوا
و راع برق الدّجى أحلام من شهدوا
تكشّف النقع عن أشلاء طاغية
و راح يخطر في غاباته الأسد
***
أبا جميل أناجي فيك حالية
من الشمائل أغليها وأفتقد
تحوّلت أفقا غير الذي عرفوا
و أنجما في الدّجى غير التي رصدوا
فسلّم الفلك الأسمى على فلك
فيه الكواكب والأسحار والرأد
هذي السماء كتاب من شتيت رؤى
فكلّ نجم بها رأى ومعتقد
لي عالم يغمر الدنيا وتغمره
و عالم عطر الأسرار منفرد
تخفّ روحي لحاقا في حتوفكم
و يحكم القدر العاتي فتتّئد
ألعيش بعدكم لغو فلا طرب
فيه ولا أمل هان ولا كمد
فيا شقاء فتى آماله رجعت
لأمسه وانطوى يوم ومات غد
بدوي الجبل
بواسطة: سيف الدين العثمان
التعديل بواسطة: سيف الدين العثمان
الإضافة: الخميس 2007/03/01 12:51:28 مساءً
إعجاب
مفضلة

أضف تعليق

يجب تسجيل الدخول أو الاشتراك أو تفعيل الحساب اذا كنت مشترك لإضافة التعليق


أعلى القصائد مشاهدة للشاعر
أعلى القصائد مشاهدة خلال 24 ساعة الماضية
انتظر معالجة القصيدة ...
جميع الحقوق محفوظة لبوابة الشعراء .. حمد الحجري © 2005 - برمجة وتصميم
info@poetsgate.com