عناوين ونصوص القصائد   أسماء الشعراء 
شعراء الفصحى في العصر الحديث > سورية > بدوي الجبل > اطلّ من حرم الرؤيا فعزاني

سورية

مشاهدة
1884

إعجاب
1

تعليق
0

مفضل
0

الأبيات
0
إغلاق

ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك

إرسال
انتظر إرسال البلاغ...

اطلّ من حرم الرؤيا فعزاني

منازل الخلد لا أرباع لبنان
و فتنة السحر لا آيات فنّان
جنان لبنان حسبي منك وارفة
فيها النديّان من روح وريحان
شبّ النبيّون في أفيائها وحبت
فيها خيالات إنجيل وقرآن
بليلة بدموع الله ما وشنت
إلاّ وبين خوافيها حبيبان
يغفو بها الفجر في أحضان مورقة
مديدة الظلّ أحلام سكران
ودغدغته فللأغصان هيمنة
كأنّها بثّ غيران لغيران
وما تنبّه حتى راعه وهج
و الشمس حلي ربى خضر ووديان
صحبت فيك شبابي والهوى ومنى
لعس الشفاه وظلا غير ضحيان
فأسبغي نعمة النسيان تغمرني
عسى يخفّف من بلواي نسياني
أمسيت لا ريقها المعسول أسعدني
و لا الجنون: جنون الحبّ واتاني
ألحّ بي السقم حتّى لا يفارقني
و راح ينسج قبل الشيب أكفاني
عفّى على نزوات النفس جامحة
إلاّ اهتزاز خليع الحسن نشوان
وصبوة للعيون النجل هانئة
من الشباب بظلّ العاطف الحاني
يثير بي كلّ حسن فتنة وهوى
فما أمرّ بماء غير صديان
ويا ربى الحسن في لبنان هل عريت
مخضلّة الدوح من ظلّ وأغصان
ومن لبناتي السكرى مصرّعة
من الونى بين أفياء وأفنان
ويا ربى الحسن هل من نفحة
حملت شذى النّهود لصادي القلب حرّان
وهل صباك نموم العطر ناقلة
بعدي أحاديث أذيال وأردان
ويا ربى الحسن في لبنان هل ثملت
بعدي الرّياحين من صهباء نيسان
ويا ربى الحسن في لبنان لا انبسطت
يمنى الهجير على أفياء لبنان
مدّي ظلالك ينعم في غلائلها
صرعى الردى من أحبّائي وأخداني
النّائمين بظلّ الأرز ينشدهم
رواية الدّهر في نعمى سليمان
أمّا البلابل فلتؤنس قبورهم
من كلّ ساجعة في الدّوح مرنان
أعيذ بالحبّ والذكرى هوى نفر
بيض الوجوه من النّعماء غرّان
***
قد صوّر الوحي ألوان النّعيم على
مثال ما فيك من حسن وألوان
وزاد فيها خلودا ما عنيت به
أشهى اللبانات في حكم النّهى الفاني
لا يعذّب الوصل إلاّ أن يخامره
خوف المحبّين من نأي وهجران
ولا هناء بنعمى لا تخاف لها
فقدا ولا تبتلى منها بحرمان
لو يعلمون مناحي النّفس ما خلعوا
ثوب الخلود على نعمى وأحزان
فأصبح الكون لغوا لا حياة به
من رغبة في مجاليه وغنيان
ما للخلود وما للحسن يزعمه
هيهات عرّي من حسن وإتقان
يضفي الجمال على الأيام مقتدر
من التحوّل ذو غزّ وسلطان
عنا له الكون مأخوذا بفتنته
من أنجم ومكانات وأزمان
وعاطفات وأرواح وأخيلة
تغزو الوجود وآراء وأديان
وربّما فقهت من أمره عجبا
قبل الهداة عصا موسى بن عمران
***
ليؤمن النّاس ما شاؤا بربّهم
فبالتحوّل بعد الله إيماني
تسمو إلى أفقه القدسيّ طاهرة
طهر الدّموع تسابيحي وألحاني
كفرت بالرّوح بعد الرّيب آونة
و كان زلفى إلى نجواه كفراني
وقرّب النّاس ما شاؤا لمذبحه
فما تقبّل منهم غير قرباني
أعلنت حين أسرّوا أمرهم فرقا
يا بعد ما بين أسرار وإعلان
***
إنّ الخلود وما تروي مزاعمهم
عن السعادة في الأخرى نقيضان
لا يخدع الله قوما يؤمنون به
فتلك خدعة إنسان لإنسان
جنان ربّك في سرّ الخلود غدت
و كلّ آو إليها رازح وان
ملّ المقيمون فيها من هناءتهم
كم يملّ السقام المدنف العاني
تمضي العصور عليهم وهي واحدة
اليوم كالأمس فيها ضاحك هاني
تزجي السآمة تفكيرا وعاطفة
إلى عقول وأهواء ووجدان
لا يرقبون جديدا في خلودهم
لرثّ من قدم العهد الجديدان
ولا يحبّون لكن تلك طائفة
من ماجنات خليعات ومجّان
ولا يناجون في أحلامهم أملا
محبّبّا بين إنكار وإيقان
ولا يحسّون لا حزنا ولا جذلا
فالقوم ما بين مشدوه وسهوان
يا شقوة النفس تخلو بعد أن عمرت
من حسرة ولبانات وأضغان
وضيعة القلب لا تأوي إليه منى
كالنحل تأخذ من روض وبستان
من كلّ من أبلت الأدهار جدّته
فما يحرّكه تدليل رضوان
ينادم الحور لكن غير مغتبط
و يشرب الراح لكن غير ظمآن
لودّ في كلّ مل يجريه من عسل
و من خمور ومن درّ وعقيان
هنيهة من شقاء يطمئنّ بها
إلى مناجاة آلام وأشجان
إذا تذكرّ دنياه هفا ولعا
إلى حبيب وصهباء وندمان
وراح يبحث في المجهول عن أمل
و عن شقاء وعن أهل وخلاّن
لعلّ بين زوايا النفس قد تركت
ثمالة من صبابات وتحنان
***
أماّ الغواني فصخر لا يحرّكها
نجوى محبّ ولا تدليل ولهان
لا تعرف الحبّ إلاّ محض تلبية
لعابرين من الأبرار فتيان
ولا تحنّ إلى روح وعاطفة
فالحبّ في ملكوت الله جثماني
من كلّ مرتجّة الأرداف حالية
بالحسن أخّاذة بالسحر مفتان
خبا لهيب المنى في روحها فغدت
و حسنها في حلاه حسن أوثان
جنى الخلود عليها فهي شاكية
إلى الأنوثة ذاك الخائن الجاني
***
وللخلود على أهل الجحيم يد
تجزي مع الدّهر إحسانا بإحسان
الكافرون لطول العهد قد ألفوا
بقاعها نضج أرواح وأبدان
وقد تزفّ بها والحفل محتشد
سجينة من ضحاياها لسجّان
فأصبحت وهي من ماء ومن مدر
شيطانة تتصبّى كلّ شيطان
وربّما صحبوا فيها زبانية
بعد القلى إلف إخوان لإخوان
لا يألمون ولا تشكو جسومهم
من اللظى فهي نيران بنيران
***
مليحة الدلّ من غسّان لا بليت
شمائل الصيد من أقيال غسّان
أتأذنين بإنشاد فما جليت
إلاّ لحسنك أشعاري وأوزاني
طوّفت في هذه الدنيا على مهل
طواف أشعث ماضي العزم يقظان
تظلّلني مصر أحيانا وآونة
أعاقر الخمر في جنّات بغدان
وقد صحبت شعوب الأرض من عرب
شمّ الأنوف إلى روم وكلدان
مفتّشا عن عزاء النفس لا لعبي
أدّى إليه ولا حلمي وعرفاني
مسائلا عنه حتّى قد عييت به
إرث الفلاسف من هند ويونان
فما رأيت له عينا ولا أثرا
و لا فاد طوافي غير خذلاني
إذا ندبت جهودي وهي ضائعة
أطلّ من حرم الرؤيا . فعزّاني
***
ثمّ انثنيت وركبي جدّ متّئد
من الونى ورفيقي جدّ حيران
والبيد أوسع من صدر الحليم مدى
و للسّراب بها آلاف غدران
ظمأى حيارى وخلف الركب طائفة
حمر اللواحظ من أسد وذؤبان
فأيقن القوم بالجلىّ وقد صمتوا
لهيبة الموت وهو المقبل الدّاني
حتّى إذا اليأس لم تترك مرارته
إلاّ بقيّة صبر غير خزيان
لاحت إذا اليأس لم تترك مرارته
إلاّ بقيّة صبر غير خزيان
لاحت خيامك بالصحراء مونقة
أبهى وأزين من عرش وإيوان
فكبّر الرّكب مرتاحا إلى أمل
عذب المجاجة حالي الوشي ريّان
مبادرا للظلال الخضر قد كسيت
نثير ورد ونمام وسوسان
فما فتحت جفوني وهي دامية
من الرّمال أعان الله أجفاني
حتّى لمحتك خلف الستر ضاحكة
إلى جوار وحجّاب وغلمان
فقرّت النفس لا شكوى ولا تعب
و لا لجاجة إيمان وكفران
وابصرت بعد طول البحث غايتها
فاذعنت لهواها أيّ إذعان
رأت بعينيك يا ليلى وقد يئست
عزاءها لا بإنجيل وفرقان
فقبّلت شفة حمراء دامية
و اهتزّ من نشوات اللثم نهدان
سرّ السعادة في الدّنيا وإن خفيت
تجلوه منك على الأكوان عينان
آمنت بالحبّ ما شاءت عذوبته
آمنت بالحبّ فهو الهادم الباني
بدوي الجبل
بواسطة: سيف الدين العثمان
التعديل بواسطة: سيف الدين العثمان
الإضافة: الخميس 2007/03/01 01:02:42 مساءً
إعجاب
مفضلة

أضف تعليق

يجب تسجيل الدخول أو الاشتراك أو تفعيل الحساب اذا كنت مشترك لإضافة التعليق


أعلى القصائد مشاهدة للشاعر
أعلى القصائد مشاهدة خلال 24 ساعة الماضية
انتظر معالجة القصيدة ...
جميع الحقوق محفوظة لبوابة الشعراء .. حمد الحجري © 2005 - برمجة وتصميم
info@poetsgate.com