يقولون لا تبك المنازل واصبر |
فرب اغتراب كان جرعة سكر |
ورب حسامٌ فارق الغمد قد غدا |
بجوهره يزهو على كل جوهر |
وما الأرض إلا منزل واحد لمن |
يراها بأنظار الحقيقة فانظر |
فقلت لهم ما الاغتراب هو الذي |
شجاني فلم أملك جميل التصبر |
ولكنه نأي الحبيب وفرقة ال |
أليف وفقد الصاحب المتخير |
ولوثة تغريب على غير ريبة |
ولست بذي ذنب ولا سوء مخبر |
واني أرى ان الغريب وان يكن |
بأوطانه أهل احترام ومظهر |
يعود ذليلاً بين من يجهلونه |
ويغدو زرياً لا يروق بمنظر |
ولا سيما من كان مثلي مبُعَدا |
يُقال به لم يُنف لو لم ينفر |
اقول لمن قد أوسعونا شماته |
ولم يفهموا معنى القضا والمقدر |
لو أنكم لاقيتم بعض ما به |
دهينا لهنتم بعد كل تجبر |
وان تك لاقينا الشدائد كلّها |
وصالت بقِرضاب علينا وسمهري |
فلم يُبل منا حادث الدهر قيمة |
ولم تنأ عنا شيمة المتصبر |
ولا حط من أقدارنا النفي إنما |
هو الدر منظوماً كدر منثر |
وما نحن في تلك النوائب كلما |
ذكت نارها إلا كعود بمجمر |
فانا اناس لا نذل لمعتد |
ولو سد عنا كل ورد ومصدر |
صمدت لأسياف الخطوب وما سوى |
تقى اللَه والتسليم درعي ومغفري |
فلو كشفت حجب الهياكل شمتها |
على درع صبري كالقنا المتكسر |
ألا يا زمان السوء حسبك ما جرى |
علينا من العدوان منك فأقصر |
أهجت علينا كل باغ مكشر |
وأطمعت فينا كل طاغ مشمر |
وحكمت قوما لا خلاق لهم بنا |
توخوا من الاعمال كل منفر |
تمادوا بأهواء النفوس وما اعتنوا |
بحكم النهى أو حكمة المتفكر |
وفاروا على نار من الحقد أُضرمت |
فجاروا ولكن فوق حد التصور |
حُثالة ناس لا حياء ولا تقى |
وليس لهم أصل ولا عرق مفخر |
كأنهم قد أنشئوا من ثرى الخنا |
ولم يخلقوا إلا لخمر وميسر |
فحتى متى يا دهر نصبر أننا |
غدونا على جمر الهوان المسعر |
فقد طال ما بالغت بالضر فاتئد |
وان زدت تنشق العصا ويك فاحذر |
فإن هناك النار يذكو ضرامها |
ويخشى بأن تردي مع الآثم البري |