يا غادة الحي عليك السلام |
من حامل حكم الهوى الجائر |
أودى الهوى العذري بالمستهام |
وما له في الحي من عاذر |
قريب قوم وهو فيهم غريب |
وأرضهم شهد وهم علقم |
خلق عجيب حار فيه اللبيب |
والمقول الفنان والمرقم |
خلق من النمل يهاب الدبيب |
وبين برديه سعي الأرقم |
خلق يرى في النور داجي الظلام |
والعدل عند الغاشم الغادر |
أبعد هذا يا سليمى ملام |
من غادة الحي على الهاجر؟ |
والله لو ولت جميع القوى |
لما تولت في الولا قوتي |
والله لو شطت حبال النوى |
لما تناءت في الوفا نيتي |
ولو وهت أرواح هذا الهوا |
لما وهت دون الهوى مهجتي |
كلي تباريح وكلي هيام |
وبعض بعض الشوق للسائر |
ما شاهد الحب وقاضي الغرام |
عندي سوى وجدانك الطاهر |
يا غادة الحي وما غادتي |
إلا بلادي والحبيب الوطن |
ما حمل وزر الضيم من عادتي |
مهما طغى الدهر وجار الزمن |
أمن عبيدي أرتضي سادتي |
أم من مغاني الجهل أبغي الفطن؟ |
نعم قضى الدهر بهذا الحمام |
وجار صرف الزمن الحاضر |
فإن تمادى بغي هذا المقام |
لا أولي فيه ولا آخري |
شعب له من لطف ألحانه |
روض الشجي الطيب المطرب |
فن الصفا من طير أفنانه |
سيان في الشرق وفي المغرب |
والشعب لا يرنو بعيدانه |
إلا إلى فن الغنا الأجنبي |
قد إقحل الروض وطار اليمام |
وأمحل الجو من الطائر |
كأن هذي يا سليمى سهام |
قد صوبت للقلب والخاطر |
"عهد ""الغزال الربربي"" ما دهاك" |
"ومن جنى فيك على ""الميجنا""" |
ما بهجة الأعياد تحكي بهاك |
ولا سنا الأقمار ذاك السنا |
لم يبق من صرح المنى في حماك |
إلا صرود من طلول العنا |
يا ليل، ما ليل الأسى والقتام |
يا عين، ما عين البكا الهامر |
صوتان قد مرا مرور المنام |
أفضى به الساهي إلى الساهر |
ريح الصبا بثي عهود الحجاز |
شو النوى العاني وتوق الصبا |
وسائليها ذا النوى كيف جاز |
والقلب ما للغير يوما صبا |
حقيقة أخنى عليها المجاز |
وروحه راحت بزهر الصبا |
أزاهر ما انشق عنها كمام |
إلا ذوت عن فرعها الناضر |
أليس من شاف لهذا السقام |
أما لهذا الكسر من جابر؟ |
يا غادة الحي وهل من حياة |
في أمة يا بؤس كتابها |
يا بؤسهم يا بؤس أم اللغات |
يا بؤس مبناها وإعرابها |
حزني على آياتها البينات |
آدابها والجهل أودى بها |
وساعد الجهل طغام لئام |
عاثوا بروض المنطق الزاهر |
وليس من عين ودال ولام |
وليس من ناه ولا زاجر |
جاروا على النحو وعلم البيان |
وشوهوا الصرف وفن البديع |
وأبدلوا إعجاز لطف اللسان |
بمنطق هجر ولفظ فظيع |
كبائع بالغث عقد الجمان |
ومشتر شوكا بزهر الربيع |
قضوا على معنى فصيح الكلام |
وأوقفونا موقف الحائر |
ألفاظهم ما بين مدح وذام |
سيان للشاكي وللشاكر |
يا أمة مجموع أعمالها |
برهان ضعف القاصر العاجز |
والبذخ قد أودى بأموالها |
والفوز بالأموال للفائز |
أنى لها تحقيق آمالها |
"ومبتغى ""استقلالها الناجز""" |
تحقيقها في كل عرف حرام |
وما لمد الشر من جازر |
والحب مين والتراضي خصام |
والحق عند القوم للقادر |
يكفي أسى هانت به أرضنا |
يكفي بكا الأرض وضحك السما |
لا طولنا يجدي ولا عرضنا |
على عمى الجهل وجهل العمى |
آدابنا، أخلاقنا، عرضنا |
بصونها صون زمار الحمى |
وليس إلا بالولا والوئام |
إخماد بركان الشقا الثائر |
يا نفس مهلا إن حسن الختام |
بالصبر والله مع الصابر |