تِلكَ اللَواحِظُ جَلَّ مَن أَهدى بِها | |
|
| وَأَحَلَّ سَفكَ دَمي عَلى أَهدابِها |
|
خُرسٌ مِراضٌ ما مَرِضنَ نَواطِقٌ | |
|
| تُحيي الطَعينَ بِمُشرَعاتِ حِرابِها |
|
سودٌ فَواتِرُ ما فَتَرنَ رِمايَةً | |
|
| بِمُثَقَّفٍ أَصمى فُؤادَ حبابِها |
|
حَرَّمنَ قَتلَ أَولي الهَوى وَأَبَحنَهُ | |
|
| بِمُزَجَّجٍ ماضي الظُبى مِضرابِها |
|
وَنَصونَ مِن فَوقِ العُيونِ صَوارِماً | |
|
| وَتَخِذنَ أَضلُعَنا بَديلَ قِرابِها |
|
وَأَحَطنَ أَجفُنَها بِأَمثالِ القَنا | |
|
| فَإِذا القُلوبُ دَرِيئَةٌ لِغُرابِها |
|
وَبَعَثنَ بِالنَظَرِ المُسَدَّدِ أَسهُماً | |
|
| وَجَعَلنَ أَنفُسَنا مَكانَ جِعابِها |
|
قَرَوِيَّةٌ صَبَغَ الحَياءُ خُدودَها | |
|
| فَأَعارَتِ الوَردَ اِحمِرارَ خِضابِها |
|
هَدباءُ هَيفاءُ القَوامِ بَهيجَةٌ | |
|
| سَلَبَت عُقولَ الناسِ مِن سُلّابِها |
|
فَجَمالُ فينوسٍ وَعِفَّةُ مَريَمٍ | |
|
| وَرَشادُ مينِرفا وَحُسنُ صَوابِها |
|
بَسَمَت فَقَلَّدتِ الصَباحَ جَمالَها | |
|
| حَتّى كَأَنَّ الفَجرَ من أَترابِها |
|
فَشُروقُهُ مِن نَحرِها وَغُروبُهُ | |
|
| في شَعرِها وَشَذاهُ مِن أَعبابِها |
|
حَسناءُ ساحِرَةُ العُقولِ بَخيلَةٌ | |
|
| بِالوَصلِ مُغرِيَةٌ بِغَضِّ شَبابِها |
|
عَلقت بِنُشّابِ اللِحاظِ دِماءنا | |
|
| وَعَلِقتُ حَتّى المَوت مِن نُشّابِها |
|
بِالخَمرُ في لَفَتاتِها وَالخَمرُ في | |
|
| خَطَراتِها وَالخَمرُ تَحتَ نِقابِها |
|
وَالخَمرُ في بَسَمَاتِها وَسِماتِها | |
|
| وَالخَمرُ كُلُّ الخَمرِ مَزجُ رُضابِها |
|
إِن أَقبَلَت بَلَتِ القُلوبَ بِدَلِّها | |
|
| أَو أَدبَرَت بَرَتِ الحَشا بِذَهابِها |
|
غَيداءُ فاتِنَةٌ كَأَنَّ قَوامَها | |
|
| غُصنٌ تَأَوَّدَ في سَنى جِلبابِها |
|
ماءُ الحَياةِ بِثَغرِها وَنَعيمُها | |
|
| في صَدرِها وَالمَوتُ دونَ قِرابِها |
|
أَبكي وَأَضحَكُ قانِعاً مُتَذَمِّراً | |
|
| مِن سِحرِها وَأُعيذُني مِنها بِها |
|
ما كُنتُ أَعلَمُ أَنَّ أَحداقَ المَها | |
|
| تَسطو عَلى مُهَجِ الأُسودِ بِغابِها |
|
حَتّى أُصِبتُ بِها بِمُنعَرَجِ اللِوى | |
|
| ما بَينَ دَيروطٍ وَبَينَ شِعابِها |
|
وَعَلِمتُ أَنَّ كِناسَها قوصِيَّةٌ | |
|
| وَبِها مَرابِضُ أُسدِها وَكِعابِها |
|
وَدَرَت بِأَنّي قَد عَشِقتُ دِيارَها | |
|
| وَنَزَلتُ أَكرَمَ دورِها وَقِبابِها |
|
حَيثُ المُروءَةُ وَالشَهامَةُ وَالنَدى | |
|
| رُبِطَت بِساحَتِها عُرى أَطنابِها |
|
يَمَّمتُها وَالشَمسُ بَعدَ غِيابِها | |
|
| فَرَأَيتها كَالشَمسِ قَبلَ غِيابِها |
|
وَمَرَرتُ في أَسبابِها مُتَجَوِّلاً | |
|
| أَتَلَمَّسُ النَهَجاتِ في أَسبابِها |
|
وَوَقفتُ مَأخوذاً بِرَونَقِ دورِها | |
|
| وَإِباءِ أَهليها وَلُطفِ صِحابِها |
|
وَلَمَحتُ في زُهرِ النُجومِ جَمالَها | |
|
| وَسُقيتُ بِنتَ الحانِ مِن ميزابِها |
|
وَسَألتُ عَن أَقبابِها فَأجابَني | |
|
| صوبُ النّدى وَالفضلِ عَن أَقبابِها |
|
مَلَكَت حِجايَ وَلَستُ أَوَّلَ زائِرٍ | |
|
| مَلَكَت عَلَيهِ حِجاهُ مِن ترحابِها |
|
عَرَبِيَّةٌ نَسَجَت غَلائِلَ مَرجِها | |
|
| بومونُ وَاِفتَرَشَت نَدِيَّ ظِرابِها |
|
وَيَزيدُها دَيرُ المُحَرَّقِ بَهجَةً | |
|
| وَتَزينُهُ بِالخُضرِ مِن أَثوابِها |
|
دَيرٌ بِهِ شَرِقَت بُدورُ سَمائِها | |
|
| يُزري بِمَطلَعِ شَمسِها وَشِهابِها |
|
وَلَقَد مَرَرتُ عَلى عَرينِ لُيوثِها | |
|
| وَنَزَلتُ مَشغوفاً بِخَيرِ جَنابِها |
|
بِفناءِ أَقوامٍ كِرامِ المُنتَمى | |
|
| بيضِ السَرائِرِ وَالوُجوهِ عِرابِها |
|
مِن آلِ جادِ الرَبِّ آسادِ الشَرى | |
|
| أَهلِ المُروءَةِ وَالعُلا أَقطابِها |
|
عَزّوا بِعِزِّ أَبي الإِباءِ مَوائِلاً | |
|
| هَيهاتَ تَبلُغُها الخُطوبُ بِنابِها |
|
المَجدُ مِن أَحفادِها وَالنُبلُ مِن | |
|
| أَندادِها وَالفَضلُ مِن أَلقابِها |
|
سَمحاءُ مِضيافٌ تَشُبُّ عَلى القِرى | |
|
| ناراً تَرى الإِصباحَ دونَ شِبابِها |
|
سَل ذِروَةَ العَلياءِ عَن أَنسابِها | |
|
| تُفصِح لَكَ العَلياءُ عَن أَنسابِها |
|
أَحسابُها فَوقَ العَلاءِ فَلا تَسَل | |
|
| إِلّا التّقى وَالطُهرَ عَن أَحسابِها |
|
إِن كانَ سيبُ الجودِ خارِجَ بابِها | |
|
| سَيلاً فَكَيفَ الجودُ في أَبوابِها |
|
أَو كانَ أَحمَدُها بِشَهرِ صِيامِها | |
|
| طَلقَ الجَبينِ فَكَيفَ في أَرجابِها |
|
ذاكَ الَّذي سادَ العَشيرَةَ عُنصُراً | |
|
| وَجَلا بِنورِ هُداهُ جَوفَ ضَبابِها |
|
رَجُلٌ تَرى العَلياءَ وَالآلاءَ مِن | |
|
| أَضرابِه وَتَراهُ مِن أَضرابِها |
|
وَتَرى الشَهامَةَ بايَعَتهُ وَلا تَرى | |
|
| نِدّاً لَهُ وَتَراهُ مِن أَحبابِها |
|
وَتَرى البَرارَةَ خَصَّصَتهُ بِخَيرِ ما | |
|
| نَصَّ النَبِيُّ المُصطَفى بِكِتابِها |
|
وَتَرى الكَرامَةَ قَلَّدَتهُ عِنانَها | |
|
| فَأَعَزَّها وَتَراهُ من أَربابها |
|
وَتَرى رِياضَ المجدِ فيه زواهراً | |
|
| تَحكي شَمائلهُ شذا أطيابها |
|
وَقُصورُهُ الشَمّاءُ تِهنَ بِفَضلِهِ | |
|
| صَلَفاً وَضِقنَ عَلى وَسيعِ رِحابِها |
|
دورٌ كَجَنّاتِ النَعيمِ شَوامِخٌ | |
|
| أَينَ البُدورُ الغُرُّ مِن أَصحابِها |
|
وَاللَهِ يا عَبدَ المَجيدِ لَقد نَبا | |
|
| قَولي وَقَصَّرَ عَن مَديحِ رَبابِها |
|
يا زَهرَةً لِلطِبِّ عاطِرَةَ الشَذا | |
|
| يا دُرَّةً في تاجِ إِسكولابِها |
|
هَبني ذَكاءَكَ أَو فَصاحَةَ أَحمَدٍ | |
|
| فَأُدَبِّجَ الأَشعارَ في إِطنابِها |
|
وَأَزينَ أَبياتي بِوَصفِ بُيوتِها | |
|
| وَأُسودِها وَالعُفرِ مِن أَسرابِها |
|
يا حُسنَ أَربُعِها وَلُطفَ قَطينِها | |
|
| وَسُرورَ زائِرِها وَقُدسَ تُرابِها |
|
وَبَهاءَ ذاكَ الحَيِّ مِن أَحيائِها | |
|
| وَصَفاءَ مَطلَعِ شَمسِهِ وَمَآبِها |
|
حَيّا الحَيا عَنّي مَرابِضَ أُسدِهِ | |
|
| وَكَسَتهُ شَمسُ الفَجرِ وَشي لُعابِها |
|
وَحَنَت عَلَيهِ بِمِثلِ وَجهِ ظِبائِهِ | |
|
| وَسَقَتهُ وابِلَ غَيثِها وَسَحابِها |
|
وَلَقد شَجاني أَن أَبيتَ مُنَعَّماً | |
|
| وَرُبوعُ أَوطاني عَلى أَوصابِها |
|
وَأَجوبَ أَنحاءَ الصَعيدِ مُكَرَّماً | |
|
| وَذُرى جِبالِ الأَرزِ رَهنُ عَذابِها |
|
قُلَلٌ تَعيثُ بِها الذِئابُ فَواتِكاً | |
|
| ما بَينَ دانيها وَشُمِّ هِضابِها |
|
لا سَعدُها سَعدٌ وَلا مَندوبُها | |
|
| نَدبٌ فَتَطمَعُ في بُلوغِ رِئابِها |
|
سَغِبَت فَأُطعِمَتِ الوُعودَ عَلى الطَوى | |
|
| وَهَلِ الوُعودُ تَسُدُّ مُرَّ سغابِها |
|
جُمَلٌ مُنَمَّقَةٌ تَغُرُّ وُعاتَها | |
|
| يَتَحَيَّرُ الإِنسانُ في إِعرابِها |
|
إِن أَقبَلَت فَالبُؤسُ في إِقبالِها | |
|
| أَو أَدبَرَت فَاليَأسُ في أَعقابِها |
|
قَد وُكِّلَ الخُطّابُ في أَشجارِها | |
|
| يا بَلوَةَ الأَشجارِ مِن حَطّابِها |
|
لا تَحسَبوا تِلكَ العِصاب قَلائِداً | |
|
| كَم طَعنَةٍ نَجلاءَ تَحتَ عِصابِها |
|
تِلكَ المَواطِنُ لَو عَلِمتَ بِحالِها | |
|
| لَبَكَيتَ ساكِنَ سَهلِها وَشِعابِها |
|
ضاعَت أَمانيها وَخابَ رَجاؤُها | |
|
| شَقِيَت ذَوائِبُها بِفَتكِ ذِئابِها |
|
وَتَقَلَّدَ الأَوغادُ كُلَّ شُؤونِها | |
|
| سُبحانَ مَن أَعلى شُؤونَ كِلابِها |
|
أَخنَت عَلَيها الحادِثاتُ فَمَزَّقَت | |
|
| أَوصالَ آهِلِها بِنَهشِ قَنابِها |
|
فالرُمحُ في أَعطافِها وَالقَيدُ في | |
|
| أَقدامِها وَالنيرُ فَوقَ رِقابِها |
|
قَد حَكَّموا القَصّابَ في أَغنامِها | |
|
| يا شِقوَةَ الأَغنامِ مِن قَصّابِها |
|
تَسعى إِلى المَوت الزَؤامِ ذَليلَةً | |
|
| مُلتَاعَةً وَالسَيفُ في أَعقابِها |
|
فَإِذا الضَرائِبُ لا تَكُفُّ سُيولها | |
|
| مَفروضَةٌ حَتّى عَلى أَعشابِها |
|
ذَهَبَت بِقَتلاها مَذاهِبَ ذِلَّةٍ | |
|
| وَمَشَت بِأَحياها إِلى أَحدابِها |
|
وَيَزيدُ بَلواها تَقاعُسُ أَهلِها | |
|
| وَتَعَلُّقُ الدُخَلاءِ في أَهدابِها |
|
أَقوى خَمائِلَها الهَزارُ فَما تَعي | |
|
| إِلّا نَعيبَ البومِ فَوقَ خَرابِها |
|
أَرَأَيتَ كَيفَ أُديلَ مِن أَبنائِها | |
|
| وَأُديلَ لِلصُعلوكِ مِن أَوشابِها |
|
أَشَهِدتَ كَيفَ تَضَرَّجَت بِدِمائِها | |
|
| دونَ البِلادِ عَلى عُيونِ وِجابِها |
|
لا كانَ لُبنانٌ وَلا كانَ الشَرى | |
|
| إٍن لَم تُحَرِّرهُ الظُبى بِذُبابِها |
|
وَتَدُقُّ أَعناقَ المَناكيدِ الأُلى | |
|
| أَكَلوا البِلادَ عَلى هُدى نُوّابِها |
|
لُبنانُ حَسبُكَ فالظُلامَةُ قَد مَضَت | |
|
| أَيّامُها وَقَضَت مَدى أَحقابِها |
|
فَاِنظُر إِلى الفُسطاطِ وَاِنهَج نَهجَها | |
|
| وَاِلبَس لَبِستَ العِزَّ مِثلَ إِهابِها |
|
لَكَ بِالصَعيدِ عَلى الحَميّةِ قُدوَةٌ | |
|
| فَاِقدِم إِلى العَليا وَغُص بِعُبابِها |
|
تِلكَ البِلادُ العامِراتُ بِأَهلِها | |
|
| الزاهِراتُ بشَيبِها وَشَبابِها |
|
ما أَنسَ لا أَنسَ الَّذي لاقَيتُهُ | |
|
| مِن لُطفِ مَعشَرِها وَمِن آدابِها |
|