عَهِدتُكَ غرّيداً بِشِعرِكَ شادِيا | |
|
| فَما لِلهَزارِ اليومَ عافَ القَوافِيا |
|
وَما بالُ ذاكَ الصَوتِ بحَّ كَأَنَّهُ | |
|
| صَدى ذَلِكَ الصَوتِ الَّذي كانَ عالِيا |
|
وَما لِلقَوافي قَد جَفاني بَيانُها | |
|
| أَحَتّى القَوافي عَلَّموها التَجافِيا |
|
وَما بالُ تِلكَ الدار لي قَد تَجَهَّمَت | |
|
| وَقَد طالَما هَشَّت وَوَدَّت وِصالِيا |
|
وَكَم بادَرَتني بِالسَلامِ فَأَصبَحَت | |
|
| وَقَد أَنكَرَتني لا تَرُدُّ سَلامِيا |
|
تُرى نَسِيَت ما كانَ بَيني وَبَينَها | |
|
| مِنَ الوُدِّ أَم قَد كانَ مِنها تَناسِيا |
|
وَهَب نَسيَت تِلكَ العُهودَ الَّتي خَلَت | |
|
| أَما ذَكَّرَتها قَطُّ آثارُها بِيا |
|
سَلوها بِما أَحدَثتُ في جَنَباتِها | |
|
| وَما أَحدَثَت مِن سِحرِها في بَيانِيا |
|
فَإِن راعَها صِدقُ الجَوابَ فَأَنكَرَت | |
|
| فَقَد أَفصَحَت آثارُها عَن فِعالِيا |
|
وَعَن مَوقِفٍ خَلَّفتُهُ في رُبوعِها | |
|
| يُحَدِّثُ بَعدي مَن غَشاها مُصافِيا |
|
وَقَفتُ عَلَيها كُلَّ شِعرٍ نَظَمتُهُ | |
|
| وَذَوَّبتُ أَنفاسي بِهِ وَجَنانِيا |
|
وَأَرسَلتُ نارَ الوَجدِ بَينَ سُطورِهِ | |
|
| تَكادُ تُضيءُ الطِرسَ لَولا بُكائِيا |
|
وَحَمَّلتُ ريحَ الفَجرِ عِندَ هُبوبِها | |
|
| بَقِيَّةَ نَفسٍ لَم تَدَع فِيَّ باقِيا |
|
وَزَيَّنتُ أَبياتي بِوَصفِ جَمالِها | |
|
| وَمِن سِحرِها الخَلّابِ صُغتُ خَيالِيا |
|
فَنيتُ وَأَفنَيتُ اللَيالي بِها هَوىً | |
|
| وَزِدتُ وَزادَت في الوَلاءِ تَفانِيا |
|
وَكَم أَسمَعَتني السِحرَ في نَغَماتِها | |
|
| فَأَرسَلتُهُ يَنسابُ في نَفَثاتِيا |
|
وَلَمّا رَأَتني صادِقاً غَيرَ كاذِبٍ | |
|
| وَما كُنتُ يَوماً في هَواها مُداجِيا |
|
أَبى أَصلُه الغَدّارُ إِلّا تَقَلُّباً | |
|
| فَتاهَت دَلالاً وَاِنثَنَت عَن وَلائِيا |
|
وَراحَت تُريني كَيفَ تَخدَعُ رَبَّها | |
|
| وَكَيفَ تَخونَ الساقِطاتُ المَوالِيا |
|
فَكَتَّمتُ ما بي مِن أَسىً وَصَبابَةٍ | |
|
| وَأَحجَمتُ عَنها لا عَلَيَّ وَلا لِيا |
|
وَإِنّي لَتَأبى عِزَّتي أَن أُذِلَّها | |
|
| وَيَأَبى إِبائي أَن أُطيعَ فُؤادِيا |
|
عَصيتُ جَناني في هَواها وَمُهجَتي | |
|
| وَأَقلَعتُ حَتّى قيلَ قَد باتَ سالِيا |
|
وَما ساءَني تَركي لَها وَهيَ دِمنَةٌ | |
|
| وَلَكِنَّ نكران الجَميلِ شَجانِيا |
|
سَكَتُّ سُكوتَ الطَيرِ هيضَ جَناحُهُ | |
|
| فَلا الغُصنُ مَيّاداً وَلا الرَوضُ زاهِيا |
|
وَلا النَهرُ في أَودائِهِ مُتَرَقرِقاً | |
|
| وَلا الفَجرُ في عَليائِهِ مُتَلالِيا |
|
نَمَت زَهَراتُ الحُبِّ طَيَّ أَضالِعي | |
|
| وَلَم أَجنِ غَيرَ الشَوكِ مِن زَهَراتِيا |
|
ذَوَيتُ كَما تَذوي مِنَ الحَرِّ نَبتَةٌ | |
|
| فَماذا أُرَجّي بَعدَ ما صِرتُ ذاوِيا |
|
هَويتُ كَما يَهوى الحَمامُ أَليفَهُ | |
|
| فَكانَ جَزائي أَن أَضَعتُ شَبابِيا |
|
أَلا أَيُّهَذا القَلب حَسبُكَ ذِلَّةً | |
|
| وَلا ساءَ بَعدَ اليَومِ فيكَ اِعتَزازِيا |
|
دَعِ الغيدَ تَمرَح في مَجالاتِ لَهوِها | |
|
| وَنَم عَن هَواها ناعِمَ البالِ خالِيا |
|
وَلا تَتَذَكَّر مِن حَياتِكَ ما مَضى | |
|
| فَما قَد مَضى هَيهاتَ يَرجِعُ ثانِيا |
|