عناوين ونصوص القصائد   أسماء الشعراء 
شعراء الفصحى في العصر الحديث > مصر > محمد الأسمر > من شهوة من دافق بعدها

مصر

مشاهدة
782

إعجاب
0

تعليق
0

مفضل
0

الأبيات
0
إغلاق

ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك

إرسال
انتظر إرسال البلاغ...

من شهوة من دافق بعدها

من شهوة من دافق بعدها
من دودة من ذلك الدافق
أودعها الخالق في ظلمة
لم يدر ما فيها سوى الخالق
تحيا وتنمو في دياجيرها
في كنف المبدع والرازق
حتى إذا ما تم تكوينها
وأقبلت من بيتها الضائق
وانحدرت من غيبها قطرة
تهوي لبحر العيش من حالق
تعجب الكون لها دودة
تجيئه في منظر رائق
أصبحت الدودة طفلا له
ما لزهور الروضة الناضره
تراه في المهد له نظرة
باسمة مشرقة باهره
يدير في غرفته عينه
يسأل عما حوله ناظره
محدق فيما يراه بها
يجيل فيها المقلة الحائره
كأنه في مهده فاحص
فكم له من نظرة سابره
ينظر في عيني مستغربا
يا لجمال النظرة الساحره
بغامهُ أجمل في مسمعى
من بليل غرد فوق الشجر
في صوته العذب وأنغامه
مالا أراه في رنين الوتر
يبسم للدنيا ويشدو لها
لم يدر من أحوالها ما استتر
محرك أطرافه راجيا
إن لم أبادر حمله لو طفر
أشرب راحا من سروري به
لم يحسها في حانه من سكر
فإن بكى كاد فؤادي له
يقفز من جنبيه أو ينفطر
ثم حبا ثم مشى عابثا
بكل ما في البيت لا يفتر
يردد الأقوال كالببغا
وفعله تقليد ما ينظر
تضحكنا منه محاكاته
لكل ما يسمع أو يبصر
وهو على ما فيه من رقة
عناده الصخرة لا تكسر
نطيعه غير مطاع فما
أحلاه إذ ينهى وإذ يأمر
أصغر من في البيت لكنه
كأنه عائله الأكبر
ثم إذا بالطفل وهو الفتى
مسترسل الوفرة غض الإهاب
يرنو إلى آماله باسما
يمرح في جيئته والذهاب
مكتمل الصحة بادي القوى
مؤتلق كالسيف أو كالشهاب
في خفة الظبي ولكنه
كأنه من عزمه ليث غاب
يجري كما شاء وشاء الهوى
له وينقض انقضاض العقاب
يضحك للدنيا ابتهاجا بها
وإنما يضحك فيه الشباب
وربما أغرق في كأسه
ربيعه الزاهر من عمره
يعاقر الخمر وفيها له
أنياب ظمآن إلى عقره
يشربها جمرا مذاقا ولا
يحس لذع الجمر من سكره
نشوتها أقدر من ساحر
يودع ما يودع في سحره
فهو عليها عاكف غافل
عن شر ما يحسوه من خمره
شاربة شاربها لو درى
ما قرب الكأس إلى ثغره
وربما ألفيته في الدجى
مقامرا أعصابه تحرق
بينا تراه آملا باسما
تراه وهو اليائس المحنق
فرحان حزنان معا إن طفا
فإنه في لحظة يغرق
في حيرة مضطرب خائف
فليس يدري ما هو الأوفق
كأنه يغشى عليه لما
يلقى من التفكير أو يخنق
ومن يقامر فهو في غنمه
أو غرمه يسرق أو يسرق
وربما ألفيته في الهوى
ألعوبة تلعب أنثى به
يسير في آفاقها تابعا
لسيرها يسبح في حبّه
كأنه في عشقه كوكب
يدور حول الشمس من جذبه
هام بها فهو لها خاضع
في شرقه إن لاح أو غربه
يحيا على هامشها مثلما
يحيا سواه وهي في قلبه
فهي له دنياه إن أعرضت
ضاق بها الكون على رحبه
إن واصلته فهو في وصلها
يضمها أفعى إلى صدره
أو باعدته فهو في بعدها
يلقى الذي يلقاه من جمره
الحب ما الحب وما سرّه
أعياني المكنون من سره
فأيّ شيء هو في خيره
وأي شيء هو في شره
كل غرام فهو ليل له
بدر فلا تأمن إلى بدره
كم خدعت أنواره عاشقا
حتى رأى الصادق من فجره
وربما لام الفتى معشر
يقال عنهم إنهم أتقياء
أطرق في مجلسهم صامتا
وصاح فيهم منه طين وماء
قال لهم إني أنا داؤه
فهل لديكم للمريض الدواء
ألم يكن في أصله دودة
فكيف يسمو الدود نحو السماء
ألم يكن من شهوة قبلها
فكيف لا يغمره الاشتهاء
في الأكل والشرب وفي لبسه
وجاه دنياه ودنيا النساء
ومرت الأعوام في سيرها
مسرعة في صحوها والسبات
على جوادين لها أبيض
وأسود لا يعرفان الثبات
بل دائب هذا وهذا معا
في كل يوم فوق كل الجهات
كرهما أصبح منه الفتى
يذوي كما يذوى نضير النبات
وراحت العلات تنتابه
حتى إذا صاح غراب الشتات
أدركه ما ليس يخشى الفوات
ورفرف الموت عليه فمات
وانتهت الرحلة بعد الذي
كان بها من متعة أو عذاب
قد فعل الموت بها مثلما
تفعله شمس الضحى بالضباب
فأين طفل الأمس أين الفتى
وأين من كان شبابا فشاب
أصبح في جوف الثرى جثّة
حتى إذا طال عليها الغياب
عادت إلى الأصل ثرى في الثرى
وحلت القطرة بين العباب
وقرّت الشهوة في قبرها
وهي تراب أصله من تراب
محمد الأسمر
بواسطة: حمد الحجري
التعديل بواسطة: حمد الحجري
الإضافة: الأحد 2014/05/11 01:01:05 صباحاً
إعجاب
مفضلة

أضف تعليق

يجب تسجيل الدخول أو الاشتراك أو تفعيل الحساب اذا كنت مشترك لإضافة التعليق


أعلى القصائد مشاهدة للشاعر
أعلى القصائد مشاهدة خلال 24 ساعة الماضية
انتظر معالجة القصيدة ...
جميع الحقوق محفوظة لبوابة الشعراء .. حمد الحجري © 2005 - برمجة وتصميم
info@poetsgate.com