عناوين ونصوص القصائد   أسماء الشعراء 
شعراء الفصحى في العصر الحديث > المغرب > محمد بن أحمد البوزيدي > أيا من تجلى في بهاء جماله

المغرب

مشاهدة
2391

إعجاب
3

تعليق
0

مفضل
1

الأبيات
0
إغلاق

ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك

إرسال
انتظر إرسال البلاغ...

أيا من تجلى في بهاء جماله

أيا من تجلى في بهاء جماله
وسر كماله وعز ورفعة
تجليت بأسرار سرك ظاهرا
وأخفيتها بعد الظهر لحكمة
وأبهمت أمرها عن الخلق جملة
سوى عارف صفى من كل علة
له بالمعاني علم يدريها كيفما
تجلى بهاؤها على كل هيئة
محوت سواك عنه محوا مؤبدا
وعاين حضرة المعاني القديمة
بأنوار علمها بدت لفؤاده
وبضوء حالها رأتها السريرة
لها إدراك الكمال خصت بسره
من بين أسرار الخلق فازت بعزة
فلولا دنا الوصف ألبست نفسها
لما احتجبت عنها الأسرار العالية
فحسنك ظاهر ولكن بجهلها
خفى سره وهو في أقوى شدة
فصور وهمها الوجود ولم يكن
وما كان هذا قبل إلا لعلة
فلو درت حسنه في كل آية
لما التفت للبعض منه بنظرة
فكل جمال من جمالك أبرز
على ترتيب المراد بألطف حكمة
ولما أردت للعيان بروزه
تجليت بالكمال في كل وجهة
فقلت لنفسك لأعظم سرك
لما شئت كن يبدو من أسرع لمحة
فهي طوع المراد منك حقيقة
وكل مراد يقضى بعد الإرادة
تنزلت الأسرار من بحر سرك
وأجرى عليها منك حكم الكثافة
وبدا ظلال السر في الحسن جهرة
وهي التي كانت عليه أدلة
وصورة في الظهور طوت جميعه
كما طوى سرها معاني الحقيقة
وللروح أكبر العقول تنزل
وباكبر العقول صارت كبيرة
ومن أرباب الأذواق نالت علومها
وهاجت فهومها وصارت عالية
ودرت ما لم تدره قبل فنائها
ومنها بدت لها الأسرار الغريبة
طويت في شكلها الأشكال جميعها
وإن كانت في التجلي مالا نهاية
فسرها قد أحاط بالأشياء جملة
وإن كانت بالجسم الأشياء محيطة
فلو زال وصفها لزالت حجوبها
ولبدت شمسها بنور مضيئة
ولا نكشف لسر صاحب سرها
حقائق أسرار الوجود الخفية
ولكان كل الكون عنده مراده
يقلبه حقا في أسرع لحظة
ولدرى سر المعنى في كل مظهر
ولبدا وجه السر في كل وجهة
ولأيقن الفؤاد بذاتها
وأنها وحدة من غير ثنية
فمن سر السرسره بدا جهرة
بذلك كانت كل الأشياء خادمة
فنقطة السر بحر والحرف برها
ومن حرفها الحروف بدت بحكمة
وبالقنط والاشكال زادت تباينا
لمن له علم بالمعاني القديمة
وقد بدت جهرة من بعد ستارها
وراء لامين للظهور مشيرة
وبالنطق بها تدري إن كنت فاهما
وفيها انتهت رياس بحر الحقيقة
فواصل في بحر الألى غاص فكره
وكامل زاد للمعاني الجلية
ظهرت به ظهورا في كل مظهر
وليس على التحقيق سوى الحقيقة
أزالت كل الأكوان عند ظهورها
ولم تكن قبل المحو إلا لحكمة
بها ثبت الإبعاد للورى عامة
توهمتها غير لجهل الطريقة
فلو سلكوا حقا بدا لهم سرها
غاب جميع الفرق في كل وجهة
ولو خرجت عما به قد تعودت
لنالت شفاء الروح من كل علة
ولصح جسمها السقيم من كل ما
أصابه من عشق الأمور العادية
ولبدت شمس سرها في عالمها
ولأوضحت معناه كل الإضاحة
فلولا الهوى لما احتجب نهاؤه
وما النفس إلا للهواء مطيعة
فلجيوش الهواء كن متشتتا
نصحتك فاقبل يا لبيب نصيحة
فإن ملت فرت معناك وتباعدت
وأقبل ليلك برعد وظلمة
فإن شئت بالمعاني جمعك دائما
فلا تمل نحوه ففي الميل ذلة
ويكفيك سجنك في قفص عالمك
ورؤية كونك بعين العمية
فحق البصير يفنى ما سوى وجهه
وإلا فلست من أرباب البصيرة
فمن له عين الجمع أعلا حقيقة
ومن لا فلا يدري كمال الولاية
وإن أبرزت على يديه خوارق
وظاهره على منهاج الشريعة
فأحوالها تبدو على من توجه
إليها بخدمة من أهل الإرادة
وهذا لبعض القوم في حال سيرهم
وتبدو لأقوام في حالة النهاية
فأكثرهم على اليقين بناؤهم
فلا التفات لهم من أول وهلة
علت همم الأرواح للعالم الأسنى
بمحض تفضل وجود ومنة
عاينت أسرار المعاني بعينها
ولولاها ما رأتها عين السريرة
بنورها قد بدت عن طلعة وجهها
إلى عين مرآة القلوب الصافية
فمن كنت له بالمنن مقابلا
رفعت عنه تلك الحجب الساترة
وعلمته من العلوم لطيفها
وحققت سره بسر الحقيقة
وأشهدته السر المصون بسرك
وأيقن أن ما سواك لغفلة
وبالقهر والقضا المقدر عنك
سترت الأسرار وهي جلية
ظهورها قد تغطى بالكشف للغطا
وبالكشف للغطا استدلوا البرية
فاقوام بالآيات كان استدلالهم
وأنت لبعضهم غاية الأدلة
هنيئا لمن كنت عليك دليله
ملازم للأفراح في كل ساعة
ومبسوط بسواك حده نفسه
وروحه بالتحقيق في أقوى نكدة
فمبسوطا من به ولا تكن بالهوى
ولا بسط إلا بعد محو البقية
فكن سالكا حقيقا في الجدب تنتهي
ولا تقنع ظاهرا بأمر الشريعة
قليلا يليق بالطريق لصعبها
وجل عباد الله أهل شريعة
فإن ساوى الشيء فيك وضده
تيقن بأكمل صفاء السريرة
وكن برزخا واحذر من الميل دائما
ولازم مقام الحد في كل عثرة
وقف على حد الشرع والزم كماله
وجنب من البسط المؤدي لرخصة
فمن أطلق العنان في حال سيره
فلا بد أن يعود في حال شهرة
وما التذت به النفس حتما يمدها
سموم من أعظم السموم القاتلة
وإن لم يكن في الشيء لذة طبعها
فلا بأس إن كان بأمر الشريعة
تورع إن الورع أعظم بانها
وأولى بها حقيقا أهل الحقيقة
ولا تلتفت لما جرى به حكمه
فليس ذلك من شأن أهل المحبة
فكل محبوب بالمحبوب اشتغاله
ناسيا لما سواه في كل حالة
وإن جاءك من المحبوب تعرف
تلقاه بالإجلال في كل دفعة
فلولا شيء يكدرها في سيرها
لما صارت من بعد الكدر صافية
فلا تنكر حكمه إذا بدا قهره
فعن قريب يحلى من بعد المرارة
من لم يكن بحال من مات جهرة
فميت عن حياته الأبدية
ليس له علم وإن كان لفظه
يشير الى التحقيق كل الإشارة
أكثرهم فيها يطول كلامهم
وليس لهم سوى الألفاظ العارية
من كان في كل الهوى متمكنا
فكيف يدري حقيقا علم الحقيقة
علمها نور يبدي عن سر وجهها
وتشهده منك الأرواح الصافية
قولها يعجب النفوس سماعه
واولى به من أشد المرارة
فر منه النفوس كلا بأسرها
سوى نفس كانت بالمنن ممدة
لى عهدها الأول لم تنقض أمره
سبقت لها عند الإلاه السعادة
ا عزم دائما وحزم بين الورى
خادم لأهل الفن أشد خدمة
لى سبيل الإجلال والحب دائما
وليس لها اعتراض في كل حالة
عم التي كان محلها هكذا
تنال من الحكيم أعظم حكمة
يا سعد من كان إليه مجاورا
على بساط التعظيم في كل ساعة
عضه قد كنا إليه ولم نكن
بكله ونلنا اقترابا ووصلة
وأين هم في الوجود قل وجودهم
فأكثر أهل الوقت أرباب دعوة
وقد ضاع أدب المريد في وقتنا
وواصلون لها بمحض الكرامة
فلولا رجالها يمد بوصفها
حقيقا ما نلنا منها كقدر حبة
وقد ملئت كل النفوس بوصفها
وفنت عن جملة الأوصاف العالية
بفضله قد جاد الإلاه بجوده
وليس للفضل منه وجود علة
فمن لم يزل عنه الحجاب بفضله
يعوم في سره وعنه في غفلة
ولا شيء غير سرك بدا جهرة
لذلك صارت معانيه مستترة
ظهرت بأنواع الجمال حقيقة
وسميته كلا باسم للخليفة
فكان نهاية استتار ظهوره
وهذا من أعظم الحكم البالغة
وخصصت آدم بسر علومها
وأعجزت سكان السماء العالية
وحققت أحمد بكل حقيقة
عبرت عليها منك الأسماء البديعة
لأنه نورك وسر جمالك
وبحر كما لك وأعظم نعمة
هو المظهر الأعلى وسر المظاهر
بأنواره كل الأشياء منيرة
بعين البقاء يراه من كان فانيا
وهذا لبعض القوم بعد النهاية
وليس من الأحوال ما صح عندنا
ولكن شريعة المعاني القديمة
وللقبضة علم من أدرك علمها
عالما يصير بالأسرار الغريبة
أفاضت من نوره الأنوار جميعها
ومن سره الأسرار كلا ممدة
ومن بحره العلوم فاضت بأسرها
على باطن العرفان بأعلى حكمة
ومن نور عقله عقول تنورت
لذلك صارت أهلا لنيل الطريقة
وهام كل الأرواح منهم بفكرة
وعاينت أسرار الأسرار الخفية
وللروح قوة على حمل سره
من بين نفوس الخلق فازت بقوة
على الحالة الأولى جاءت لنا أولا
ومدها علم الفرق في حال فطرة
وقبل اجتماعها بعالم جسمها
كانت من علوم روحها مستمدة
لها علم بالأسرار تدريها دائما
بعقل وروح جوهرة نفيسة
وجسم لحكمة وبه تكلمت
وبسره صارت في الأرض خليفة
وهنا بدت معاني الذات لنفسها
ولكن بعد انفصال عن كل عادة
فكل حقيقة بضدها أظهرت
وليست على التحقيق سوى الحقيقة
تنزلت الأسرار جهرا لحكمة
وبأسرار النزول صارت في رفعة
تنزل لها إن شئت تدري نزولها
وإن كانت في المعالي كانت عالية
فمن لم يكن عبدا لكل عبيدها
على مذهب تحقيق أهل الحقيقة
فلا يدري سرها الذي بدا جهرة
وإن كانت ألفاظ المقال قوية
فكل علم لا يصحب الفعل جنبه
فإنه بالتحقيق خالي الحقيقة
وكل صورة الفعل يبقى خيالها
تشاهدها الأسرار فارحل بسرعة
وقلد سيوف الجمع واركب خيولها
وقاتل جيوش الوهم في كل ساعة
ولا تقنع بعلم الفروق قناعة
فأكثر أهله جهال الطريقة
وفي علوم المعاني كن متبحرا
ولا تزد من سواها فوق الكفاية
فكم عارف نال المعالي ببعضها
ونال مراده في أقرب ساعة
وكم تالف له الكثير من أمرها
وقلبه معلوم بأعظم علة
فعلم في القلب يهديك نوره
ويرشدك إلى الطريق الناجية
وجهل له ظلام في النفس دائما
يسيرها إلى البلاد الخالية
فمن له عين العلم يرى بنورها
ومن له عين الجهل أعمى البصيرة
ستر رداء الوهم مرآة قلبه
وأغشاه ليله بأقبح ظلمة
وأبرز خيال الأكوان توهما
وأثبتها العقل القصير لغفلة
أبصر ظاهر الأكوان بعينها
وصارت كلا في لبه مستقرة
فناظر للأشياء بعين ذاتها
جاهل وإن قام برسم الشرعة
ومبصرها بنورها عين صفاته
له علم ببعض الأسرار العالية
وناظرها بعين ذات جماله
ولايته أعلا من كل ولاية
فإنه في أقصى الكمال إذا صحا
إلا فمغروق في بحر الحقيقة
وواقف بين العالمين ولم يمل
كثيرا هو الإمام عند الأئمة
له رؤية في الشيء لم يكن
سوى لفظه المشير به لحكمة
فرؤية الكون بالمعاني عزيزة
ومن عثر عليها فاز بعزة
فكن متم السلوك إن شئت وصلة
وجنب دسائس النفوس الخفية
وإن غفلت نفس جالت في عالمها
وأهواها حسنها المجازي في لمحة
وتعظم ظلمة النفوس بليلها
وتأتي لك الأوهام من كل وجهة
وتبدو لك صورة ظاهر نفسك
وتنطبع فيها الأشياء الفانية
فالمعنى إن كانت صافية للمرا
وإن كانت بالكدر للحس مرآة
فكل شىء تقابله بسرها
يقابلها والمعنى أشرف حالة
وهمة مع أسباب تقتضي جميع ما
في الوقت تريده في أسرع لمحة
بتلك السريرة قام سر وجوده
بقدرته وحكمته العالية
فكن جامعا لشأن همة سرك
على محبوب القلوب تعطى الولاية
وتأتي علوم النفس كالسيل نازلا
فلم يحصها سوى كبير العناية
وتلك علامة تجلى معانيها
بوجه جمالها لعين السريرة
وقد بدا في الأزل للروح كيف شاء
كذلك يبدو في الأبد لحكمة
فكل أوجه إذا صفا مرآها
لذاك يبدو إليها في كل وجهة
فأنت بها عظيم الجاه ولكني
أراك عن سرها في أعظم غفلة
فإن كنت في الصورة خلقا فيما يرى
فأنت في غيرها أمور عظيمة
تكل عنها الأفهام في شرح سرها
تحير في فهمها العقول الراشحة
فكل واصل كل عنها لسانه
وكاملنا يأتي بلفظ الأشارة
فلو صح لك العلم بامر سرها
لكنت بقدرها عظيم المزية
فلازم خمولها بين الجنس دائما
ففيه صفاء السر من كل علة
فبقدر دفنها في عالم فرقها
يتجلى أمرها لعين البصيرة
فلازم وصف العبيد وكن عُبيدهم
ودع عنك جملة الأوصاف العلية
بها بعدت عن الإلاه حقيقة
ولو دنت للأدنى لصارت عالية
فلولا قمييص الذل ما صح عزها
ولولا رداء الفقر ما طابت لذة
فخذها الى الثرى بألطف حكمة
تأتيك من المعالي بأعلى حكمة
فلا علم لمن كان يوصف نفسه
فنور نهاره محجوب بظلمة
ولا جهل لمن زالت ظلمة ليله
وبدت شموسه بنور مضيئه
إذا شئت معنى السر فأدر الى الثرى
ولا ترفع منك عضوا فوق البرية
فلو كنت تدري معنى سر وجودهم
لكنت لهم مجلا في كل حالة
فعلم على التحقيق يخرق كونهم
ويفني وجودهم في أسرع لمحة
وتبدو لك حقيقة كل مظهر
وتدري بعد التحقيق معنى مقالتي
فكل علم لا يأتي بك لذلة
فلا بد أن تأتيك منه المذلة
فكن كالذي صارت نفوسهم كالفضا
وهامت كل الأرواح منهم بفكرة
وأظهرت لهم منه أعظم آية
في باطنهم فاستجمعت كل آية
ولنفسهم بدت حقيقة نفسها
وطوت على التحقيق كل حقيقة
بأعظم علمك ظهرت لأهلك
بأكمل سرك لعين السريرة
أزلت وجودهم بسر وجودك
وليس لهم وجود قبل الإزالة
فكنت ولم يكن سواك حقيقة
سوى تلوين الجمال زاد في عزة
تعاليت عما لا يناسب حالك
لأنك مفرد بالذات العالية
فلله ما أظهر سر جمالها
ولله ما أخفى بألطف حكمة
حكمت على الأسرار بالستر والخفا
وهي كشمس الأفق حين تجلت
لشدة كشفها أخفيت ظهورها
سترها عن أهل انطماس البصيرة
يرونها والعقل القصير يظنها
سواها وهي عين كل آنية
فبسر اسمك القهار سترتها
لك الحمد أنعمت بأعظم منة
رفعت رداء القهر عن عين سرنا
نظرنا بها إليها أحسن نظرة
تمتعنا في بهاء حسن جمالها
رأيناها عيانا بعين العالية
فرؤيتها شرع لأهل كما لها
بعين معانيها تفهم إشارتي
وغاية سرها وأعظم أمرها
لقطب جمالها وخير البرية
لأنه شمسها ونور بهائها
وعين كمالها وبحر النهاية
فلا أحد يحوم حول مقامه
لقوة أنوار التجلي العظيمة
وجبريل في الإسراء لو زاد خطوة
لأحرقت جسمه الأنوار القوية
فذلك مقامه في القرب وحده
وأحمد زاد فوق ما لا نهاية
فلو بدا ما بدا إلى الورى جملة
لأفنى وجودهم في أسرع لمحة
ويكفيك في الجبل حكم سلطانه
ولو بدا بأشياء كلا لدكت
ولما راى الكليم أعظم أمره
صار داهشا وغاب أعظم غيبة
ويكفيك في الجبل محو وجوده
مما بدا له من تجلي الحقيقة
حرام على مخلوق أن يرى وجهها
ولكن بها ترى الأسرار العظيمة
فعينها علمها وبه البصائر
تشاهده عيانا في كل حالة
وإن بدا في الأشياء أفنى وجودها
ولم يبق غير اللفظ منها لحكمة
وبقدرة قوة الأرواح لشهوده
لو زاد لها في التجلي لدكت
وذلك شيء في الأزل مقدر
وإن شاء زاد شاء ربنا في العطية
ولأقوم تجلى لو بدا سره
لمن دونهم لامتحت كل آنية
وذاك لهم بقدر سر اقترابهم
وقربهم بقدر صفاء المراية
ومرآتهم تجلى بحسب زهدهم
وزهدهم بقدر الهمم العالية
وأجنحة الأرواح سر هممها
وإن علت الهمة صارت عالية
فمن كان رافعا لمقدار نفسه
فلا شيء له في الرتب العالية
وإن كان علمه كثيرة وصومه
فهذا طريق لا ينال برفعة
ولكن بخلع النفس عن كل لذة
وتغييبه عنها وعن كل غيبة
وأنفع علم يدنو بك إلى الثرى
وغيره يرفعك أقبح رفعة
فكن مبصرا في السير إن شئت وصلة
ولا وصل إلا بعد محو البقية
ولا محو إلا بعد دفن وجودك
ولا دفن إلا بعد فقر وذلة
ولا حقا إلا من طيب نفسك
ولا ذل إلا جهرا بين الأحبة
فمن كان للعز محبا وللغنى
فمعبوده الهوى على أي حالة
فجانب كل ما مال قلبك نحوه
سوى حبه الصفي من كل علة
ولا رخصة للقوم في حال سيرهم
لأنها لأهل الهمم الضعيفة
وأنت مقام القوم تريد وصلة
فهو يعد الصفاء من كل علة
فخذ منهاج العرفان واسلك سبيلهم
ولا تقتدي بأكثر أهل نسبة
حكموا على الأسرار بالقول دائما
وحلوا قيود النفس في كل شهوة
وزال خصيم النور وأفنى وجوده
وجاء رضاء النفس بكل علة
فلا علم لمن كان عنها راضيا
أحاطت به الأهواء من كل وجهة
ولا جهل كان عليها ساخطا
من أجل عصيانها لرب البرية
وقد كانت بحر السر وهي أميرة
وجاءت لتدري معنى سر الإمارة
فملكها الهوى وصارت مأمورة
عليها أمير الكون بأعلى سطوة
لها صفة الإنسان والطبع أغلظ
وأقوى من الحمار في حال زفرة
فأين حقيقة الإنسان التي كانت
عليها عند الإيجاد أول نشأة
فكن مخلصا وأخلص الذي
وكن بريئا من كل حول وقوة
وكن بالإلاه معتصما بقلبك
وقل يا سلام سلم من كل فتنة
ولازم كتاب الله واحكم بحكمه
وسنة أحمد إمام الأئمة
وعالم وارع في دنياه زاهد
فكن عنه آخذ لأمر الشريعة
ومن كان سالكا ومجدوبا دائما
ولا أخذ إلا عن شيوخ الطريقة
كمثل أستاذي لقوم مثله
وفخري به طرا على أهل نسبة
وبه على الورى أصول حقيقة
وأخشى إلا من إلاه البرية
فجملة أهل الوقت تحت لوائه
عارف بأحكام النفوس الخفية
له همه إن قال للشيء كن يكن
يعز إذا شاء يذل في لحظة
تمد مدد الخلق همة سره
جميع همم الخلق في كل حاجة
يقلد في الأمور كلا بأسرها
في حكم الحقيقة وأمر الشريعة
فمن لم يدر معنى سلوك طريقه
حقت له جملة الأحمال الظاهرة
لمثله كن عبدا تنال كل المنى
وتبلغ منتهى الأسرار العالية
وكن لأهل علم المعاني مجاورا
تمد من الأسرار في كل دفعة
فعن رجال الأفكار تروي عقولهم
على صفة التلقين في كل ساعة
ويكفيك بعد الفرض ما هو آكد
لأنك حامل لحمل الطريقة
وقل من كان للجهتين عامرا
فأكثر أهل الله لإحدى جهة
توجه إلى المعاني حيث توجهت
ودر معها سريعا في كل دورة
وكن حريصا على الأنفاس جميعها
فمطلوبها كلا بفكر ونظرة
وذكر بجمع القلب جاء حقيقة
وبه استقام حبال أهل الطريقة
وإن كبر العيان بحكم قهره
على سائر الأحوال في كل ساعة
ومالك للأحوال هو إمامنا
به يقتدي الجميع في كل حالة
تعلق بسره تخلق بوصفه
تحقق بوصف الفقر تحظى بعزة
على منهاج الكمال امش ولا تخف
وخل عصاة الخلق وأهل طاعة
وجنب جميع الناس واحذر غرورهم
ومدعي الفقر جهرا أكبر غرة
ومن علمه فوق الورى جملة
وفهمه أعلى من جميع البرية
فهذا اجهل الناس كلا بأسرهم
فنظرة منه تأتي بألف ظلمة
وعالم به كل ما ازداد علمه
وفهمه عنه زاد فقرا وذلة
فخل سوى من كان لك موافقا
حقيرا فقيرا راض بكل محنة
ضعيفا عاجزا خامل الذكر في الورى
وجل جميع الناس عنه في غفلة
فواضعه ورافعه كلاهما
لشغله بالمحبوب في كل ساعة
وأين هذا في الناس قل مثاله
فسيدهم معلول بكل علة
إذا مدح أو بالعطاء وجهته
أتاك سريعا مظهرا للمحبة
وإن كنت له بالمذلة واجها
على حذر كن منه في كل طرفة
فيا أسفا على الذين تقدموا
كانت له نفس بالمجاري راضية
يرونها من عين المعاني حقيقة
يحبونها إجلالا أشد المحبة
إذا وجهوا بالذم ترى وجوهم
بنور كأنها شعاع الأهلة
وإن منعوا زادوا فرحا ونشوة
فهكذا حالهم في أمر البداية
كانت لهم أخلاق كرام مع الورى
وأوقاتهم بين حضور وغيبة
ووقتنا بالتحقيق قد سار جلنا
يطوف على الدرهم في كل ساعة
ويسعون عند الخلق رفعه قدرهم
ويطمع في درك العلوم النفيسة
هيهات ما كان هكذا من تقدم
وقد كانوا أصحاب الهمم العالية
نظرهم للمحبوب نحو جماله
تيقنوا أن ما سواه لغفلة
فليس شيء سوى الجمال حقيقة
ظهر منه ما كان مخبى بحكمة
وما زاد فيه شيء سوى بروزه
على حسب ترتيب حكم الإرادة
وما نقص وإن أخفى الأمر سره
وصور وهمك وجود الخليقة
فلقلة التحقيق منك بحقه
ولفقد العلم غابي عنك الحقيقة
ولو جاءك علم المعاني التي بدت
لكنت من أعظم هناء وراحة
وقد كان كل سر منها لسرنا منها
ولكن أخفاه الوهم لأجل علة
على مرآة القلوب بدت سحابة
إثر رياح الوصف أتت بظلمة
إذا شئت أن تحيى فمت في حياتك
ولا خير فيمن حتى تأتي المنية
فمن حيا قبل الموت ماتت حياته
ومن حيا بعد الموت حيا حقيقة
وأصعب شيء فقر ثم مذلة
فلذ بهما تكن كبير الولاية
فمن لم يكن بالفقر والذل راضيا
فأسرار أهل الله عنه بعيدة
فتسليط الجنس فرض في السير فادره
ويبلى ذاك البلاء عند النهاية
فما من صادق إلا قاموا بحجة
عليه ولكن أذنه قد تصمت
له همه عليا بالله تعلقت
وروح منه اشتاقت إلى سر حضرة
وأكبر عقل منه للعلم مقبل
وقلب إلى محل نزول حكمة
وسر لعين بحر ذات جماله
لها ناظر بنور عين الحقيقة
ونفسه في المثال صارت كأرضنا
سوت تحت أقدام جميع البرية
فلازال يدنوها وينسى حظوظها
حتى زال وصفها وصارت عالية
تغوص في بحر السر يسر فكرها
وتأتي بأشرف العلوم النفيسة
فلم تروهاهناك إلا عن نفسها
في عالم سرها بصح الرواية
فواسطة الإلهام أمين وحيها
يأتي لها بالتبليغ في كل ساعة
فإنها نقطة الجمال حقيقة
من النقطة الكبرى برزت لحكمة
تقدم ولا تخف فنارها ساعة
ونورها دائم من شمس الحقيقة
فطهرها تطهيرا ظاهرا وباطنا
وخذها ولا تخف من هول وفتنة
فإنها سر الله قطب جماله
فمنها نال الوجود عزا ورفعة
عليها تدور أفلاكه جميعها
وأنواره منها تلوح بقوة
فلولا الهوى لضاء نور بهائها
على سائر الأقطار في كل ساعة
فشمس عالمنا من نورها أبرزت
وأنجمه منها كلا مستنيرة
وأنوار أفلاك الأفق بأسرها
ومنها مدد الكل في كل لمحة
وبها علوا الإلاه جميعهم
وصاروا ملوك الكل في أعلى رتبة
يجروا ذيول العز حيث توجهوا
وحالهم الغنى برب البرية
عظم اكتفاؤهم وكفاهم كل ما
يهمهم بفضل وجود ومنة
وإن أصيبوا فالحفظ حال قلوبهم
ومن أولى منهم بالأمور العظيمة
فهم معه معية الحال دائما
وذاك فوق طور العقول الرشحة
فلم يدر حالهم في القرب سواهم
وكل جميع الخلق عنهم في غفلة
فلو نادتهم كل الأشياء بصوتها
لما التفتوا إليها بأدنى لمحة
يباشرونها والقلب عنها بمعزل
مليء حقيقة بنور الحقيقة
من أجلكم أكرم الإلاه كل الورى
وصار عصاة الخلق في ظل رحمة
تطيب الأماكن بذكر سماعهم
وتعلو فوق الإمكان وقتا بجلسة
وإن داموا صار في المعالي مقامه
كأنه كوكب منير في رفعة
فبسرهم دار الفلك لحكمة
وحرك أقطار الوجود في لمحة
فمفتاح أبواب العلوم بأيديهم
وسر العطاء موهوب بلمح نظرة
وكل مدد الخلق منهم جميعه
بأنعم فضله أو بعدل نغمة
فمن نار قبضهم لظى صار حرها
عذابا لأقوام مجانا مع ذلة
ومن نور بسطهم جنان تزخرفت
بهاء وأنوار سرورا مع بهجة
وأنهارها بسرهم فاض خمرها
وأغصانها نادت بألطف نغمة
وبنورهم حور العين تنورت
وولدانها المسخرة لخدمة
وزينة عرش الله بعض جمالهم
ولو بدا سرهم للأشياء لدكت
وسرهم نقطة من بحر حبيبنا
ومولانا أحمد العظيم العطية
فمن بحر سر عليه صلاته
سقاهم صفاء الشرب من طيب لذة
ومن نور عليه سلامه
كساهم حال العز أشرف لبسة
ومن عقله عقولهم قد تنورت
ومن روحه أرواحهم مستمدة
ومن علمه الأعظم لهم مواهب
تفوق لجج البحرفي أقوى شدة
وبه نجوا من الهموم جميعها
وبه كانت حياتهم أبدية
وخصوا بسره الخفي بين الورى
وأعطاهم منه قربا فوق الخليقة
ولا زالوا في ارتقاء نحو كماله
حتى بدت صورة الحبيب البهية
كأن سواها في المظاهر لم يكن
وهذه رتبة من أقصى الولاية
فلهم عينان للجمالين ناظرا
فهذي لحالة وهذي لحالة
فواحدة تطوي الوجود بأسره
وأخرى له بالنشر في كل ساعة
فياله من مقام ما أعلى أمره
لبعض رجالنا من أهل طريقة
وهذاعلمي وفوق علمي علومهم
فلم أدر سوى البعض منها لغفلة
فكن مثلهم في السير إن شئت سرهم
ولا تكن كالعوام من أهل غفلة
ظاهرا بأمر الشرائع قائم
وباطن منك بالأسرار العلية
فصل صلاة الجمع في الفرق أينما
توجهت لتلك الآية العظيمة
وإليه بالتحقيق وجهك دائما
وهذي إشارة ونعم الإشارة
فأهل النهى يدري إشارة سره
ويسجد بالأرواح لكل وجهة
ومن كان فهمه قصيرا فيسجد
لمكة تابعا لظاهر الآية
وله مدد البعض منها لسره
تمدد مدد الهمم الضعيفة
فكن ساجدا لله سرا بكلك
ولا تنقص عند البعض أقل ذرة
وكن داعيا عند السجود تأدبا
وسبحه بالأجلال في كل ركعة
وفرض عين جاءت على من تكلف
وأما صلاة السر عين الفريضة
وفي الوقت صلاتين صلهما معا
فذلك قرة العين فادر إشارتي
وإن كنت من إحدى الصلاتين فارغا
فكن ساجدا في الأخرى بإحدى سجدة
ولا ترفع يوما من سجودك طرفة
فليس هنا وقت تكون الإعادة
فهذه للأبدان لأجل ضعفها
وهذه من أجل القلوب القوية
بمحض الكرم يا إلاهي تولنا
وكن لنا وارعنا بعين العناية
ولا تترك حولنا عدوا وظالما
وإن حام له آت بكل ذلة
وخذه قبل اهتمامه بهلاكنا
لأنك عالم بكل الحقيقة
وكل جبار الوقت اقطع عروقه
وأوراقه وأغصانه الممدة
وأينما ولى الوجه خذه بسطوة
ووليه مدبرا عظيم المذلة
مشتت القلب والجوارح دائما
يخوفه الشيطان كل المخافة
ولا تترك منهم في الوجود بأسره
عظمت منهم إلا هي كل الإذابة
أقمنا سيوفا من سيوفك ظاهرا
وباطنا تمحق الأعادي الظلمة
أعادي جنود النفس والجنس دائما
سريعا إلا هي يا سريع في لمحة
فأمرك أقرب من البرق إذ بدا
وأعجب من هذا في حكم وسرعة
فكن لنا والإخوان حيث توجهنا
وأيدنا وانصرنا بأعظم نصرة
وكن لدين الحبيب أحمد حافظا
وطهره يا إلاهي من أهل ظلمة
بحكمك كيف شئت تحكم في الورى
ونسألك اللهم نشر الهداية
على يد أهل العلم بك حقيقة
بفضلك يا مجيب أجب لي دعوة
بجاهك يا من لا جاه فوق جاهه
وبجاه من رحمت به البرية
وبجاه كل من كان له تابعا
سالكا ومجدوبا على كل حالة
فصل وسلم ثم بارك على الهادي
رحيم بنا في كل هول وشدة
رؤوف رحيم يطلب العفو دائما
لأهل نور الأيمان في كل ساعة
وحاش حبيبنا أن ترده خائبا
فيما سعدنا على كل حالة
ونسألك الرضى عن الأهل والصحب
وتابعهم الى انتشار القيامة
محمد بن أحمد البوزيدي
بواسطة: حمد الحجري
التعديل بواسطة: حمد الحجري
الإضافة: الثلاثاء 2014/05/20 11:46:57 مساءً
التعديل: الثلاثاء 2014/05/20 11:49:13 مساءً
إعجاب
مفضلة

أضف تعليق

يجب تسجيل الدخول أو الاشتراك أو تفعيل الحساب اذا كنت مشترك لإضافة التعليق


أعلى القصائد مشاهدة للشاعر
أعلى القصائد مشاهدة خلال 24 ساعة الماضية
انتظر معالجة القصيدة ...
جميع الحقوق محفوظة لبوابة الشعراء .. حمد الحجري © 2005 - برمجة وتصميم
info@poetsgate.com