حادٍ عَنِ اللَبِّ أَحشا الصَبِّ أَعراها | |
|
| شادٍ زِنادَ هَوى المُشتاقِ أَوراها |
|
مُذ نَحوَنيكَ الرُبا الأَظعانَ أَسراها | |
|
| قُل لِلمَطِيِّ اللَواتي طالَ مَسراها |
|
مِن بَعدِ تَقبيلِ يُمناها وَيُسراها
|
قضد غادَرَتني مُذعَنها الدِيارُ عَفَت | |
|
| وَخَلَّفَتني حَليفَ الحُزنِ مُنذُ جَفَت |
|
ماذا عَليها إِذا لَو دَمعَها ذَرَفَت | |
|
| ما ضَرَّها يَومَ جَدَّ البَينُ لَو وَقَفَت |
|
تَقُصُّ في الحيِّ شَكوانا وَشَكواها
|
لَو اقتَفَت مَذهَبي في الحُبِّ لَم تُفِقِ | |
|
| لَكِنَّها كَمُدامي قَطُّ لَم تَذُقِ |
|
أَنّى كَصَبري لَها صَبرٌ عَلى القَلقِ | |
|
| لَو حُمِّلَت بَعضَ ما حُمِّلتُ مِن حَرَقِ |
|
ما استَعذَبَت ماءَها الصافي وَمَرعاها
|
ما إِن كَسَت بِكُؤوسٍ لِلهوى يَدَها | |
|
| وَلا أَلَمَّ بِها وَجدٌ فَأَوجَدَها |
|
وَلا الحَنينُ عَنِ الأَوطانِ أَبعَدَها | |
|
| لَكِنَّها عَلِمَت وَجدي فَأَوجَدَها |
|
شَوقاً إلى الشامِ أَبكاني وَأبكاها
|
سَبا فُؤادَ أَسيرِ الوَجدِ حينَ صَبا | |
|
| هَوى حَبيبٍ حَيِّ زادَهُ نَصَبا |
|
حَتّى غَدا لَهِجاً مُنذ احتَسى وَصَبا | |
|
| ما هَبَّ مِن جَبَلَي نَجدٍ نَسيمُ صَبا |
|
لِلغَوارِ إِلا وَأَشجاني وَأَشجاها
|
ما ارتَحتُ إِذا ما الهَوى في أَضلُعي رُسِما | |
|
| وَلا تَجَفَّنتُ مُ قَلبي بِهِ وُسِما |
|
ما شِمتُ إِلّا وَقَلبي ظَلَّ مثنقِسِما | |
|
| وَلا سَرى البارِقُ المَكِيُّ مُبتَسِما |
|
إِلّا وَأَسهَرَني وَهناً وَأَسراها
|
ظَلَّت تَحِنُّ حَنينَ الصَبِّ ذي الجُرَعِ | |
|
| مِنَ الهَوى ذو مِنَ الأَشجانِ في خِلَعِ |
|
حَتّى إِذا الوَجدُ عُضواً قَطُّ لَم يَدَعِ | |
|
| تَبادَرَت مِن رُبا نِيّابَتَي بُرَع |
|
كَأَنَّ صَوتَ رَسولِ اللَهِ ناداها
|
تَحِنُّ وَجداً لِمَغنى طَيبَةٍ وَبِها | |
|
| تَوَدُّ تَرتاحُ لَو تَحظى بِمَطلَبِها |
|
لِم لا وَأَحمَدُ خَيرُ المُرسَلينَ بِها | |
|
| وَكُلٌّ ماجَدَّ فيها الشَوقُ جَدَّ بِها |
|
دَمعٌ يَصوبُ وَشَوقٌ شَقَّ أَحشاها
|
تَؤُمُّ خَيرَ عِبادِ اللَهِ مَن وَطِئَت | |
|
| نَعلاهُ عَرشَ العُلا وَالناسُ قَد قَرَأَت |
|
آياتِ مَدحٍ لَهُ في الخافِقَينِ نَأَت | |
|
| حَتّى إِذا ما رَأَت نورَ النَبِيِّ رَأَت |
|
لِلشَمسِ وَالبَدرِ أَمثالا وَأَشباهاً
|
ذابَت حَشاها مِنَ الأَشواقِ وَاقتَرَحَت | |
|
| لُقيا نَبِيٍّ يَدُ الأَزمانِ ما سَمَحَت |
|
بِمِثلِهِ ثُمَّ لَمّا وَصلَهُ مُنِحَت | |
|
| حَطَّت بِسوحِ رَسولِ اللَهِ وَاطَّرَحَت |
|
أَثقالَها وَلَدَيهِ طابَ مَثواها
|
بَطحاءُ طَيبَةَ فيها الرَعدُ لا وُجِما | |
|
| حَصباءُ ذاكَ العَقيقِ الغَيثَ لا عَدِما |
|
سَقى الحَيا رامَةَ الغَرّاءَ لا صُرِما | |
|
| حَيّا الغَمامُ الرِحابَ الخضرَ مُنسَجِما |
|
فالقَبرَ فَالرَوضَةَ الخَضراءَ حَيّاها
|
تيكَ المَغاني الَّتي ما خابَ طارِقُها | |
|
| مَعاهِدٌ بالمَعالي فازَ رامِقُها |
|
دارُ الحَبيبِ اللتَيا لاحَ بارِقُها | |
|
| حَيثُ النُبُوَّةِ مَضروبٌ سُرادِقُها |
|
وَذِروَةُ الدينِ فَوقَ النَجمِ عَلياها
|
يا ناقُ سيري وَأُمّي سَيِّدَ البَشَر | |
|
| وَأَوِّبي وَادلُجي في السَيرِ وَازدَجري |
|
هُناكَ أَحمَدُ أَعلى البَدوِ وَالحَضَرِ | |
|
| هُنالِكَ المُصطَفى المُختارُ مِن مُضَرِ |
|
خَيرُ البَرِيَّةِ أَقصاها وَأَدناها
|
مُحمَّدٌ خَيرُ خَلقِ اللَهِ رَحمَتُهُ | |
|
| وَبابُ راجي عَطاياهُ وَنِعمَتُهُ |
|
بِهِ اِنجَلَت لَيلُ جَهلِ الشِركِ ظُلمَتُهُ | |
|
| أَتى بِهِ اللَهُ مَبعوثاً وَأُمَّتُهُ |
|
على شَفا جُرُفٍ هارِ فَأَنجاها
|
كَم أَبعَدَ الناسَ هَدياً مِن غَباوَتِهِم | |
|
| كَم أَنقَذَ العُميَ وَعظاً مِن غَوايَتِهِم |
|
كَم أَيقَظَ العُميَ زَجراً مِن جَهالَتِهِم | |
|
| وَأَبدَلَ الخَلقَ رُشداً مِن ضَلالَتِهِم |
|
وَفَلَّ بِالسَيفِ لَمّا عَزَّ عُزّاها
|
كَم مِن مَفاخِرَ تُبنى في ذُرى الشَرَفِ | |
|
| لِلمُصطَفى ذي الوَفا المُختارِ في السَلَفِ |
|
كَم قَد تَنَوَّهَ قَدراً عَن مَدا الخَلَفِ | |
|
| كَم حَكَّمَ السَيفَ وَالبيضَ القَواضِبَ |
|
مَعاشِرِ اللاتِ وَالعُزّى فَأَفناها
|
أَشجارُ قَفرِ الفَلا لَبَّتهُ ناهِضَةً | |
|
| وَالطَيرُ تَأتيهِ صافّاتٍ وَقابِضَةً |
|
غَدَت لَهُ صافِناتُ البُؤسِ رابِضَةً | |
|
| وَساقَ جُردَ جِيادِ الخَيلِ خائِضَةً |
|
مجرى الكُماةِ بِمَجراها وَمُرساها
|
أُهدي السَلامَ لدى الوَحي الأَمينِ بِهِ | |
|
| المُصطَفى المُنتَقى الهادي النَبِيِّ بِهِ |
|
ذاكَ الحَبيبُ الرَؤوفُ المستَعانُ بِهِ | |
|
| ذاكَ البَشيرُ النَذيرُ المُستَغالُبِهِ |
|
سِرُّ النبوة في الدنيا ومعناها
|
أزكى ذوي الملإ الأعلى وأحمدِهِ | |
|
| أعلى أولي الملإ الأدنى محمده |
|
واهاً لمنصبهِ الأسنى ومقعده | |
|
| شمس الوجود الذي أنوار مولده |
|
ملأن ما بين كنعانٍ وبصراها
|
عم الورى ذاك جمعاً في رسالتِهِ | |
|
| ما مثله قط فردٌ في جلالته |
|
غيض البحيرة جهراً من كرامته | |
|
| وانشق إيوان كسرى من مهابته |
|
ونار فارس ذاك الطفل أطفاها
|
سارت يد النصر معه أين ساربها | |
|
| والوحش شوق للقياه يميد بها |
|
فكم له مكرماتٌ لا نحيط بها | |
|
| وكم له من كراماتٍ يخص بها |
|
|
ذو راحةٍ لم ترد صفراً مؤمله | |
|
| ذو نائلٍ لم يخب راجٍ أنامله |
|
ما إن ترى من شبيهٍ في الأنام له | |
|
|
وانشق في الأفق بدرٌ شق ظلماها
|
يعلو على الأنبيا طرّاً بمقعدِهِ | |
|
| تعنوا رقابهم جمعاً لسودده |
|
عم الورى نوره في يوم مولده | |
|
| والجذع حن وأجرى الماء من يده |
|
عشر المئين ونصف العشر أرواها
|
آياته الغر فضلاً لا تقاس بشي | |
|
| وشاوه لا بقاصٍ في الورى ودنى |
|
حماه مولاه من أن يعتريه أذى | |
|
| والعنكبوت بنت بيتاً عليه لكي |
|
|
|
|
راقت رياض المعالي والدنو له | |
|
| والفحل ذل وأوما بالسجود له |
|
والظبية اشتكت البلوى فأشكاها
|
بشرى لنفسٍ لذياك الحما نفرت | |
|
| بشرى مطايا الهنا نحو الأمين سرت |
|
بشرى نفوس الهوى في حبه أسرت | |
|
| بشرى طراف القوافي أنها ظفرت |
|
بسيد العرب العرباء بشراها
|
هو الحبيب الذي تهدى القلوب به | |
|
| هو البشير الذي تجلى الكروب به |
|
فقنا فخرنا الألى شادوا الفخار به | |
|
| فالحمد لله نحن الفائزون به |
|
في ملةٍ نعم عقبى الدار عقباها
|
هذا حبيبٌ علا طابت سريرته | |
|
|
هذا هو المصطفى الهطلاء ديمته | |
|
|
هذا أبر بني الدنيا وأوفاها
|
هذا هو المرتقى أعلى ذرى الشرف | |
|
| هذا هو المنتقى في سالف الصحف |
|
هذا بيوم القضا مولى أولى الغرف | |
|
| هذا الذي حين جانا بالرسالة في |
|
بطحاء مكة عم النور بطحاها
|
ترتاح ذكراها وحش السهل والوعر | |
|
| لم لا وهو المصطفى المختار من مضر |
|
سمت به أرضه في البدو والحضر | |
|
| لم يبق من شجرٍ فيها ولا حجر |
|
إلا تحيه نطقاً حين يلقاها
|
أضحى سنام العلا للمجد منتعلا | |
|
| فاق النبيين في أخلاقه وعلا |
|
شكى له الظبى ياللَه ما فعلا | |
|
| وكلمته جما ذات الوجود على |
|
علمٍ كأن لها جسماً وأفواها
|
يا حبذا مصطفىً آياته وضحت | |
|
| سمحٌ جميع المعالي بابه طمحت |
|
هادٍ نفوس البرايا نحوه جنحت | |
|
| والطير والوحش والأملاك ما برحت |
|
تهدي السلام له كي ترضي اللَه
|
ماذات بان النقا قلب الشجي شجت | |
|
| ما نفس وجدٍ بذكر المصطفى لهجت |
|
ما العيش شوقاً لذياك الحماد لجت | |
|
| مني السلام على النور الذي ابتهجت |
|
به السموات لما جاز أعلاها
|
مني السلام على بدرٍ سماه نأت | |
|
| من عينه ذا العلا رب الجلال رأت |
|
جلت عن العيب عزت نفسه برئت | |
|
| واستبشر العرش والكرسي وامتلأت |
|
حجب الجلالة نوارً حين وافاها
|
يا من له القدم العلياء مرحمةً | |
|
| من ذي العلا واليد البيضاء منعمةً |
|
يا من غدت فضله الأنبا مترجمةً | |
|
| يا من له الكوثر الفياض مكرمةً |
|
يا خاتم الرسل يا ياسين يا طه
|
يا فاتحاً خاتماً فاقت شمائله | |
|
| يا ماجداً عز أن تحصى فضائله |
|
يا من جميع الورى عمت فواضله | |
|
| ما للنبيين من وصفٍ وليس له |
|
|
يا مصطفىً منتقىً كان الختام به | |
|
| باشا في الورى ترجى النجاة به |
|
يا راحماً للملا أحضى الملاذ به | |
|
| أنت الذي ماله في الكون من شبه |
|
هيهات أين ثراها من ثرياها
|
يا ذا الهدى والندا يا مصطفىً أزلا | |
|
| يا مجتبىً هو في جيد الزمان حلا |
|
يا طيباً عذبت أخلاقه وحلا | |
|
| ما نال فضلك ذو فضلٍ سواك ولا |
|
سامى فخارك ذو فخر ولاضاها
|
مولى الفضائل ذوراجٍ حماه كفى | |
|
| كنز المكارم من علياه غير خفي |
|
نجم الهداية مأمولٌ يداه تفي | |
|
| فرد الجلالة مقبول الشفاعة في |
|
يوم القيامة أعلى الأنبيا جاها
|
أرجو الإله نجاتي حسن منقلبي | |
|
| حسن اختتامي بيومٍ لا يقي حسبي |
|
بجاه أحمد أعلى العجم والعرب | |
|
| مولى مالي إلا حسن لطفك بي |
|
فهل لعيني عيناً منك ترعاها
|
عبيدك الشيخ صله بالكرام ونل | |
|
| آباءه والحواشي من رضاك ومل |
|
إليهم بجناح العطف منك وقل | |
|
| واشمل بمرحمةٍ عبد الرحيم وصل |
|
أهلاً وصحباً وأرحاماً لمولاها
|
أرجوك طه بيوم الحشر لم أرع | |
|
| فاكرم مقامي إذا لم ينج ذو الورع |
|
بجاه أحمد فاسعد في الورى قرع | |
|
| وانهض بنفسٍ إذا امتك من برع |
|
تبغي الزيارة عاقتها خطاياها
|
وارفق بنفس الهوى ذابت حشاً ولها | |
|
| ترجوك باللطف فضلاً أن تعاملها |
|
فاقبل تشبثها وارحم تذللها | |
|
| وهب لها الأمن في الدارين وارع لها |
|
حسن الظنون لدنياها وأخراها
|
يا خير من بالأيادي أنجح الطلبا | |
|
| أدرك مسيئاً عليه لهوه غلبا |
|
وارحم ذليلاً حقيراً برقه خلبا | |
|
| واجعل لأمتك الخيرات منقلبا |
|
يوم القيامة والجنات مأواها
|
أهدي التحايا لمن فوق السماء سما | |
|
| ما ناح ذو شجنٍ نحو العقيق وما |
|
سارٍ لطيبة حادٍ نحوها نغما | |
|
|
دامت إليك الورى تحدو مطاياها
|
حياك مولاك ذو الآلاء واسعها | |
|
| يا أحمداً كاشف الضراء دافعها |
|
هديةٌ لك روح القدس رافعها | |
|
| تحيةٌ ينثني في الآل طالعها |
|
سعداً ويفضح ريح المسك رياها
|