ألا وَدِّعا أرضَ الحُمَيِّمِ وابكيا | |
|
| معاهِدَ منّا كنَّ قدماً أواهِلا |
|
ديارٌ قضَينا للشَبابِ حقوقَهُ | |
|
| بهِنَّ فيا نِغمَ الديارُ منازِلا |
|
بلادٌ نسينا أهلَنا وبِلادَنا | |
|
| بها وبأهليها الكرامَ الأفاضِلا |
|
عهِدتُ بها بيضاً أوانِسَ خُرَّداً | |
|
| كواعِبَ عن ريبِ الزمانِ غوافِلا |
|
خراعيبَ أشباهَ المها لا يشينُها | |
|
| إذا وعَدَت أن لا تَفي وتُواصِلا |
|
يُجَرِّرنُ من نسجِ النصارى مطارِفاً | |
|
| ويَفرَعنَ أنقاها ضُحىً وأصائِلا |
|
بَعَثنَ الهوى في كلِّ قلبٍ رمينَهُ | |
|
| بأعيُنِ عين قد أصَبنَ المَقاتِلا |
|
ويؤنِسُهُنَّ اللهوُ والشعرُ الصبى | |
|
| وينفِرنَ عن ريبِ المُريبِ جوافلا |
|
وفيهِنَّ بيضاءُ العوارِضِ طَفلةٌ | |
|
| هيَ الداءُ إلّا تشفهِ يكُ قاتِلا |
|
مُؤَشِّرَةُ الأنيابِ مهضوبَةُ الحَشى | |
|
| بعيدةُ مهوى القُرطِ رَيّا خلاخِلا |
|
وترنو بعَيني خاذِل وسطَ رَبرَبٍ | |
|
| إلى جؤذَرٍ قد اودَعتهُ الخَمائِلا |
|
وتمشي بعطفَيها وتصغي بليتِها | |
|
| إذا سمِعَت ركزاً ونصَّتهُ ماثِلا |
|
ولكِنَّها أبهى وأملحُ مَنظَراً | |
|
| وأطيبُ أرداناً وأبعدُ نائِلا |
|
تحمَّلتُ مِنها مُذ لَيالي مُقامِنا | |
|
| بِشَرقِيِّ أجبالِ البُلِيِّ محامِلا |
|
تُعِلُّني بالوَعدِ منها وبِالمُنى | |
|
| وكم خيَّبَت ظَنَّ الذي كان آمِلا |
|
فيا حبَّذا منها المواعِدُ والمُنى | |
|
| وإن كنَّ لا يرجِعنَ إلّا أباطِلا |
|
خليلَيَّ ما قيسُ الملَوَّحِ حامِلاً | |
|
| من الوُجدِ إلّا دونَ ما كُنتُ حامِلا |
|
فَما الحُبُّ إلّا ذُكرَةٌ كُلَّ ساعَةٍ | |
|
| ودَمعٌ على الخدّينِ يَنهَلُّ سائِلا |
|
وإن تنأ منّي دارُها كنتُ جازِعاً | |
|
| وإن تَدنُ منّي دارُها كنتُ جاذِلا |
|
وأسألُ عنها كلَّ شيءٍ رأيتُه | |
|
| وإن كنتُ أدريهِ وأعلَمُ جاهِلا |
|
وإن حضَرَت أهوى الحُضورَ وإن بَدَت | |
|
| أرى أحسَنَ الأشياءِ ما كان راحِلا |
|
تراني إذا رمتُ السُلوَّ تهيجُ لي | |
|
| تذاكيرُها برحَ الهوى والبلابِلا |
|
وأذكرُ أيّامَ الحُمَيِّمِ والنَقا | |
|
| ليالينَنا إذ لا نطيعُ العَوادِلا |
|
لياليَ ألهو بالدفاترِ بالضُحى | |
|
| وبالخُرَّدِ الغيدِ الحسانِ أصائِلا |
|
خليليَّ ما عيشٌ كمَشتى أقمتهُ | |
|
| بشَرقي أجبالِ الحُمَيِّمِ كامِلا |
|
فيالَيتَ أيامَ الحُمَيِّمِ عوَّدٌ | |
|
| ويا ليتَ ذاك العيشَ لم يك زائِلا |
|
فدَع ذا وسلِّ الهمَّ عنكَ بناعجٍ | |
|
| طوى طَيُّهُ الديمومَ منهُ الأباطِلا |
|
ذلولٌ ذمولٌ لا يواكلُ نصُّهُ | |
|
| إذا العيسُ أمسى سيرهنَّ مواكِلا |
|
رعى لَبَبَ الجبلَينِ حاذاً وسلجماً | |
|
| وكم باتَ بالمِلحَينِ ريّانَ ناهِلا |
|
تراني إذا خبَّ السرابُ على الصُوى | |
|
| وأعيَت سرابيخُ الموامي اليَعامِلا |
|
كأنّي كَسَوتُ الرحلَ أحقَبَ قارِحاً | |
|
| يُقَلِّبُ بالحُزّانِ حُقباً حوامِلا |
|
يَرِنُّ علَيها تارةً وتَصُكُّهُ | |
|
| بأظلافِها حتّى تَشُقَّ الجحافِلا |
|
فلَيسَ الذي منهُنَّ يَلقى بمُنكَر | |
|
| إليهِ ولا تُلفيهِ عنهُنَّ غافِلا |
|
أذَلكَ أم هيقٌ يُباري نعامةً | |
|
| تبادرُ جنحَ الليل زُغباً حواصِلا |
|
أذلكَ أم بازٍ يُصَعصِعُ أرنباً | |
|
| يراها وتخفى فهوَ ينقَضُّ مائِلا |
|
على مثل ذا أمضي إلى الجانب الذي | |
|
| إذا جئتهُ لم أخشَ فيه الزلازِلا |
|