تأوَّبَهُ طيفُ الخيالِ بمَريما | |
|
| فباتَ مُعَنّىً مُستجَنّاً مُتَيّما |
|
تأوبَّهُ بعد الهجوعِ فهاضَهُ | |
|
| فأبدى من التهيامِ ما كان جمجَما |
|
لَطاف بها حتّى إذا النفسُ أجهَشَت | |
|
| وأبدت بناتاً لي خضيباً ومعصَما |
|
ووَجهاً كأنَّ البدرَ ليلَةَ أربَعٍ | |
|
| وعشرٍ عليهِ ناصِلاً قد تهَمّما |
|
تولّى كأنَّ اللمحَ بالطرفِ زَورُهُ | |
|
| وكانَ وداعاً منهُ أن هو سلّما |
|
فمن ذا ولا من ذا رأى مثلَ زورهِ | |
|
| ومِثلَ الذي بينَ الجوانحِ أضرَما |
|
فباتَ الهوى يستَنُّ بي هيجانُهُ | |
|
| فأسدى بِلُبّى ما تبَغّى وألحَما |
|
وَبِتُّ بِهَمٍّ لا صباحَ لِلَيلهِ | |
|
| إذا ما حداهُ الصبحُ كرَّ ودَوَّما |
|
فَقُلتُ أما لِليلِ صبحٌ كما أرى | |
|
| أم الصبحُ مِمّا هيَّجَ الطيفُ أظلَما |
|
بلى كُلُّ لَيلٍ مُصبِحٌ غيرَ أنّني | |
|
| أرى الصبحَ يا للنّاسِ للصُبحِ أنجما |
|
ألا يا خليلَيَّ ارحَلا وتيَمَّما | |
|
| بنا حيثُ أمسى رائدٌ الظُغنِ يَمَّما |
|
فكيفَ القرارُ بعدَ ما قيلَ يَمَّمَت | |
|
| مرابِعَها بالحُوِّ أظعانُ مريَما |
|
ظعائنُ يهديهِنَّ في كُلِّ نُجعَةٍ | |
|
| منَ القومِ مئنافٌ إذا هَمَّ صمَّما |
|
تحمَّلنَ أن قد شِمنَ من جالِ تيرسٍ | |
|
| مُخيلاً بها ألقى البعاعَ ودَيَّما |
|
فخَبَّرَهُم رُوّادُهُم بعد سبعَةٍ | |
|
| بما سرَّهُم أن جادَ فيها فأفعَما |
|
وجَرَّ على أنجادِها ووِهادِها | |
|
| منَ الوشيِ حوكاً سُندُسِيّاً وأنعَما |
|
فَمَن يكُ يوماً ذا عَزاءٍ وسلوَةٍ | |
|
| لطولِ تناءٍ أو لوَصلٍ تصرَّما |
|
فلَستُ بناسٍ يومَ ولَّت جمالُهُم | |
|
| وسالَ بِهِنَّ الفُجُّ بالظُعنِ عُوَّما |
|
هجائنُ بيضٌ من عقائلِ عامِرٍ | |
|
| جمَعنَ إلى الأحسابِ حُسناً وميسَما |
|
تخَيَّرنَ للأحداجِ كُلَّ مُنَوَّقٍ | |
|
| منَ البُزلِ فعماً قيسَرِيّاً عَثمَثما |
|
يَزيفُ بمِبهاجٍ كأنَّ مُروطَها | |
|
| تُخالُ بِرئمٍ من غُشَيواءَ أرثَما |
|
جَعَلنَ عَلى الأحداجِ خَملاً وَكِلَّةً | |
|
| وعالَينَ رقماً عَبقَرِيّاً مُنَمنَما |
|
تَظَلُّ عتاقُ الطيرِ في كُلِّ رِحلَةٍ | |
|
| إليهِ مديماتٍ عكوفاً وحُوَّما |
|
كَأنَّ العيونَ اللامحاتِ إذا بدا | |
|
| تَمُجُّ عليهِ أُرجُوّاناً وعندَما |
|
فَلَم أر يوماً كانَ أحسَنَ منظَراً | |
|
| وأهوى هوىً يقتادُ صَبّاً مُتَيّما |
|
وآنسَ أُنساً لو يرامُ منالُهُ | |
|
| وألهى لُهِيّاً للصديقِ وأصرَما |
|
وللّهِ عينا من رأى مثلَ سيرِها | |
|
| إذا رجّع الحادي بهنَّ وهمهَما |
|
سَلَكنَ جواءَ الفُجِّ ثُمَّ تطَلَّعَت | |
|
| من الصخرَةِ البيضاءِ نجداً مهضَّما |
|
جعَلنَ قنانَ الوطسِ نُصبَ عيونِها | |
|
| وكان لهُنَّ الوُطسُ قدماً مُيَمَّما |
|
ويا منَّ عن نجدِ القُوَيرِ ويا سَرَت | |
|
| عنِ الأيقِ نُكباً سيرُها لن يُثَمثَما |
|
وحَلَّت ببَطنِ الأتو مُسياً وما بهِ | |
|
| علاقٌ فباتَ الظهرُ حدباً مزمَمّا |
|
وأبكَرنَ يخبِطنَ الجفاجفَ غُدوَةً | |
|
| كأصرامِ عيدانٍ أنى أن تُصَرّما |
|
فألقَت على الكِنوَينِ من نسجِ سدوِها | |
|
| هجيراً برأيٍ محكَمِ النسجِ أقتَما |
|
يُحاوِلنَ بالسَبعِ الأُضيّاتِ مشرَباً | |
|
| من الغُدرِ أو عَيناً بجَلواءَ عَيلَما |
|
وَرَوضاً بأكنافِ الأماكرِ زاهِراً | |
|
| قَدَ ارزمَ فيه الرعدُ سَبتاً وزَمزَما |
|
فألقَت عِصِيَّ السيرِ فيه وخيَّمت | |
|
| بحَيثُ بعاعُ المُزنِ سحّ وخيّما |
|
عَسى اللَهُ يُدني بعد بعدٍ مزارَهُم | |
|
| فيأنسَ صبٌّ بعدَ حزنٍ ويَنعَما |
|
فهَل تُبلغنّيهِم نجائبُ وُخَّدٌ | |
|
| شوازِبُ لا يُبقينَ للّيلِ محرَما |
|
نجائبُ يحدوها سرى وتهَجُّرُ | |
|
| يُباري بها الدَوُّ النعامَ المُخَزّما |
|
نجائبُ لا يعطِمنَ للهوَلِ كلًَّما | |
|
| تغَوَّلَ مجهولُ التنائفِ معظَما |
|
تَخَيَّرت منها لاهتمامي عرَندساً | |
|
| يخالُ على الترحالِ والحلِّ مقرَما |
|
بُوَيزِلَ عامٍ كالمصادِ عُذافِراً | |
|
| كأنَّ علَيهِ خدرَ حدجٍ مُخَيّما |
|
ذِفِرٌّ خَروسٌ لو تُوَلّي لرَحلهِ | |
|
| بحَدِّ المواسي زَمَّ أن يتزَغَّما |
|
كأنّي أُداري إذ علَوتُ قُتودَهُ | |
|
| بهِ أبلَقَ الكَشحَينِ جأباً مُكَدَّما |
|
قُوَيرِحَ عامٍ أو رباعٍ خلا لهُ | |
|
| مجَرٌّ بحَنّانِ منَ الدلوِ أسحَما |
|
كأنَّ رُباهُ والهجولَ تجَلَّلَت | |
|
| زَرابيَ أو وَشياً يمانٍ مُسَهَّما |
|
يَدينُ بهِ حُقبٌ سماحيحُ باكَرَت | |
|
| لُعاعَ تناهي روضِهِ حين وشَّما |
|
كأنَّ صُراخَ المُستَغيثِ سحيلُهُ | |
|
| بكُلِّ صباحٍ غيرَ أن كان أعجَما |
|
يَدِنَّ لهُ حتّى قرِبنَ ذِنابَهُ | |
|
| وأحسَسنَ لقحاً عن حيالٍ مُكَتّما |
|
وقد جعَلَت ليّاً بأذنابِها لهُ | |
|
| إلى السلمِ من بعدِ المُناواةِ سُلَّما |
|
يحوِّزُها في كُلِّ فجٍّ كأنّها | |
|
| وسيقَةُ ناجٍ من عداً نالَ مغنَما |
|
فأبدَينَ عن شَغبٍ ضِباباً طوَينها | |
|
| علَيهِ بما قد نالَ منهُنَّ مُرغِما |
|
وشَدَّ عليها بالعَضيضِ كأنَّهُ | |
|
| من الغيظِ مجنونٌ وما عضَّ جرجَما |
|
يَظَلُّ رقيباً حولَهُنَّ كأنَّهُ | |
|
| ربيءٌ علا مِن ميفَعٍ مُتَسَنّما |
|
فَلَمّا جرَت هيفُ الجنائبِ بالسفا | |
|
| وأيقَنَّ أنَّ الجزءَ فيه تصرَّما |
|
ولَوَّحَها هيجُ السمومِ وسومُها | |
|
| فظَلَّت صُفوناً بالظواهرِ صُيَّما |
|
توَخّى بها عيناً روىً قد تعَوَّدَت | |
|
| بها الرَيَّ قِدماً بالمصايفِ مَعلما |
|
فشَجَّ بها الحِزّانَ شجّاً كأنّما | |
|
| تَشُبُّ على الحُزّانِ غاباً مُضَرّما |
|
أو أروحَ هيقاً خاضباً مُتَروّحاً | |
|
| يُبادِرُ أغوالَ العَشِيِّ مُصَلَّما |
|
تهيجَ للأُدحِيِّ من نازِحٍ غَدا | |
|
| يَجولُ لهُ في يومِ ريحٍ تغَيَّما |
|
فَلَمّا دَنا الإمساءُ والشمس حَيَّةٌ | |
|
| تَذَكَّرَ أقواباً وقَيضاً مُحَطّما |
|
تَحَطَّم عن زُعرِ القوادِمِ خُرَّقِ | |
|
| كَمِثلِ أُرومٍ من حُلِيٍّ تجَرثَما |
|
ألا عجِبَت جملٌ سفاهاً وما رأت | |
|
| بديئاً لشَيبٍ بالمَفارِقِ مُعلما |
|
وقد زَعَمَت أنّي كَبِرتُ وأكبَرَت | |
|
| صبايَ ولم تنقِم لعمرُكَ معظما |
|
وَقَد هَزِئَت رأتنيَ شاحِباً | |
|
| وهُنتُ علَيها بعدَما كنتُ مُكرَما |
|
ألَم تعلمي أن لا غضاضَةَ أن يُرى | |
|
| كريمٌ بيضاءٍ المحاجِرِ مُغرَما |
|
وأنَّ الجُرازَ العَضبَ يخلُقُ غِمدُهُ | |
|
| ولا عيبَ إنَّ العيبَ أن يتكَهَّما |
|
ولكِن سَلي عنّي دخيلي إذا شتَوا | |
|
| وأخلَفَ ما شيهمِ ذراعاً ومِرزَما |
|
كأنّي لَم أركَب للهَو ولم أنَل | |
|
| منَ البيضِ وصلا آمِناً أن يُصَرّما |
|
ولم أُسهِرِ الفِتيانَ ليلَ مَلَذَّةٍ | |
|
| طويلاً ألا يا رُبَّ ليلٍ قد اسأما |
|
ولَم أتلافَ الظُعنَ قصراً بحاجِرٍ | |
|
| على إثرِ حيٍّ مدَّ سيراً وأجذَما |
|
ولَم أُعملِ العيسَ المراسيلَ بالفَلا | |
|
| لأبنيَ مجداً رُكنُهُ قد تهَدَّما |
|
ولم أهدِ بالموماةِ رَكباً ولَم أرِد | |
|
| بهِم أُخريَاتِ الليلِ ماءً مُسَدَّما |
|
ولَم أردُدِ الألوى الألَدَّ كأنَّهُ | |
|
| أميمٌ كما عنّى المُعَنّي المُسَدّما |
|
ولَم أُفحِمِ الخنذيذَ في يومِ مجلسٍ | |
|
| منَ الناسِ مشهودٍ وما كان مفحَما |
|
أتى ثانياً من جيدهِ مُتَخَمِّطاً | |
|
| يمُجُّ لُغاماً مستطيراً وبلغَما |
|
فَصَدَّ صدودَ المستكينِ كأنَّهُ | |
|
| من الذلِّ محسومُ الخِصاءِ وأحجَما |
|
أرانا لصرفِ الدهرِ صرعَينِ مقعَصاً | |
|
| فمُصمىً ومنمىً إن تخطّاهُ أهرَما |
|
وما مات مَن أبقى ثناءً مخَلَّداً | |
|
| وما عاشَ من قد عاش عيشاً مذمَّما |
|
وما المجدُ إلّا الصبرُ في كل موطن | |
|
| وأن تجشَمَ الهولَ العظيمَ تكرُّما |
|
وما اللؤمُ إلّا أن يرى المرءُ غابطاً | |
|
| لئيماً لمالٍ في يدَيهِ إن اعدَما |
|
فذاكَ الذي كالمَوتِ في الناسِ عَيشُهُ | |
|
| ومَن عدَّ مالاً مالَهُ كان ألأما |
|
وما الدهر إلّا بينَ لينٍ وشِدَّةٍ | |
|
| فمَن سرَّ مسياً فيه أصبح مُرغَما |
|
وما الحَزمُ إلّا مرَّةُ النفسِ تُقتَنى | |
|
| لشِدَّتهِ من قبلِ أن تتَحَكّما |
|
وما العجزُ إلّا أن تلينَ لمَسِّها | |
|
| فتَضجَرَ من قبلِ الرخاءِ وتسأما |
|
وليسَ الغنى إلّا اعتزازَ قناعَةٍ | |
|
| تُجِلُّ أخاها أن يذلَّ ويُشتما |
|
وما الفقرُ إلّا أن يُرى المرءُ ضارِعاً | |
|
| لنكبَةِ دهرٍ قد ألمَّ فيَقحَما |
|
وخيرُ الرجالِ المُجتدى سيبُ كفِّهِ | |
|
| وأجرَؤُهم عندَ الكريهةِ مُقدَما |
|
وَشَرُّ الرجالِ كلُّ خَبٍّ مرامقٍ | |
|
| إذا ما دعا الداعي لأمرٍ تلعثَما |
|
تجنَّبُ صحابَ السوءِ ما عشتَ إنَّهم | |
|
| لكالجُربِ يُعدينَ الصحيحَ المُسَلّما |
|
وراعِ حدودَ اللَهِ لا تتعَدّها | |
|
| وصَغِّر وعظِّم ما أهانَ وعظَّما |
|
وراعِ حقوقَ الضيفِ والجارِ إنَّهُ | |
|
| لعَمرُكَ أوصى أن يُبَرَّ ويُكرَما |
|
وإن جهِلَ الجُهّالُ فاحلُم ورُبَّما | |
|
| يكونُ عليكَ العارُ أن تتحَلَّما |
|
وبِالحَسَنِ ادفَع سيّئاً فإذا الذي | |
|
| يعاديكَ كالمولى الأحمِّ وأرحَما |
|
ولا تقرَبَنَّ الظلمَ والبغيَ فاطَّرِح | |
|
| فغِبُّهُما قد كانَ أَردى وأشأما |
|
وما البِرُّ إلّا اليُمنُ والعدلُ والتُقى | |
|
| وما الشؤمُ إلّا أن تخونَ وتأثَما |
|