آلهة الشعر أفيضوا من سناكم لمحات
|
على فؤاد حجبت عنه الغيوم النيرات
|
فضل تائها عن الكون يناجي الآلهات
|
قد عصفت موج الرياح بالجبال الراسيات
|
وأقلعت عن راسها تلك الشموس المشرقات
|
وهي الامارة وتاج الملك في المرتفعات
|
وأظلم الكون البهيج وتوارت الحياة
|
وانتشر الغيم ونامت الجبال كاسفات
|
ففزعت لربها وهي تموت حسرات
|
وشكت الأمر إليه بلسان العبرات
|
فغضب الأطلس واحتد بفعل العاصفات
|
وهو ذو الحمى المنيع وأمير الشهقات
|
قد نظمت له الحماية ذئاب الفلوات
|
واحتضن الذئب أخاه يا لها من معجزات
|
فقام سيد الحمى بحجب نور الكائنات
|
ويقبض الشمس بكفيه ويكسو الجبهات
|
وعدها إهانة للتاج من يد الجناة
|
فسار كالمنتقم الجبار يقطع الفلات
|
على الرياح وقضى بأن تعود للشتات
|
وامتد في سلسلة تمنعه من الغزاة
|
وجاءت الريح تنوش وتعيد الخطوات
|
فهز راسا شامخا يقطع عنها الحركات
|
فلثمت أقدامه وردت المختلسات
|
وظهرت بين الغيوم لمعات التضحيات
|
وانقشع الغيم وعادت العيون مبصرات
|
وأشرق الكون البهيج واستنارت الحياة
|
وإن هذا مثل يعطيك بعض النظرات
|
انتشرت فوق الذرى الشم الجيوش الظافرات
|
تنوء بأعبائها على الجبال الراسيات
|
وهي تفيض بالحماس وتعد التضحيات
|
للوطن الغالي المفدى بدماء المهجات
|
تهدف لاستقلالنا ولإبادة الطغاة
|
يا نسمة التحرير هبي في البلاد عاصفات
|
الشعب أصبح يئن تحت عبء النكبات
|
قد قصفت به الرعود في الليالي الحالكات
|
وزلزلت عزته وحكمت يد الطغاة
|
فظهرت فوق الحمى الأسراب بالمحركات
|
ففرقت سرب النسور والأسود الرابضات
|
وقطن الجند البغيض بمعاقل الأباة
|
باسم الحماية وحفظ الأمن تحتل الغزاة
|
أرض الفخار فتصير عندهم مستعمرات
|
فأظلمت تلك البقاع الطاهرات المشرقات
|
وانتشرت طلائع الجيش على المرتفعات
|
مثل الذباب تتهافت على المستنقعات
|
تروي الظما وتقمع الجوع بأكل الحشرات
|
وتنشر العدوى وتغدو وتروح راقصات
|
ظلم الشعوب للشعوب سنن متبعات
|
في الكون لكن الجزاء يتناول الطغاة
|
كما تدين يا فتى أنت تدان في الحياة
|
جند الحماية البغيضة فآه للحماة
|
تحمي الدمار بالدمار وتزيد السلطات
|
على الشعوب الواقعات تحت حكم النكبات
|
وا أسفا واحسرتا على العروش النازلات
|
ترزح تحت النار والحديد والمصفحات
|
وتنتهي أنفاسها بين مخالب البزاة
|
فيا ترى ما تحدث الأيام من تقلبات
|
إن بلاد المغرب الأقصى بلاد الغيرات
|
منحدر الشمس ومطلع شموس التضحيات
|
فمنذ كان وهو معقل الأباة والغزاة
|
فلم يحق دمه في الأرض منذ سنوات
|
وسيفه المخضوب لم يخف عن رأس الجناة
|
من عهد الاحتلال والمغرب قطر الغزوات
|
قد فرضت له الحماية كفرض الواجبات
|
وجاءت النكبة للعرش بأم النكبات
|
فزلزلت عزته وسلبت منه السمات
|
ونزل العرش لها منحدرا للصدمات
|
فأقلع الشهم الغيور عن زخارف الحياة
|
ونبه الملك وقال بصريح اللهجات
|
بأن سلطان الحماية سليب السلطات
|
لم يرضه الله ولن أرضاه في الممتلكات
|
فبقي العهد الحفيظي حفيظ الذكريات
|
ونفي الشهم إلى باريس مدة الحياة
|
ومنذ ذاك والكفاح يتخطى الواجهات
|
والشعب يظهر الفدى ويتحدى التضحيات
|
فنهضت فاس الأبية لخوض الغمرات
|
وأعلنت على الجهاد في سبيل الحريات
|
لأجل الاستقلال في الحكم وإقصاء الطغاة
|
فدعت الأغيار والأسد الغضاب الثائرات
|
في السوس والأطلس والريف وكافة الجهات
|
ولبثت ربع قرن تستدر النجدات
|
وبعد ما أخمدها الطغيان بالمؤامرات
|
مع الرؤوس الماكرات والنفوس الغادرات
|
نامت على الجمر وقامت الحروب الباردات
|
فسل جبال الأطلس الشم عن المقاومات
|
وسل مغاور الحمى عن الحروب بالمنشآت
|
في الثكنات والثغور والحصون المانعات
|
سل فتكات البربر الحمر الغواني المنكرات
|
سل زين المناوي المشهور عند الأزمات
|
سل شبله حمو الذي ما انفك يولي الحملات
|
على العدى ويفصل الجيش ويفنى الوحدات
|
وسل أخاه الليث حامي السوس والمنحدرات
|
فهبة الله أجل بطل المقاومات
|
قد أشرفا على النضال في أناة وثبات
|
وجمعا السوس الخضم ليخوض الغمرات
|
سل التلال والجبال والصحارى المشرقات
|
عن الدماء الموصلات والجيوش المفصلات
|
وسل كتائب الرمال عن كتائب المشاة
|
وسل ليوث ابن ورين الثائرات الغاضبات
|
سل سيدي حو البطل السوسي حامي الثكنات
|
وسل مجاري سبو ووادي ورغى القانيات
|
الجاريات بالدماء الحاملات للرفاة
|
وسل حروب الريف تنبيك بكل المكرمات
|
سل الخطيب فارس المضمار قاضي القضاة
|
سل العصامي الأبى عن مكايد الطغاة
|
من عظمت همته عن كثرة المساومات
|
لم يرض أن يهضم الريف بالمؤامرات
|
أو يطأ الترب الحرام مستبيح الحرمات
|
فهب هبة هزبر روعته اللفحات
|
لم يرض أن تمس أرضه يد التغيرات
|
فقام يدعو الناس للفدا وصد الهجمات
|
وجمع الأغيار في القبائل المجاورات
|
وقال في صراحة وحكمة وموعظات
|
الريف ريفكم إذا ما قمتم بالواجبات
|
يا قوم ماذا تبتغون بعده من ملمات
|
قد حبب الله الجهاد للنفوس المومنات
|
فدونكم بني ومالى ودمائي قربات
|
يا قوم هبوا وارفعوا أكفكم بالدعوات
|
انعقد اللواء واصطفت جيوش الحملات
|
وطلعت أشباله تسوس في المقدمات
|
ونظموا جيشا يفيض عددا ونسمات
|
فيه البطولة تسير وتنير التضحيات
|
فيه الكفاح الصادق البر لنيل الحريات
|
فيه الجلال والمهابة وصدق العزمات
|
فيه الشباب والكهول والنساء الريفيات
|
يسلن بالألحان والأنغام ماء المهجات
|
يبذلن للريف أعز ما لهن في الحياة
|
فرضي الريف عليهن وقامت صلوات
|
فهللوا وكبروا وانطلقوا للغزوات
|
لن تخذل الإسلام هذه الجيوش الظافرات
|
فنشر الريف بنوده فسالت وحدات
|
وقصف الريف رعوده فخرت صاعقات
|
على العدى تسحقهم سحقا وتهوى الثكنات
|
فأرهب الأعداء في مختلف المعسكرات
|
وجرد السيف المبارك بكف المعجزات
|
محمد عبد الكريم بطل المقاومات
|
منازل الأعداء في الريف وشتى الواجهات
|
من ملأ التاريخ مجدا وعلا ومكرمات
|
وأكسب البلاد صيتا بلبل المجتمعات
|
هز عواصم أوربا والقرى المجاورات
|
واخترق السبع الشداد والطباق المغلقات
|
وبقيت أصداؤه ترن في المنتديات
|
لم ينم الغرب لها وأكثر التحفظات
|
من عمل قد يمنع الغزو عن المستعمرات
|
في الشرق والغرب وكانت آنذاك حركات
|
تناوئ المستعمرين وتنازل الغزاة
|
أوقدها حربا ضروسا لإبادة الطغاة
|
دارت رحاها بالعدى نزلت كالصاعقات
|
تنسفهم نسفا وتوليهم أحر الضربات
|
أتت على الاسبان فاضطر إلى المسالمات
|
وطأطأ الرأس أمام شفرات المذبحات
|
فنفس الغرب عليه بحمى العصبيات
|
فخشي الصليب أن يفنى وتبقى الصومعات
|
ويسترد البطل المغوار روعة الحياة
|
للأندلس وتعاد ذكريات غاليات
|
فجندوا جنودهم بالسر والعلانيات
|
وألزموا الاسبان أن يهرع للمحالفات
|
مع الفرنسين وكانت بينهم منافسات
|
على حدود بلدة الصون وأرض المكرمات
|
وقد تنازل له عن سائر المنحدرات
|
وأسفا على بلاد قسمت كالتركات
|
والإنجليز يلعب الشطرنج بين القافلات
|
وبطل النضال لا ترهبه التكتلات
|
فظل صامدا أمام القوم يولي الحملات
|
عليهم بالرزء والثكل وحصد النسمات
|
يركب جنح الليل في السهل وفي المنعرجات
|
ليضمن الفوز ويحمل على المعسكرات
|
فروع الأعداء واشتدت عليهم أزمات
|
واضطرهم إلى اتخاذ كثرة المجاملات
|
والاعتراف بحقوق الريف في المقدمات
|
فعرف اللصوص ما هو جزاء السرقات
|
وعرف الأحرار كيف يبذلون التضحيات
|
وأرسل الوفد إلى جنيف في المنظمات
|
فاتخذ انهج السياسة وبذل المشاورات
|
وآملا بأن ينال منهم المصادفات
|
على التحرر والانتماء بالجمهوريات
|
فلم يجب لشيء في تلك النوادي الماكرات
|
وحينما شعر بالضعف وشل الحركات
|
وطلب النجدة من بعض العروش المسلمات
|
ولم يجب بغير عون الله في المكاتبات
|
وافترقت جموعه بكثرة المؤامرات
|
أسلم نفسه وأهله إلى المعسكرات
|
وأخذوه بطلا حرا كريم النزعات
|
وحملوه مبعدا إلى الجزر النائيات
|
وبقيت أعماله مثل الشموس المشرقات
|
من بعد ما أدى لشعبه عظيم الخدمات
|
تفيض بالأنوار في كل النواحي والجهات
|
حاملة إلى العوالم صدى المقاومات
|
تعلن أن الله في عون مريدي الحريات
|
قد اصطفى أخاه للفوز بنيل المكرمات
|
موسى وهارون تآزرا لخوض الغمرات
|
فصنعا متحدين سر هذي المعجزات
|
ضمهما المنفى معا كالقبر إذ ضم الرفات
|
على الوفاء للبلاد في الحياة والممات
|