مَن جَعَل المَغربَ مَطلَعَ الضُحى | |
|
| وَسَخَّر البَربر جُنداً لِلهُدى |
|
وَصَرّف الأَيّامَ حَتّى أَحدَثَت | |
|
| ما كانَ في الأَحلامِ أَحلامَ الكَرى |
|
وَأَظفَر الصابر بِالنُجح فَيا | |
|
| هَزيمة اليَأس وَيا فَوز الرَجا |
|
وَنقّلَ الدَولةَ في بَيت الهُدى | |
|
| فَلَم تزُل عَن طُنُبِ إِلّا إِلى |
|
سُبحانَهُ المُلكُ إِلَيهِ وَلَه | |
|
| يُؤتيهِ أَو يَنزِعهُ مِمَن يَشا |
|
قامَ إِمامٌ مِن بَني فاطِمَةٍ | |
|
| خَليفة ثُم تَلاه مَن تَلا |
|
ما عَجبي لِمُلكِهم كَيفَ بُنى | |
|
| بَل عَجبي كَيفَ تَأَخّر البنا |
|
جدّهمو لا دِين دُون حُبِّهِ | |
|
| وَأُمُّهُم بِالأُمَهاتِ تُفتَدى |
|
وَمُذ مَضى مُضطَهدا وَالدُهم | |
|
| أَصبَحَ بِالمُضطَهد اِهتم المَلا |
|
أَجلَّهم عِليَةُ كُلِّ حِقبَةٍ | |
|
| وَخَصَّهُم فيها السَوادُ بِالهَوى |
|
وَالفُرسُ وَالتُركُ جَميعاً شِيعَةٌ | |
|
| لَهُم يَرونَ حُبَّهُم رَأس التُقى |
|
فَشَهِدَ اللَهُ لَهُم ما قَصَّروا | |
|
| القَتل صَبراً تارَة وَفي اللُقا |
|
كَم ثارَ مِنهُم في القُرون ثائِرٌ | |
|
| بِالأَمويين وَبِالآل الرِضى |
|
هَذا الحسينُ دَمُهُ بكربلا | |
|
| رَوّى الثَرى لَما جَرى عَلى ظَما |
|
وَاِستَشهد الأَقمارُ أَهلُ بَيتِهِ | |
|
| يَهوُون في التُرب فرادى وَثُنا |
|
|
| وَاللَهُ وَالأَيامُ حَربُ مَن بَغى |
|
لَولا يَزيدُ بادئِاً ما شَرِبَت | |
|
| مَروانُ بِالكَأس الَّتي بِها سَقى |
|
وَثار لِلثارات زَيدُ بِن عَلي | |
|
| بِن الحُسين بِن الوَصيِّ المُرتَضى |
|
يَطلُبُ بِالحُجة حَقَّ بَيتِهِ | |
|
| وَالحَقُّ لا يُطلَبُ إِلّا بِالقَنا |
|
فَتى بِلا رَأيٍ وَلا تَجرِبَةٍ | |
|
| جَرى عَلَيهِ مِن هِشامٍ ما جَرى |
|
اِتَخَذ الكُوفَةَ درعا وَقَنا | |
|
| وَالأَعزلُ الأَكشَفُ مَن فيها اِحتَمى |
|
مَن تَكفِهِ الكُوفَةُ يَعلَم أَنَّها | |
|
| لا نَصر عِندَ أَهلِها وَلا غَنا |
|
سائل عَليّا فَهُوَ ذُو علمٍ بِها | |
|
| وَاِستَخبرِ الحسينَ تعلمِ النبا |
|
فَماتَ مَقتولاً وَطالَ صَلبُهُ | |
|
| وَأُحرِقَت جِثَتُه بَعدَ البَلى |
|
عَلى أَبي جَعفَرَ ثارَت فتيَةٌ | |
|
| ما أَنصَفوا وَاللَه في شَق العَصا |
|
هُم أَهلُ بَيتَ الحُسن الطاهر أَو | |
|
| مِن شَبَّ مِن بَيت الحُسين وَنَما |
|
أَيطلُبون الأَمرَ وَالأَمرُ لَهُم | |
|
| قَد قَرَّ في بَيت النَبيِّ وَرَسا |
|
يَحمِلُ عَنهُم همَّهُ وَغَمَّهُ | |
|
| أَبناءُ عَمٍّ نُجُبٌ أُولو نُهى |
|
فَلَيتَ شِعري كانَ ذا عَن حَسَدِ | |
|
| أَم بُخلِهِ بلَّغهم إِلى القَلى |
|
مُحَمدٌ رَأسهمو في البَصرة قَد | |
|
| زادَ وَكُوفانُ كَمِرجَلٍ غَلا |
|
مُلمّةٌ لَو لَم تُصادف هِمّةً | |
|
| لَأَودَت الدَولَةُ في شَرخ الصِبا |
|
قامَ إِلَيها مَلِكٌ مُشَمِّر | |
|
| في النائِبات غَيرُ خَوّار القُوى |
|
ساقَ إِلى الدار خَميساً حازَها | |
|
| وَقَتل المَهديَّ عِندَ المُلتَقى |
|
وَكانَ بَينَ جَيشِهِ بِأَخمرا | |
|
| وَبَينَ إِبراهيم يَومٌ ذُو لَظى |
|
لَم يَصدُقِ اِبنَ الحَسَنِ النصرُ بِهِ | |
|
| أَصبَحَ ضاحِكاً وَأَمسى قَد بَكى |
|
ماتَ بِسَهمٍ عاشرٍ لَم يَرمِهِ | |
|
| رامٍ وَلَكنّ القَضاءَ قَد رَمى |
|
فَلا تَسل عَن جَيشِهِ أَينَ مَضى | |
|
| وَلا تَسَل عَن بيتِهِ ماذا التُقى |
|
هاربُهم لَيسَ يَرى وَجهَ الثَرى | |
|
| وَلا يَرى مَسجُونُهُم غَير الدُجى |
|
وَما خَلا خَليفَةٌ مُسوّدُ | |
|
| مِن طالِبيٍّ يَطلُبُ الأَمرَ سُدى |
|
يُقتَلُ أَو يُزجُّ في السجن بِهِ | |
|
| أَو يَتَوارى أَو يُبيده الفَلا |
|
يَرجون بِالزُهد قِيامَ أَمرِهم | |
|
| وَالزُهدُ مِن بَعد أَبيهم قَد عَفا |
|
لَو دامَتِ الدُنيا عَلى نُبوةٍ | |
|
| لَكانَ لِلناسِ عَن الأُخرى غِنى |
|
تَخلَّقوا نَبذَ المَشورات فَلا | |
|
| يَنزِلُ مِنهُم أَحَدٌ عَما يَرى |
|
مَن لا يَرى بِغَيرِهِ وَإِن رَأى | |
|
| بِعَيني الزَرقاءَ كانَ ذا عَمى |
|
|
| إِن الرِجال كَالفُصوص تُنتَقى |
|
قَد خالَفَ المَأمونُ أَهل بَيتِهِ | |
|
| حُبّاً بِأَبناءِ الوَصيِّ وَحِبا |
|
مِن أَجلِهم نَضا السَوادَ ساعَةً | |
|
| فَقالَ قَومٌ خَلع الوالي الحَيا |
|
وَلَو سَها قَوادهُ وَآلُهُ | |
|
| لَقَلَّدَ العَهدَ عَليّ بِن الرِضا |
|
فَما خلت دَولَته مِن ثائِرٍ | |
|
| قَد قَطَع الطرقَ وَعاثَ في الحِمى |
|
جيءَ بِشَيخٍ عَلويٍّ زاهِدٍ | |
|
| فَقَبِل البَيعة بَعدَما أَبى |
|
تَأمرُ بِأَسمِهِ وَتَنهى فِتيَةٌ | |
|
| لِحيتُهُ بَينَهُم لِمَن لَها |
|
مِن أَهل بِيتِهِ وَلَكن فَزِعَت | |
|
| مِن جَورِهم وَفِسقِهم أُمُّ القُرى |
|
وَرُبَّ غادٍ مُنِيَ الحجُّ بِهِ | |
|
| وَخُوّف الخَيف وَلَم يَأمَن مِني |
|
وَكانَ زَيدُ النار في أَيامهم | |
|
| وَالآخرُ الجَزّار عاث وَعَتا |
|
فَظَهر الجُندُ عَلَيهُم وَاِنتَهى | |
|
| تائبهم إِلى الإِمام فَعَفا |
|
فَهَؤلاءِ لِم يَشين غَيرُهُم | |
|
| سمعَ بَني حَيدَرةٍ وَلا زَرى |
|
مِن حَظِّهم أَن صادَفوا خَليفَةً | |
|
| في قَلبِهِ لَهُم وَلِلعَفو هَوى |
|
وَلَم تَزَل تَمضي القُرونُ بِالَّذي | |
|
| أَمضى مُصَرِّمُ القُرون وَقَضى |
|
حَتّى حَبا اللَه بَني فاطِمَةٍ | |
|
| ما ماتَ دُونَهُ الأُبُوّةُ العُلا |
|
|
| حَتّى إِذا ما قيل لَن يَفي وَفى |
|
ما لِأَوانٍ لَم يَئن مُقدِّمٌ | |
|
| وَلا يُؤخَّر الأَوان إِن أَتى |
|
سارَ إِلى المَغربِ مِن شِيعَتِهم | |
|
| فَتى غَزيرُ الفَضل مَوفورُ الحجى |
|
تَشيَّعت مِن قَبلِهِ آباؤُهُ | |
|
| فَرضع النية فيهُم وَاِغتَدى |
|
مِن أَهل صَنعاءَ وَدُونَ عَزمِهِ | |
|
| ما صَنَعت مِن كُلِّ ماضٍ يُنتَضى |
|
وَأَينَ داعٍ بِسُيوف قَومِهِ | |
|
| وَآخِرٌ أَعزَلُ شَطَّته النَوى |
|
يُصبحُ مَطلوباً وَيُمسي طالِباً | |
|
| ما قَعدت طُلّابُه وَلا وَنى |
|
يُبَشِّرُ الناسَ بِهادٍ جاءَهُم | |
|
| وَأَن مَهدِيَّ الزَمان قَد أَتى |
|
حَتّى تَملَّك العُقول سِحرُهُ | |
|
| إِن البَيانَ نَفثاتٌ وَرُقى |
|
وَلَم يَزل مُتَّبَعاً حَيث دَعا | |
|
| لِلفاطِميِّ ظافِراً حَيث غَزا |
|
مَهما رَمى بِخَيلِهِ وَرَجلِهِ | |
|
| في بَلَدٍ أَذعَن أَو حصنٍ عَنا |
|
فَلم يَدَع مِن عَرَبٍ وَبَربَرٍ | |
|
| وَلَم يُغادر مِن صَحارى وَرُبى |
|
أَجلى بَني الأَغلَبِ عَن أَفريقيا | |
|
| عَن الجِنانِ وَالقُصورِ وَالدُمى |
|
لابس أَقواماً تَحلّى بِالتُقى | |
|
| بِينَهُمو وَبِالفَضيلة اِرتَدى |
|
قُدوَةُ أَهل الدِين إِلّا أَنَّهُ | |
|
| في أَدب الدُنيا المِثالُ لِمُحتَدى |
|
ثُم رَمى المَغربَ فَاِهتَزَ لَهُ | |
|
| وَحَث نَحو سجلماسةَ الخُطا |
|
قاتَلَها نَهارَهُ حَتّى بَدا | |
|
| لِأَهلِها فَلاذوا بِالنَجا |
|
فَجاءَ فَاِستَخرَج مِن سُجونِها | |
|
| تبرَ خِلالٍ كانَ في التُرب لَقا |
|
أَتى بِهِ العَسكَرَ يَمشي خاشِعاً | |
|
| مكفكفاً مِن السُرور ما جَرى |
|
وَقالَ يا قَوم اِتَبِعوا واليكُم | |
|
| هَذا الخَليفَةُ اِبنُ بِنت المُصطَفى |
|
وَتَرك المُلكَ لَهُ مِن فَورِهِ | |
|
| وَسارَ في رِكابِهِ فيمَن مَشى |
|
أَنظر إِلى النيةِ ما تَأَتي بِهِ | |
|
| وَالدِينِ ما وَراءَهُ مِن الوَفا |
|
وَلا تَقُل لا خَيرَ في الناسِ فَكَم | |
|
| في الناسِ مِن خَيرٍ عَلى طُولِ المَدى |
|
أَضطَلع المَهدِيُّ بِالأَمرِ فَما | |
|
| قَصّر في أَمر العِباد عَن هُدى |
|
وَحَمل الناسَ عَلى الدِين وَما | |
|
| يَأمُرُ مِن رُشدٍ وَيَنهى مِن عَمى |
|
اِنتَظَمت دَولَتُهُ أَفريقيا | |
|
| وارِفَةَ الظلِّ خَصيبَةَ الذَرا |
|
وَأَصبَحَت مَصرُ وَأَمرُ فَتحَها | |
|
| أَقصى وَأَعصى ما تَمَنّى وَاِشتَهى |
|
كَم ساقَ مِن جَيشٍ إِلَيها فَثَنى | |
|
| عَسكَرَهُ القَحطُ وَردّه الوَبا |
|
وَفِتَنة مِن الغُيوب أَومَضَت | |
|
| قَلَّبتِ المَغرِبَ في جَمرِ الغَضا |
|
صاحِبُها أَبو يَزيدٍ فاسِقٌ | |
|
| يُريد أَمرَ الناس مَحلولَ العُرا |
|
وَكُل مالٍ أَو دَمٍ أَو حُرَّةٍ | |
|
| لِناهِبٍ وَسافِكِ وَمَن سَبى |
|
يا حَبَذا المَذهَبُ لا يَرفضُهُ | |
|
| مِن قَعد الكسب بِهِ وَمَن غَوى |
|
ماتَ عُبيدُ اللَهِ في دُخانِها | |
|
| وَتَعِبَ القائِمُ بِالنارِ صِلى |
|
فُضَّت ثُغورٌ وَخلت حَواضِرُ | |
|
| وَأَمرَ الطاغي عَلَيها وَنَهى |
|
بِالمالِ وَالزَرع وِبِالأَنفُسِ ما | |
|
| أَنسى الوَباءَ وَالذِئابَ وَالدَبا |
|
ثُمَ قَضى مُحَمدٌ بِغَمِّهِ | |
|
| وَالشَرُّ باقٍ وَالبَلاءُ ما اِنقَضى |
|
فَلَم تَنَل أَبا يَزيدٍ خَيلُهُ | |
|
| وَلا قَنا لَهُ الكَنانَةَ القَنا |
|
اِرتَدَ عَن مَصرَ هَزيماً جُندُهُ | |
|
| يَشكو مِن الإِخشيدِ مُرَّ المُشتَكى |
|
وَاِستَقبَلَ المَنصورُ أَمراً بَدَدا | |
|
| وَدَولَةً رَثَّت وَسُلطاناً وَهى |
|
نارُ الزَناتِيِّ مَشَت عَلى القَرى | |
|
| وَغَيّرَ السَيفُ الدِيارَ وَمَحى |
|
فَكانَ في هَوج الخُطوبِ صَخرَةً | |
|
| وَفي طَريق السَيلِ شَمّاءَ الرُبا |
|
مُكافِحاً مُقاتِلا بِنَفسِهِ | |
|
| إِن خابَ لَم يَرجَع وَإِن فازَ مَضى |
|
لَم يَألُ صاحِبَ الحِمار مَطلَبا | |
|
| في السَهلِ وَالوَعر وَسَيراً وَسُرى |
|
فَأَنقذَ المُدنَ وَخَلَّص القرى | |
|
| وَطَهَّرَ الأَرضَ مِن الَّذي طَغى |
|
وَتَرَكَ المُلكَ سَلاماً لِابنِهِ | |
|
| وَالأَمرَ صَفواً وَالأَقاليم رضى |
|
فَتى كَما شاءَت مَعالي بَيتِهِ | |
|
| عِلماً وَآداباً وَبَأساً وَنَدى |
|
تَقيّل الأَقيالَ مِن آبائِهِ | |
|
| وَزَيدَ إِقبالَ الجُدود وَالحُظا |
|
قَد حسّنَ المُلكَ المُعِزُّ وَغَدت | |
|
| أَيامُهُ لِلدين وَالدُنيا حُلى |
|
أَحاطَ بِالمَغرب مِن أَطرافِهِ | |
|
| وَدانَ مِنهُ ما دَنا وَما قَصا |
|
جاءَت مِن البَحر المُحيطِ خَيلُهُ | |
|
| تَحمل مِنهُ الصَيد حَيّاً ذا طَرا |
|
حَتّى ربت وَكَثُرت جُموعُهُ | |
|
| وَوَفر المالُ لَدَيهِ وَنَما |
|
فَاِستَحوَذَت مَصرُ عَلى فُؤادِهِ | |
|
| وَقَبلَهُ كَم تَيّمت لَهُ أَبا |
|
فَاِختارَ لِلفَتح فَتى مُختَبَراً | |
|
| معدِنُه فَكانَ جَوهَرُ الفَتى |
|
سَيّره في جَحفَلٍ مُستَكمِلٍ | |
|
| لِلزاد وَالعُدّةِ وَالمال الرَوى |
|
فَوَجد الدار خلت وَاِستَهدَفَت | |
|
| بِمَوت كافور الَّذي كانَ وَقى |
|
فَلا أَبو المِسكِ بِها يَمنَعُها | |
|
| وَلا بَنو العَباسِ يَحمونَ الحِمى |
|
قَد هَيئت فَتحاً لَهُ لَم يدّعِم | |
|
| عَلى دَم الفِتيان أَو دَمع الأَسى |
|
فَإِن يَفُت جَوهَرَ يَومُ وَقعَةٍ | |
|
| فَكَم لَهُ يَوماً بِمَصر يُرتَضى |
|
اِعتَدل الأَمرُ عَلى مقدمِهِ | |
|
| وَكانَ رُكنُ المُلكِ مَيلاً فَاِستَوى |
|
وَجَرَت الأَحكامُ مَجرى عَدلِها | |
|
| وَعرَف الناسُ الأَمانَ وَالغِنى |
|
كَم أَثَرٍ لِجَوهَرٍ نَفيسُهُ | |
|
| إِلى المُعزِّ ذي المَآثر اِعتَزى |
|
الجامِعُ الأَزهرُ باقٍ عامِرٌ | |
|
| وَهَذِهِ القاهِرَةُ الَّتي بَنى |
|
وَقُل إِذا ذَكَرتَ قَصريهِ بِها | |
|
| عَلى السَدير وَالخَوَرنقِ العَفا |
|
وَدانَ أَعلى النيل وَالنَوبُ بِهِ | |
|
| لِلفاطِميين وَقَدَّموا الجَزى |
|
وَخَضَع الشامُ وَمِن حِيالَهُ | |
|
| مِن آل حَمدانَ فَوارِسِ اللُقا |
|
إِلّا دِمَشق اِغتُصِبَت وَلَم تَزَل | |
|
| دِمَشقُ لِلشِيعَةِ تُضمرُ القِلى |
|
وَأَتتِ الدارُ بَني فاطِمَةٍ | |
|
| وَاِنتَقَلَ البَيتُ إِلَيهُم وَسَعى |
|
فَصارَت الخطبةُ فِيهما لَهُم | |
|
| وَالذكرُ في طُهرِ البِقاعِ وَالدُعا |
|
حَتّى إِذا المُلكُ بَدا اِتِساقُهُ | |
|
| وَنَظَمَ السَعدُ لِجَوهَرَ المُنى |
|
أَتى المعزُّ مصرَ في مَواكِبٍ | |
|
| باهِرَة العزِّ تكاثرُ الضُحى |
|
وَاِستَقبَلَ القَصران يَوماً مِثلُهُ | |
|
| ما سَمع الوادي بِهِ وَلا رَأى |
|
خَزائِنُ المَغرِبِ في رِكابِهِ | |
|
| تَبارَكَت خَزائِنُ اللَهِ المِلا |
|
فَاِجتَمع النيلُ عَلى مُشبِهِهِ | |
|
| وَغَمَرَ الناسَ سَخاءً وَرَخا |
|
وَاِبنُ رَسولِ اللَهِ أَندى راحَةً | |
|
| وَجُودُه إِن جَرَحَ النيلُ أَسا |
|
الأَرضُ في أَكنافِ هَذا أَجدَبَت | |
|
| وَذا أَزاحَ الجَدب عَنها وَكَفى |
|
وَلَم يَزَل أَبو تَميم يَشتَهي | |
|
| بَغدادَ وَالأَقدارُ دُونَ ما اِشتَهى |
|
حَتّى قَضى عِندَ مَدى آمالِهِ | |
|
| لَو تَعرِفُ الآمالُ بِالنَفس مَدى |
|
اِنتَقل المُلكُ فَكانَت نُقلَةً | |
|
| مِن ذِروة العزِّ إِلى أَوجِ العُلا |
|
جَرى نِزارٌ كَمَعَدٍّ لِلسُدى | |
|
| كَما جَرَت عَلى العُصيَّةِ العَصا |
|
إِن يَكُ في مِصرَ العَزيزَ إِنَّهُ | |
|
| مِن المُحيط مُلكُهُ إِلى سَبا |
|
المُسرجُ الخَيلُ نُضاراً خالِصاً | |
|
| وَالمُنعِلُ الخَيلَ يَواقيت الوَغى |
|
لَم يَخلُ مِن جَدٍّ بِها أَو لَعبٍ | |
|
| مِن المَيادين إِلى حَرِّ الرَحى |
|
مُلكٌ جَرى الدَهرُ بِهِ زَهواً وَما | |
|
| أَقصَرَهُ مُلاوةً إِذا رَها |
|
مَضى كَأَيام الصِبا نَهارُهُ | |
|
| وَكَليالي الوَصل لَيلُهُ اِنقَضى |
|
كانَ العَزيزُ سَدّة الفَضل الَّتي | |
|
| اِنقَلَب الراجُون مِنها بِالحِبى |
|
لِآل عيسى مِن نَدى راحَتِهِ | |
|
| وَآل مُوسى قَبَسٌ وَمُنتَشى |
|
وَكانَ مَأمونَ بَني فاطِمَةٍ | |
|
| كَم كَظم الغَيظ وَأَغضى وَعَفا |
|
أَودى فَغابَ الرفقُ وَاِختَفى النَدى | |
|
| وَحُجِبَ الحِلمُ وَغُيِّب الذَكا |
|
وَحَكَم الحاكِمُ مَصرَ وَيحَها | |
|
| قَد لَقيت مِن حُكمِهِ جَهدَ البَلا |
|
أَتعبَها مُختَلَطٌ مختَبَلٌ | |
|
| يَهدِمُ إِن ثارَ وَيَبني إِن هَذا |
|
وَلَم تَزَل مِن حَدَثٍ مُسَيَّرٍ | |
|
| إِلى فَئيل العَزم واهِنِ المَضا |
|
حَتّى خَبا ضِياءُ ذاكَ المُنتَدى | |
|
| وَعَطِلَ القَصران مِن ذاكَ السَنا |
|
عَفا بَنو أَيوبَ رَسمَ مُلكِهم | |
|
| وَغادَروا السُلطانَ طامِسَ الصَدى |
|
وَجَمَعوا الناسَ عَلى خَليفَةٍ | |
|
| مِن وَلَد العَباسِ لا أَمرَ وَلا |
|
سُبحانَ مَن في يَدِهِ المُلكُ وَمَن | |
|
| لَيسَ بِجارٍ فيهِ إِلّا ما قَضى |
|
فَيا جَزى اللَه بَني فاطِمَةٍ | |
|
| عَن مَصرَ خَيرَ ما أَثابَ وَجَزى |
|
وَأَخَذَ اللَهُ لَهُم مِن حاسِدٍ | |
|
| في النَسَبِ الطاهِرِ قالَ وَلَغا |
|
خَلائِفُ النيلِ إِلَيهُم يُنتَمى | |
|
| إِذا الفُراتُ لِبَني الساقي اِنتَمى |
|
تِلكَ أَيادِيهم عَلى لَبّاتِهِ | |
|
| مفصلاتٍ بِالثَناءِ تُجتَلى |
|
كَم مُدُنٍ بَنوا وَدورٍ شَيَّدوا | |
|
| لِلصالِحاتِ هَهُنا وَهَهُنا |
|
هُم رَفَعوا الإِصلاحَ مِصباحاً فَما | |
|
| مِن مُصلِحٍ إِلّا بِنورهم مَشى |
|
وَالكرمُ المَصريُّ مِما رَسَموا | |
|
| بِمَصرَ مِن بِرٍّ وَسَنُّوا مِن قِرى |
|
وَكُلُّ نَيروزٍ بِمَصرٍ رائِعٍ | |
|
| أَو مِهرَجانٍ ذائِعٍ هُمُ الأَلى |
|
هُم مَزّقوا دُروعَهُم بِراحِهم | |
|
| وَكَسَروا بِها الرِماحَ وَالظُبى |
|
لا العَربَ اِستَبَقوا وَهُم قَومهمو | |
|
| وَلا رَعوا لِلمغرِبيّينَ الوَلا |
|
قَد مَلَّكوا الأَبعَدَ أَمرَ بَيتِهم | |
|
| وَحَكَّموه في العَشائر الدُنى |
|
وَأَنزَلوا السُنَّةَ عَن رُتبتها | |
|
| وَرَفَعوا شِيعَتهم وَمَن غَلا |
|
وَصَيَّروا المُلكَ إِلى صِبيانهم | |
|
| فَوَجَد الفَرصة مَن لَهُ صَبا |
|
إِزدادَ بَغيُ الوُزَراء بَينَهُم | |
|
| وَأصبَحوا هُمُ المُلوكَ في المَلا |
|
خَليفُةُ الرَحمَنِ في زاويَةٍ | |
|
| مِن الخُمول وَالوَزيرُ اِبنُ جَلا |
|