عَتَبَتْ سُعادُ ولم أكُنْ بالمُذنبِ | |
|
| وعَرَفتُ عادَتها فلم أتَعتَّبِ |
|
شِيَمُ الغواني إن تَدِلَّ إذا رأت | |
|
| صبَّاً يَذِلُّ لها بقلبٍ طيِّبِ |
|
أمَرَتْ لواحظُها الفَتَى فأطاعها | |
|
| وَدَعَت فلبىَّ الشيخُ غيرَ مكذِبِّ |
|
فَتَّانةُ العينينِ يَسكَرُ طَرْفُها | |
|
| وأنا أُحَدُّ وها أنا لم أشرَبِ |
|
سالَتْ ذوائِبُها ولاحَ جبينُها | |
|
| فرأيتُ بدراً حلَّ بُرجَ العَقرَبِ |
|
وتكلَّمتْ وتبسَّمَتْ لمَّا رأتْ | |
|
| دمعي فتلكَ لآلئٌ لم تُثقَبِ |
|
قد كُنتُ أطمَعُ في المَوَدَّةِ عِندَها | |
|
| فإذا مَودَّتُها كبرْقٍ خُلَّبِ |
|
ومَوَدَّةُ الحَسناءِ ضَيفٌ راحلٌ | |
|
| مِيعادُهُ لثلاثةٍ أو أقرَبِ |
|
ذُقتُ الصَّبابةَ في الشَبيبةِ أمرَداً | |
|
| واليومَ شِبتُ فهل تليقُ بأشَيبِ |
|
كلٌّ يعافُ العيبَ فيه فلو دَرَى | |
|
| عيباً بهِ لم تَلقَ غيرَ مُهذَّبِ |
|
ولقد عَرَكتُ الدَّهرَ أطلُبُ حِكمةً | |
|
| فأفادَني والدَّهرُ خيرُ مؤدِّبِ |
|
تُعطي التجاربُ حِكمةً لمجرِّبٍ | |
|
| حَتَى تُرِّبي فوقَ تربيةِ الأبِ |
|
ولقد تأمَّلتُ الزَمانَ وحُكمَهُ | |
|
| فبُلِيتُ منهُ بعُجمةٍ لم تُعرَبِ |
|
عارٌ عليَّ وشيخُنا المفتِي لهُ | |
|
| رأيٌ يخلِّصُ بينَ بَكْرَ وتَغلبِ |
|
هوَ كوكبٌ في الشرقِ يسطَعُ نُورُهُ | |
|
| ويلوحُ فضلُ شُعاعِهِ في المَغربِ |
|
يجلو الخُطوبَ وينجلي لكَ وَجهُهُ | |
|
| فتَراهُ في الحالينِ أفضلَ كوكبِ |
|
حَسَنُ الإصابةِ عِندَ كل مُلمَّةٍ | |
|
| بادي البشاشةِ عندَ سُخطِ المغُضَبِ |
|
مُتواضعٌ لجليسهِ من لُطفهِ | |
|
| حتى كأنَّ جليسَهُ ذو المَنصبِ |
|
رَيَّانُ من كأسِ الحقيقةِ لم يَدَعْ | |
|
| إلا ثُمالَتَها التي لم تُطلَبِ |
|
لم يَعشَقِ الدُنيا فلم يَجْزَعْ إذا | |
|
| ولَّت وإنْ هيَ أقبَلَتْ لم يَطرَبِ |
|
هانَ الزمانُ عليهِ لا مُتعَجِبٌ | |
|
| مما يَرَى فيهِ وليسَ بمُعجَبِ |
|
وَسِعَ العلومَ بجانبٍ من صَدرِهِ | |
|
| رَحْبٍ وللعَمَلِ استَعَدَّ بأرحَبِ |
|
أحصى من الكُتُبِ الذي كَتَبوا لنا | |
|
| فيها وزادَ عليهِ ما لم يُكَتبِ |
|
يجني فوائدَهُ الحكيمُ كغيرهِ | |
|
| وتُفيدُ فَتْواهُ شُيوخَ المَذهبِ |
|
يا مَن إذا اتَّسعَ القريضُ بذَكرِهِ | |
|
| ضَغَطَ الأعاريضَ اقتحامُ الأضربِ |
|
تزهو قوافينا لَدَيكَ سليمةً | |
|
| ويُعابُ بالتقصيرِ قولُ المُطنِبِ |
|
غَمَضَتْ صِفاتُكَ يا مُحمَّدُ دِقةً | |
|
| فتحجَّبَتْ وبَرَزْتَ غيرَ محجَّبِ |
|
إن كُنتَ تَبغِي من يَقومُ بحقِها | |
|
| فاطلُبِ سِوايَ وقُل عذَرتُكَ فاذهَبِ |
|