استخلفَ المَنصورَ في وصاتِهِ | |
|
| إِن اِختيار المَرءِ مِن حَصاتِهِ |
|
اِبن أَبيهِ وَسِراج بَيتِهِ | |
|
| الخُلَفاءُ لَمَحاتُ زَيتِهِ |
|
حَبرُ بَني العَباس بَحر العلمِ | |
|
| قُطبُ رحى الحَرب مَدار السِلمِ |
|
فَلم يَكد بِالأَمر يَستَقلُّ | |
|
| حَتّى تَلقّى فِتنَةً تُسَلُّ |
|
قَد فَرَغ الأَهلُ مِن الغَريبِ | |
|
| وَاِشتَغَل القَريب بِالقَريب |
|
ثارَ بِعَبدِ اللَهِ ثائِرُ الحَسَد | |
|
| وَزَعم الغابَ أَتى غَيرَ الأَسَد |
|
وَأَن مَروانَ إِلَيهِ سلَّما | |
|
| وَأَن يَومَ الزاب يَكفي سُلَّما |
|
اِنقَلب العَمُّ فَصارَ غَمّا | |
|
| وَفَدح الأَمرُ بِهِ وَطَمّا |
|
جاءَ نَصيبِينَ وَقَد شَقَّ العَصا | |
|
| فِيمَن بَغى الفِتنَةَ صَيداً وَعَصى |
|
ما فلّ حدّهم عَن المَنصورِ | |
|
|
سَل عَلَيهِ سَيفَهُ وَرايَه | |
|
| فَلم تَقف لابن عَليٍّ رايه |
|
وَهُزِمَ الطاهِرُ يَومَ النَهرِ | |
|
| وَعرف القاهِرُ طَعمَ القَهرِ |
|
وَمَن يُحاول دَولَةً وَمُلكا | |
|
| يُلاقِ نُجحاً أَو يُلاقِ هُلكا |
|
وَاستطرد الحَينُ بُنوةَ الحُسن | |
|
| وَاِجتَمَعوا فَاِمتَنَعوا عَلى الرَسَن |
|
وَطَلَبوا الأَمر وَحاوَلَوا المَدى | |
|
| وَبايَعوا راشدَهم مُحَمّدا |
|
وَكانَ مِقداماً جَريئاً مِحرَبا | |
|
| طاحَ عَلى حَدّ الظُبا في يَثرِبا |
|
فَثارَ إِبراهيمُ لِلثاراتِ | |
|
| وَأَزعَج المَنصورَ بِالغاراتِ |
|
فُوجِئَ وَالجُيوشُ في الأَطرافِ | |
|
| بِنَهضة الدَهماءِ وَالأَشرافِ |
|
اَضطَرب الحِجازُ وَالعِراقُ | |
|
| وَشَغب الغواةُ وَالمُرّاقُ |
|
فَلم تفُلَّ النائِباتُ عَزمَه | |
|
| وَلَم يَكِلّ عَن لِقاءِ الأَزَمَه |
|
تَدارَكَ الشدةَ بِالأَشدا | |
|
| مِن كُلِّ مَن لِمثلِها أَعدّا |
|
وَكانَ يَستَشيرُ في المَصائِبِ | |
|
| وَهُوَ أَخو الرَأي السَديد الصائِبِ |
|
أَمرٌ لَهُ كِلاهُما قَد شَمَّرا | |
|
| وَجَرّدا السَيفَ لَهُ بَأَخمرا |
|
فَكانَ بَينَ هاشمٍ مِن حَربِ | |
|
| ما كانَ بَينَها وَبَينَ حَربِ |
|
وَكانَ في أَولِها لِلطالب | |
|
| عَلى قَنا المَنصور عِزُّ الغالِبِ |
|
لَولا المَقاديرُ القَديرةُ اليَدِ | |
|
| لَأَحرَز السَيّدُ مُلكَ السَيّدِ |
|
كَرّت عَساكِرُ الإِمام كَرّه | |
|
| عَلى جُنود الحَسَنِيِّ مُرّه |
|
|
| وَأَسعف الدَهرُ أَولى السَدادِ |
|
وَطابَ لِلشَريف الاستشهادُ | |
|
| فِيما يَخال أَنَّهُ جِهادُ |
|
فَطاحَ لَم يَنزل عَن الكُميتِ | |
|
| وَهَكَذا أَبناءُ هَذا البَيتِ |
|
وَكَثُر القَتلى وَراحَ الأَسرى | |
|
| عَلى فَوات الوَفَياتِ حَسرى |
|
سَيقوا إِلى يَزيدَ أَو زِيادِ | |
|
| لَكن مِن القَرابَةِ الأَسيادِ |
|
فَلم يَذُق كَالحسنيّين البَلا | |
|
| وَلا الحُسينيّون يَوم كَربلا |
|
مُنوا بِقاسي القَلب لَيسَ يَرحَمُ | |
|
| وَلَيسَ تَثنيهِ عَلَيهُم رَحِم |
|
لَو طَمعت في مُلكِهِ أَولادُهُ | |
|
| شَفاهمو مشن طَمع جَلّادُهُ |
|
|
| غرّته في دَولَتِهم دُنياهُ |
|
فَطالَ في أَعراضِهم لِسانه | |
|
| وَلَم يَقُم بِمَنِّهِ إِحسانُه |
|
وَنازع الآلَ جَلال القَدرِ | |
|
| وَنافَست هِمّتُه في الصَدرِ |
|
دَعواه في دَوعتهم عَريضَه | |
|
| لَولاه ظَلت شَمسُها مَريضَه |
|
وَهُوَ لِفَضلِ الطاهِرين ناسِ | |
|
| وَما لَهُم في الحُب عِندَ الناسِ |
|
وَما عَلوا لَهُ مِن المُهمَّة | |
|
| وَبَذَلوا مِن مُدهِشات الهمّه |
|
وَمَوت إِبراهيم حَتفَ فيهِ | |
|
| فِدىً لِأَمرِهُم وَحُبّاً فيهِ |
|
فَوغِرَ الوالي عَلَيهِ صَدرا | |
|
| يُظهِرُ عَطفاً وَيسِرَّ غَدرا |
|
وَصاحِبُ الدَعوة ضافي الدَعوى | |
|
| يَرفُلُ فيها نَخوَةً وَزَهوا |
|
تَطلُبُهُ الدِماءُ كُل مَطلَبِ | |
|
| لا بُدَّ لِلظُلم مِن مُنقَلَبِ |
|
فَكَم أَدارَها عَلى المَنون | |
|
| وَكَم أَراقَها عَلى الظُنونِ |
|
هَذا الَّذي حَمى أُميَةَ الكَرى | |
|
| كانَ أَبو جَعفَر مِنهُ أَنكَرا |
|
قَد يَقَع الثَعلَبُ في الحُبَالَه | |
|
| وَتَتّقِي الفَراشَةُ الذُبالَه |
|
أَفنى الفَضاءُ حيلَةَ الخِراسِي | |
|
| وَعَصفت رِياحُهُ بِالراسي |
|
وَساقَهُ الحَينُ إِلى الإِمامِ | |
|
| وَالنَفس تَستَجر لِلحِمامِ |
|
فَجاءَهُ في مَوكِبٍ مَشهودِ | |
|
| وَفي مَدارِعٍ مِن العُهود |
|
أُريدُ بِالداعي الرَدى وَما دَرى | |
|
| وَكُلُّ غَدّارٍ مُلاقٍ أَغدَرا |
|
فَمُكِّنت مِنهُ سُيوفُ الهِندِ | |
|
| وَظَفَر الفِرندُ بِالفِرِندِ |
|
أُصيبَتِ الدَولَةُ في غِنائِها | |
|
| وَسَقَط البَنّاءُ مِن بِنائِها |
|
الخُلفاءُ وَلدُ المَنصورِ | |
|
| وَعَصرُهُ الزاهي أَبو العُصورِ |
|
إِن اِستَهلَّت بِالدِماءِ مُدَّتُه | |
|
| فَما وَقاها الهَيج إِلّا شِدتُه |
|
وَمَن يَقُم بِمُلكِهِ الجَديدِ | |
|
| يَقُده بِالحَريرِ وَالحَديدِ |
|
لا تَرجُ في الفِتنَة رِفقَ الوَالي | |
|
| قَد يُدفَع الحُكّامُ بِالأَحوالِ |
|
أُنظُر إِلى أَيامِهِ النَواضِرِ | |
|
| وَظِلِّها الوَارف في الحَواضِرِ |
|
عِشرونَ في المُلكِ رَفَقنَ أَمنا | |
|
| وَفِضنَ نَعماءَ وَسِلنَ يُمنا |
|
خِلافَةٌ ثَبّتها قَواعِدا | |
|
| ثُمَ تَرقّى بِالبِناءِ صاعِدا |
|
أَدرُّ مِن صَوب الغَمام دَخلا | |
|
| عَلى أَشَد الخُلِفاءِ بُخلا |
|
يَخافُ في مالِ العِباد اللَه | |
|
| ما تَبع الدُنيا وَلا تَلاهى |
|
لِلسلم آلاتٌ وَلِلحَرب أُهَب | |
|
| جِماعهن في المَمالك الذَهَب |
|
وَحَوّلَ المَنصورُ مَجرى العَهدِ | |
|
| أَخَّر عيسى وَأَقام المَهدي |
|
فَكانَ في تَقديمه الإِصلاحُ | |
|
| وَفي بَنيهِ الخَيرُ وَالفَلاحُ |
|
وَلا تَسَل عَن هِمَّةِ العُقولِ | |
|
| وَنَهضَةِ المَعقول وَالمَنقولِ |
|
وَكَثرَةِ الناقِلِ وَالمُعَرِّبِ | |
|
| عَن حِكمَةِ الفُرسِ وَعِلم المَغرِبِ |
|
وَاِختَطَّ بَغدادَ عَلى التَسديد | |
|
| داراً لِمُلكِ يسرٍ مَديدِ |
|
كانَت لِأَيام البَهاليل سِمَه | |
|
| وَمِهرَجانَ مُلكِهم وَمَوسِمَه |
|
يَنجمُ فيها النابِغُ السَعيدُ | |
|
| وَيُنجب المُقتَبس البَعيدُ |
|