مَماتٌ في المَواكِبِ أَم حَياةُ | |
|
| وَنَعشٌ في المَناكِبِ أَم عِظاتُ |
|
وَيَومُكَ في البَرِيَّةِ أَم قِيامٌ | |
|
| وَمَوكِبُكَ الأَدِلَّةُ وَالشِياتُ |
|
وَخَطبُكَ يا رِياضُ أَمِ الدَواهي | |
|
| عَلى أَنواعِها وَالنازِلاتُ |
|
يُجِلُّ الخَطبُ في رَجُلٍ جَليلٍ | |
|
| وَتَكبُرُ في الكَبيرِ النائِباتُ |
|
وَلَيسَ المَيتُ تَبكيهِ بِلادٌ | |
|
| كَمَن تَبكي عَلَيهِ النائِحاتُ |
|
وَهَل تَلقى مَناياها الرَواسي | |
|
| فَتَهوي ثُمَّ تُضمِرُها فَلاةُ |
|
وَتُكسَرُ في مَراكِزِها العَوالي | |
|
| وَتُدفَنُ في التُرابِ المُرهَفاتُ |
|
وَيُغشى اللَيثُ في الغاباتِ ظُهراً | |
|
| وَكانَت لا تَقَرُّ بِها الحَصاةُ |
|
وَيَرمي الدَهرُ نادِيَ عَينِ شَمسٍ | |
|
| وَلا يَحمي لِوائَهُمُ الرُماةُ |
|
أَجَل حُمِلَت عَلى النَعشِ المَعالي | |
|
| وَوسِّدَتِ التُرابَ المَكرُماتُ |
|
وَحُمِّلَتِ المَدافِعُ رُكنَ سِلمٍ | |
|
| يُشَيِّعُهُ الفَوارِسُ والمُشاةُ |
|
وَحَلَّ المَجدُ حُفرَتَهُ وَأَمسى | |
|
| يُطيفُ بِهِ النَوائِحُ وَالبُكاةُ |
|
هَوى عَن أَوجِ رِفعَتِهِ رِياضٌ | |
|
| وَحازَتهُ القُرونُ الخالِياتُ |
|
كَأَن لَم يَملَإِ الدُنيا فِعالاً | |
|
| وَلا هَتَفَت بِدَولَتِهِ الرُواةُ |
|
نَعاهُ البَرقُ مُضطَرِباً فَماجَت | |
|
| نُجومٌ في السَماءِ مُحَلِّقاتُ |
|
كَأَنَّ الشَمسَ قَد نُعِيَت عِشاءً | |
|
| إِلَيها فَهيَ حَسرى كاسِفاتُ |
|
صَحيفَةُ غابِرٍ طُوِيَت وَوَلَّت | |
|
| عَلى آثارِ مَن دَرَجوا وَفاتوا |
|
يَقولُ الآخَرونَ إِذا تَلَوها | |
|
| كَذَلِكَ فَليَلِدنَ الأُمَّهاتُ |
|
جَزى اللَهُ الرِضا أَبَوَي رِياضٍ | |
|
| هُما غَرَسا وَلِلوَطَنِ النَباتُ |
|
بَنو الدُنيا عَلى سَفَرٍ عَقيمٍ | |
|
| وَأَسفارُ النَوابِغِ مُرجَعاتُ |
|
أَرى الأَمواتَ يَجمَعُهُم نُشورٌ | |
|
| وَكَم بُعِثَ النَوابِغُ يَومَ ماتوا |
|
صَلاحُ الأَرضِ أَحياءٌ وَمَوتى | |
|
| وَزينَتُها وَأَنجُمُها الهُداةُ |
|
قَرائِحُهُم وَأَيدِيَهِم عَلَيها | |
|
| هُدىً وَيَسارَةٌ وَمُحَسَّناتُ |
|
فَلَو طُلِبَت لَهُم دِيَةٌ لَقالَت | |
|
| كُنوزُ الأَرضِ نَحنُ هِيَ الدِياتُ |
|
أَبا الوَطَنِ الأَسيفِ بَكَتكَ مِصرُ | |
|
| كَما بَكَتِ الأَبَ الكَهفَ البَناتُ |
|
قَضَيتَ لَها الحُقوقَ فَتىً وَكَهلاً | |
|
| وَيَومَ كَبُرتَ وَاِنحَنَتِ القَناةُ |
|
وَيَومَ النَهيُ لِلأُمَراءِ فيها | |
|
| وَيَومَ الآمِرونَ بِها العُصاةُ |
|
فَكُنتَ عَلى حُكومَتِها سِراجاً | |
|
| إِذا بَسَطَت دُجاها المُشكِلاتُ |
|
يَزيدُ الشَيبُ نَفسَكَ مِن حَياةٍ | |
|
| إِذا نَقَصَت مَعَ الشَيبِ الحَياةُ |
|
وَتَملَأُكَ السُنونَ قِوىً وَعَزماً | |
|
| إِذا قيلَ السِنونُ مُثَبِّطاتُ |
|
كَسَيفِ الهِندِ أَبلى حينَ فُلَّت | |
|
| وَرَقَّت صَفحَتاهُ وَالظُباتُ |
|
رَفيعُ القَدرِ بِالأَمصارِ يُرني | |
|
| كَما نَظَرَت إِلى النَجمِ السُراةُ |
|
كَأَنَّكَ في سَماءِ المُلكِ يَحيى | |
|
| وَآلُكَ في السَماءِ النَيِّراتِ |
|
تَسوسُ الأَمرَ لا يُعطي نَفاذاً | |
|
| عَلَيكَ الآمِرونَ وَلا النُهاةُ |
|
إِذا الوُزَراءُ لَم يُعطوا قِياداً | |
|
| نَبَذتُهُمُ كَأَنَّهُمُ النَواةُ |
|
زَماعٌ في اِنقِباضٍ في اِختِيالٍ | |
|
| كَذَلِكَ كانَ بِسمَركُ النُباتُ |
|
صِفاتٌ بَلَّغَتكَ ذُرى المعالي | |
|
| كَذَلِكَ تَرفَعُ الرَجُلَ الصِفاتُ |
|
وَجَدتَ المَجدَ في الدُنيا لِواءً | |
|
| تَلَقّاهُ المَقاديمُ الأُباةُ |
|
وَيَبقى الناسُ ما داموا رَعايا | |
|
| وَيَبقى المُقدِمونَ هُمُ الرُعاةُ |
|
رِياضُ طَوَيتَ قَرناً ما طَوَتهُ | |
|
| مَعَ المَأمونِ دِجلَةُ وَالفُراتُ |
|
تَمَنَّت مِنهُ أَيّاماً تَحَلّى | |
|
| بِها الدُوَلُ الخَوالي الباذِخاتُ |
|
وَوَدَّ القَيصَرانِ لَوَ أَنَّ روما | |
|
| عَلَيها مِن حَضارَتِهِ سِماتُ |
|
حَباكَ اللَهُ حاشِيَتيهِ عُمراً | |
|
| وَأَعمارُ الكِرامِ مُبارَكاتُ |
|
فَقُمتَ عَلَيهِ تَجرِبَةً وَخُبراً | |
|
| وَمَدرَسَةُ الرِجالِ التَجرِباتُ |
|
تَمُرُّ عَلَيكَ كَالآياتِ تَترى | |
|
| صَنائِعُ أَهلِهِ وَالمُحدَثاتُ |
|
فَأَدرَكتَ البُخارَ وَكانَ طِفلاً | |
|
| فَشَبَّ فَبايَعَتهُ الصافِناتُ |
|
تُجابُ عَلى جَناحَيهِ الفَيافي | |
|
| وَتَحكِمُ في الرِياحِ المُنشَآتُ |
|
وَيُصعِدُ في السَماءِ عَلى بُروجٍ | |
|
| غَداً هِيَ في العالَمِ بارِجاتُ |
|
وَبَينا الكَهرُباءُ تُعَدُّ خَرقاً | |
|
| إِذا هِيَ كُلَّ يَومٍ خارِقاتُ |
|
وَدانَ البَحرُ حَتّى خيضَ عُمقاً | |
|
| وَقيدَت بِالعِنانِ السافِياتِ |
|
وَبُلِّغَتِ الرَسائِلُ لا جَناحٌ | |
|
| يَجوبُ بِها البِحارَ وَلا أَداةُ |
|
كَأَنَّ القُطرَ حينَ يُجيبُ قُطراً | |
|
| ضَمائِرُ بَينَها مُتَناجِياتُ |
|
رَهينَ الرَمسِ حَدَّثَني مَلِيّاً | |
|
| حَديثَ المَوتِ تَبدُ لِيَ العِظاتُ |
|
هُوَ الخَبَرُ اليَقينُ وَما سِواهُ | |
|
| أَحاديثُ المُنى وَالتُرَّهاتُ |
|
سَأَلتُكَ ما المَنِيَّةُ أَيُّ كَأسٍ | |
|
| وَكَيفَ مَذاقُها وَمَنِ السُقاةُ |
|
وَماذا يوجِسُ الإِنسانُ مِنها | |
|
| إِذا غَصَّت بِعَلقَمِها اللَهاةُ |
|
وَأَيُّ المَصرَعَينِ أَشَدُّ مَوتٌ | |
|
| عَلى عِلمٍ أَمِ المَوتُ الفَواتُ |
|
وَهَل تَقَعُ النُفوسُ عَلى أَمانٍ | |
|
| كَما وَقَعَت عَلى الحَرَمِ القَطاةُ |
|
وَتَخلُدُ أَم كَزَعمِ القَولِ تَبلى | |
|
| كَما تَبلى العِظامُ أَوِ الرُفاتُ |
|
تَعالى اللَهُ قابِضُها إِلَيهِ | |
|
| وَناعِشُها كَما اِنتَعَشَ النَباتُ |
|
وَجازيها النَعيمَ حِمىً أَميناً | |
|
| وَعَيشاً لا تُكَدِّرُهُ أَذاةُ |
|
أَمِثلُكَ ضائِقٌ بِالحَقِّ ذَرعاً | |
|
| وَفي بُردَيكَ كانَ لَهُ حُماةُ |
|
أَلَيسَ الحَقُّ أَنَّ العَيشَ فانٍ | |
|
| وَأَنَّ الحَيَّ غايَتُهُ المَماتُ |
|
فَنَم ما شِئتَ لا توحِشكَ دُنيا | |
|
| وَلا يَحزُنكَ مِن عَيشٍ فَواتُ |
|
تَصَرَّمَتِ الشَبيبَةُ وَاللَيالي | |
|
| وَغابَ الأَهلُ وَاِحتَجَّتِ اللِدّاتُ |
|
خَلَت حِلمِيَّةٌ مِمَّن بَناها | |
|
| فَكَيفَ البَيتُ حَولَكَ وَالبَناتُ |
|
أَفيهِ مِنَ المَحَلَّةِ قوتُ يَومٍ | |
|
| وَمِن نِعَمٍ مَلَأنَ الطَودَ شاةُ |
|
وَهَل لَكَ مِن حَريرَهُما وِسادٌ | |
|
| إِذا خَشُنَت لِجَنبَيكَ الصَفاةُ |
|
تَوَلّى الكُلُّ لَم يَنفَعكَ مِنهُ | |
|
| سِوى ما كانَ يَلتَقِطُ العُفاةُ |
|
عِبادُ اللَهِ أَكرَمُهُم عَلَيهِ | |
|
| كِرامٌ في بَرِيَّتِهِ أُساةُ |
|
كَمائِدَةِ المَسيحِ يَقومُ بُؤسٌ | |
|
| حَوالَيها وَتَقعُدُ بائِساتُ |
|
أَخَذتُكَ في الحَياةِ عَلى هَناتٍ | |
|
| وَأَيُّ الناسِ لَيسَ لَهُ هَناتُ |
|
فَصَفحاً في التُرابِ إِذا اِلتَقَينا | |
|
| وَلو شِيَتِ العَداوَةُ وَالتَراتُ |
|
خُلِقتُ كَأَنّي عيسى حَرامٌ | |
|
| عَلى قَلبي الضَغينَةُ وَالشَماتُ |
|
يُساءُ إِلَيَّ أَحياناً فَأَمضي | |
|
| كَريماً لا أَقوتُ كَما أُقاتُ |
|
وَعِندِيَ لِلرِجالِ وَإِن تَجافوا | |
|
| مَنازِلُ في الحَفاوَةِ لا تُفاتُ |
|
طَلَعتَ عَلى النَدى بِعَينِ شَمسٍ | |
|
| فَوافَتها بِشَمسَينِ الغَداةُ |
|
عَلى ما كانَ يَندو القَومُ فيها | |
|
| تَوافى الجَمعُ وَاِئتَمَرَ السُراةُ |
|
تَمَلَّكَهُم وَقارُكَ في خُشوعٍ | |
|
| كَما نَظَمَت مُقيميها الصَلاةُ |
|
رَأَيتَ وُجوهَ قَومِكَ كَيفَ جَلَّت | |
|
| وَكَيفَ تَرَعرَعَت مِصرُ الفَتاةُ |
|
أُجيلَ الرَأيُ بَينَ يَدَيكَ حَتّى | |
|
| تَبَيَّنَتِ الرَزانَةُ وَالحَصاةُ |
|
وَأَنتَ عَلى أَعِنَّتِهِم قَديرٌ | |
|
| وَهُم بِكَ في الَّذي تَقضي حُفاةُ |
|
إِذا أَبدى الشَبابُ هَوىً وَزَهواً | |
|
| أَشارَ إِلَيهِ حِلمُكَ وَالأَناةُ |
|
فَهَلّا قُمتَ في النادي خَطيباً | |
|
| لَكَ الكَلِمُ الكِبارُ الخالِداتُ |
|
تُفَجِّرُ حِكمَةَ التِسعينِ فيهِ | |
|
| فَآذانُ الشَبيبَةِ صادِياتُ |
|
تَقولُ مَتى أَرى الجيرانَ عادوا | |
|
| وَضُمَّ عَلى الإِخاءِ لَهُم شَتاتُ |
|
وَأَينَ أولو النُهى مِنّا وَمِنهُم | |
|
| عَسى يَأسونَ ما جَرَحَ الغُلاةُ |
|
مَشَت بَينَ العَشيرَةِ رُسلُ شَرٍّ | |
|
| وَفَرَّقَتِ الظُنونَ السَيِّئاتُ |
|
إِذا الثِقَةُ اِضمَحَلَّت بَينَ قَومٍ | |
|
| تَمَزَّقَتِ الرَوابِطُ وَالصِلاتُ |
|
فَثِق فَعَسى الَّذينَ اِرتَبتَ فيهِم | |
|
| عَلى الأَيّامِ إِخوانٌ ثِقاتُ |
|
وَرُبَّ مُحَبَّبٍ لا صَبرَ عَنهُ | |
|
| بَدَت لَكَ في مَحَبَّتِهِ بَداةُ |
|
وَمَكروهٍ عَلى أَخَذاتِ ظَنٍّ | |
|
| تُحَبِّبُهُ إِلَيكَ التَجرُباتُ |
|
بَني الأَوطانِ هُبّوا ثُمَّ هُبّوا | |
|
| فَبَعضُ المَوتِ يَجلِبُهُ السُباتُ |
|
مَشى لِلمَجدِ خَطفَ البَرقِ قَومٌ | |
|
| وَنَحنُ إِذا مَشَينا السُلحُفاةُ |
|
يُعِدّونَ القُوى بَرّاً وَبَحراً | |
|
| وَعُدَّتُنا الأَماني الكاذِباتُ |
|