سَكَتَ الرَّبِيِعُ بِرَوْضَةِ الأَصْحَابِ | |
|
| لَمَّا تَوَارَتْ وَرْدَةُ الْأَطْيَابِ |
|
كُلُّ الْكَلاَمِ بِصَمْتِهَا مُتَأَلِّمٌ | |
|
| وَدُمُوعُهُ الْحَيْرَى حُرُوفُ عَذَابِي |
|
أَنَا مُذْ غِيَابِ الأُخْتِ لَسْتُ أَخَالُنِي | |
|
| عَطْشَى لِمَرْأَى الصَّحْبِ وَالأَنْسَابِ |
|
الْحُزْنُ يَلْبَسُ فِي الْعَزَاءِ سَوَادَهُ | |
|
| وَأَنَا اسْوِدَادِي مَأْتَمٌ لِثِيَابِي |
|
وَالْحَفْلَةُ الْغَرَّاءُ أَطْلَالاً غَدَتْ | |
|
| لِفَقِيِدَةٍ رَحَلَتْ عَنِ الأَحْبَابِ |
|
فَلَقَدْ فَقَدْتُ بِفَقْدِهَا قَطْرَ النَّدَى | |
|
| وَلَقَدْ ذَبَلْتُ عَلَى غُصُونِ مُصَابِي |
|
يَا رَبُّ كَيْفِ بِدُونِهَا يَبْدُو الْهَوا؟ | |
|
| وَنَسَائِمُ الذِّكْرَى تَشُفُّ سَرَابِي؟! |
|
هَذِي الْحِكَايَاتُ الَّتِي هَرِمَتْ مَعِي | |
|
| مَرْثِيَّةٌ تَبْكِي وَدَاعَ شَبَابِي |
|
تَكْتُبْنَ دَمْعَاتِ الْفُرَاقِ كَأَنَّمَا | |
|
| تَكْتُبْنَهَا بِمَقَابِرِ الأَوْصَابِ |
|
فَلَقَدْ حَسِبْتُ بِسَرْدِهَا أَجِدُ المُنَى | |
|
| فَوَجَدْتُنِي مَلْأَى بِشَيْبِ حِسَابِي |
|
وَالصَّرْخَةُ الْخَرْسَاءُ تَخْنُقُ كِلْمَتِي | |
|
| وَحِبَالُهَا تَلْتَفُّ كَالأَطْنَابِ |
|
الْآهُ تَنْزِفُ فِي الرِّيَاضِ رثَاءَهَا | |
|
| وَأَنَا هُنَا أَرْثِي بَقَاءَ تُرَابِي |
|
فَلَقَدْ قَطَفْتُ مِنَ الْمَشَاعِرِ وَرْدَةً | |
|
| مَتَخَدِّرٌ فِيهَا رَحِيِقُ كِتَابِي |
|
فَانْسَابَ مِنِّي الْقَوْلُ رُغْمَ تَوَجُّعِي | |
|
| وَاشْتَدَّ نَزْفِي فِي كُؤُوسِ شَرَابِ |
|
قَدْ تَحْتَوِيِنِي فِي الْمَآثِرِ دَارَةٌ | |
|
| تَسْتَقْبِلُ الأَحْزَانَ كَالأَغْرَابِ |
|
فَلَقَدْ نُفِيِتُ بُعَيْدَهَا بِفَجِيِعَتِي | |
|
| كَمُهَاجِرٍ يَحْنُو لِدَرْبِ إِيَابِ |
|
رحْمَاكَ يَا اللهُ إِنِّي عَالِقٌ | |
|
| مَا بَيْنَ فَقْدِي وَامْتِلاَكِ مَثَابِي |
|
مَاذَا جَرَى حَتَّى تَقَدَّمَ مَوْعِدٌ | |
|
| لِلْمَوْتِ قَبْلَ الْوَعْدِ دُونَ ذِهَابِي؟! |
|
وَاللهِ إِنِّي مُؤْمِنٌ بِوَفَاتِهَا | |
|
| لَكِنَّ شَوْقِيَ كَافِرُ الأَعْصَابِ |
|
لَازِلْتُ أَبْحَثُ فِي اعْتِكَافِ حَدَائِقِي | |
|
| عَنْ قَطْرَةٍ تَسْقِي ذُبُولَ رِحَابِي |
|
فَمَتَى سَيَرْحَلُ مِنْ سَمَاءِ تَعَلُّقِي | |
|
| هَذَا الْمُصِرُّ عَلَى بَقَاءِ ضَبَابِي؟! |
|
الْوَرْدَةُ الْبَيْضَاءُ مَاتَتْ يَا أَنَا | |
|
| وَالْغُصْنُ حَيٌّ فِي اخْضِرَارِ الْحَابِي |
|
لَا شَيْءَ يُجْدِي كَيْ تُغَادِرَ مِحْنَتِي | |
|
| فَالذِّكْرَيَاتُ كَثِيرَةُ الأَبْوَابِ |
|
أَنَا أَيْنَ مَا كُنْتُ الْتَقَيْتُ بِوَجْهِهَا | |
|
| وَأَعُودُ غَرْقَى فِي انْسِدَالِ حِجَابِي |
|
فِي الْوَرْدِ تَبْدُو فِي يَنَابِيِعِ الصَّفَا | |
|
| فِي رَوْنَقِ الأَشْجَارِ فِي الْأَعْشَابِ |
|
فِي لَذَّةِ الْفِرْصَادِ فِي أَلْوَانِهِ | |
|
| فِي نَكْهَةِ الرُّمَّانِ فِي الأَعْنَابِ |
|
فِي رَوْضَةِ الطَّيْرِ الْيُغَرِّدُ آسِراً | |
|
| عُصْفُورَةِ الْبُسْتَانِ فِي الأَرْطَابِ |
|
بِفَرَاشَةٍ فِي الْحَقْلِ تَبْعَثُ بَهْجَةً | |
|
| فِي نَحْلَةٍ تَمْتَصُّ وَرْدَ رَوَابِي |
|
فِي لَوْحَةِ الْفَنَّانِ فِي لَمَسَاتِهِ | |
|
| فِي فِكْرَةِ الأَشْعَارِ فِي الأَلْبَابِ |
|
بِنَوَادِرِ الأَحْجَارِ جَوْفَ بَرِيِقِهَا | |
|
| فِي جَوْهَرِ الأَلْمَاسِ ذِي الأَعْجَابِ |
|
فِي الْبَحْرِ فِي الأَصْدَافِ فِي أَشْكَالِهَا | |
|
| فِي سَلْسَلِ الأَنْهَارِ مِلءَ عُبَابِ |
|
فِي الْغَيْمِ فِي الأَمْطَارِ فِي لَوْنِ السَّمَا | |
|
| فِي زُرْقَةٍ تَرْتَاحُ بَيْنَ سَحَابِ |
|
فِي طَلَّةِ الْبَدْرِ الْمُضِيءِ بِلَيْلِهِ | |
|
| بِشُعَاعِ شَمْسِ الصُّبْحِ فِي الأَجْنَابِ |
|
فِي قِبْلَةِ الصَّلَوَاتِ تَمْسَحُ دَمْعَتِي | |
|
| لَمَّا يُرَطِّبُ وَجْهُهَا مِحْرَابِي |
|
طُوبَى لَهَا تَبْقَى مَعِي مَرْضِيَّةٌ | |
|
| فِي رُوحِيَ الْوَلْهَى تُرَاضِي مَا بِي |
|
أَنَا لَنْ أَكُونَ بِدُونِهَا بِحَدِيِقَتِي | |
|
| بَعدَ افْتِقَادِي وَرْدَةِ الأَطْيَابِ |
|