وحْدِي وهذا الدُّجَى.. ضَاقَتْ بِيَ الدَّارُ | |
|
| غريبُ رُوْحٍ ذَوَى.. أقْصَتْهُ أسْفارُ |
|
ظمآن.. لا ماءَ يروي غُلَّتِي.. وَفَمِي | |
|
| قد جفَّ.. والعَزْمُ في عَيْنيّ إصرَارُ |
|
ورُبَّ ظامٍ صَدٍ والمَاءُ في فَمِهِ | |
|
| كأنَّما صُبَّ في أحشائِهِ.. نَارُ |
|
وكَمْ شَجٍ ضاحِكٍ والحُزْنُ يطحَنُهُ | |
|
| يَبْدُو خليّاً.. وفي جَنْبَيْهِ إعْصَارُ |
|
والذُّلُّ للحُرِّ جُرْحٌ لا دَواءَ لَهُ | |
|
| والعَيْشُ في الذُّلِّ إنْ سَوَّغْتهُ عَارُ |
|
حيْرانَ تَجْمَعُنِي والهَمَّ أفكَارٌ | |
|
| واللَّيْلُ حَولي وملءُ القَلْبِ أكْدارُ |
|
أخْفِي وأكْتُمُ والآلامُ تسحقُنِي | |
|
| كأنَّما دُقَّ في جَنْبَيَّ مِسْمَارُ |
|
أرنُو إلى مَا مَضَى والعُمْرُ يسلبُهُ | |
|
| كَرُّ اللَّيالي وايسَارٌ وإعْسارُ |
|
ليْتَ الزَّمانَ الّذي بالبُعْدِ فَرَّقنا | |
|
| يُدْنِي ويُرجِعُ مَنْ شَطَّتْ بِهِ الدَّارُ |
|
أكُلَّمَا قَرَّبتْ مَا بَيْنَنَا سُبُلٌ | |
|
| عادتْ تُفرِّقُنا في الأرْضِ أقْدَارُ |
|
جُرْحِي طويلٌ وقلبي مُثْْقلٌ أبداً | |
|
| يا أيُّها القلبُ كَمْ أشْجَتْكَ أوْزَارُ |
|
لا الحُزْنُ يَبْقى ولا الأفْرَاحُ دائمَةٌ | |
|
| تَبْلى المَشَاعِرُ.. والآمالُ تَنْهَارُ |
|
يَشْقَى ويَأْرَقُ مَنْ أعْيَتْهُ أوْطَارُ | |
|
| والرِّزْقُ والجَدُّ.. إقْبالٌ وإدْبَارُ |
|
كَمْ ضَاقَ بالفَقْرِ أبْرارٌ وإنْ صَبَرُوا | |
|
| وكَمْ تقاتلَ.. عند المالِ.. أصْهارُ |
|
كأنَّهم أذْؤُبٌ في قفْرةٍ سَغِبُوا | |
|
| بَدَى لَهُم بعد طولِ الجُوُعِ أعْيَارُ |
|
هبُّوا إليها وفي أعُرَاقِهِمْ نَهَمٌ | |
|
| كالنَّار يدفعُهُمْ.. فالجُوْعُ جَبَّارُ |
|
وهَكَذا النَّاسُ حُبُّ المالِ أفْقَدهُمْ | |
|
| حُلْوَ الخِصَالِ.. فَمَغْدُورٌ وغَدَّارُ |
|
يبدون كالعُمْيِ.. لكن ليس ثَمَّ عَمَى | |
|
| وإنَّما عَمِيَتْ في الحقِّ أبْصارُ |
|
جارُوا على بَعْضِهِم لا دِيْنَ يردعُهُمْ | |
|
| وغرَّهُم جَشَعٌ في النَّفْسِ أمَّارُ |
|
عاشُوا وماتُوا.. ضَحَايا الحِرْصِ وانْقَرَضُوا | |
|
| لمْ يُجْدِهِمْ كلبٌ أو يُغْنِ إحْضَارُ |
|
وبيْنَ هذا الورى حُرٌّ أحَاط بِهِ | |
|
| رَيْبُ الزَّمانِ.. على الإرْزَاءِ صَبَّارُ |
|
يَنُوءُ لا يشتكِي والنَّفْسُ قَانِعَةٌ | |
|
| وفي أسارِيْرِهِ.. للطُّهْرِ أنْوَارُ |
|
لّمْ يَنْسَ في غُرْبَهِ الأوْجَاعِ مَبْدَأهُ | |
|
| لا ذَلَّهُ الفَقْرُ أوْ أطْفَاهُ إكْثَارُ |
|
وبين أعْمَاقِهِ للنَّاسِ قَاطِبَةً | |
|
| حُبٌّ يَفِيْضُ وإنْ عَنَّوْهُ أوْ جَارُوا |
|
يَمْضِي دَؤُوْباً فلا حِرْصٌ ولا كَسَلٌ | |
|
| يُعَلِّلُ النَّفْسَ فالأرْزَاقُ أقْدَارُ |
|
.. ما أتْفَهَ العُمْرَ لو عِشْنَا نُبَدِّدُهُ | |
|
| كَمَا يُبَدِّدُ حُرَّ المَالِ أغْرَارُ |
|
أكْلٌ ونَوْمٌ بِلا فِكْرٍ ولا هَدَفٍ | |
|
| كأنَّنا في بِقَاعِ الأرْضِ أبْقَارُ |
|
فالعَيْشُ مُتْعَتُهُ فِيْمَا نُكابِدُهُ | |
|
| عُسْرٌ فَيُسْرٌ.. وأفْرَاحٌ فَأكْدَارُ |
|
والفِكْرُ كَالحُبِّ أحْلَى ما نُزَاوِلُهُ | |
|
| لولاهُ لَمْ تَحْلُ آمالٌ وأعْمَارُ |
|
والنَّاسُ في رِحْلَةِ الأيَّامِ أوعيَةً | |
|
| للخَيْرِ والشَّرِّ والإنْسَانُ يَخْتَارُ |
|