آذارُ أَقبَلَ قُم بِنا يا صاحِ | |
|
| حَيِّ الرَبيعَ حَديقَةَ الأَرواحِ |
|
وَاِجمَع نَدامى الظَرفِ تَحتَ لِوائِهِ | |
|
| وَاِنشُر بِساحَتِهِ بِساطَ الراحِ |
|
صَفوٌ أُتيحَ فَخُذ لِنَفسِكَ قِسطَها | |
|
| فَالصَفوُ لَيسَ عَلى المَدى بِمُتاحِ |
|
وَاِجلِس بِضاحِكَةِ الرِياضِ مُصَفِّقاً | |
|
| لِتَجاوُبِ الأَوتارِ وَالأَقداحِ |
|
وَاِستَأنِسَنَّ مِنَ السُقاةِ بِرُفقَةٍ | |
|
| غُرٍّ كَأَمثالِ النُجومِ صِباحِ |
|
رَقَّت كَنُدمانِ المُلوكِ خِلالُهُم | |
|
| وَتَجَمَّلوا بِمُروءَةٍ وَسَماحِ |
|
وَاِجعَل صَبوحَكَ في البُكورِ سَليلَةً | |
|
| لِلمُنجِبَينِ الكَرمِ وَالتُفّاحِ |
|
مَهما فَضَضتَ دِنانَها فَاِستَضحَكَت | |
|
| مُلِئَ المَكانُ سَنىً وَطيبَ نُقاحِ |
|
تَطغى فَإِن ذَكَرَت كَريمَ أُصولِها | |
|
| خَلَعَت عَلى النَشوانِ حِليَةَ صاحي |
|
فِرعَونُ خَبَّأَها لِيَومِ فُتوحِهِ | |
|
| وَأَعَدَّ مِنها قُربَةً لِفَتاحِ |
|
ما بَينَ شادٍ في المَجالِسِ أَيكُهُ | |
|
| وَمُحَجَّباتِ الأَيكِ في الأَدواحِ |
|
غَرِدٌ عَلى أَوتارِهِ يوحي إِلى | |
|
| غَرِدٍ عَلى أَغصانِهِ صَدّاحِ |
|
بيضُ القَلانِسِ في سَوادِ جَلابِبٍ | |
|
| حُلّينَ بِالأَطواقِ وَالأَوضاحِ |
|
رَتَّلنَ في أَوراقِهِنَّ مَلاحِناً | |
|
| كَالراهِباتِ صَبيحَةَ الإِفصاحِ |
|
يَخطُرنَ بَينَ أَرائِكٍ وَمَنابِرٍ | |
|
| في هَيكَلٍ مِن سُندُسٍ فَيّاحِ |
|
مَلِكُ النَباتِ فَكُلُّ أَرضٍ دارُهُ | |
|
| تَلقاهُ بِالأَعراسِ وَالأَفراحِ |
|
مَنشورَةٌ أَعلامُهُ مِن أَحمَرٍ | |
|
| قانٍ وَأَبيَضَ في الرُبى لَمّاحِ |
|
لَبِسَت لِمَقدَمِهِ الخَمائِلُ وَشيَها | |
|
| وَمَرَحنَ في كَنَفٍ لَهُ وَجَناحِ |
|
يَغشى المَنازِلَ مِن لَواحِظِ نَرجِسٍ | |
|
| آناً وَآناً مِن ثُغورِ أَقاحِ |
|
وَرُؤوسُ مَنثورٍ خَفَضنَ لِعِزِّهِ | |
|
| تيجانَهُنَّ عَواطِرَ الأَرواحِ |
|
الوَردُ في سُرُرِ الغُصونِ مُفَتَّحٍ | |
|
| مُتَقابِلٍ يُثنى عَلى الفَتّاحِ |
|
ضاحي المَواكِبِ في الرِياضِ مُمَيَّزٌ | |
|
| دونَ الزُهورِ بِشَوكَةٍ وَسِلاحِ |
|
مَرَّ النَسيمُ بِصَفحَتَيهِ مُقبِلاً | |
|
| مَرَّ الشِفاهِ عَلى خُدودِ مِلاحِ |
|
هَتَكَ الرَدى مِن حُسنِهِ وَبَهائِهِ | |
|
| بِاللَيلِ ما نَسَجَت يَدُ الإِصباحِ |
|
يُنبيكَ مَصرَعُهُ وَكُلٌّ زائِلٌ | |
|
| أَنَّ الحَياةَ كَغَدوَةٍ وَرَواحِ |
|
وَيَقائِقُ النَسرينِ في أَغصانِها | |
|
| كَالدُرِّ رُكِّبَ في صُدورِ رِماحِ |
|
وَالياسَمينُ لَطيفُهُ وَنَقِيُّهُ | |
|
| كَسَريرَةِ المُتَنَزِّهِ المِسماحِ |
|
مُتَأَلِّقٌ خَلَلَ الغُصونِ كَأَنَّهُ | |
|
| في بُلجَةِ الأَفنانِ ضَوءُ صَباحِ |
|
وَالجُلَّنارُ دَمٌ عَلى أَوراقِهِ | |
|
| قاني الحُروفِ كَخاتَمِ السَفّاحِ |
|
وَكَأَنَّ مَخزونَ البَنَفسَجِ ثاكِلٌ | |
|
| يَلقى القَضاءَ بِخَشيَةٍ وَصَلاحِ |
|
وَعَلى الخَواطِرِ رِقَّةٌ وَكَآبَةٌ | |
|
| كَخَواطِرِ الشُعَراءِ في الأَتراحِ |
|
وَالسَروُ في الحِبَرِ السَوابِغِ كاشِفٌ | |
|
| عَن ساقِهِ كَمَليحَةٍ مِفراحِ |
|
وَالنَخلُ مَمشوقُ العُذوقِ مُعَصَّبٌ | |
|
| مُتَزَيِّنٌ بِمَناطِقٍ وَوِشاحِ |
|
كَبَناتِ فِرعَونٍ شَهِدنَ مَواكِباً | |
|
| تَحتَ المَراوِحِ في نَهارٍ ضاحِ |
|
وَتَرى الفَضاءَ كَحائِطٍ مِن مَرمَرٍ | |
|
| نُضِدَت عَلَيهِ بَدائِعُ الأَلواحِ |
|
الغَيمُ فيهِ كَالنَعامِ بَدينَةٌ | |
|
| بَرَكَت وَأُخرى حَلَّقَت بِجَناحِ |
|
وَالشَمسُ أَبهى مِن عَروسٍ بُرقِعَت | |
|
| يَومَ الزِفافِ بِعَسجَدٍ وَضّاحِ |
|
وَالماءُ بِالوادي يُخالُ مَسارِباً | |
|
| مِن زِئبَقٍ أَو مُلقِياتِ صِفاحِ |
|
بَعَثَت لَهُ شَمسُ النَهارِ أَشِعَّةً | |
|
| كانَت حُلى النَيلوفَرِ السَبّاحِ |
|
يَزهو عَلى وَرَقِ الغُصونِ نَثيرُها | |
|
| زَهوَ الجَواهِرِ في بُطونِ الراحِ |
|
وَجَرَت سَواقٍ كَالنَوادابِ بِالقُرى | |
|
| رُعنَ الشَجِيَّ بِأَنَّةٍ وَنُواحِ |
|
الشاكِياتُ وَما عَرَفنَ صَبابَةً | |
|
| الباكِياتُ بِمَدمَعٍ سَحّاحِ |
|
مِن كُلِّ بادِيَةِ الضُلوعِ غَليلَةٍ | |
|
| وَالماءُ في أَحشائِها مِلواحِ |
|
تَبكي إِذا رَتَبَت وَتَضحَكُ إِن هَفَت | |
|
| كَالعيسِ بَينَ تَنَشُّطٍ وَرَزاحِ |
|
هِيَ في السَلاسِلِ وَالغُلولِ وَجارُها | |
|
| أَعمى يَنوءُ بِنيرِهِ الفَدّاحِ |
|
إِنّي لَأَذكُرُ بِالرَبيعِ وَحُسنِهِ | |
|
| عَهدَ الشَبابِ وَطِرفِهِ المِمراحِ |
|
هَل كانَ إِلّا زَهرَةً كَزُهورِهِ | |
|
| عَجِلَ الفَناءُ لَها بِغَيرِ جُناحِ |
|
هَولَ كينِ مِصرُ رِوايَةٌ لا تَنتَهي | |
|
| مِنها يَدُ الكُتّابِ وَالشُرّاحِ |
|
فيها مِنَ البُردِيِّ وَالمُزمورِ وَال | |
|
| تَوراةِ وَالفُرقانِ وَالإِصحاحِ |
|
وَمِنا وَقِمبيزٌ إِلى إِسكَندَرٍ | |
|
| فَالقَيصَرَينِ فِذى الجَلالِ صَلاحِ |
|
تِلكَ الخَلائِقُ وَالدُهورُ خَزانَةٌ | |
|
| فَاِبعَث خَيالَكَ يَأتِ بِالمِفتاحِ |
|
أُفقُ البِلادِ وَأَنتَ بَينَ رُبوعِها | |
|
| بِالنَجمِ مُزدانٌ وَبِالمِصباحِ |
|