إبلاغ عن خطأ
ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك
انتظر إرسال البلاغ...
|
دائما مخطوف بهيامك |
أيتها الجبال المتآخية مثل أرواح صلبة |
لا تفنى |
ترمقين العابرين من البشر |
بنظرة ملؤها الشفقة والسخرية. |
منذ طفولتنا البعيدة. |
التي تقاذفتها أحجارك الكريمة |
وأنت تلامسين المغيب |
بأروع مما يكون التوحّد بين حبيبين فرقتهما |
أنواء عاصفة. |
عبر دروبك الممتدة، |
أحدق فيها الآن من نافذتي، |
مضاءة بشموس ضارية |
حفرها البشر والحيوانات المندفعة |
نحو كهوف الراحة المستحقة بعد شقاء طويل |
لكنها ممتدة الى ما هو أبعد |
مثل ذُراك المتناسلة في عرين |
لا ينتهي. |
كأن الزمن لم يمر قط |
كأن القيامة لفظت أنفاسها الأخيرة |
كأنك سدرة الخلق ومنتهاه. |
أي سر يقذفه النيزك في مساء قاتم؟ |
أي حلم لموجة جاثمة تخبط ثغرك |
على الشاطئ؟ |
مروا سريعين من هنا |
مر الغجر والبداة |
مرت القبائل والسلالات في حروب عبثية |
البغال والحمير والجمال |
الخيل الشاحبة تحت فتنة المعدن. |
مرت الدول والأساطيل |
ناقلات النفط وراجمات القارات العملاقة |
كلهم مروا من هنا |
من غير أن يتركوا أثرا أو معمارا، |
لأن أي خلق سيكون صغيرا |
في أزل شموخك الباهر |
لأن جلجامش |
لو حدّق في مرآتك مرة، ترك |
البحث عن عشبة الخلود |
لأن الفراعنة فكرة مبسطة من |
صرامتك الهندسية. |
لقد فكت أعمالهم ورموزهم |
وشرحت الملاحم والحفريات |
وأنت مازلت عصية على الشرح والتفسير |
محصّنة أسرارك بالغموض. |
ليس الجيولوجي وانما الروحي المتسامي |
شاهدت الطوفان والزلازل والفيضانات |
شاهدت البشرية تنحدر |
الى مراتع الوحش. |
ربما أغمضت عينيك قليلا |
ربما رفست قبّة السماء |
ربما سالت دمعة في الشعاب |
لأنك المضاءة بالعزلة والمنفى |
المجبولة بالغضب والأرق. |
ولأنك تملكين القدرة على الغفران |
صليت لأجلهم |
صليت في محراب ذاتك |
مرتجفة من فرط الندم والمحبّة |
كأنك من أسلت الدماء |
وارتكبت المجزرة. |
أدور على كرسيّ |
صنع من شمس وماء |
أطل على المنحدرات المدارية |
لأرى الأزمنة متجمدة |
في آبارها الأولى. |