عناوين ونصوص القصائد   أسماء الشعراء 
الشعراء الأعضاء .. فصيح > فلسطين > فيصل سليم التلاوي > إلى أين تمضي

فلسطين

مشاهدة
633

إعجاب
0

تعليق
0

مفضل
0

الأبيات
0
إغلاق

ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك

إرسال
انتظر إرسال البلاغ...

إلى أين تمضي

أبي
إلى أين تمضي بعيداً بعيدا
وتتركني في الفلاة وحيدا
أجاوِرُ رملاً، وأجتازُ بيداً فبيدا
وتلهبني الشمسُ
جوفي تَيبّسَ
جفت عروقي وريداً وريدا
فلا الماءُ ينبع من بطنِ كفي
ولا هاجرٌ أرضعتني وليدا
ولا التمَّ حولي لجُرهُمَ شملٌ
ولا اسمعوني الحداء قصيدا
بُنيَّ:
إلى مغرب الشمس أمضي
وحسبيَ أني تركتك بعدي
صغيراً، وتكبرُ، لاخوفَ عندي
ضعيفاً وتقوى
تقول قبلتُ التحدي
وأحفظ عن ظهر قلبٍ وصية جدي
الذي عاد من جبهة القرم يوماً فراري
يجوع ويَعرى، ويأكلُ عشب البراري
أتى جدتي وهي تفلح كرم الدوالي
فقبلها واحتوتها ذراعاه
طار بها فرحاً
نحو فيءِ عريشٍ
بناه لها قشةً قشةً في السنين الخوالي
وأقسم: لاجند، لا قرعة سوف تقصيه عنها
ولا باب عالي
وأردف: واطئةٌ كل أبواب هذا الزمان
وملعونةٌ، غير باب العمود وباب الخليل وباب عريشة ستي
أبي:
لصوتك عنفٌ كوقع القتال
وفي منكبيك شموخ الجبال
وقاماتها انتصبت تدفع الريح
إذ أقبلت من تخوم الشمالْ
محملة بحنود الصليبيّ يحرق كَومَ الغلالْ
وإذ جندُ روما القدامى أفاقوا
وجاسوا خلال الديار
لمن قد تركت بنيك الصغار؟
وغاب أبي
ما استطعت اللحاق بهِ
غير أني نظرت إليهْ
وغيمٌ تدافع في ناظريهْ
ويمعنُ، يملأ من كرمنا مقلتيهْ
ويعصر زيتاً بكلتا يديه
تيممَ في ظل زيتونة خفضت جانحيها عليه
وصلى أبي بعدها ركعتين
ولوّح لي متعباً بيديه
وغاب فأتبعته دمعتين.
أحنُّ لطيفِ أبي إذ يُصلي الضحى تحت زيتونةٍ
جنحت في براري الهياشْ
يسوق غنيماتهِ في سفوح المساء
يخبئُها عن عيون الجنودِ
الذين يعدون حتى فرادى الشياهْ
يريدون منك تواريخ ميلادها والوفاه
إذا نفقت نعجةٌ في الفلاه
هل رأيتم جنوداً يحومون حول قطيع الخرافِ؟
يسوقونها منك إذْ ما نسيت شهادات ميلادها
أجل، قد رأيت ارتعادَ الخرافِ من الجند
علمتها أن تعانق أبدانها الأرضَ
تكتم أنفاسها لحظة لتمر خيول الغزاه.
أبي عاش عمرًا مديدًا و مات
بغير شهادة ميلادهِ والوفاةْ
ففي سنة الثلج أعرس جدي
وفي سنة الطوشة الدموية جاء أبي للحياه
وعام الرحيل ولدتُ
وفي عام أوسلو تَيتمتُ
مات أبي حسرةً لذبول الزنابق في ساحة الدارِ
للوز من يومها ما تدثر بالقطن في شهر آذارَ
من يومها ما ملأنا الخوابي
ولا سكن الزيت جوف الجرارْ
ونحفظ عن ظهر قلبٍ تواريخنا
ففيم الوثائق؟ فيم الشهادات
نحشو بها عبنا وجلابيبنا
أم ترانا شياه؟
فيصل سليم التلاوي

* * * * ( 1 ) حرب القرم : كانت بين العثمانيين وروسيا، فراري : كلمة تركية تعني الهارب من الخدمة العسكرية الإجبارية ( 2 ) القرعة : الدفعة السنوية من الجند تساق للقتال ( 3 ) باب العمود وباب الخليل : بابان من أبواب سور القدس يرد ذكرهما في الأغاني الشعبية الفلسطينية . " ستي " : جدتي بالعامية الفلسطينية ( 4 ) الهياش : غابة من الزيتون في قرية الشاعر (5)الطوشة : أو الهوشة هي اشتباك دموي بين العشائر المتنافسة داخل القرية . 16/9/1998
التعديل بواسطة: فيصل سليم التلاوي
الإضافة: الخميس 2015/12/03 07:04:05 مساءً
التعديل: الأربعاء 2015/12/09 05:11:20 صباحاً
إعجاب
مفضلة
متابعة


أعلى القصائد مشاهدة للشاعر
أعلى القصائد مشاهدة خلال 24 ساعة الماضية
انتظر معالجة القصيدة ...
جميع الحقوق محفوظة لبوابة الشعراء .. حمد الحجري © 2005 - برمجة وتصميم
info@poetsgate.com