خمسون عاماً يا أُخيّهْ أرنو لطلعتك البهيهْ
|
وأخط ألف رسالةٍ في كل صبحٍ أو عشيّه
|
طال انتظاري، لا يدٌ من وجدها تزجي تحيه
|
قيس أنا يا حلوتي يرنو لليلى العامريه
|
قد جئت أقبس قبسةً من وهج ناركمُ الدفيه
|
هي نظرةٌ لو بعدها أعشى وتُطفأ مقلتيّه
|
ما شفني ندمٌ ولا ستقبلتُها نفسي رضيّه
|
وسألتها: من أين هذا الحسن والريح الزكيه
|
من أين أنت؟ سحرتني قولي بربك يا صبيه
|
من أيّ أرضٍ تنبت القامات من عزٍ رماحاً سمهريه
|
زيتون هذي العين نرجسها، ونظرتها الأسيه
|
مرج ابن عامر في الخدود ولون حنطته الشهيه
|
وجمعتِ سحر دليلةٍ جنباً لطهر المجدليه
|
قالت: أصبت فإنني يا سائلي بنت القضيه
|
في ساحة الأقصى ولدت وصنت جيرته الهنيه
|
ورضعت من عنب الخليل، نقشته في ساعديه
|
بنت الروابي الخضرِ تعبقُ زعتراً أو ميرمية
|
وكبرت تحرسني الشمائلُ والخصال اليعربيه
|
وحفظت أشعار الحماسةِ والقوافي العنتريه
|
وهتفت حتى بُحّ صوتيَ بالأهازيج الشجيه
|
وأحلت كل هزائمي نصراً وأمجاداً أبيه
|
ورأيت خيل الروم داستني حوافرها الشقيه
|
وشهدت رايات المغول وهول زحف البربريه
|
ولقد حززتُ ضفائري لأذيقكم طعم الحميّه
|
وصنعت منها للخيول أعِنَة النصر القويه
|
وصرخت ملء فمي فلسطينيةً نادت أميه
|
ورنت لرايات الجهاد وللسيوف المشرفيه
|
وهفا إلى حطين قلبيَ، بل لخيل القادسيه
|
وسخرتُ من هذا السلام وجدته أدنى مطيه
|
ورأيت فيه مكيدةً لا تنطلي أبداً عليّه
|
لينُ الملامسِ يختفي في الناب منها سُمُّ حيّه
|
خمسون عاماً والقرابينُ المباركةُ الزكيه
|
ودماء أحبابي تسيل ضحيةً تتلو ضحيه
|
نهرٌ من الدم والدموع أغوصُ حتى رُكبتيه
|
هذا دمي وتقاتل الجلاد حتى مقلتيه
|
فأنا فلسطين التي لم تحنِ هامتها العليه
|
كلُ الغُزاةِ مضوا وعكا درعها أبداً عصيه
|
سل عنه نابليون تعرف خزيه كل البَرِيه
|
إذ ردَّه الجزار مدحوراً وهيئته زريه
|
بئس السلام فتاتهم والسلم سلم البندقيه
|