إبلاغ عن خطأ
ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك
انتظر إرسال البلاغ...
|
تعاليتِ باريسُ ..أمَّ النضالْ |
وأمَ الجمال.. وأمَّ النغم |
تَذوَّبَ فوقَ الشِفاهِ الألَم |
وسال الفؤادُ .. على كلِّ فم |
تَضيعُ الحرارةُ بينَ الوصالْ |
وبين التّنائي وبين الملال |
كأنّكِ شمسُك بينَ الجبال |
تغازلُ حين .. تلوحُ القِمَمْ |
وتبدو الغيومُ لها .. من أمَم |
فَتخفى كما يتخفّى النَّدَم |
تعاليتِ باريسُ .. كم تلعبينْ |
وكمْ تُلهِمينَ .. وتَستلهِمين |
وكمْ تُؤثرين .. وتستأثرين |
تعاليتِ باريسُ .. كم تشتهين |
تَصيحُ من الجوعِ منكِ العُيونْ |
وتُطوَى على الحبِّ خُمصُ البُطون |
وتَنسَيْنَ ما كان أو ما يكون |
بما أنت في لُجِّهِ من فُتون |
تعاليتِ باريسُ إنّ الجنون |
جُنونَ العواطفِ ما تَصْنَعين |
تعاليت ِ باريسُ .. إن السنينْ |
بما تَعْلَمينَ .. وما تَجْهَلين |
وما تستلذّينَ إذ تحلُمين |
بوَقْع الشَّكاةِ .. ورَجعِ الأنين |
ونثرِ الزُّهورِ على الفاتحين |
وثلِّ العُروشِ .. وضَرْبِ الوتين |
وما سنَّ روسو .. و لامارتَين |
أناختْ طويلاً على عاتقَيْكِ |
وألقتْ بريقاً على ناظريك |
وهَدْهَدَتِ الموجَ من ناهديك |
تعاليتِ باريسُ .. في وجنتيك |
يلوحُ جميلاً .. دمُ الثائرين |
جلَتْ منك باريسُ كفُّ الدهورْ |
فُتوناً مُضَمَّخَةً بالعُطور |
ودنيا تَفور .. بنارٍ ونور |
بما يُتَّقى ويُرَجَّى تَمور |
صراعٌ مريرٌ فُوَيْقَ الثُّغور |
لنَوحِ الأسى .. وابتهالِ الحُبور |
تَكادُ جِراحاتُكِ المُثخنَه |
تُصفَّق منها .. كؤوسُ المُدامْ |
ويبدو على حَجَرِ المدخَنَة |
مواعيدُ حُبٍ .. وشكوى غَرام |
تُخال نجاواكِ خلفَ السُّتورْ |
لفرطِ الجوى .. قِصةً في سُطور |
ويُوشِكُ ما اخْتَزَنَتْهُ .. الصُّدور |
يرِفُّ على .. لافتاتِ المرور |
تَكادُ الأحاسيسُ فوقَ الوجوهْ |
تُشيعُ الهوى .. والرُّؤَى .. والمنى |
وتُوشك مكبوتةً .. أن تَفوه |
تَحِلُّ الذي يَعقِدُ .. ألألْسُنا |
كأن طُيوفَ الخطايا .. تتوه |
مُدىً .. ثم تحتضِنُ الأعينا |
كأنكِ باريسُ كلُّ الدُّنا |
بكلّ الغموض .. بكل السّنا |
على كلِّ خَصْرٍ تلاقت يدانْ |
ألانا مُثَقَّفَهُ فاستلان |
وكل فمٍ حَشْوُه وردتان |
هما الشفتانِ .. هما الجَمْرتان |
أراقَ الزمانُ دماءَ الشباب |
لِيَرْويهِما وهما يَلْهَثان |
تَمَسّح خدٌّ بخدٍّ يلوبْ |
من الحب في وجنتيهِ نُدوب |
ولاح كما لاح فوقَ السُّهوب |
رؤَى شفقٍ في الوجوه الشحوب |
كأنّي رأيت فؤاداً يذوب |
على مثلِه بدمٍ يَقْطُرُ |
وأمواجَ عاطفةٍ تزخر |
بصدرَيْن كالبحرِ مستسلمَيْن |
لِكَيْفَ تُريدُ رياحٌ؟ وأيْن؟ |
تعاليتِ باريسُ مِنْ فاتنهْ |
يُدَغْدِغُ فيها النعيمُ العذابْ |
يُزيح بأجوائِها الداكنه |
شفيفُ السنا .. مِزقاً من سَحاب |
تعاليتِ باريسُ مِنْ ماجنه!! |
وما في مُجانتها ما يُعابْ |
سوى أنّها في .. كؤوسِ الشراب |
وجمرِ الشفاه .. وبردِ الرُّضاب |
ترى كاذبَ العمرِ مثل الحبَاب |
يخادع آونةً .. آونه |
ويَنْسَلُّ كالعُهْر تحتَ الثياب |
إلى الآنَ باريسُ .. في مسمعي |
صدى مَرَحِ العابثاتِ الحسانْ |
ولمحُ العُيونِ لها الشرَّعِ |
وزحف الصحافِ .. وعزف الكمان |
ومقهى تكوّرَ كالبُّعْبُع |
تَماوَجُ جُدرانُه .. بالدُّخان |
ومعتركٌ .. ببذيءِ الشجار |
تصارخَ .. ثُمَّ انتهى بالحِوار |
كما اسّاقطتْ بالحصاةِ الثِمار |
وعاد الشجار .. لنجوى سرار |
وَقَرَّ دمٌّ فار كالموقدِ |
بمسح الشفاه .. وعصرِ اليد |
ومات الذي خِيلَ .. لم يُولَد |
وغودر أمسِ .. لمثوى غد |
وفاحت عطورٌ .. من المضجعِ |
تنَزّى لها قفَصُ الأضْلُع |
ودبَّ الضِرامُ .. على الأذْرع |
فراحت تَشابكُ ناراً بنارْ |
وأزَّ الوقيدُ .. وسار القِطار |
سجا الليلُ باريسُ سجوَ الحمام |
تدلَّى الجناحان منهُ فنام |
ولاحت كُوىً .. من خِلالِ الظّلام |
ترِفُّ عليها .. ظِلالُ الغَرام |
رفيفَ العواطفِ .. في المقلَتَيْن |
وحام رهيباً عليها الغدُ |
خليقاً بانجازَ .. ما يُوعَد |
فمُدَّت .. إلى كلِّ بابٍ يد |
فَأرْخَتْ ستاراً .. مِنَ الّكرياتْ |
عذارى من النورِ .. مُسْتَحْيِيات |
وراحت .. حنايا ضُلوعٍ تموجْ |
بما لم تَمُجْ في الربيع المروج |
وضمّت شَتاتَ النجومِ .. البُروج |
فكلُّ طَوالِعِها أسعدُ |
على الحبِّ تَنْزِلُ .. او تَصْعَد |
ويحنو على فَرْقدٍ .. فَرْقَد |
كأنَّ مَدارَهُما مَعْبَد |
يناجي بهِ المرقدَ .. المرقد |
نجومٌ بأحلامها شُرَّد |
فلا الزاجُ منها .. ولا المرصد |
وثَمَّ بصيصُ ضياءٍ .. يلوحْ |
ونفحةُ عطرٍ ذكىٍّ ..تَفوح |
وصدرٌ يجئُ لصدرٍ يروح |
وحاشيةٌ من غطاء السريرُ |
واصداءُ نجوى كَسَحْب الحرير |
ونهدانِ قاما على الشاطئينْ |
يَمُدّانِ نحوَ غريقِ الغرام |
يَدَيْنِ يُليحانِ بالبُرْعُّمَتين |
تعاليتِ باريسُ كلُّ الدّروبْ |
تَفايضُ مُفْعَمَةً بالقُبَلْ |
تعلّمتِ كيفَ يَشُقُّ الغَزَل |
طريقَ الحياةِ إذا أظلما |
من اليأس والتاثَ فاستجهما |
وكيفَ تحُد الشفاه الأملْ |
إذا ما التوى بالمُنَى عُودُهُ |
وحُلَّ من اليأسِ معقودُهُ |
تعلّمتِ باريسُ: أنَّ الضَّجَرْ |
إذا لم يُدَفْ .. بلذيذِ السَّمَر |
ولحنِ الكؤوسِ .. وسَجْعِ الوَتَر |
وما لم تغَصَّ بحُلوِ اللمى |
شفاهٌ .. تعودُ لتشكو الظّما |
وما لم يَجِدْ مِعْصَمٌ .. مِعْصَما |
له في حِمىً مستباحٍ .. حِمَى |
أمات الضميرَ .. ولاثَ الدما |
ودب دبيبُ الرّدى .. في المُقَلْ |
وجرّرَ عداوه .. حيثُ انتَقَل |
تعلمتِ باريسُ .. كيف الملَل |
إذا لم تُقَطَّرْ بكفٍ رفل |
على سُمِّه .. قَطْرَةٌ من عسل |
لِتَقْتُلَهُ بمزاجٍ .. قتل! |
تعلّمتِ باريسُ .. كيفَ الفروضْ |
تؤدَّى ... وكيف تُوَفَّى .. القروض |
تعلّمت: كيف بوشمِ العضوض |
على أذرعٍ بضّةٍ يُستدلْ |
وكيف ... خُصيَلةُ شعرٍ تُسَل |
إذا الشَّعُر عِيثَ به فانسَدل |
بها عن سبائكِ تبرٍ بَدَل |
وأن حسيساً كلفٍّ يُفل |
لفرطِ الوَنَى .. أو لِفَرْطِ الجَذَل |
ووجدٌ تناهى لأوجِ الغموضْ |
لأوجِ الوضوحِ .. لأوجِ الوَجَل |
فريضٌ .. ودنيا سواه نفَلْ |
تعاليتِ باريسُ إنَّ الصباحْ |
أطلَّ فألقى عليكِ الوِشاح |
وضمَّكِ تحتَ خَضيبِ الجَناح |
وألفاكِ غافيةً فاستراح |
على صدرِكِ العَطِرِ النّاعِمِ |
وأنفاسِ بُرْعُمِكِ الحالم |
تعاليتِ باريسُ من نائم |
كانَ الدنا كُلَّها نائمةْ |
بمقلتهِ وبهِ حالمه |
تعاليتِ باريسُ هلْ مِنْ مَزيدْ |
على ما لَدَيَكِ وهل مِنْ جَديد |
وماذا تركتِ لهذا الوجود |
إلى الموتِ يَرجِعُ أوْ للخُلود |
وللكائناتِ سواء تُعيد |
نماذجَ من حُسْنِكِ المستفيضْ |
بماذا يعوِّضُها المستعيض |
بماذا يعوض هذي الخدودْ |
مزبرةٍ كغصونِ الوُرود |
ومثقلة بثمارِ النُّهود |
بهذي الوجوهِ .. بهذي العيونْ |
بهذا الرُّواءِ .. بهذا البَريقْ |
يفيض عليها شُواظ الحريق |
كأنّكَ تَعرِفُ عُنْوانَها |
ورافقتَ من قبلُ إنسانها |
وأصبحتَ تَعْرِفُ ماذا يقولْ |
كأنَ عواطفَهُ والميول |
خيولٌ أُبيحَ لها أنْ تَجول |
بحيثُ تشاءُ وميدانُها |
صميمُ القلوبِ وصَفْوُ العقول |