عناوين ونصوص القصائد   أسماء الشعراء 
شعراء الفصحى في العصر الحديث > العراق > محمد مهدي الجواهري > شهرزاد...

العراق

مشاهدة
572

إعجاب
0

تعليق
0

مفضل
0

الأبيات
0
إغلاق

ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك

إرسال
انتظر إرسال البلاغ...

شهرزاد...

إنَّ وجهَ الدُجى أنيتا تجلَّى
عن صباحٍ مِن مُقلَتيكِ أطَلا
وكأنَّ النجومَ ألقَيْنَ ظِلا
في غديرٍ مُّرقرَقٍ ضَحْضاحِ
بينَ عينيكِ نُهبةً للرياح
وغياضُ المُروج أهدَتكِ طَلا
إن هذا الطيرَ البليلَ الجَناحِ
المُدوِّي على مُتونِ الرياحِ
والذي أزعجَ الدُّجى بصَباحِ
عبَّ في الليل من ثُغورِ الأقاح
رشفَةُ مجَّ عِطرَها وتولّى
حيثُ هذا الرأسُ الجميلُ تدلّى
والفِراشُ الذي به يتمَلّى
وبحيثُ أرتدَّتْ هباءً نَثيرا
تملأ النفسَ والفضاءَ عبيرا
خِصِلاتٌ مِن شَعرِكِ الذَهبيِّ
كنتِ فيهِ الثرىَّ أيَّ ثرِيِّ
إسمعي، إسمعي أنيتا فهنَّا
وهُنا، صادِحٌ صَبا فتغنَّى
والطريق المهجورُ عادَ فرَنَّا
مِنْ جديدٍ ببعثِه يتهنَّى
فلقد دبَّتِ الحياةُ إليهِ
وتمشّى المعاوِدونَ عليه
إسمعي وقعَ رائِحينَ وغادي
وتَمَلَّيْ مِن الوُجودِ المُعاد
والقَطارَ المجَلَجلَ المُتهادي
في سُفوحٍ مُنسابَةٍ وَوِهادِ
إسمعي، إسمعي أنيتا صَداهُ
تَجِدي عن صَدى الزّمانِ بديلا
وَتَرْينَ الدُّنيا تُجِدُّ رَحيلا
بالأمانيِّ غُدوةً وأصيلا
إنَّ وجهَ الدُجى أنيتا يُليحُ
والليالي في شهرزَادَ تَصيحُ
ههُنا، ههُنا يَطيبُ الصَّبوحُ
حُلُمٌ رائِعٌ وطيفٌ لذيذُ
بهما اليومُ مِن غَدٍ يستعيذ
واللّيالي مِن اللّيالي تَلوذ
فطريدٌ مؤمَّل وأخيذ
حُلُمٌ رائعٌ كأن الخيالا
حينَ ضاقَت به الحياةُ مَجالا
مَلِّ أسفارَهُ فحطَّ الرِّحالا
ههُنا، فهو عن سِواهُ صَدوفُ
وهو في أعيُنِ السُّقاةِ يَطوف
لِجِناحيهِ في الكؤوس رفيف
ورنينُ الأوتارِ منها حفيف
حَلُمٌ رائِعٌ وجوٌّ لطيفُ
والنَّدامَى على الكؤوسِ عُكوف
والأباريقُ نالَ منها النّزيف
غير أنَّا ورُبَّ صفوٍ يُخيف
ملكَ الذعرُ نفسَنا والفؤادا
ونسِينا حتى المُنى والمُرادا
وأبَحنْا للعاطِفاتِ القِيادا
أتُرى أنَّ هذه الشهرَزادا
ذكرَّتْنا أحلامُها بغدادا؟
يا حبيبي! وهذه الأطيافُ
عن قريبٍ بيقظةٍ ستْداف
وإلى مثلها انقضتْ، ستُضاف
يا حبيبي! وهذه الأعطاف
تتثنَّى على الكؤوسِ دَلالا
كلُّ عِطفِ، لولا الحياءُ لسالا
سوفَ تنهدُّ بعدَ حينٍ كلالا
حينَ تستامُها الحياةُ النضالا
حينَ تَلقى ما لا تُطيقُ احتِمالا
يا حبيبي: وهذه النظَراتُ
في مُذابِ الفُتورِ مُنكسِرات
والوجوهُ الحيِيَّةُ الخَفِرات
والنفوسُ الفيّاضةُ الخيِّرات
والشِفاهُ النديَّةُ العَطِرات
والشُعورُ المسترسِلاتُ انسيابا
وجفونٌ تستثقِل الأهدابا
والأكُفُّ التي تذوبُ انجِذابا
كلُّ خِصرٍ بكلِّ كفٍّ يَلفُّ
وشِفاهٌ على شِفاهٍ تَرِفّ
وقلوبٌ من صفوها تُستَشَفّ
كلُّ هذا، وكلُّ ما غيرُ هذا
عن قليلٍ سيستطيرُ رُذاذا
فأفيقي فقد تَناهى المَطافُ
واستردَّتْ هِباتِها الألطاف
هاهُمُ العازِفونَ حولَكِ طافُوا
يستعيدونَ مِن صدى الأجيالِ
وحفيفِ الأحراشِ والأدغالِ
ما يَخالُون أنَّ في مُقلتيكِ
وارتجاجِ المُيول في وجنتيك
ونَثيرِ الجَديلِ عن جانِبيك
صِلةً بينه وبينَ الخَيالِ
لستُ ادري أنيِتُ كيف استحالا
وجهُكِ المستَظِلُّ بالأضواءِ
خافِتاتٍ كعاطفاتِ المُرائي
نغَماً سارِباً مع الأنغامِ
يا حبيبي! وللنديم هُمومُ
يُقعِدُ الكأسَ ثِقلُها .. ويُقيم
يا حبيبي! و ليتَ .. شيءٌ عَقيم
ليتَ أنَّ الحياةَ ظِلٌّ مُغيم
هكذا:
ليتَ أنَّ عَيشاً يدومُ
مثلَ هذا،
ليتَ الشقاءَ سَرابُ
يرتعي المرءُ ظِلَّه ويهاب
من بعيدٍ:
ليتَ النعيمَ شرابُ
كلما ألْهَبَ السَرابُ النّفوسا
نهلَتْ مِنهُ، تستزيدُ الكؤوسا
ليتَ دمعَ الفجرِ الحزينِ الباكي
لفراقِ الدجى، بعينِ الورودِ
وبذَوبِ الندى، يعودُ فيرقا
ليتَ أنَّ الظلامَ برِتق فتقا
شقَّهُ الصبحُ في الرُّبى والسِّكاكِ
ليتَ أنَّ الدُجى يعودُ فيُسقى
من كؤوس الندمانِ، والأقداحِ
ليت هذا الظلَّ الخفوقَ الجَناحِ
يرتمي فوقَها من المِصباحِ
مُشعِراً بانصرامِ حَبلٍ تبقَّى
من حبالِ الدُجى يعودُ فَيرقى
يا حبيبي راحَ الظلامُ يُداحُ
والأباريقُ ظِلّها ينزاح
عن مُغِذٍّ في سِيرِه، وطليحِ
ومُباحٍ لحُكْمِها ومُبيح
وظِلالٌ من الدمِ المسفوح!
بيد الصُبحِ في الفضاء الجريح!
راعِشاتٌ على الثرى، والحُقولِ
وعلى الجدولِ الرتيبِ المَسيل
في مُرَيْجٍ أهدى الصَباحُ إليه
قُبلةً تَخْلَعُ الدلالَ عليه
وتهادى النّسيمُ بين يديه
مُتْعَباً، ناعساً، بليلاً، كسولا!
لم يَجِدْ مثلَه الصباحُ رسولا
للِِقاء السنابلِ المُغْفياتِ
في دِثارٍ ضافٍ من الذِّكْرَيات؟
ولإيقاظِ تلكمُ المُغرِيات!
من صبايا الحُقول، والفتيات!
سالِكاً ذلكَ السّبيلَ الجميلا
في ثنايا الثّيابِ والطيَّاتِ!!
وظِلالٌ من الغُيومِ الرِّقاق
فوق خُضْرِ الربى، وبينَ السواقي
تتلاقى بمَوعدٍ للتلاقي!
بظلالٍ كأنّهُنَّ خيوطُ
يَتشابكنَ جَيْئَةً، وَذهابا
من طيورِ تجمَّعت أسْرابا
يَتغازَلْنَ والصبا، والضَّبابا
تتحدَّى قِناعَه وتُميطُ
يا حبيبي، ورَغبتي، ودليلي!
إنَّ لونَ الظلامِ حالَ فَحُولي!
والدّراري بعدَ الصراعِ الطويل
وسنا الفجرِ
ينحدِرْنَ فُلولا
وبناتُ النَعْشِ المُقِلِّ القتيلا
يتَذوَّبنَ حسرةً وعويلا
ويُجَرِّرْنَ من حِدادٍ ذيولا
مُسبَلاتِ على المجرِّ الذليلِ
يا حبيبي! مالَ الزمانُ فميلي
وأميلي بموضعِ التّقبيل!
يا حبيبي: لم يبقَ لي من مآبِ
من لُباناتِ هذه الأطياب
والظلامِ المزعزعِ الأطناب
ومُجاجاتِ عِطْرهِ المُنساب
غيرُ هذا الليلِ! الفسيحِ الرِحاب
بين جَفنيكِ حارَ والأهداب
إي وعَيْنَيْكِ والخيالِ الشَّرودِ
إي وهذا الغورِ السحيقِ البعيد
بين مُوقَيْكِ يَسبقُ الأبعادا
إي و صحراءَ صَحصَحٍ .. تتنادى
عندها من عوالِمٍ أصداءُ
إي ولمحٍ ..! من السّنا يتهادى
فتسيرُ الاطيافُ والأهواء
خلفَه:
إي وصامتٍ كالجليدِ
ومدوٍّ كقاصفاتٍ الرّعود
منهما:
إي وذلك الانسانِ!
هازئاً بالمَلاكِ، والشيطانِ:
لامتدادُ الفضا، وعنفُ الدياجي
وخِضَمٌ من بحرهِ العجّاج
دونَ هذا الطرفِ الكحيلِ الساجي
روعةً، وانبساطةً واقتد
إي، وعينيكِ حلفةً لا تُمار
محمد مهدي الجواهري
بواسطة: حمد الحجري
التعديل بواسطة: حمد الحجري
الإضافة: الجمعة 2015/12/25 05:05:17 صباحاً
إعجاب
مفضلة


أعلى القصائد مشاهدة للشاعر
أعلى القصائد مشاهدة خلال 24 ساعة الماضية
انتظر معالجة القصيدة ...
جميع الحقوق محفوظة لبوابة الشعراء .. حمد الحجري © 2005 - برمجة وتصميم
info@poetsgate.com