إبلاغ عن خطأ
ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك
انتظر إرسال البلاغ...
|
إنَّ وجهَ الدُجى أنيتا تجلَّى |
عن صباحٍ مِن مُقلَتيكِ أطَلا |
وكأنَّ النجومَ ألقَيْنَ ظِلا |
في غديرٍ مُّرقرَقٍ ضَحْضاحِ |
بينَ عينيكِ نُهبةً للرياح |
وغياضُ المُروج أهدَتكِ طَلا |
إن هذا الطيرَ البليلَ الجَناحِ |
المُدوِّي على مُتونِ الرياحِ |
والذي أزعجَ الدُّجى بصَباحِ |
عبَّ في الليل من ثُغورِ الأقاح |
رشفَةُ مجَّ عِطرَها وتولّى |
حيثُ هذا الرأسُ الجميلُ تدلّى |
والفِراشُ الذي به يتمَلّى |
وبحيثُ أرتدَّتْ هباءً نَثيرا |
تملأ النفسَ والفضاءَ عبيرا |
خِصِلاتٌ مِن شَعرِكِ الذَهبيِّ |
كنتِ فيهِ الثرىَّ أيَّ ثرِيِّ |
إسمعي، إسمعي أنيتا فهنَّا |
وهُنا، صادِحٌ صَبا فتغنَّى |
والطريق المهجورُ عادَ فرَنَّا |
مِنْ جديدٍ ببعثِه يتهنَّى |
فلقد دبَّتِ الحياةُ إليهِ |
وتمشّى المعاوِدونَ عليه |
إسمعي وقعَ رائِحينَ وغادي |
وتَمَلَّيْ مِن الوُجودِ المُعاد |
والقَطارَ المجَلَجلَ المُتهادي |
في سُفوحٍ مُنسابَةٍ وَوِهادِ |
إسمعي، إسمعي أنيتا صَداهُ |
تَجِدي عن صَدى الزّمانِ بديلا |
وَتَرْينَ الدُّنيا تُجِدُّ رَحيلا |
بالأمانيِّ غُدوةً وأصيلا |
إنَّ وجهَ الدُجى أنيتا يُليحُ |
والليالي في شهرزَادَ تَصيحُ |
ههُنا، ههُنا يَطيبُ الصَّبوحُ |
حُلُمٌ رائِعٌ وطيفٌ لذيذُ |
بهما اليومُ مِن غَدٍ يستعيذ |
واللّيالي مِن اللّيالي تَلوذ |
فطريدٌ مؤمَّل وأخيذ |
حُلُمٌ رائعٌ كأن الخيالا |
حينَ ضاقَت به الحياةُ مَجالا |
مَلِّ أسفارَهُ فحطَّ الرِّحالا |
ههُنا، فهو عن سِواهُ صَدوفُ |
وهو في أعيُنِ السُّقاةِ يَطوف |
لِجِناحيهِ في الكؤوس رفيف |
ورنينُ الأوتارِ منها حفيف |
حَلُمٌ رائِعٌ وجوٌّ لطيفُ |
والنَّدامَى على الكؤوسِ عُكوف |
والأباريقُ نالَ منها النّزيف |
غير أنَّا ورُبَّ صفوٍ يُخيف |
ملكَ الذعرُ نفسَنا والفؤادا |
ونسِينا حتى المُنى والمُرادا |
وأبَحنْا للعاطِفاتِ القِيادا |
أتُرى أنَّ هذه الشهرَزادا |
ذكرَّتْنا أحلامُها بغدادا؟ |
يا حبيبي! وهذه الأطيافُ |
عن قريبٍ بيقظةٍ ستْداف |
وإلى مثلها انقضتْ، ستُضاف |
يا حبيبي! وهذه الأعطاف |
تتثنَّى على الكؤوسِ دَلالا |
كلُّ عِطفِ، لولا الحياءُ لسالا |
سوفَ تنهدُّ بعدَ حينٍ كلالا |
حينَ تستامُها الحياةُ النضالا |
حينَ تَلقى ما لا تُطيقُ احتِمالا |
يا حبيبي: وهذه النظَراتُ |
في مُذابِ الفُتورِ مُنكسِرات |
والوجوهُ الحيِيَّةُ الخَفِرات |
والنفوسُ الفيّاضةُ الخيِّرات |
والشِفاهُ النديَّةُ العَطِرات |
والشُعورُ المسترسِلاتُ انسيابا |
وجفونٌ تستثقِل الأهدابا |
والأكُفُّ التي تذوبُ انجِذابا |
كلُّ خِصرٍ بكلِّ كفٍّ يَلفُّ |
وشِفاهٌ على شِفاهٍ تَرِفّ |
وقلوبٌ من صفوها تُستَشَفّ |
كلُّ هذا، وكلُّ ما غيرُ هذا |
عن قليلٍ سيستطيرُ رُذاذا |
فأفيقي فقد تَناهى المَطافُ |
واستردَّتْ هِباتِها الألطاف |
هاهُمُ العازِفونَ حولَكِ طافُوا |
يستعيدونَ مِن صدى الأجيالِ |
وحفيفِ الأحراشِ والأدغالِ |
ما يَخالُون أنَّ في مُقلتيكِ |
وارتجاجِ المُيول في وجنتيك |
ونَثيرِ الجَديلِ عن جانِبيك |
صِلةً بينه وبينَ الخَيالِ |
لستُ ادري أنيِتُ كيف استحالا |
وجهُكِ المستَظِلُّ بالأضواءِ |
خافِتاتٍ كعاطفاتِ المُرائي |
نغَماً سارِباً مع الأنغامِ |
يا حبيبي! وللنديم هُمومُ |
يُقعِدُ الكأسَ ثِقلُها .. ويُقيم |
يا حبيبي! و ليتَ .. شيءٌ عَقيم |
ليتَ أنَّ الحياةَ ظِلٌّ مُغيم |
هكذا: |
ليتَ أنَّ عَيشاً يدومُ |
مثلَ هذا، |
ليتَ الشقاءَ سَرابُ |
يرتعي المرءُ ظِلَّه ويهاب |
من بعيدٍ: |
ليتَ النعيمَ شرابُ |
كلما ألْهَبَ السَرابُ النّفوسا |
نهلَتْ مِنهُ، تستزيدُ الكؤوسا |
ليتَ دمعَ الفجرِ الحزينِ الباكي |
لفراقِ الدجى، بعينِ الورودِ |
وبذَوبِ الندى، يعودُ فيرقا |
ليتَ أنَّ الظلامَ برِتق فتقا |
شقَّهُ الصبحُ في الرُّبى والسِّكاكِ |
ليتَ أنَّ الدُجى يعودُ فيُسقى |
من كؤوس الندمانِ، والأقداحِ |
ليت هذا الظلَّ الخفوقَ الجَناحِ |
يرتمي فوقَها من المِصباحِ |
مُشعِراً بانصرامِ حَبلٍ تبقَّى |
من حبالِ الدُجى يعودُ فَيرقى |
يا حبيبي راحَ الظلامُ يُداحُ |
والأباريقُ ظِلّها ينزاح |
عن مُغِذٍّ في سِيرِه، وطليحِ |
ومُباحٍ لحُكْمِها ومُبيح |
وظِلالٌ من الدمِ المسفوح! |
بيد الصُبحِ في الفضاء الجريح! |
راعِشاتٌ على الثرى، والحُقولِ |
وعلى الجدولِ الرتيبِ المَسيل |
في مُرَيْجٍ أهدى الصَباحُ إليه |
قُبلةً تَخْلَعُ الدلالَ عليه |
وتهادى النّسيمُ بين يديه |
مُتْعَباً، ناعساً، بليلاً، كسولا! |
لم يَجِدْ مثلَه الصباحُ رسولا |
للِِقاء السنابلِ المُغْفياتِ |
في دِثارٍ ضافٍ من الذِّكْرَيات؟ |
ولإيقاظِ تلكمُ المُغرِيات! |
من صبايا الحُقول، والفتيات! |
سالِكاً ذلكَ السّبيلَ الجميلا |
في ثنايا الثّيابِ والطيَّاتِ!! |
وظِلالٌ من الغُيومِ الرِّقاق |
فوق خُضْرِ الربى، وبينَ السواقي |
تتلاقى بمَوعدٍ للتلاقي! |
بظلالٍ كأنّهُنَّ خيوطُ |
يَتشابكنَ جَيْئَةً، وَذهابا |
من طيورِ تجمَّعت أسْرابا |
يَتغازَلْنَ والصبا، والضَّبابا |
تتحدَّى قِناعَه وتُميطُ |
يا حبيبي، ورَغبتي، ودليلي! |
إنَّ لونَ الظلامِ حالَ فَحُولي! |
والدّراري بعدَ الصراعِ الطويل |
وسنا الفجرِ |
ينحدِرْنَ فُلولا |
وبناتُ النَعْشِ المُقِلِّ القتيلا |
يتَذوَّبنَ حسرةً وعويلا |
ويُجَرِّرْنَ من حِدادٍ ذيولا |
مُسبَلاتِ على المجرِّ الذليلِ |
يا حبيبي! مالَ الزمانُ فميلي |
وأميلي بموضعِ التّقبيل! |
يا حبيبي: لم يبقَ لي من مآبِ |
من لُباناتِ هذه الأطياب |
والظلامِ المزعزعِ الأطناب |
ومُجاجاتِ عِطْرهِ المُنساب |
غيرُ هذا الليلِ! الفسيحِ الرِحاب |
بين جَفنيكِ حارَ والأهداب |
إي وعَيْنَيْكِ والخيالِ الشَّرودِ |
إي وهذا الغورِ السحيقِ البعيد |
بين مُوقَيْكِ يَسبقُ الأبعادا |
إي و صحراءَ صَحصَحٍ .. تتنادى |
عندها من عوالِمٍ أصداءُ |
إي ولمحٍ ..! من السّنا يتهادى |
فتسيرُ الاطيافُ والأهواء |
خلفَه: |
إي وصامتٍ كالجليدِ |
ومدوٍّ كقاصفاتٍ الرّعود |
منهما: |
إي وذلك الانسانِ! |
هازئاً بالمَلاكِ، والشيطانِ: |
لامتدادُ الفضا، وعنفُ الدياجي |
وخِضَمٌ من بحرهِ العجّاج |
دونَ هذا الطرفِ الكحيلِ الساجي |
روعةً، وانبساطةً واقتد |
إي، وعينيكِ حلفةً لا تُمار |