عناوين ونصوص القصائد   أسماء الشعراء 
شعراء الفصحى في العصر الحديث > تونس > مراد العمدوني > طائر النوء

تونس

مشاهدة
1119

إعجاب
0

تعليق
0

مفضل
0

الأبيات
0
إغلاق

ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك

إرسال
انتظر إرسال البلاغ...

طائر النوء

ماذا ترك الإسفنج للبحر
غير زرقته؟
وماذا تركت قريش لنا
غير جثمان مشدود إلى أرجوحة طفل
يمدّ يدا للسديم كأنها سهم من الماء
أو طائر النوء
يفر من حدائق الأسماء
إلى صفصافة
بلا مأوى
ردّة أخرى
لنسترد من الأشباه حرقتنا
ومن الخيانات سرّ سلطتها
على الليلك البريّ
وخنق التوابيت لشوك النار
أو لنمدّد شعر الأرض
في سِدرة المُنتهى
عطشى مروج الدَّيس
لشفة يابسة
وذي الرياح عطشى لرقصتنا
على دفوف الطواغيت
فما امتلأت نخاريب النحل
إلاّ دمّا
وما نمت في الحوض
سوى زهرة الكبريت
الزمن الآن
بئر بلا ضفاف كضفائرها
سدّة نعلو من خلالها على ظلالنا
لنرى أديم أصابعنا
وهو يرتجف
رَشْفَةُ دم مُتَعَفِّنٍ
وأنامل أطفال
فرّوا
هناك
كي نلاحقهم
الزّمن الآن
احتشاد أجنّة
صدئت من فرط الانتظار
وانكسار المدن القديمة
في القفار
…
فهبني يا صليب البحر حلمك اليوميّ
كي أبكي مختلفا
وأذوب كسمك الطين
في وحل الأسماء
هبني حراشف
أحتمي بها من الذكرى
والمطر الرديء
هناك احتمالان
لاحتجاج العصافير
على ضحكتنا:
حين تستكمل الروح صورتها
وينفلت المطلق من السراب
أو تفرّ الحمامة المرضعة
من فخاخ المعجزة
وتترك ثاني الاثنين في الغار
فلا يبقى في الوادي سوى
جثة عاشقة
تعري ثديها للريح
وتخفي قبلتها في الغبار
…
الآن
تُطيّر أصابعي المناديل
في سمائها
جذوع النخيل تنتشي
بانكسار ظلّها
على الجدار
فأخطو فوق خطوط العِرض
متّكئا على عبث الأنساق
لأدخل آلات تُفرّخنا
نُسَخا ملطّخة من اختبار الحضارات
وخطوي كان مرتبكا
كظلال الله زمن البدء
أو ارتداد هباءة عاشقين
عن مسلك الخلق العقيم
…
أخطو
فهل أخطأ القلب
حين دلّ التماثيل على منبع الروح
لتكفّ عن حَدْسِ الأراجيف
واختزال الفوضى
…
وهل أكتفي بإحصاء من فرّوا
خلف أوهام
بلا رائحة
كَقَيءِ الموتى
أم ألملم زغب الكواسر
من دم الحيض
وأنثر أسماءها حجرا
في الطواحين القديمة
أخطو
كما الإعصار منكسرا
على شبابيك الأصابيح
لا الأرض تقدر على حمل الطلقات اليابسة
لا النهر مال كي تفيض الحكمة البابلية
لا النفس المرتطم بجدار الحلق
قاد جُزَيْئَة الكربون
إلى تَجْويفَة مقيّحة
في القلب
لا لقب تجرّد من السيمياء القديمة
حتّى أعيد اللّغة إلى فَيْضِيّة العدم
الآن
تفيض الدروب العتيقة
بدمي
فدعي نوافذ الأحراش مقفلة
كي تغفو ربّات المدن، قليلا،
بعد سكرتها
ولا تقولي للرّيح
أنّي تَعِبٌ
حتّى ألامس جدائلك
بلا جرس
وأدسّ فمي في قباب الدَّيْسِ
معتصما
بضفيرتين مشنوقتين
على ظلّي
وأنفذ من بين دوائر الماء
خلف الحصاة التي ارتمت
في قاع الأساطير
فيدي لو فُتِّحت في النهر
لانزلقت من بين أصابعها
الرّوح
ولانكسرت آنية الوجهين
على صَدَفة مسكونة
بأشباح الحروف
ولانتفضت من بين أوردتي
أسراب الغرقى
لتستدلّ بها الأنهار العقيمة
عن انكسار الرَّضْفَة الصخريّة
وانحراف الحروب عن غريزتنا
وعن تعفّن الرّيح الشمالية
في أودية الجنوب
… …
طائر النوء
يمدّد ظلّي بين غُصَّتين
علّني أستعيد دهشة الأشياء
من جبَّانة اللغو
وأستعيد ارتباك جسدين مغتربين
يُغمِّسان أطراف الأنامل
في شمعداني
فأرتجف من شبق الماء
ويَنْجَرف الطّين المبلَّل
خلفي
إلى غُربة المعنى
في جَرَسِ الأسماء
…
طائر النوء
سَمِّ الذّات، ما شئت إذن،
هي مشطورة
كالريح بلا مأوى
وهي مقتولة
بأخطاء الذي لا يُخْطِئ
في مخبر التجريب
وهي معروضة
على حافة الأسواق
يَفْتَضُّها النسيان و الذكرى
وهي ملفوفة
بستائر الاحتفالات
كي تُذبح، علنا،
على إيقاعات التقطيع المترنّح
بين بحور الخليل
والمغنى
…
الماء المُلَوَّث
لم يترك لنا
حرِّية الهذيان
فاستنشقنا النشوة
من الجمرات
…
كان يمكن أن نعيد
تركيب الماضي
كأفلام الكَرْتون
فننتصر حتما
وكان يمكن
أن نخلط مَنِيَّنا
بزَبَد البحر
كي تعودي إلينا
أجمل من كلّ الأساطير
وأجمل منها
وكان يمكن
أن نلهو مثل أطفال مشاكسين
فنرسم على صورتنا
أنيابا جارحة
لِنَنْهش ما تبقَّى لنا من جثث
على جدار الصمت
طائر النوء
تشظّى البرق على زجاجنا
فانكسرن......ا
كطائر الرّوح
وسقطنا مرّة أخرى
من جنّة الخلود
إلى مُسْتَنْقَعٍ
بلا ذكرى
مراد العمدوني
بواسطة: لبنى
التعديل بواسطة: لبنى
الإضافة: الخميس 2007/03/15 10:35:32 مساءً
إعجاب
مفضلة

أضف تعليق

يجب تسجيل الدخول أو الاشتراك أو تفعيل الحساب اذا كنت مشترك لإضافة التعليق


أعلى القصائد مشاهدة للشاعر
أعلى القصائد مشاهدة خلال 24 ساعة الماضية
انتظر معالجة القصيدة ...
جميع الحقوق محفوظة لبوابة الشعراء .. حمد الحجري © 2005 - برمجة وتصميم
info@poetsgate.com