عناوين ونصوص القصائد   أسماء الشعراء 
شعراء الفصحى في العصر الحديث > العراق > محمد مهدي الجواهري > شاغور حمانا

العراق

مشاهدة
464

إعجاب
0

تعليق
0

مفضل
0

الأبيات
0
إغلاق

ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك

إرسال
انتظر إرسال البلاغ...

شاغور حمانا

عاودتُ بعد تغيُّبٍ لُبنانا
ونزلتُ رَحْبَ فِنائه جَذلانا
ودَرَجتُ اقتنصُ الشباب خَسِرتُه
ذا رِبحةٍ ورَبِحته خسرانا
فوجدتُ رَيْعان الجمالِ ولم أسَأ
أني أضعت من الصبا ريعانا
ووجدتُ في مرح الحياة طفولتي
وشبيبتي وكهولتي سِيّانا
ونقضتُ بيني والكوارثِ مَوثِقاً
وأخذت من عَنَتِ الزمان أمانا
وأقَمت من يَومي لأمسيَ حاجزاً
وضَرَبت سَداً بينَنا النِسيانا
وطلَبتُ عونَ قريحتي فوجدتُها
سمحاءَ تبذُل خيرَها مِعوانا
وأثرتُ هاجعةَ القوافي لم تجد
في الراقدين لركضة ميدانا
قام الجفافُ بعذرها واستامَها
خِصبُ الجبال مرونةً ولِيانا
وأريتها حَمّانة فرأتْ بها
مَلَكاً يمُدُّ الشعرَ لا شيطانا
وأردتُها تَصِف الحياة رقيقةً
وجليلةً وتُجيدها إتقانا
فشكَتْ إلى لُغىً تضيقُ حروفُها
عن أن تُسيغ السجعَ والأوزانا
شاغورُ حمانا ولم يَرَ جنةً
من لم يشاهدْ مرةً حمانا
مرْجٌ أرادتْه الطبيعةُ صورةً
منها على إبداعها عُنوانا
فحبتْه بالمُتَع الروائعِ كلِّها
ورَمَت عليه جمالَها ألوانا
المنتقاةَ من الحياة طبيعةً
والمصطفاة من البلاد مكانا
والخافقاتِ ظلالُها عن سَجسَجٍ
يَشفى الغَليل ويُثلجُ الظمأنا
والغامراتِ عيونُها وديانَها
وجبالَها وبقيعَها الفينانا
والغارقاتِ مروجُها في سُندُسٍ
خُضرٍ تَفوح من الشَذا أردانا
وادٍ تَلَفَّت ناشئاً فاذا به
بين الجبال تكفَّلَته حَنانا
واذا بها بمياهه وغياضِه
جاءَت تحوِّطُ مَرْجه بستانا
انظر إلى الجبل الأصمِّ بزرعِه
متبختراً وبضرعِه رَيّانا
لامستِ بالشك اليقينَ وزعزعَتْ
مرآكِ نفساً تنشُدُ الإيمانا
أمِنَ الجنان وخمرها لكِ صورةٌ
صوِّرَت عنكِ الجنانُ جنانا
عاودتُ ماءَكِ ناهلاً وحسبتُني
عاودتُ بعدَ تعفُّفٍ إدمانا
يا اختَ لا مرتين ارهفَ جوُك
الإحساسَ منه ولطَّفَ الوجدانا
هذي الينابيعُ الحسانُ تفجَّرتْ
منها ينابيعُ البَيان حِسانا
الخالداتُ خلودَ شمسك طلقةً
والسامياتُ سموَّ هضبِك شانا
والباعثاتُ من العواطف خيرَها
إيناسةً . وأرقَّها أحزانا
وحيٌ تنزَّلَ والندى ورسالةٌ
هَبَطتْ وأضواء النجوم قِرانا
في ساعةٍ أزَليةٍ بهباتِها
شأت الوحاة وبَزَّتِ الأزمانا
يا أيها النهرُ الذي بخريره
وَعَتِ العصورُ نشيدَهُ الرنّانا
يا أيها الجبلُ المَهيبُ بصمته
مترهِّباً يستلهمُ الأكوانا
يا أيها الشجَرُ الذي بحفيفِه
وفَّى الحياة ونورها شُكرانا
ما ضرَّ انك ما مَلَكتَ لسانا
ولأنت أفصحُ مَنطِقاً وبيانا
شاغور حَمّانا أثارَ بلُطفه
قِممَ الجبال وأرقَصَ الوديانا
فرشت له صُمُّ الصفا أذيالها
وتفتحَّت ثَغَراتُها أحضانا
ومَشَى عليها مالكاً ادراجها
متشوقاً لمسيله عَجْلانا
غَنِنَتْ به غُرُّ الضِفاف فخورةً
وزَهَا به يَبَسُ الثَرى جذلانا
وكسا الحشائشَ رونقاً لم تُعطَهُ
وجلا رُواءُ نميره العيدانا
وبدا الحَصَى اللمّاعُ في رَقراقه
دُرراً غواليَ تزدهي وجُمانا
تَرَكَ الجبالَ وعُريَها وهَجيرَها
وتقمَّصَ الاشجارَ والأغصانا
ورمى الخيالَ بمعجزٍ من حُسْنِهِ
في حالتَه كاسياً عُرْيانا
واستقبلته على الضِفاف بلابلٌ
نَشْوى تُغَنِّى مثلَه نَشْوانا
مُتَلوِّياً يُعطيك في لَفتاته
بين المسارب تائهاً حيرانا
ألقت عليه الشمسُ نُوراً باهتاً
زان الظلال رقيقةً وازدانا
وارتد إبّان الظهيرة غائماً
كالفجر يُعلن ضجةً اِيذانا
أوغَلتُ في أحراجه وكأنني
أصبحت أولَ مرَّةٍ فنّانا
وكأنني فيما أُحاولُ، هاربٌ
حَذِرٌ مخافةَ ان يَرَى إنسانا
ووجدتُ نفسي والطبيعة ناسيا
ماذا يضمّ العالمان سوانا
ورميتُ أثقال المطامحِ جانباً
ووجدت عن خُدُعاتِها سُلوانا
وحسِبت عصفوراً يُلاعب ظلَّه
في الماءِ ينعمُ راحةً وأمانا
واستسلمتْ نفسي لاحلامِ الصبا
ولمَسْت طيف خيالها يقظانا
ومَزَجْتُ بين الذكريات خليطةً
فوجدتُني متلذِّذاً أسيانا
وتسلَّلتْ بالرَغم مني مرَّةً
صُورُ الحقائق تبعثُ الأشجانا
فإذا الخيال المحضُ يلمعُ زاهياً
وإذا الحقيقةُ تُطفىءُ اللمَعَانا
محمد مهدي الجواهري
بواسطة: حمد الحجري
التعديل بواسطة: حمد الحجري
الإضافة: الثلاثاء 2015/12/29 04:29:08 صباحاً
إعجاب
مفضلة


أعلى القصائد مشاهدة للشاعر
أعلى القصائد مشاهدة خلال 24 ساعة الماضية
انتظر معالجة القصيدة ...
جميع الحقوق محفوظة لبوابة الشعراء .. حمد الحجري © 2005 - برمجة وتصميم
info@poetsgate.com