قِف بِهَذا البَحرِ وَاُنظُر ما غَمَر | |
|
| مَظهَرَ الشَمسِ وَإِقبالَ القَمَر |
|
وَاَعرِضِ المَوجَ مَلِيّاً هَل تَرى | |
|
| غَمرَةً أَودَت بِخَوّاصِ الغُمَر |
|
أَخَذَت ناحِيَةَ الحَقِّ بِهِ | |
|
| وَسَبيلَ الناسِ في خالي العُصُر |
|
مَنَعَ اللُبثَ وَإِن طالَ المَدى | |
|
| فَلَكٌ ما لِعَصاهُ مُستَقَر |
|
دائِرُ الدولابِ بِالناسِ عَلى | |
|
| جانِبَيهِ المُرتَقى وَالمُنحَدَر |
|
نَقَضَ الإيوانَ مِن آساسِهِ | |
|
| وَأَتى الأَهرامَ مِن أُمِّ الحُجَر |
|
وَمَحا الحَمراءَ إِلّا عَمَداً | |
|
| نَزعُها مِن عَضُدِ الأَرضِ عَسِر |
|
أَينَ رومِيَّةُ ما قَيصَرُها | |
|
| ما لَياليها المُرِنّاتُ الوَتَر |
|
أَينَ وادي الطَلحِ وَاللائي بِهِ | |
|
| مِن دُمىً يَسحَبنَ في المِسكِ الحِبَر |
|
أَينَ نابِلِيونُ ما غاراتُهُ | |
|
| شَنَّها الدَهرُ عَلَيهِ مِن غِيَر |
|
أَيُّها الساكِنُ في ظِلِّ المُنى | |
|
| نَم طَويلاً قَد تَوَسَّدتَ الزَهَر |
|
شَجَرٌ نامٍ وَظِلٌّ سابِغٌ | |
|
| بَيدَ أَنَّ الصِلَّ في أَصلِ الشَجَر |
|
يَذَرُ المَرءُ وَيَأتي ما اِشتَهى | |
|
| وَقَضاءُ اللَهِ يَأتي وَيَذَر |
|
كُلُّ مَحمولٍ عَلى النَعشِ أَخٌ | |
|
| لَكَ صافٍ وُدُّهُ بَعدَ الكَدَر |
|
إِن تَكُن سِلماً لَهُ لَم يَنتَفِع | |
|
| أَو تَكُن حَرباً فَقَد فاتَ الضَرَر |
|
راكِبَ البَحرِ أَمَوجٌ ما تَرى | |
|
| أَم كِتابُ الدَهرِ أَم صُحفُ القَدَر |
|
لُجَّةٌ كَاللَوحِ لا يُحصى عَلى | |
|
| قَلَمِ القُدرَةِ فيها ما سُطِر |
|
فَتَلَفَّت وَتَنَسَّم حِكمَةً | |
|
| وَاِلمِس العِبرَةَ مِن بَينِ الفِقَر |
|
وَتَأَمَّل مَلعَباً أَعجَبُهُ | |
|
| آيَةً جانِبُهُ المُرخى السُتُر |
|
هَهُنا تَمشي الجَواري مَرَحاً | |
|
| وَجَواري الدَهرِ يَمشينَ الخَمَر |
|
رُبَّ سَيفٍ ضَرَبَ الجَمعُ بِهِ | |
|
| في كُنوزِ البَحرِ مَطروحَ الكِسَر |
|
وَنِجادَ لَم يُطاوَل ضَحوَةً | |
|
| نالَهُ الفَجرُ عِشاءً بِالقِصَر |
|
وَسَفينَ آمِرٍ فيها البِلى | |
|
| طالَما أَوحَت إِلَيهِ فَأتَمَر |
|
وَوُجوهٍ ذَهَبَ الماءُ بِها | |
|
| في نَهارِ الفَرقِ أَو لَيلِ الشَعَر |
|
وَعُيونٍ ساجِياتٍ سُجِّيَت | |
|
| بِرُفاتِ السِحرِ أَو فَلِّ الحَوَر |
|
قُل لِلَيثٍ خُسِفَ الغيلُ بِهِ | |
|
| بَينَ طِمٍّ وَظَلامٍ مُعتَكِر |
|
اُنظُرِ الفُلكَ أَمِنها أَثَرٌ | |
|
| هَكَذا الدُنيا إِذا المَوتُ حَضَر |
|
هَذِهِ مَنزِلَةٌ لَو زِدتَها | |
|
| ضاقَ عَنكَ السَعدُ أَو ضاقَ العُمُر |
|
فَاِمضِ شَيخاً في هَوى المَجدِ قَضى | |
|
| رَحمَةَ المَجدِ وَرِفقاً بِالكِبَر |
|
ميتَةٌ لَم تَلقَ مِنها عَلَزاً | |
|
| مِن وَقارِ اللَيثِ أَن لا يُحتَضَر |
|
أَنتُمُ القَومُ حِمى الماءِ لَكُم | |
|
| يَرجِعُ الوِردُ إِلَيكُم وَالصَدَر |
|
لُجَجُ الدَأماءِ أَوطانٌ لَكُم | |
|
| وَمِنَ الأَوطانِ دورٌ وَحُفَر |
|
لَستَ في البَحرِ وَحيداً فَاِستَضِف | |
|
| فيهِ آباءَكَ تَنزِل بِالدُرَر |
|
رَسَبوا فيهِ كِراماً وَطَفا | |
|
| طائِفُ النَصرِ عَلَيهِم وَالظَفَر |
|
نَشَأَ النيلُ إِلَيكُم سيرَةً | |
|
| لَكُمو فيها عِظاتٌ وَعِبَر |
|
إِقرَأوها يُكشَفُ العَصرُ لَكُم | |
|
| كُلُّ عَصرٍ بِرِجالٍ وَسِيَر |
|
لا تَقولوا شاعِرُ الوادي غَوى | |
|
| مَن يُغالِط نَفسَهُ لا يُعتَبَر |
|
مَوقِفُ التاريخِ مِن فَوقِ الهَوى | |
|
| وَمَقامُ المَوتِ مِن فَوقِ الهَذَر |
|
لَيسَ مَن ماتَ بِخافٍ عَنكُمو | |
|
| أَو قَليلِ الفِعلِ فيكُم وَالأَثَر |
|
شِدتُمو دُنياهُ في أَحسَنِها | |
|
| غَزوَةَ السودانِ وَالفَتحِ الأَغَر |
|
وَبَنى مَملَكَةَ النوبِ بِكُم | |
|
| فَاِذكُروا القَتلى وَلا تَنسوا البِدَر |
|
وَاِحذَروا مِن قِسمَةِ النيلِ فَيا | |
|
| ضَيعَةَ الوادي إِذا النيلُ شُطِر |
|
رَجُلٌ لَيسَ اِبنَ قارونَ وَلا | |
|
| بِاِبنِ عادِيٍّ مِنَ العَظمِ النَخِر |
|
لَيسَ بِالزاخِرِ في العِلمِ وَلا | |
|
| هُوَ يَنبوعُ البَيانِ المُنفَجِر |
|
رَضَعَ الأَخلاقَ مِن أَلبانِها | |
|
| إِنَّ لِلأَخلاقِ وَقعاً في الصِغَر |
|
وَرَآها صورَةً في أُمَّةٍ | |
|
| وَمِنَ القُدوَةِ ما توحي الصُوَر |
|
ذَلِكَ المَجدُ وَهَذي سُبلُهُ | |
|
| بَيِّنٌ فيها سُبلُ المُعتَذِر |
|
أَبَعدَ الساعونَ يَبغونَ المَدى | |
|
| وَالمَدى في المَجدِ دانٍ لِنَفَر |
|
كَجيادِ السَبقِ لَن تُغنِيَها | |
|
| أَدَواتُ السَبقِ ما تُغني الفِطَر |
|
وَجَناحُ السِلمِ إِلّا أَنَّها | |
|
| ساعَةَ الرَوعِ جَناحٌ مِن سَقَر |
|
مِن حَديدٍ جانِباها سابِغٍ | |
|
| رَبَضَ المَوتُ عَلَيهِ وَفَغَر |
|
أَشبَهَت أَفواهُها أَعجازَها | |
|
| قُنفُذٌ في اليَمِّ مَشروعُ الإِبَر |
|
أَرهَفَت سَمعَ العَصا وَاِكتَحَلَت | |
|
| إِثمِدَ الزَرقاءِ في عَرضِ السَدَر |
|
وَتُؤَدّي القَولَ لا يَسبِقُها | |
|
| رُسُلُ الأَرواحِ في نَقلِ الفِكَر |
|
خَطَرَت في مِحجَرَيها وَمَشَت | |
|
| بِعُيونِ المُلكِ في بَحرٍ وَبَر |
|
غابَةٌ تَجري بِسُلطانِ الشَرى | |
|
| خادِراً مِن أَلفِ نابٍ وَظُفُر |
|
وَإِذا المَوتُ إِلى النَفسِ مَشى | |
|
| وَرَكِبتَ النَجمَ بِالمَوتِ عَثَر |
|
رُبَّ ثاوٍ في الظُبى مُمتَنِعٍ | |
|
| سَلَّهُ المِقدارُ مِن جَفنِ الحَذَر |
|
تَسحَبُ الفولاذَ في مُلتَطَمٍ | |
|
| بِالعَوادي مُتَعالٍ مُعتَكِر |
|
لَو أَشارَت جاءَها ساحِلُه | |
|
| في حَديدٍ وَعَديدٍ مُنتَصِر |
|
أَو فَدى المَيِّتَ حَيٌّ فُدِيَت | |
|
| بِوَقاحٍ في الجَواري وَخِفَر |
|
بَعَثَ البَحرُ بِها كَالمَوجِ مِن | |
|
| لُجَجِ السِندِ وَخُلجانِ الخَزَر |
|
لَمَسَتها لِلمَقاديرِ يَدٌ | |
|
| تَلمَسُ الماءَ فَيَرمي بِالشَرَر |
|
ضَرَبَتها وَهيَ سِرٌّ في الدُجى | |
|
| لَيسَ دونَ اللَهِ تَحتَ اللَيلِ سِر |
|
وَجَفَت قَلباً وَخارَت جُؤجُؤاً | |
|
| وَنَزَت جَنباً وَناءَت مِن أُخَر |
|
طُعِنَت فَاِنبَجَسَت فَاِستَصرَخَت | |
|
| فَأَتاها حينُها فَهيَ خَبَر |
|