عناوين ونصوص القصائد   أسماء الشعراء 
شعراء الفصحى في العصر الحديث > سورية > غادة السمان > أشهد أن زمنك سيأتي

سورية

مشاهدة
1243

إعجاب
0

تعليق
0

مفضل
0

الأبيات
0
إغلاق

ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك

إرسال
انتظر إرسال البلاغ...

أشهد أن زمنك سيأتي

أسبح عكس التيار
خارج قطيع الأسماك المذعورة لأعود اليك ..
وها أنا من جديد هناك
في بيروت المكنفة بفلاشات عدسات التصوير
وروائح احراق النفايات و الجثث
وظلال الحرائق على أعمدة البكاء
كمدينة ضربها الطاعون
طالعة من أساطير اللعنة
وأكمام العصور المنقرضة ...
***
حتى النوافذ تنكرت لنا
ولم نعد نرى عبرها
ولكن يرانا المسلحون من الخارج بوضوح
ونحن نلملم أطراف الحذر
ونأوي كالجراذين الى أوكارنا في الدهاليز
حين يرفع القصف عقيرته بالنباح الأسود...
***
اقترفت خطيئة فتح نافذة للتجسس على الشمس
شاهدت الرجل المسلح يختال في الأرض مرحا
على جثث الشوارع الخاوية ...
ذراعه بندقية
لم تعرف طلقاتها غير قلوب الأبرياء و الأطفال ...
شاهدت أوراق الأشجار تموت و تتساقط حين مر
والأزهار تذبل فجأة
والألوان تهرب من المرئيات
مثل صورة تلفزيونية ملونة
تستحيل بيضاء و سوداء ..
والعصافير تطلق صيحات الذعر
وهي تفر من دربه ...
والسيارات تنقلب على ظهرها
كالصراصير المعدنية الميتة ...
والمسلح يمشي
تتصاعد أبخرة الكبريت الخانقة من أنفاسه
الحوامض الكاوية تتفجر من موضع قدميه...
عند المنعطف التقى بالمسلح ضبع مخيف...
فانضم اليه بعدما تعانقا بحرارة...
أغلقت النافذة
أحصيت أعضائي..
تلمست بطاقة سفري...
***
ولم تعد الغابات ملعبنا و الشطآن الليلية
ها نحن محشوران داخل بكاء الأطفال في الملجأ
والفئران تقرض أطرافنا و بطاقات هويتنا و أحلامنا...
ونحيب خافت لمشلولة يصم اذاننا كالقصف..
ولد صغير يسأل بالحاح مخبول كلما سقطت قذيفة
ماذا يحدث؟
من يجرؤ على أن يقول له
أنهم يحاولون اقتسام الجوهرة المسروقة النادرة
منذ ثلاثة عشر عاما و يفشلون؟...
من يجرؤ على أن يشهد عكس الريح؟
***
عبثا يسطون على دفء القلب
اني أتذكر ...
أحارب الجدران بنوافذ الحلم ..
ذلك الصباح منذ ألف عام
وجدتك مرميا على الشاطىء أمامي
شهيا و دافئا كعشبة بحر استوائية
لكنني أعدتك الى الموج..
شكوت لي الملمس البارد لعرائس المحيطات
وأهديني مركبك
فصنعت من سرير عرس
عبثا يحوله ضباع الليل و دبابيره
الى تابوت ..
***
هذا ليس زمنك
أيها المرهف شفافية و عذوبة
هذا زمن اعدام العصافير
والأطفال و الفراشات و النجوم ...
وأنت تدفق الحنان صوب كائنات الله كلها ...
هذا ليس زمنك
لكنني أشهد عكس الريح
على أن حبك وحده سيبقى
وأزهارك الربيعية اتية من ميتاتنا العديدة...
لتنمو كنباتات الأساطير
فوق القبور المنبوشة
وأشلاء المخطوفين..
وشفاه شققها الأنين...
وسأظل أحبك عكس الريح
ريثما يطلق الموت سراحي
......
غادة السمان
بواسطة: الأقستان
التعديل بواسطة: الأقستان
الإضافة: السبت 2007/03/17 05:14:53 صباحاً
إعجاب
مفضلة

أضف تعليق

يجب تسجيل الدخول أو الاشتراك أو تفعيل الحساب اذا كنت مشترك لإضافة التعليق


أعلى القصائد مشاهدة للشاعر
أعلى القصائد مشاهدة خلال 24 ساعة الماضية
انتظر معالجة القصيدة ...
جميع الحقوق محفوظة لبوابة الشعراء .. حمد الحجري © 2005 - برمجة وتصميم
info@poetsgate.com