إبلاغ عن خطأ
ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك
انتظر إرسال البلاغ...
|
منذ طفولتي و هم عيثا يحاولون اقناعي |
بأن عصفورا في اليد |
خير من عشرة على الشجرة!.. |
ولم أصدق تلك الاكذوبة أبد!.. |
جلدوني بسياط الغضب الاجتماعي |
وعلقوني على شجرة التشهير |
وقالوا انني ساحرة من رعايا الشيطان |
وانني مسكونة بالشر الغامض كعرافات دلفي |
وانني لست طيبة كبقية الصغار |
الذين صدقوا أن عصفورا في اليد |
خير من عشرة على الشجرة!.. |
وأراحوا وأستراحوا ... |
وكيف أصدق أيها الغريب |
أن عصفورا في اليد |
خير من عشرة على الشجرة |
وأنا أعرف أن العصفور في اليد |
هو امتلاك لحفنة رماد |
والعصفور على الشجرة |
نجمة فراشة |
حلم بلا نهاية ... |
العصفور على الشجرة |
هو دعوة إلى مدن الدهشة والمفأجاة |
ونداء للسباحة تحت شلال الجنون المضيء ... |
والعصفور في اليد |
قيلولة في مستنقع الرتابة |
واقامة في مدينة المقبرة |
وحوار رتيب كالشخير!.. |
لا تصدقوا أيها العشاق الصغار |
الذين لم تتشوهوا بعد |
لا تصدقوا أن عصفورا في اليد |
خير من عشرة على الشجرة! |
بملء حنجرة أعماقي أقول لكم: |
عصفور على الشجرة |
خير من عشرة في اليد |
فالعصفور على الشجرة هو البداية |
هو دعوة للركض على قوس قزح |
وانطلاقة فوق فرس بري |
إلى عوالم حقيقة الذات |
والعصفور في اليد هو كلمة الخاتمة |
هو قفل في باب الخيال والهواجس |
وتعايش مع قبيلة السلحفاة والنملة |
وقالب معد سلفا لسجن كل ما هو نبيل وفريد فينا!.. |
من قال أن ريشة في مهب الرياح |
ليست خيرا من حصاة مستقرة في قاع نهر راكد؟! |
أحبك أيها الغريب |
أيها المشرد بين القارات |
كسنونو اطلق الرصاص على الربيع |
ورفض كل يد تحتويه |
ورفض حتى غصنه |
وسكن في الريح |
وانطلق في الكون |
مثل كوكب يرفض حتى مداره ... |
أحبك أيها الغريب |
وحتى حين تأتي إلي |
برقتك الشرسة العذبة |
وتستقر داخل كفي |
بوداعة طفل |
فإني لا أطبق يدي عليك |
وانما اعاود اطلاقك للريح |
واعاود رحلة عشقي لجناحيك وجناحاك المجهول |
والغرابة ... |
احبك |
وأطفح بالامتنان لك |
فقد حولتني |
من مسمار في تابوت الرتابة |
إلى فراشة شفافة مسكونة بالتوقد |
قبلك كنت أنام جيدا |
معك صرت أحلم جيدا |
قبلك كنت اشرب ولا أثمل |
معك صرت أثمل ولا اشرب |
معك نبتت اجنحتي |
وتطرزت أيامي بخيوط الشهوة الخضراء |
وغسلتني امطار العنف والحنان المضيئة |
وأبحرت في مدارات اللاشرعية |
إلى كوكب التفاح الجهنمي |
والثلج الملتهب الملون |
كحريق في غابة!.. |
احبك أيها الغريب |
بضراوة السعادة |
وبرقة الحزن ... |
فأنا أعرف جيدا |
أن من يحب عصفورا على الشجرة |
يكتشف مدى قدرته على العطاء والتوهج ... |
لكنه أيضا |
يكتشف مدى قدرته على الحزن |
حين ترحل الشجرة بطائرها! |
وأعرف أن رحيلك محتوم |
كما حبك محتوم! |
وأعرف أنني ذات ليلة سأبكي طويلا |
بقدر ما أضحك الآن |
وأن سعادتي اليوم هي حزني الآتي |
ولكنني أفضل الرقص على حد شفرتك |
على النوم الرتيب كمومياء |
ترقد في صندوقها عصورا بلا حركة! |
خذني اليك أيها الغريب |
يا من صدره نقاء صحراء شاسعة ... |
وعباءته الليل ... |
وصوته حكايا الأساطير |
ضمتني اليك |
أنا كاهنة المغامرة |
وسيدة الفرح الحزن توأم |
ولنطر بعيدا عن مدينتهم |
وشوارعهم وكرنفالاتهم |
وغابة المهرجين والحمقى والطيور المحنطة |
ولننطلق معا |
مثل سهم ناري لا ينطفىء |
ها هو ذئب الفراق |
قابع في انتظار سقوطنا بين أنيابه |
إذا سقطت |
لن أشكو |
أو أتلو فعل الندامة ... |
المهك انني عرفت نشوة أن أطير |
اغامر ... وأطير |
وبك رفضت قدر ديدان الأرض!.. |
التقينا لنفترق؟ |
فليكن! |
خذني اليك الآن |
وليرحل عنا الرحيل! |
ضمني إلى جحيمك الرائع |
وليرحل عنا الرحيل لا! |
ومهما هددني الغد بالفراق |
ووقف لي المستقبل بالمرصاد |
متوعدا بشتاء أحزان طويل |
سأظل أحبك |
وبلحظتنا الكثيفة كالمعجزة |
أتحدى الماضي والمستقبل |
وكل صباح أقول لك: |
أنا لك ... |
لأنني اؤمن بأن عصفورا على الشجرة |
خير من عشرة في اليد |