عناوين ونصوص القصائد   أسماء الشعراء 
شعراء الفصحى في العصر الحديث > العراق > بدر شاكر السياب > أهواء

العراق

مشاهدة
2371

إعجاب
1

تعليق
0

مفضل
0

الأبيات
0
إغلاق

ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك

إرسال
انتظر إرسال البلاغ...

أهواء

أطلي على طرفي الدامع خيالا من الكوكب الساطع
ظلا من الأغصن الحالمات على ضفة الجدول الوادع
وطوفي أناشيد في خاطري يناغين من حبّي الضائع
يفجّرن من قلبي المستفيض و يقطرن في قلبي السامع
******
لعينيك للكوكبين اللذين يصبان في ناظريّ الضياء
لنبعين، كالدهر، لا ينضبان و لا يسقيان الحيارى الظماء
لعينيك ينثال بالأغنيات فؤاد أطال انثيال الدماء
يودّ، إذا ما دعاك اللسان على البعد لو ذاب فيه النداء
******
يطول انتظاري، لعلي أراك لعلي، ألاقيك بين البشر
سألقاك. لا بد لي أن أراك و إن كان بالناظر المحتضر
فديت التي صوّرتها مناي و ظل الكرى في هجير السهر
أطلي على من حباك الحياة فأصبحت حسناء ملء النظر!
******
اطلي فتاة هواي و الخيال على ناظر الرؤى عالق
بعشرين من ريقات السنين عبرن المدرات في خافقي
بعشرين كلاّ وهبت الربيع و ما فيه من عمري العاشق
فما ظل إلا الربيع صغير أخبّيه للموعد الرائق
******
سأروي على مسمعيك الغداة أحاديث سمّيتهن الهوى
وأنباء قلب غريق السراب شقيّ التداني، كئيب النوى
أصيخي .. فهذي فتاة الحقول و هذا غرام هناك انطوى
اتدرين عن ربة الراعيات؟ عن الريف؟ عما يكون الجوى
******
هو الريف هل تبصرين النخيل؟ و هذي أغانيه هل تسمعين
وذاك الفتى شاعر في صباه و تلك التي علمته الحنين
هي الفنّ من نبعت المستطاب هي الحبّ من مستقاه الحزين
رآها تغني وراء القطيع ك بنلوب تستمهل العاشقين
******
فما كان غير التقاء الفؤادين في خفقة منهما عاتية
وما كان غير افترار الشفاة بما يشبه البسمة الحانية
وكان الهوى، ثم كان اللقاء لقاء الحبيبين في ناحية
فما قال: أهواك، حتى ترامى عياء على ضفة الساقية
******
وأوفى على العاشقين الشتاء و يوم دجا في ضحاه السحاب
خلا الغاب ما فيه إلا النّخيل و إلا العصافير فهو ارتقاب
وبين الحبيبين في جانبيه من السّعف في كل ممشى حجاب
فما كان إلا وميض أضاء ذرى النخل و انحل غيم و ذاب
******
ويا سدرة الغاب كيف استجارا بأفنانك الناطفات المياه
رآها وقد بلّ من ثوبها حيا زخ فاستقبلتها يداه
على الجدع يستدفئان الصدور على موعد كل آه بآه
سلي الجدع كيف التصاق الصدور بهزّاتها، و ابتعاد الشفاه؟
******
أشاهدت يا غاب رقص الضياء على قطرة بين اهدابها؟
ترى أهي تبكي بدمع السماء أساها و أحزان أترابها؟
ولكنّها كل نور الحقول و دفء الشذى بين اعشابها
وأفراح كلّ العصافير فيها و كلّ الفراشات في غابها
******
وذاك الخصام الذي لو يفدّي لفديت ساعته بالوئام
أفدّيه من أجل يوم ترفّ يد فيه أو لفتة بالسلام
ومن أجل عينين لا تستطيعان ان تنظرا دون ظل ابتسام
تذوب له قسوة في الأسارير كالصحو ينحل عنه الغمام
******
خصاماً و لما نعلّ الكؤوس؟ أحطّمتها قبل أن نسكرا؟
خصاماً، و ما زال بعض الربيع نديّاً على الصيف مخضوضرا؟
خصاماً؟ فهل تمنعين العيون إذا لألأ النّور أن تنظرا؟
وهل توقفين انعكاس الخيال من النهر، أن يملك المعبرا؟
******
أغاني شبابتي تستبيك و تدنيك مني، ففيم الجفاء؟
كأن قوى ساحر تستبدّ بأقدامك البيض، عند المساء
ويفضي بك الدّرب حيث استدار، إلى موعدي بين ظلّ وماء
على الشطّ، بين ارتجاف القلوع وهمس النخيل، و صمت السماء
******
وحجبت خدّيك عن ناظري بكفيك حينا و بالمروحات
سأشدو و أشدو فما تصنعين اذا احمر خدّاك للأغنيات؟
وأرخيت كفيك مبهورتين و أصغيت، واخضل حتى الموات
إلى أن يموت الشعاع الاخير على الشرق، والحب، والأمنيات
******
وهيهات، إن الهوى لن يموت و لكنّ بعض الهوى يأفل
كما تأفل الأنجم الساهرات كما يغرب الناظر المسبل،
كما تستجمّ البحار الفساح ملّيا، كما يرقد الجدول
كنوم اللظى، كانطواء الجناح كما يصمت الناي و الشمأل!
******
أعام مضى و الهوى ما يزال كما كان، لا يعتريه الفتور
أهذا هو الصيف يوفي علينا فناقااه ثانية، كالزهور
ولكنهمن زهور الخلود فلا اظمأت ريّهنّ الحرور
ولا نال من لونهمن الشتاء و لا استترفت عطرهن الدهور
أغانيّ و الغاب قفر الوكون حبيس النسائم تحت الدوالي
ترى ماؤه، لاتّقاد الهجير حريقا بما فوقه من ظلال
وفوق التعاشيب، حيث الغصون ينئون بافيائهن الثقال
لها مضجع هدهدته العطور أأبصرت كيف اضطجاع الجمال؟
******
أأمسيت استحضر الذكرات و ما كان بالامس كل الحياة؟
أضاعت حياتي؟ أغاب الغرام أماتت على الاغنيات الشفاه؟
أنمسي، ومازال غاب النخيل خضيلا وما زال فيه الرعاه،
حديثا على موقد لسامرين: أحبّا، وخابا فوا حسرتاه؟
******
أناديك لو تسمعين النداء و أدعوك أدعوك! يا للجنون
إذا رن في مسمعيك الغداة من المهد صوت الرضيع الحنون
ونادى بك الزوّج أن ترضعيه ونادى صدى أخفتته السنون
فما نفعها صرخة من لهيب أدوّي بها؟ من عساني أكون؟
******
أعفّرت من كبرياء النداء؟ و أرجعت آمادي القهقرى؟
نسيت التي صورتها مناي و ناديت انثى ككل الورى؟
واعرضت عن مسمع في السماء إلى مسمع في تراب القرى!
أتصغي فتاة الهوى و الخيال و أدعو فتاة الهوى و الثرى؟
******
وودعت سجواء بين الحقول و دنيا عن الشر في معزل
وخلفت في كل ركن خصيل من الريف ذكرى هوى أول
قصاصات أوراقي الهامسات بشعري على ضفه الجدول
وجذعا كتبت اسمها الحلو فيه ونايا يغني مع الشمأل
******
فمن هذه المسترق القلوب صبى ملؤها روحة الطافره
أما كنت ودعت تلك العيون الظليلات و الخصله النافرة؟
كأني ترشفت قبل الغداة سنى هذه النظرة الآسرة!
أما كان في الريف شيء كهذا؟ اما تشبة الربة الغابرة؟!
******
مشى العمر ما بيننا فاصلا فمن لي بأن أسبق الموعد؟
ولكنه الحبّ منه الزمان ثوان و مما احتواه المدى
أراها فانفض عنها السنين كما تنفض الريح برد الندى
فتغدو و عمري أخو عمرها و يستوقف المولد المولدا
******
وهل تسمع الشعر إن قلته و في مسمعيها ضجيج السنين
أطلت على السبع من قبل عشر ين عاما و ما كنت الا جنين؟
وأمسى و لم تدر أنت الغرام هواها حديث الورى أجمعين
لقد نبّأوها بهذا الهوى فقالت: و ما أكثر العاشقين؟!
******
أمن قلبه انثان هذا النشيد إليها، إلى الذئبة الضاريه؟
ولو لم يكن فيه طعم الدماء ما استشعرت رنة القافية
وما زالت تسبيه غمّازتان تبوحان بالبسمة الخافية
وما زالتا تذكران الخيال بما كان في الأعصر الخالية
******
وبالحب و الغادة المستبد صباها به، يلعبان الورق
وكيف استكان الإله الصغير فألقى سهام الهوى و الحنق
رهان، رمى فيه غمّازتيه وورد الخدود، ونور الحدق
لك الله، كيف اقتحمت القرون و لم يخب في وجنتيك الألق؟
******
كأن ابتسامتها و الربيع شقيقتان، لولا ذبول الزهر
أآذار ينثر تلك الورود على ثغرها؟ أم شعاع القمر؟
ففي ثغرها افترّ كل الزمان و ما عمر آذار إلا شهر
وبالروح فديت تلك الشفاه و ان أذكروني بكاس القدر!
******
أطلي على طرفي الدامع خيالا من الكوكب الساطع
وظلا من الأغصن الحالمات على ضفة الجدول الوادع
وطوفي أناشيد في خاطري يناغين من حبي الضائع
يفجرن من قلبي المستفيض و يقطرن في قلبي السامع
بدر شاكر السياب
بواسطة: محمد أسامة
التعديل بواسطة: محمد أسامة
الإضافة: الأحد 2007/03/18 10:30:11 صباحاً
إعجاب
مفضلة

أضف تعليق

يجب تسجيل الدخول أو الاشتراك أو تفعيل الحساب اذا كنت مشترك لإضافة التعليق


أعلى القصائد مشاهدة للشاعر
أعلى القصائد مشاهدة خلال 24 ساعة الماضية
انتظر معالجة القصيدة ...
جميع الحقوق محفوظة لبوابة الشعراء .. حمد الحجري © 2005 - برمجة وتصميم
info@poetsgate.com