عناوين ونصوص القصائد   أسماء الشعراء 
شعراء الفصحى في العصر الحديث > عمان > عبد الله بن علي الخليلي > أَرَجُ البُرْدَة

عمان

مشاهدة
1371

إعجاب
0

تعليق
0

مفضل
0

الأبيات
0
إغلاق

ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك

إرسال
انتظر إرسال البلاغ...

أَرَجُ البُرْدَة

ما بال دمعك من عينيك كالديم
يكاد يغرق من في الكون من نسم
وأنت تمزجه في دائب العنم
أمن تذكر جيران بذى سلم
مزجت دمعا جرى من مقلة بدم
أم من هُوِّيك في أحشاء كاظمةٍ
على سلاسل بالأسواء جاحمةٍ
وأنت في الأفق تجلو عقد ناظمةٍ
أم هبت الريح من تلقاء كاظمة
وأومض البرق في الظلماء من أضم
ما فُلَّ عضبك في حديه أو كُبِتا
ولا كبابك في الميدان أو بُهتا
وقد سللت حسام الجد منصلتا
فما لعينيك أن قلت اكففا همتا
وما لقبلك أن قلت استفق يهم
تزاحم الشهب حتى كدت تقتحم ُ
عرينهَا وهو بالمران مزدجم
وفي الحشاشة جرح ناكئ ودم
أيحسب الصب أن الحب منكتم
ما بين منسجم منه ومضطرم
الأم ترسُف بين الجد والهزل
وفي المُقبَّل آثار من القُبل
والغُنج في الحب كالترياق في العسل
لولا الهوى لم ترق دمعا على طلل
ولا أرقت لذكر البان والعلم
ما سميت النفس خسفا منك واضُطهدت
كلا ولا أغمضت جفنا ولا سهدت
ولا استهانت بقدر الحب مذعُهدت
فكيف تنكر حبا بعد ما شهدت
به عليك عدول الدمع والسقم
أثبتّ سهمك في الأحشاء وهو قنا
فبات يشتاكها طعنا وما وهنا
والحب أنبت فيها النبع وهو سنا
وأثبت الوجد خطي عبرة وضنا
مثل البهار على خديك والعنم
فما لحُبك بالأنفاس حرَّقتني
وفرط شوقك جنح الليل افلقني
ليستحم على قلبي فاحرقني
نعم سرى طيف من أهوى فارمى
والحب يعترض اللذات بالألم
رُميتَ بالسقم أدواء مكدرة
وجنت في الركب تقفوه مؤخَّرة
تلوم خلك في بلوى مقدًّرة
يا لاثمى في الهوى العذري معذرة
منى إليك ولو انصفت لم تلم
فأزحم بها البدرَ واستقطب تجليه
على البسيطة واستظهر تعليه
فالنفس ترصد في كيد تخليه
فاصرف هواها وحاذر أن توليه
أن الهوى ما تولى يصُم أو يِصَم
لا توبِق الطير زاجرا وهي حائمة
ولا تَرُع أمنها والعين نائمة
وراقب النفس والاهواءُ عائمة
وراعها وهي في الأعمال سائمة
وأن هي استَحْلَت المرعى فلا تسم
لا تصحبِ الدهر في الدنيا مخاتَلَةً
ولا تبارِ مذاكيه مساجلة
فالنفس ما فتئت للخير خاتلة
كم حسنّت لذة للمرء قاتلة
من حيث لم يدرِ أن السم في الدسم
إياك تلقاه في داج من الخدع
أو تستطير هواه غير مدرع
فاحذره واحذر به غاياتِ متضع
واخش الدسائس من جوع ومن شبع
فرب مخمصة شر من التخم
عُذ بالمهيمن من حال إذا خلأت
وأن ذلول على الميدان أن خلأت
وخزن الصبر في نفس به ملئت
واستفرغ الدمع من عين قد امتلأت
من المحارم والزم حمية الندم
وادفع بجهدك في الأهوال مقتحما
وارم المخاطر سهماكم رُمى فرمى
وجالد الشر حتى يلزم الذمما
وخالف النفس والشيطان واعصهما
وإن هما محضاك النصح فأتهم
ودعهما وسبيلا دربه لَزِما
ولا تجاذب عنانا منهما اقتحما
واعص الغَوِيَّيْنِ أن شدا أو اقتحما
ولا تطع منهما خصما ولا حكما
فأنت تعرف كيد الخصم والحكم
ومرهف الحسن وثابِ القوى جدلِ
صبحتُ منه حديد أليس بالوكلِ
يقول عن نفسه والحق فيه جلى
استغفر الله من قول بلا عمل
لقد نسبت به نسلا لذى عُقُم
دعني اجرد نفسي من هوىً أبه
حتى أجوز بهمي كل مشتبه
أقول للدهر خذ غُفلا بمنتبه
أمرتك الخير لكن ما ائتمرتُ به
وما استقمت فما قولي لك استقم
ما رِمت أُزِجى لزاد الركب قافلةً
ولا ركبت العتاق الجرد جافلة
بالجد مدلجة بالوصل كافلة
وما تزودت قبل الموت نافلة
ولم اصلّ سوى فرض ولم أصم
ولا ركبت جوادي زاجر اجللا
ولا سلكت طريق المصطفى عملا
ولا عزَفتُ عن الدنيا فلم أمِلا
ظلمت سنة من أحيا الظلام إلى
أن اشتكت قدماه الضر من روم
واخشوشنت نفسه في الله تم لوى
على طوى ساعديه فاستساغ طوى
حيث الدَّجِنَّةُ نور والظلام لِوا
وشد من سغب احشاءه وطوى
تحت الحجارة كشحا مترف الأرم
يا مطلع النور في عال من القبِب
يا مطمح الطرف بين البيض واليلب
من ساورته الليالي وهو في الغلب
وراودته الجبال الشم من ذهب
عن نفسه فأراها أيما شَمَم
من هيأته لداع الله غيرَتُه
ومن أعدته للتقوى سريرته
وزهدته بدنياه بصيرته
وأكدت زهده فيها ضرورَتُه
أن الضرورة لا تعدو على العصم
يا خير من خلق الرحمن جل ومن
سقته غاديةُ الأخلاص اكرمَ من
ولم تحضه ضرورات الزمان ولن
وكيف تدعو إلى الدنيا ضرورة من
لولاه لم تخرج الدنيا من العدم
يا زينة الكون يا من كان أعظم حيْ
ومن نماه علي الأكوان اكرمُ حيْ
إليك يميّت قصدي وهو ليس بشىْ
محمد سيد الكونين والتقليْ
ين والفريقين من عرب ومن عجم
لقد سريت إليه والمدى رمدُ
والدرب تدلج أحيانا وتتئدُ
حتى أتيت حمىً آتيه يرتعدُ
نبينا الآمر الناهي فلا أحد
أبرُّ في قولِ لا منه ولا نعم
زجرت مهري فراعتني شجاعته
وجئت للبسق فاشتدت براعته
واعجبتني للمختار طاعته
وهو الحبيب الذي ترجى شفاعته
لكل هول من الأهوال مقتحم
يا خير داع إلى الرحمن متجهِ
يا خير راع لأهل الله منتبه
حامى الحمى من عدو وقد أضر به
دعا إلى الله فألمستمسكون به
مستمسكون بحبل غير منفصم
مسرى وبدر الدجى كالعقد في العنق
وطاف بالملأ الأعلى كمستبق
له جبين كنوز الشمس في الألق
فاق النبيين في خَلق وفي خلق
فلم يدانوه في علم ولا كرم
سار النبيون أفواجا وهم كَيَسُ
مستفتحين أياديه وما ينسوا
وقدموه عليهم والهدى أسس
وكلهم من رسول الله ملتمسُ
غرفا من البحر أو رشفاً من الديم
وأوقفوا بيديه وقفا جَدِّهم
واستمسكوا بعراه تحت جِدِّهم
وهم به صاعدون عرش مَجدهم
وواقفون لديه عند حدهم
من نقطة العلم أو من شكلة الحِكَم
منارُ نور من الرحمن خيرته
قد اعربت عن صفاء القلب سيرته
وشف عن جوهر فيه سريرته
فهو الذي تمّ معناه وصورته
نجوهر الحسن فيه غير منقسم
للمشركين ادعاء بين حيهم
لا تفتنن به لو من وليهم
ولا يروقك شهد من دعيهم
دع ما ادعته النصارى في نبيهم
واحكم بما شئت مدحا فيه واحتكم
فصفه بالخلق العلوي لا الصلف
وصفه بالكرم الفياض لا السرف
وصفه بالجد والأقدام لا الترف
وانسب إلى ذاته ما شئت من شرف
وانسب إلى قدره ما شئت من عظم
واذكر له من عظيم الفضل افضله
ومن جميل ثناء الله أجمله
ومن كمال جلال الله كمله
فإن فضل رسول الله ليس له
حد فيعرب عنه ناطق بفم
خاض الحياة بسيف الحق معتصما
وجالد الدهر حتى زال وانهزما
فاستاقِه شُزَّبا واقتاده أمما
لو ناسبت قدره آياته عِظَما
أحيا اسمه حين يُدعى دارس الرمم
حنا علينا حنو المحسن النبه
وساسنا بالهدى عن زيغ مشتبه
حتى بلغنا به غاياتِ منتبه
لم يمتحنا بما تعيا العقول به
حرصا علينا فلم نرتب ولم نَهِم
أقام فينا كأن الشمس والقمرا
وراح يسكب في الأسماع ما وقرا
فالله يحفظ منه الورد والصدرا
أعيا الورى فهم معناه فليس يرى
في القرب والبعد منه غير منفحم
كالنور في الأفق العلوى والرشد
كأنه القسط والقسطاس في العمد
كأنه الآي في ترتيل مجتهد
كالشمس تظهر للعينين من بعد
صغيرة وتكل الطرف عن أمم
لم يسبق الكونُ في شأو مسيرتَه
ولا اصطبى حافزُ الدنيا سريرته
ولم يَرُم أهل هذا الكون سيرتَه
وكيف يدرك في الدنيا حقيقته
قوم نيام تسلوا عنه بالحلم
لكنما الإثُر أن يستخفيَ الأثر
حتى يكون كما قد شاءة القدر
لا حدس يبلغه كلا وفِكَرُ
فمبلغ العلم فيه أنه بشر
وأنه خير خلق الله كلهم
آياته أشرقت في علو منصبِها
وسافر الكون في لألأء مذهبها
حتى استبان الهدى من فوق مزقبها
وكل آي أتى الرسل الكرام بها
فأنما اتصلت من نوره بهم
اكرم بها ما انبرت تجرى مواكبُها
في العين والنور في المسرى يواكبها
والمصطفى تحت ظل الله راكبها
فأنه شمس فضل هم كواكبها
يُظهرن أنوارها للناس في الظلم
محمد جاء فالأكوان تستبق
كيما تَراه ونور الحق مؤتلق
على محياه والأنوار تأتلق
أكرم بخلق بني زانه خُلق
بالحسن مشتمل بالبشر متسم
يا خير من جاء والإيمان في صدف
حتى تعالى على عالٍ وذي شرف
كالبدر في الحسن بالإحسان متصف
كالزهر في ترف والبدر في شرف
والبحر في كرم والدهر في حمم
كأنه البدر في أبهى غِلالته
كأنه السعد في أقوى دلالته
كأنما النور نبع من أصالته
كأنه وهو فرد في جلالته
في عسكر حين تلقاه وفي حشم
كأنه الجوهر السامي عن الزيَّف
كأنه البدر في اللألآء والشفف
كأنه الشمس أوفت من على شرف
كأنما اللؤلؤ المكنون في صدف
من معدني منطق منه ومبتسم
لما أتي الكون ما أن كان اعظمَه
وكان في الأفق الأعلى معظّمه
ونال من حب ذي الآلاء معظمه
لا طيب يعدل تربا ضم أعظمه
طوبى لمنتشق منه وملتثم
علا المجرةَ منه فضل جوهرِه
وبات هامُ المعالي تحت منبره
لكنه إذ أتى الدنيا بمجهره
أبان مولده عن طيب عنصره
يا طيب مبتدأٍ منه وختتم
لما هوى بالاعادى ما أكنهمُ
وحطم السيف عن حد مجنَّهمُ
وما لقوا عن رسول الله كنِهم
يوم تفرس فيه الفرس أنهم
قد انذروا بحلول البؤس والنقم
أمسى به الشرك بالخِذلان يدرع
والحادثاتُ عليه بالقضا نقع
وفارس الفرس يهوي ثم والجزع
وبات ايوان كسرى وهو منصدع
كشمل أصحاب كسرى غير ملتئم
والسهم يبرق بين الصف والصلَّف
والاي تقطع عذر الصادق الصلِّفِ
والليل ينزف غرب الدمع عن أسف
والنار خامدة الأنفاس من أسف
عليه والنهر ساهي العين من سَدَم
تلوم فارس حين اشتد حيرتُها
وأنها تحرق الأكباد غيرتها
وأن هي اطّيرت فالشؤم طيرتها
وساء ساوة أن غاضت بحيرتها
وردّ واردها بالغيظ حين ظمي
كأن بالفرش ما بالعرش من جلل
وأن بالعرش ما بالفرس من وجل
كأنما بالسما بالأرض من حُلل
كان بالنار ما بالماء من بلل
حزنا وبالماء ما بالنار من ضرم
هذى براهينه بالحق قاطعة
محجة البطل والايات ناصعة
وخجةُ الشِرك للإسلام خاضعة
والجن تهتف والأنوار ساطعة
والحق يظهر في معنىً وفي كلم
راموا عناد رسول الله وهو أشم
صلب الارادات لم تجرؤ عليه قدم
لكنهم ما أطاقو الشد حين هجم
عموا وصموا فاعلان البشائر لم
تسمع وبارقة الأنذار لم تُشَم
حتى غزتهم جنود لا تداهنهم
إذ أقبلت وهي تعدو لا تهادنهم
وبات يرفضُّ عن خوف مَداهِنُهم
من بعدما اخبر الأقوام كاهنهم
بان دينهم المعوج لم يَقُم
أمسى لواؤهم يبحثو على الركب
بين القلوب وبين الضيِق والكُرَب
من بعد ما رأوا الآيات عن كثب
وبعدما عاينوا في الأفق من شهب
منقضّة وفق ما في الأرض من صنم
هبت بهم أمم في إثرها أمم
وجالد وهم على الميدان فانهزموا
غداة هموا فلم تفلح لهم همم
حتى غدا عن طريق الوحي منهزم
من الشياطين يقفو إثر منهزِم
كأنهم هربا أبطال ابرهه
أو عسكر بالحصى من راحتيه رمى
نبذا به تسبيح ببطنهما
نبذ المسبح من أحشاء ملتقم
يا خير من صحب الأيام ماجدة
وقادها في سبيل الله جاهدة
حتى استوت بالحمى لله حامدة
جاءت لدعوته الأشجار ساجدة
تمشى إليه على ساق بلا قدم
كأنما سبيت البابها فسبت
لكنها اغضبت حتى إذا غضبت
خطت بسمر القنا والبيض فاكتتبت
كأنما سطرت سطر الماكتبت
فروعها من بديع الحظ في اللقم
حماه مولاه والأيام نائرة
وصانه وعوادي السر ثائرة
لكنها في مدار الخير دائرة
مثل الغمامة أني سار سائرة
تقيه حر وطيس للهجير حمي
عوفيت من قمر في الأفق عن له
سارٍ به انشق مبناه فجلله
وصار معجزة يعيا بها الألِه
أقسمت بالقمر المنشق أن له
من قلبه نسبة مبرورة القسم
قد استنارت به الدنيا فلم تَخِم
وطوفت بعلاه وهو في شمم
حتى استدارت به الأكوان للعصم
وما حوى الغار من خير ومن كرم
وكل طرف من الكفار عنه عمي
أقسمت بالله أن الصدق لم يرما
كذلك الصاحب الصديق لم يخماَ
أعظم بحاميها ركنا ومعتصَما
والصدق في الغار والصديق لم يرما
وهم يقولون ما بالغار من ارم
يا من تعالى على العلياء فهو علا
وقاد في الله أهل الله مُقتبِلا
والله للمصطفيه مخلصا أملا
ظنوا الحمام وظنوا العنكبوت على
خير البرية لم تنسج ولم تحم
عناية الله لم ترهن بكاشفة
وآيه ما تهاون تحت عاصفة
ولا سرت في دجاها خلف عازفة
وقاية الله اعننت عن مضاعفة
من الدروع وعن عال من الأطم
ما رمت منه النجا من شر مشتبه
إلا والفيته ركنا لمنتبه
وعادني في سمات الواصل الأبه
ما سامني الدهر ضيما واستجرت به
إلا ونلت جوارا منه لم يُضَم
قلبي وثوق بخير الخلق منجدِه
ولي رجاء محب في تودده
لما لجأت إليه حول معهده
ولا التمست غنى الدارين من يده
إلا استلمت الندى من خير مستلم
ما حاد بي عن هداه في السرى بلهُ
ولا لوى بفؤادي دونه وله
ولست أنكر منه ما تحمله
لا تنكر الوحي من رؤياه أن له
قلبا إذا نامت العينان لم ينم
أكرم به وهو يمن في بنوته
أعظم به وهوا من في فتوته
أكبر به وهو منّ في ابوته
وذاك حين بلوغ من نبوته
فلبس ينكر فيه حال محتلم
تبارك الله في وعي على دأب
تبارك الله في علم على حسب
تبارك الله في زهد على رتب
تبارك الله ما وحي بمكتسب
ولا نبي على غيب بمتهم
قد أشرقت بخلال الله واحته
وازّنيت بجمال الله ساحته
وزانت الملأ الأعلى صباحته
كم ابرأت وَصِبا بالممس راحته
واطلقت أربا من ربقة اللَّمم
كم حطمت من مريد طاش سطوته
وذللت كل قاس القلب قوته
وصانت الدينَ بالخِطّي عُدوته
وأحيت السنة الشهباء دعوته
حتى حلت غرة في الأعصر الدهم
سقي البسيطة غيثا تحت صيَّبها
وأرسل المزن منهلا بمجدبها
فسال في ابطحيها فضل فخصبها
بعارض جاد أو خلت البطاح بها
سيب من اليم أو سيل من
خذني إلى معجزات منه قد بهرت
ما من نفوس رأتها أو بها ابتهرت
تنزلت من لدن ذي العرش فاشتهرت
دعني ووصقي آيات له ظهرت
ظهور نار القرى ليلا على علم
أعظم بمن عظمت من ذكره إضم
وطال كل عظيم هزّه العظم
حتى بدا وعليه النور منتظم
فالدر يزداد حسنا وهو مسطم
وليس ينقص قدراً غير منتظم
يا من تجلت به الأنوار فهو جلا
ومن امتدحته الاي مكتملا
فمن يطاول آي الذكر إذ نزلا
فما تطاول آمال المديح إلى
ما فيه من كرم الأخلاق والشيم
آياته بعمود الوزن محدثةُُ
تفاعلا قد تجلت عنه حثحثة
لطاعة الله والإيمان مبعثة
آيات حق من الرحمن محدثة
قديمة صفة الموصف بالقدم
مرّت بنا في ضمير الكون تضمرنا
سراً تقدّس بين الآيُ مضمرُنا
حتى سرى بعيون الله نيرّنا
لم تقترن بزمان وهي تخبرنا
عن المعادو عن عادٍ وعن إرم
أعظم بآي كتاب غير موجَزةٍ
تأتي وموجَزةً في ثوب ملغزة
ساقت إلينا الهدى في وعد مُنجزة
دانت لدينا ففاقت كل معجزة
من النبيين إن جاءت ولم تدم
جاء الهدى فتولى كل مشتبه
وظهر الأرض من شبه ومشتبه
حتى تولت حطاماَ سورةُ الشبه
محكمات فما تبقين من شبه
لدى شقاق وما تبغين من حكم
ما سولمت في سبيل الله عن رعب
إلا وجاءت بسلم غير مرتقب
لكن إذا نوصبت شقت عصا النصب
ما حوربت قط إلا عاد من حرب
أعدى الأعادي إليها ملقي السلم
يا طيبها إذ تراءت في تعارضها
لما انجلت كالغزال في عوارضها
وبات يومض نوراً برق عارضها
ردّت بلاغتها دعوى معارضها
ردّ الغيور يد الجاني عن الحرام
كالبحر لكنها لم تقص في أمد
كالبر في سعة والبرق في وقد
كالعرش في رفعة والفرش في سند
لها معان كموج البحر في مدد
وفوق جوهرة في الحسن والشيم
تنزلت في سلام لا يجانبها
وطالع النور في المسرى يواكبها
حتى أنارت على المغنى ترائبها
فما تعدو ولا تحصى عجائبها
ولا تسام على الإكثار والسَّأَم
ولى حبيب لبيب قد أشرت له
وعداً على خفية حتى سعيت له
ثم التقينا فلم أبرح مقبَّلة
قرّت بها عين قاريها فقلت له
لقد ظفرت بحبل الله فاعتصم
إن أنت ثابرتها من نصح متعضا
غدوت أكرم من في الله قد وعضا
ومن بآياتها في ذاته اتعضا
إن تتلها خيفة من حرّ نار لظى
أطفأت حرّ لظى من وردها الشيم
أكرم بها وهي تجلو كلٍ مشتبه
كأنها الروض نفحاً تحت صيبَّه
يهمي بها المزن والدنيا بمذهبه
كأنها الحوض تبيضّ الوجوه به
من العصاة وقد جاؤه كالحمم
كأنها المشتري في السعد منزلة
كالبدر تحتاطه الأنوار مذهلة
كالشمس في معمعان النور مقبلة
وكالصراط وكالميزان معدلة
فالقسط من غيرها في الناس لم يقيم
هي الهداية والهادي مدبّرُها
هي العناية والقوي تبصّرها
هي البشارة طوبى منُ يُبَشّرُها
لا تعجبن لحسود راح ينكرها
تجاهلاً وهو عين الحاذق الفهم
قد ينكر الذهنُ للأشياء عز أود
وتنكر الأذن قرع الصوت من سدد
فإن عجبت فلا تعجب لمّطرد
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد
ونيكر الفم طعم الماء من سقم
يا أكرم الناس مِا أسمى سماحتَه
وما أدل على جودٍ صباحتَه
إن رمت فضلاً فيمم ويك باحته
يا خير يمم العافون ساحته
سعياً وفوق متون الأنيق الرسم
ومن هو العزة البيضاء كالقمر
ومن هو الشمس جيَّت إثر منهمر
ومن هو الجد في آياته الكُبَر
ومن هو الآية الكبرى لمعتبر
ومن هو النعمة العظمى المغتنم
قطعت ليلك تسرى غير مزدَحَم
حتى تجاوزت منها عالي القمم
لما إن اشتقت وجه الله ذي الكرام
سريت من حَرَم ليلاً إلى حَرَم
كما سرى البدر في داج من الظلم
جمعت شتى هموم الدهر زلزلةً
وظلت تحدو قطار الآي مُقبلة
تردّد الذكر آيات مرتلة
وبتَّ ترقى إلى أن نلت منزلة
من قاب قوسين لم تدرك ولم ترم
تقتاد نحلتك السمجا بموكبها
وتستبين عليها نور مذهبها
حتى أتتك خصاناً في تحببها
وقدّ متك جميع الأنبياء بها
والرسل تقديم مخدوم على خَدَم
وأنت لم تأل جهداً في تقربهم
ولا تلوم هواهم في تحببهم
تبدو كغرتهم في وجه موكهم
وأنت تخترق السبع الطباق بهم
في موكب كنت فيه صاحب العَلمَ
لقد تربعت في العلياء كالألق
وطفت بالكون نوراً ضاء عن فلق
وجزت غايتهم في خير مرتفق
حتى إذا لم تدع شاق المستبق
من الدنو ولأمر في لمستتم
إذا تسنمت للعلياء ويك فخذ
وإن تراخى زمام المدلجين فغذ
وإن ظللت الهدى بالله منه فعذ
خفضت كل مقام بالإضافة إذ
نوديت بالرفع مثل المفرد العَلَم
سعى إليك بريُد القدس في الطُهُر
وحاطك الدين من زيغ ومن خطرَ
وجاءك السعد في رايات منتصر
كما تفوز بوصل أي مستتر
عن العيون وسرّ أي مكتتم
سبقت في الله حتى حزت للبُرك
وقدت دهرك أن يشتارك بالحسك
وجزت فيه سطا ذي مرة سرك
فحزت كل فخار غير مشترك
وجزت كل مقام غير مزدحم
عززت قدراً فلم تُغلب على غَلِب
وسدت للعالم العلوي عن رغب
حتى انقلبت بدرٍّ غير مخشلب
وجل مقدار ما وليت من رتب
وعز إدراك ما أوليت من نعم
يا خير داع دعا لله متزِنا
يا خير راع رعى الحسنى بما حَسُنا
يا خير ساع أبى أن يألف الوسنا
بشرى لنا معشر الإسلام إن لنا
من العتاية ركناً غير منهدم
الحمد لله في أسنى صناعتِه
والحمد لله في أغلا بضاعته
الحمد الله في أسمى عته
لما دعا الله داعينا لطاعته
بأكرم الرسل كنا أكرم الأمم
سرى إلى الله في أنوار جبهته
وقام يدعو إليه في محجته
وزاحم الملأ الأعلى بحجته
راعت قلوب العدا أنباء بعثته
كنبأة أجفلت غفلاً من الغنم
لوى الأعادي بمنقضّ من الدَّرَك
وبات يقلبهم لكن إلى الحسك
وساقهم بحصيف الرأي للوعك
ما زال يلقاهم في كل معترك
حتى حكوا بالقنا لحماً على وضم
أسوى بهم إذا تراموا طوع مشتبه
أخسئ بهم وهمُ يمشون في الشبه
إذ زاغ عقلهم في نزعة الأبه
ودوا الفرار فكانوا يغبطون به
أشلاء شالت مع العقبان والرخم
شدت عليهم فما أن شدت شدتها
لو أنهم جالدوا بالسيف شدتها
فما استطاعو تعديها وعدتها
تمضي الليالي ولا يدرون عدتها
ما لم يكن ليالي الأشهر الحرم
تقبلوها وما نالوا استراحتهم
وجابنوها فجذ البعد راحتهم
واستأنسوا والهدى يستاق واحتهم
كأنما الدين ضيف حل ساحتهم
فكل قرم إلى لحم العدا قَرِم
أكرم به وهو يعلو ظهر جامحةٍ
ويرسل النبع في آثار ضابحةٍ
ويلقي بالعنان ظهر كالحةٍ
يجر بحر خميس سابحة
يرمي بموج من الأبطال ملتطم
من كل عاليٍ رفيعٍ باهر الحسب
صافي الفرند عزيز طاهر النسب
يستقبل الحرب بين البيض واليلب
من كل منتدب لله محتسب
يسطو بمستأصل للكفر مصطلم
لله من وثبات فوق موكبهم
والحادثات ترامى تحت مَرِكبهم
يستقبلون نواصينا بمقنَبِهم
حتى غدت ملة الإسلام وهي بهم
من بعد غربتها موصولة الرحم
لها جنا حان ريشا من قوى العرب
فأصبحا قوة تربو على القطب
حتى تربعت العلياء في القبب
مكفولة أبداً منهم بخير أب
وخير بعل فلم تيم ولم تئم
هم الفحول فما أقسى مُصادِمَهم
فكيف يستطيع فحل أن يصادمهم
أم كيف يجرؤ خصم أن يخاصمهم
هم الجبال فسل عنهم مصادمهم
ماذا رأى منهم في كل مصطلم
وسائل القرن عنه لا تسل أُحدا
وسائل الصبر عنه واسأل الجلدا
وسائل الصارم البتار متقدا
وسل حنيناً وسل بدراً وسل أحدا
فصول حتف لهم أدهى من الوخم
الراكبين عتاب الخيل حين عدت
الممتطين مطا العليا وما اتأدت
المقدمين على الهجاء إذا اتقدت
المصدري البيض حمراً بعدما وردت
من العدا كل مسود من اللمم
القائدين نواصيها إذا اعتلكت
والتاركيها على الميدان ما بركت
لِشدِّ ما عاركت منه وما عركت
والكاتبين بسمر الخط ما تركت
أقدامهم حرف جسم غير متعجم
مدججين وتقوى الله تحفزُهم
يستوهبون الهدى نصراً يعززهم
ودعوة الله عما ضيف تحرزهم
شاكي السلاح لهم يسما تميزهم
والود يمتاز بالسيما عن السلم
الدهر يعجز أن يشتاك شرّهم
وهم من الله يستوحون صبرهم
حتى بنوا في سما العليا مقرّهم
تهدي إليك رياح النصر نشرهم
فتحسب الزهر في الأكمام كل كمي
باتوا بمحرابهم والليل قد دأبا
والصافنات بهم تغشى العِد احَرَبا
كأنهم رقموا بالرمح ما كتبا
كأنهم في ظهور الخيل نبتُ ربا
من شدّة الحَزْم لا من شدّة الحُزُم
ذابت بعزمهم الهيجاء فاحترقا
من حرّها كل صوان بما انفلقا
وأقبلت خيلهم في جريها فِرَقا
طارت قلوب العدا من بأسهم فرقا
فما تفرق بين البُهمْ والبُهَم
نارت بهم من جبين الدهر غرته
وقادهم لإمام الرسل نبرته
وساندتهم أمانيه ونظرته
ومن تكن برسول الله نصرته
إن تلقه الأسد في آجامها تجم
أرسي الدعامة في العليا لذي عبرِ
وعبرّت عن تآحنها لمعتبرِ
ليسترئب إليها وهي في الزمرِ
ولن ترى من وليّ غير منتصر
به ولا من عدو غير منفصم
أربا على الكل في إبان قلته
ودان أهل التعالى في أدلته
وأغرق الكون في لألاء خُلته
أحل أمته في حرز ملته
كالليث جل مع الأشبال في أجم
ساد الأواخرَ واستعلى على الأول
وقاد بالحلم أهل الله في الذول
وصانهم بكتاب الله عن خلل
كم جدّلت كلمات الله في جدل
فيه وكم خصم البرهان من خصم
رأيت آيات ذي الآلات منجِزة
وُعُودَهُ حيث لم تبرح معززة
وأن دعواه لم تفتأ مركزة
كفاك بالعلم في الأمّي معجزة
في الجاهلية والتأديب في اليتم
حسبي بمدح رسول الله أعلُ به
والله يحفظ قلبي في تقلبه
حتى أنوار بقصدي في تغلبه
خدمته بمديح أستقيل به
ذنوب عمر مضى في الشعر والخدم
فإن للشعر خدمات تصاحبه
يهوي عليها حديد الذهن ثاقبه
أعوذ بالله منها إذ تواكبه
إذ قلّداني ما تخشى عواقبه
كأنني بهما هدي من النعم
قطعت ركبي منبتاً فلا جرما
ورحت أسكب غالي الدمع منِسجما
وراح بسّري يطويني وما بَرِما
أطعت غي الصبا في الحاليتين وما
حصلت إلا على الآثام والندم
وهمتي تتهاوى في قرارتها
وتشرب الصاب يغلي من حرارتها
وتستدير العسيرى في الستدارتها
فيا خسارة نفسي تجارتها
لم تشير الدين بالدنيا ولم تصم
ومن عصى الله خبطاً في مشاكله
وبات يركس عاليه لسافلة
بردي تجابله فيها ونابلة
ومن يبع آجلاً منه بعاجله
بين له الغبن في بيع وفي سلم
كم استلمت يد الدنيا على مضض
وبت أركبها سعياً إلى غرضي
ورحت آخذ مستوناً بمفترض
إن آت ذنباً فما عهدي يمنتقض
عن النبي ولا جلي بمنصرم
أعوة في خلوتي من فوق مأذنتي
وأركب الدهر بين النوم والسنة
والليل يزحف بي عن مركب عنت
فإن لي ذمة منه بتسميتي
محمداً وهو أوفي الخلق بالذمم
يا حسبي الله في قرب وفي بعد
ولا إله سواه جل من سند
أشكو إليه عواد جئن في السَّدَد
إن لم يكن في معادي آخذاً بيدي
فضلاً ولإفقل يا زلة القدم
سبحان ذي اللطف ما أدنى مراحمه
وما أعز على الأكوان راحِمَه
تبارك الله أسنى غنائمه
حاشاه أن يحرم الراجي مكارمه
أو يرجع الجار منه غير محترم
حملت همي على السلوى صوادحة
وغدت أشكو إلى الأثاث صادحة
ولم أزل تحت جنح الليل مادحة
ومنذ ألزمت أفكاري مدائحه
وجدته لخلاصي خير ملتزم
تزجي الهناء لكفى عندما شرِبت
من نبعه العذب سلسالاً فما سَغبت
واستقبلته بآي الصفو فأنجذبت
ولن يفوت الغنى منه يداً تربت
إن الحيا ينبت الأزهار في الأكم
مجرداً همة شمّاء قد وصفت
بالجد أكرم بها فيما به اتصفت
أسعد بها وهي نحو الدين قد دلفت
ولم أرد زهرة الدنيا التي اقتطفت
يدا زهير بما أثنى على هرم
يا أنفذ الخلق في درك لمشتبه
وأسبق الناس من واع ومنتبه
ما أن له في الورى من حسّه النبه
يا أكرم الخلق مالي من ألوذ به
سواك عند حلول الحادث اللمم
زجرت مهري فلم يكفف عن الجنب
وسقته وهو بين الضرب والضرب
نشوان في طرب نعسان في جلب
ولن يضيق رسول الله جاهك بي
إذا الكريم تخلىّ باسم منتقم
أشتاق دربي وتشآني طهرتها
فما لها عوقت مسراي مِرّتها
ولا يد من رسول الله عزتها
فإن من جودك الدنيا وضرتها
ومن علومك علم اللوح والقلم
لا نأس للنفس إن غيطت لما كظمت
من غيظها فهي للعرفان قد كظمت
لو أنها في هدى الهادي قد انتظمت
يا نفس لا تقنطي من زلة عظمت
إن الكبائر في الغفران كاللمم
تبارك الله رحماه مقسمها
على البرية لو أردي بها دمها
جلت يد الله للعاصي مقدمها
لعل رحمة ربي حين يقسمها
تأتي على حسب العصيان في القسم
يارب نقّ ضميري غير ملتبس
بالسوء محترساً أو غير محترس
واجعل سراي إلى لقياك لي أُنسى
يارب واجعل رجائي غير منعكس
لديك واجعل حسابي غير متحرم
رحماك ربي لعبد حين عنّ له
شديد بطشك خاش ما أجزّ له
وأنت أرحم للعاصي فعِنَّ له
والطف بعبدك في الدارين أن له
صبراً متى تدعه الأهوال ينهزم
وابعث صلاتك في أثوابها ئمةٍ
بنور حبك لا تصغي للإئمة
مع السلام بأنواء ملائمة
وأْذن لسحب صلاة منك دائمة
على النبي بمنهلّ ومنسجم
ما جخّ الحب مشتاقاً سُبي فسبا
وروح القلب أرواح الصبا فصبا
فراح يرسل دمع العين منسكبا
مارنّحت عذبات البان ريح صبا
وأطرب العيس حادي العيس بالنغم
وانهل صوب الحيا يهمي بمنهمر
أروى البطاح بسيب منه منحدر
وبات يسكرها لكن بلا سكر
ثم الرضا عن أبي بكر وعن عمر
وعن علي وعن عثمان ذي الكرم
من ارتدوا بردى الهادي فحملهم
ومن بصجته ما كان أكملهم
وأخلصوا قصدهم فيه فكملهم
والآل والصحب التابعين فهم
أهل التقى والنقا والحلم والكرم
عبد الله بن علي الخليلي

تخميس من ديوان المجتليات
بواسطة: حمد الحجري
التعديل بواسطة: حمد الحجري
الإضافة: السبت 2017/02/11 02:07:01 صباحاً
التعديل: السبت 2017/02/11 02:22:54 صباحاً
إعجاب
مفضلة


أعلى القصائد مشاهدة للشاعر
أعلى القصائد مشاهدة خلال 24 ساعة الماضية
انتظر معالجة القصيدة ...
جميع الحقوق محفوظة لبوابة الشعراء .. حمد الحجري © 2005 - برمجة وتصميم
info@poetsgate.com