مَنْ مُخبرٌ عنّي الحبيبةَ أنّني |
باقٍ على العهدِ الّذي قدْ أخلفَتْ |
وبأنّهُ يَحيا الفؤادُ إذا دنَتْ |
فَلَئِنْ نأتْ عنّي فؤاديَ أتْلَفَتْ |
تَقضِي عليّ إذا قَضَتْ مِنْ جَوْرِهَا |
وَلَرُبَّ قَاضِيَةٍ قَضَتْ ما أنصفَتْ |
قدْ غيّرَتْ بِالظّلمِ كُنْهَ عقيدتي |
فأخالُها عدلَتْ وَإنْ هِيَ أجحفَتْ |
ما الزّهدُ في حُبٍّ لِمَنْ لو أنّها |
أسرَتْ جميعَ قصائدي ما أسرفَتْ؟! |
مَنْ بُعدُها داءٌ أَلَمَّ بِخافقي |
مَنْ قُربُها سببُ الشِّفا لو أسعفَتْ |
سَلبَتْ مِنَ العسلِ المُصفّى لونَهُ |
عَينا الّتي فيها القصائدُ أُلِّفَتْ |
والقولُ يقطرُ مِنْ لِسانِ حَبيبتي |
شَهدًا فَإنْ بَدأتْ حَدِيثًا أتْحَفَتْ |
سَمراءُ تَختصِرُ الصّباحَ بِبسمةٍ |
سودُ اللّيالي في ضَفائرِها غفَتْ |
وَمليكةٍ مَنْ كانَ يَملِكُ مِثلَها |
في دارِهِ تَحنُو عليهِ فقدْ كفَتْ |
وَهِي الّتي في الجِدِّ تُحكِمُ قوَلها |
وَمتى يَخُضْنَ بِما يَسوءُ توقّفَتْ |
وَمتى يُدِرْنَ رحى المُزاحِ بِمَجلسٍ |
أدلتْ برِفقٍ دلوَها وتلطّفَتْ |
تطوي الغليظَ من الكلامِ بِصَمْتِها |
كَمْ مَرَّةٍ آذيتُها! وَلَكَمْ عَفَتْ! |
ليستْ كمَنْ يَنفي الجَميلَ لِغَضْبَةٍ |
وَالأصْلُ في الأُنثى إذا غَضِبَتْ نَفَتْ |
مَرّتْ فقرّتْ في الجَنانِ وبعدها |
جَمَعَتْ حَقائِبَ ذِكْرَياتيَ وَاختفَتْ |
أَجرَتْ دُمُوعيَ ثُمّ أبْدَتْ غَفْلةً |
وَكَأنّ مِنّي المُوبِقَاتِ.. وَمَا هَفَتْ! |
كالبحرِ يُغرِي بِالكنوز غريقَهُ |
فدعِ اللّآلِئَ في البحارِ وإنْ صَفَتْ |
يا ناقلًا عنّي الرّسالةَ قلْ لها: |
قلبي المُتَيَّمُ عَنْ هَواها مَا الْتَفَتْ |
والبُلبُلُ الصّدّاحُ في جوفي غَدَا |
صَوْتًا ضَعيفًا مُنذُ أنْ رَحلَتْ خَفَتْ |
وَبَرِيقُ عهديَ لم يَزلْ مُتَألِّقًا |
وَسَرَائرُ الحُبِّ العَتيقِ تَكَشّفَتْ |