لمَّا بَدَتْ في مَكَّةٍ ظَلْماؤُها | |
|
| وطَفَتْ على أَرْضِ الهُدَى أَدْوَاؤُها |
|
وَجدَ المُبشَّرُ في الفَلاةِ أَنيسَهُ | |
|
| فحَنَتْ عَلَيْهِ أَرْضُها وسَماؤُها |
|
مُتأمِّلًا كَبِدَ السَّماء بعَيْنِهِ | |
|
| يَحْلُو لهُ عِنْدَ الغُرُوبِ بَهاؤُها |
|
في خَلْوَةٍ راقَتْ لكلٍّ مُوَحَّدٍ | |
|
| والنَّفْسُ يَبْدُو بالسُّكُونِ صَفاؤُها |
|
هَيَّا اعْتَزِلْ في مَوْضِعٍ تَرْضَى به | |
|
| سُبُلُ الهُدَى قَدْ أَشْرَقَتْ أَضْوَاؤُها |
|
يَوْمٌ أَتَى رَسمَ الطَّريقَ لغايةٍ | |
|
| في شِرْعَةِ الإِسْلامِ حانَ جَلاؤُها |
|
اللَّيْلُ يَطْوِي في الظَّلامِ مُرادَهُ | |
|
| وصَبِيحَةٌ مِثْل النُّجومِ ضِيَاؤُها |
|
جاءَ البَشيرُ مُحمَّدًا برسالةٍ | |
|
| سَطَعتْ بها أمُّ القُرى وفَضاؤُها |
|
وتَتابَعُ النُّورُ الذي أَذِنَتْ بهِ | |
|
| كفَسيلةٍ لَفَّتْ بها أَشْطاؤُها |
|
اِقْرَأْ .. أَتَيْتُكَ من مَلِيكٍ خالِقٍ | |
|
| فَطرَ البَسيطةَ فاسْتطابَ بَقاؤُها |
|
اِقْرَأْ .. أَعادَ نِداءَهُ مُتَتابِعًا | |
|
| إنَّ الخَليقةَ للإلِه بِناؤُها |
|
من نُطْفةٍ وبُوَيْضَةٍ بَرأَ الوَرَى | |
|
| ولَقيحَةٍ في الرَّحمِ صارَ غِذاؤُها |
|
اِقْرَأْ .. فرَبُّكَ مُنْجِزٌ وَعْدًا لَهُ | |
|
| يُزْكِي النُّفوسَ فيَرْتَقي أَبْناؤُها |
|
خَوْفٌ يَلفُّ مُحمَّدًا في غارِه | |
|
| والنَّفْسُ في كَنَفِ الرَّحِيم وِقاؤُها |
|
عادَ النَّبيُّ لبَيْتِهِ مُتَوجِّسًا | |
|
| وخَديجةٌ من حَوْلهِ ورَجاؤُها |
|
أَنْ يَهْدَأَ الرَّوْعُ الذي في خَلْدِهِ | |
|
| هذي الحَياةُ كَثِيرةٌ أَعْبَاؤُها |
|
حتَّى إذا هَدَأَ الحَبيبُ وأَيْنَعَتْ | |
|
| آياتُ قُرْآنٍ وزادَ نَمَاؤُها |
|
خَرَجَ النَّبيُّ بأَهْلِ مَكَّةَ داعِيًا | |
|
| فتَجَهَّمتْ وتَنكَّبَتْ كُبَراؤُها |
|
وتَهلَّلتْ رُوحُ الضِّعافِ لدَعْوةٍ | |
|
| فكأنَّها شَمْسٌ بَدَا لَأْلاؤُها |
|
إنِّي رَسولُ الله جِئْتُ مُبشِّرًا | |
|
| أُجْلِي الحَقيقةَ إِنْ تَعكَّرَ مَاؤُها |
|
لا فَرْقَ بينَ كَبيرِكُم وصَغيرِكُمْ | |
|
| هَذي الشَّريعةُ أُعْلِنَتْ أَنْباؤُها |
|
قَدْ آمنَ الجَمْعُ الذي أَحْبَبْتهُ | |
|
| والنَّبْتةُ الخَضْراء زادَ لِحَاؤُها |
|
سارَتْ رِكابُ مُحمَّدٍ مَكْلوءَةً | |
|
| باللُّطْفِ ما ضرَّتْ بِها أَعْداؤُها |
|
في كلِّ خافِقةٍ تأجَّجَ نورُها | |
|
| فحَلا بهِ إصْباحُها ومَساؤُها |
|
وأَبَى أَبُو لَهَبٍ تَقبَّحَ وَجْههُ | |
|
| أَرْدَتْ به كَلماتُهُ وغُثاؤُها |
|
آذَى النبيَّ بقَوْلهِ وبزَوْجهِ | |
|
| فالنَّارُ في يَوْم القِيامِ كِساؤُها |
|
اِصْبِرْ رَسُولَ الله .. أَنْتَ بعَيْنِنا | |
|
| وقُطُوفُ صَبْركَ عِنْدَنا خَضْراؤُها |
|
سيَسُودُ دِينُ الله أَرْضَ عِبادِه | |
|
| حَتَّى تُعمَّرَ بالطُّيُوبِ سَماؤُها |
|
تَمْشِي الحَرائرُ لا تَخافُ غَضَاضةً | |
|
| في دِين مَوْلاها يُصَانُ خِباؤُها |
|
وكُنُوزُ كِسْرى أَصْبحَتْ لسُراقَةٍ | |
|
| وَعْداً له .. بِرُّ الوُعُودِ وَفاؤُها |
|
كَثُر الأذَى بصَحابةٍ ونَبيِّهمْ | |
|
| في مَكَّةٍ وبَغَى بِها طُلَقاؤُها |
|
فأَوَى الصَّحابَةُ للرَّسولِ بمِحْنةٍ | |
|
| فاضَتْ عَلَيْهِمْ بالعَنا بَلْوَاؤُها |
|
أَذِنَ الرَّسولُ بهِجرةٍ لمَدينةٍ | |
|
| صارَتْ مُنوَّرةً فَطابَ لِقاؤُها |
|
وَصَلَ النبيُّ ليَثْرِبٍ فتَهلَّلتْ | |
|
| أَطْفالُها ورِجالُها ونِسَاؤُها |
|
آخَى بيَثْربَ بَيْنَ كلِّ مُهاجِرٍ | |
|
| ونَصِيرِه فسَمَتْ بِهْم بَطْحاؤُها |
|
وبَنَى بأَرْضِ قُباءَ أَوَّلَ مَسْجِدٍ | |
|
| فتَطيِّبتْ مَنْ ريحِه أَنْحاؤُها |
|
ثمَّ ابْتَنى في أَرْضِ طَيْبةَ مَسْجِدًا | |
|
| فمَشَى على دَرْبِ الهُدَى أَبْناؤُها |
|
هُمْ ناصَروا دينَ الإله بقَلْبِهمْ | |
|
| إنَّ المَحبَّةَ في القُلوبِ بَقاؤُها |
|
خَرجَ النبيُّ بيَوْم بَدْرٍ طالِبًا | |
|
| ثَأْرًا .. فمَا رَدَّ الحُقُوقَ بُكَاؤُها |
|
وقَضَى الإلهُ بأَنْ تَكونَ وَقِيعةً | |
|
| ولِواءُ ربِّ العالِمينَ لِواؤُها |
|
فتَوثَّبَ النَّصْرُ العَظيمُ لفِتْيةٍ | |
|
| حَفِظُوا الشَّريعَةُ فانْزَوَى أَعْداؤُها |
|
والنَّصْرُ كانَ حَليفَهُمْ يَوْمَ الْتَقَوْا | |
|
| في وَقْعَةِ الأَحْزابِ شُجَّ إِباؤُها |
|
الحَرْبُ تَأْتِي في الخِتامِ برايَةٍ | |
|
| خَفَّاقةٍ يَزْهُو بِها أُمَراؤُها |
|
يَبْقَى السَّلامُ مُرادَ كلِّ مُسدَّدٍ | |
|
| أمَّا الحُروبُ ففي الشُّعوبِ بَلاؤُها |
|
في فَتْحِ مَكَّةَ كان نَصْرٌ عَارمٌ | |
|
| أُمُّ القُرَى مُزْدانَةٌ أَرْجاؤُها |
|
قَدْ جاءَ نَصْرُ اللهِ فَتْحًا عابِقًا | |
|
| والنَّاسُ في دِين السَّلامِ نِداؤُها |
|
وتَزيَّنتْ أَكْنافُ مَكةَ كُلَّها | |
|
| بمُحمَّدٍ وتَباركَتْ أَصْداؤُها |
|
هذا كِتابُ الله أَنْجَزَ وَعْدَهُ | |
|
| إنَّ النُّفوسَ لفِي الوَفاءِ دَوَاؤُها |
|
في سُنَّةِ الهَادِي تَطِيبُ مَراتِعٌ | |
|
| ويَطِيبُ فِيها صَيْفُها وشِتاؤُها |
|
الشِّعْرُ في مَدْحِ النَّبيُّ غَمَامةٌ | |
|
| بالوَابِل المَصْبوبِ سَحَّ عَطاؤُها |
|
فاكتُبْ لَنا ربَّ البَريِّةِ شَرْبةً | |
|
| مِنْ كفِّ أَحْمدَ بالجِنَانِ رُواؤُها |
|
وَاغفِرْ ذُنوبًا إِنْ تَطاولَ أَمْرُها | |
|
| في رَحْمةِ المَوْلى يَكُونُ هَبَاؤُها |
|
واطرَحْ بلُطْفٍ مِنكَ سِلْمًا وارِفًا | |
|
| حتَّى يُمَكَّنَ في القُلوبِ بَهاؤُها |
|
بِلِّغْ صَلاتِي للحَبيبِ مُحمَّدٍ | |
|
| ما أَشْرَقَتْ في طَيْبةٍ بَطْحاؤها |
|