قِردٌ رَأى الفيلَ عَلى الطَريقِ |
مُهَروِلاً خَوفاً مِنَ التَعويقِ |
وَكانَ ذاكَ القِردُ نِصفَ أَعمى |
يُريدُ يُحصي كُلَّ شَيءٍ عِلما |
فَقالَ أَهلاً بِأَبي الأَهوالِ |
وَمَرحَباً بِمُخجِلِ الجِبالِ |
تَفدي الرُؤوسُ رَأسَكَ العَظيما |
فَقِف أُشاهِد حُسنَكَ الوَسيما |
لِلَّهِ ما أَظرَفَ هَذا القَدّا |
وَأَلطَفَ العَظمَ وَأَبهى الجِلدا |
وَأَملَحَ الأُذنَ في الاِستِرسالِ |
كَأَنَّها دائِرَةُ الغِربالِ |
وَأَحسَنَ الخُرطومَ حينَ تاها |
كَأَنَّهُ النَخلَةُ في صِباها |
وَظَهرُكَ العالي هُوَ البِساطُ |
لِلنَفسِ في رُكوبِهِ اِنبِساطُ |
فَعَدَّها الفيلُ مِنَ السُعود |
وَأَمَرَ الشاعِرَ بِالصُعود |
فَجالَ في الظَهرِ بِلا تَوانِ |
حَتّى إِذا لَم يَبقَ مِن مَكان |
أَوفى عَلى الشَيءِ الَّذي لا يُذكَرُ |
وَأَدخَلَ الأصبُعَ فيهِ يَخبُرُ |
فَاِتَّهَمَ الفيلُ البَعوضَ وَاِضطَرَب |
وَضَيَّقَ الثَقبَ وَصالَ بِالذَنَب |
فَوَقَعَ الضَربُ عَلى السَليمَه |
فَلَحِقَت بِأُختِها الكَريمَه |
وَنَزَلَ البَصيرُ ذا اِكتِئابِ |
يَشكو إِلى الفيلِ مِنَ المُصابِ |
فَقالَ لا موجِبَ لِلنَدامَه |
الحَمدُ لِلَّهِ عَلى السَلامَه |
مَن كانَ في عَينَيهِ هَذا الداءُ |
فَفي العَمى لِنَفسِهِ وَقاءُ |