العامُ أَقبَلَ قُم نُحَيِّ هِلالا |
كَالتاجِ في هامِ الوُجودِ جَلالا |
طُغرى كِتابِ الكائِناتِ لِقارِئٍ |
يَزِنُ الكَلامَ وَيَقدُرُ الأَقوالا |
مَلَكَ السَماءَ فَكانَ في كُرسِيِّهِ |
بَينَ المَلائِكِ وَالمُلوكِ مِثالا |
تَتَنافَسُ الآمالُ فيهِ كَأَنَّهُ |
ثَغرُ العِنايَةِ ضاحَكَ الآمالا |
وَالشَمسُ تُزلِفُ عيدَها وَتَزُفُّهُ |
بُشرى بِمَطلَعِهِ السَعيدِ وَفالا |
عيدُ المَسيحِ وَعيدُ أَحمَدَ أَقبَلا |
يَتَبارَيانِ وَضاءَةً وَجَمالا |
ميلادُ إِحسانٍ وَهِجرَةُ سُؤدَدٍ |
قَد غَيَّرا وَجهَ البَسيطَةِ حالا |
قُم لِلهِلالِ قِيامَ مُحتَفِلٍ بِهِ |
أَثنى وَبالَغَ في الثَناءِ وَغالى |
نورُ السَبيلِ هَدى لِكُلِّ فَضيلَةٍ |
يَهدي الحَكيمُ لَها وَسَنَّ خِلالا |
ما بَينَ مَولِدِهِ وَبَينَ بُلوغِهِ |
مَلَأَ الحَياةَ مَآثِراً وَفِعالا |
مُتَواضِعٌ وَاللَهُ شَرَّفَ قَدرَهُ |
بِالشَمسِ نِدّاً وَالكَواكِبِ آلا |
مُتَوَدِّدٌ عِندَ الكَمالِ تَخالُهُ |
في راحَتَيكَ وَعَزَّ ذاكَ مَنالا |
وافٍ لِجارَةِ بَيتِهِ يَرعى لَها |
عَهدَ السَمَوأَلِ عُروَةٌ وَحِبالا |
عَونُ السُراةِ عَلى تَصاريفِ النَوى |
أَمِنوا عَلَيهِ وَحشَةً وَضَلالا |
وَيُصانُ مِن سِرِّ الصَبابَةِ عِندَهُ |
ما باتَ عِندَ الأَكثَرينَ مُذالا |
وَيُشَكُّ فيهِ فَلا يُكَلِّفُ نَفسَهُ |
غَيرَ التَرَفُّعِ وَالوَقارِ نِضالا |
ساءَت ظُنونُ الناسِ حَتّى أَحدَثوا |
لِلشَكِّ في النورِ المُبينِ مَجالا |
وَالظَنُّ يَأخُذُ في ضَميرِكَ مَأخَذاً |
حَتّى يُريكَ المُستَقيمَ مُحالا |
وَمِنَ العَجائِبِ عِندَ قِمَّةِ مَجدِهِ |
رامَ المَزيدَ فَجَدَّ فيهِ فَنالا |
يَطوي إِلى الأَوجِ السَماواتِ العُلا |
وَيَشُدُّ في طَلَبِ الكَمالِ رِحالا |
وَيَفُلُّ مِن هوجِ الرِياحِ عَزائِماً |
وَيَدُكُّ مِن مَوجِ البِحارِ جِبالا |
وَيُضيءُ أَثناءَ الخَمائِلِ وَالرُبى |
حَتّى تَرى أَسحارَها آصالا |
وَيَجولُ في زُهرِ الرِياضِ كَأَنَّهُ |
صَيبُ الرَبيعِ مَشى بِهِنَّ وَجالا |
أُمَمَ الهِلالِ مَقالَةً مِن صادِقٍ |
وَالصِدقُ أَليَقُ بِالرِجالِ مَقالا |
مُتَلَطِّفٍ في النُصحِ غَيرِ مُجادِلٍ |
وَالنُصحُ أَضيَعُ ما يَكونُ جِدالا |
مِن عادَةِ الإِسلامِ يَرفَعُ عامِلاً |
وَيُسَوِّدُ المِقدامَ وَالفَعّالا |
ظَلَمَتهُ أَلسِنَةٌ تُؤاخِذُهُ بِكُم |
وَظَلَمتُموهُ مُفَرِّطينَ كَسالى |
هَذا هِلالُكُمُ تَكَفَّلَ بِالهُدى |
هَل تَعلَمونَ مَعَ الهِلالِ ضَلالا |
سَرَتِ الحَضارَةُ حُقبَةً في ضَوئِهِ |
وَمَشى الزَمانُ بِنورِهِ مُختالا |
وَبَنى لَهُ العَرَبُ الأَجاوِدُ دَولَةً |
كَالشَمسِ عَرشاً وَالنُجومِ رِجالا |
رَفَعوا لَهُ فَوقَ السِماكِ دَعائِماً |
مِن عِلمِهِم وَمِنَ البَيانِ طِوالا |
اللَهُ جَلَّ ثَناؤُهُ بِلِسانِهِم |
خَلَقَ البَيانَ وَعَلَّمَ الأَمثالا |
وَتَخَيَّرَ الأَخلاقَ أَحسَنَها لَهُم |
وَمَكارِمُ الأَخلاقِ مِنهُ تَعالى |
كَالرُسلِ عَزماً وَالمَلائِكِ رَحمَةً |
وَالأُسدِ بَأساً وَالغُيوثِ نَوالا |
عَدَلوا فَكانوا الغَيثَ وَقعاً كُلَّما |
ذَهَبوا يَميناً في الوَرى وَشَمالا |
وَالعَدلُ في الدُولاتِ أُسٌّ ثابِتٌ |
يُفني الزَمانَ وَيُنفِدُ الأَجيالا |
أَيّامَ كانَ الناسُ في جَهَلاتِهِم |
مِثلَ البَهائِمِ أُرسِلَت إِرسالا |
مِن جَهلِهِم بِالدينِ وَالدُنيا مَعاً |
عَبَدوا الأَصَمَّ وَأَلَّهوا التِمثالا |
ضَلّوا عُقولاً بَعدَ عِرفانِ الهُدى |
وَالعَقلُ إِن هُوَ ضَلَّ كانَ عِقالا |
حَتّى إِذا اِنقَسَموا تَقَوَّضَ مُلكُهُم |
وَالمُلكُ إِن بَطُلَ التَعاوُنُ زالا |
لَو أَنَّ أَبطالَ الحُروبِ تَفَرَّقوا |
غَلَبَ الجَبانُ عَلى القَنا الأَبطالا |