إبلاغ عن خطأ
ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك
انتظر إرسال البلاغ...
|
راحلٌ |
حبلُهُ في يديه ِ |
وقبضةُ تمرٍ وماءْ . |
كالنسيم ِ إذا مرّ في الليل ِ، |
سرّحَ سعفَ النخيل ِ |
وألهبَهُ صبوةً .. |
مرّ بالشّرُفاتِ التي لا تَفَتَّحُ |
إلا إذا طلعَ الفجْرُ، |
ألقى التّحيّةَ |
قالَ: سلامٌ على أهل ِ هذا المساءْ . |
راحلٌ |
زادُهُ الدّربُ |
قِبلتُهُ، الريحُ |
نجمتُهُ قلبُهُ |
نعلُهُ الأرضُ |
هامتُهُ في السماءْ . |
قال يوماً: وما سمِعَ الميّتونَ |
بأن السواحلَ قد تُنكِرُ الماءَ .. |
فاتّخِذوا غيرَ هذي القبور ِمَواطنَ للزّهْو ِ.. |
هُبّوا بأكفانِكُمْ نحو ما تدّعونَ |
وما لا تُطيقونَ |
عَضّوا على لُجُم ِالمَوتِ، |
كُرّوا إلى حتفِكُم . |
وانهلوا الصُّبحَ صِرفاً |
من البحر ِللنهر ِ |
واستقبلوا قِبلتي .. |
راحلٌ |
ليس إلاّ |
بسقطِ المتاع ِ |
وما شذّ من لُغةِ القوم ِ |
حينَ يزيدُ الكلامُ على حدّهِ أو يقِلُّ |
راحلٌ |
ليس كالراحلينَ، |
من الحُزن ِ كان انبعاثُكَ |
للحُزن ِتصبو .. |
ومنهُ، إليهِ، تُسطَّرُ أفراحَ روحِكَ |
تلهوا بكلّ الجِنان ِ، |
وتنفُذُ من كلّ نارٍ، |
حُداؤُكَ، |
في كلّ خيلٍ تصولُ |
وبأسُكَ |
في كلّ سيفٍ يُسَلُّ . |
قبِلتَ الرّهانَ، |
ولمّا استويتَ على شفْرةِ الرّأي ِ |
لِنْتَ لهُمْ .. |
باسِطاً راحتيكَ لِمن خالفوكَ الطريقةَ |
فانْتشروا كالجرادِ سُدىً، |
وانْكفَأْتَ على وتَدٍ، |
لم يكُن لسِواكَ من الطّير .. |
لِنْتَ لهُم ما استطَعْتَ |
وما لان قلْبُ البلادِ عليكَ |
ليُخرِجَ منها الأعَزَّ الأذَلُّ . |
من المُؤمنينَ رِجالٌ |
وحسْبُكَ أنّكَ أنتَ الأقَلُّ . |
من المؤمنينَ .. |
وما جنحوا لرحيلكَ، |
فارتحلوا خارجَ الحُزن ِ |
يلتمسونَ الرُّؤى |
في عروق ِ الظلام ِعلى جذوةٍ تضمحِلُّ . |
عفَوتَ، |
ومثْلُكَ يرأفُ |
حينَ تدورُ الشِّمالُ برأس ِ الخليج ِ |
ويصفحُ عن كلّ طيرٍ يزِلُّ . |
وثُرْتَ، |
ومثلُكُ يعتَبُ في الصّحْوِ |
كيما تعودَ السفينةُ أدراجها، |
قبل أن تستفِزَّ الشِّمالُ شياطينَها |
في المياهِ الغريبةِ . |
آهٍ من البحر ِ والرّيح ِ والفُلْكِ |
فيما تَهيمُ |
وممّا تُقِلُّ . |
رأوكَ انْحنيتَ على زهرةٍ |
لم ينَلْها الذّبولُ |
وقد ذبُلَ الجلّنارُ . |
رأوها تخضّبُ بالطّيبِ في مِفرقيكَ البياضَ، |
وتطبعُ عِشقَ الرُّبى، قُبْلَةً بينَ عينيكَ، |
حانَ البِذارُ . |
وقُمتَ، |
وقد ربَتِ الأرضُ، |
واهتَزَّ يابِسُها نشوةً |
في الحِصار ِ، |
لقد نِلتَ ما لم ينلْهُ الحِصارُ . |
فُراتُ ارْتعِشْ .. |
شِئتَ ألاّ تكُفَّ عن العِشْق ِ، |
والنّخلُ غيدٌ، |
تمايلْنَ تيهاً، على جانبيكَ . |
أبا الخِصْبِ، |
لن يحجِبَنَّكَ عما يفيضُ بهِ القَلبُ |
ما ردّدَ العاذلونَ، |
ولن يمحُوَنَّ الذي بيننا، |
ما يُحيكُ الغُبارُ . |
تهُزُّ الأعاصيرُ، |
ما زاد عن حاجةِ الأرض ِ |
كَرهاً .. |
ويمكُثُ مهما تأجّجَ في جوفِها، |
ما يشاءُ الأُورارُ . |
وأنتَ السّعيرُ الذي يُثلِجُ الصّدْرَ .. |
أنتَ الطّريقُ إلى سُرّةِ الكون ِ، |
أنتَ المزارُ . |
تطاولَ نخلُكَ، |
حينَ تطاولتِ الرّومُ في الخائفينَ، |
وخرّوا لها سُجّداً، دون ما يعبدونَ |
بجُنح ِ الظّلام ِ |
فأشرقَ في حُزنِكَ البابِليِّ النهارُ . |
أبا الخِصبِ، |
ما زِلتُ أقدحُ جِذعاً |
أصابتْهُ قبلَ الشّتاءِ السّماءُ، |
وأخشى إذا احتكمَ البَردُ، |
أن يستبِدَّ بأفراخ ِ طيرٍ تعهّدْتها بدم ِ القلبِ . |
مازلتُ أقدحُ في الماءِ جَهدي .. |
وأنّى لها أن تفيقَ من الوَهْم ِ |
في مكْمَن ِ الماءِ نارُ . |
غثاءٌ تقاذفهُ السّيلُ، |
دونَ حياءٍ |
يُباهي بوجهين ِ: |
في الشرق ِ وجهٌ، |
وفي الغربِ وجهٌ، |
تحيّرتُ أيّهُما المستعارُ؟ |
وأسندتُ رأسي على كتِفِ الحُزن ِ |
أغمضْتُ عينَيَّ، |
والوقتُ منتبِهٌ |
يتوغّلُ في النسبِ العربيّ برِفقٍ .. |
هنا القُدس |
قال المُذيعّ، وماتْ . |
على إثر ِ طلقةِ بارودةٍ، |
كان يحملُها ثائرٌ في الخليج ِ |
يبيعُ نضالاتهِ دبكةً في الشتاتْ . |
هنا القدسُ |
أعربتِ النُّخَبُ الوطنيّةُ عن حُزنها |
لانهيار السلام ِ، |
وتمثال ِ بوذا، |
وأعصابِ مستوطناتِ الخليل ِ، وغزّةَ . |
أعلنَ مُفتي الدّيارِ: |
بأن الذي يتزنّرُ قُنبُلةً، |
ويموتُ دفاعاً عن الأرض ِ والعِرض ِ |
.. في النارْ . |
هنا صوتُ تلِّ أبيبْ.. |
صحوْتُ، |
هنا القدس |
ينقطِعُ الصّوتُ، |
ثمّةَ شيءٌ يدورُ هنالكَ .. |
همهمةٌ، |
صوتُ أحذيةٍ، تتسلّلُ بينَ المزارع ِ، |
في حذرٍ .. |
زنانيرُ تُربطُ، |
أُخرى تُحلُّ . |
هنا القدسُ ثانية |
وملهىً تَطايرُ أشلاؤهُ |
في الهواءِ المُعشّق ِ بالنارِ |
رغمَ السلام ِ |
وبوذا |
ومُفتي الديارِ |
وأعصابِ مستوطناتِ الخليل ِ |
وما أعربتْ نُخبُ الوطنيّةِ .. |
يا أيّها النسبُ العربيّ |
صباحُكَ فُلُّ .. |
وزغرودةٌ تملأُ الأُفْقَ |
من بيتِ كُلِّ شهيدٍ تزنّرَ بالمُعجزاتِ تُطِلُّ . |
راحِلٌ فيكِ |
عنكِ |
إليكِ |
أجُسُّ المنافِذَ، |
والحبلُ مُتّصلٌ بيننا في الورى نسبا . |
إنما، |
ما على ذاك عهْدُ الأجاويدِ .. |
عِشقُ الأجاويدِ، |
لا يبتغي الموتُ من أجلِهِ سببا . |
رحَلْتُ، |
وقلبي فنارُ العماليق ِ، في حبكةِ الليل ِ |
يستطلِعُ الدُّورَ .. |
ماذا تُخَبّىءُ |
من عُبُواتٍ وزيتٍ ..؟ |
يُضَمّدُ جوعَ الشوارِع ِ |
مُسْتَعْتَباً تَعِبا . |
وماذا يُعِدُّ الفُراتُ لِشُحِّ المواسِم ِ ..؟ |
ماذا يُرَدُّدُ قلبُ الجزيرةِ |
تحتَ لُهاثِ القوافِل ِ؟ |
لمّا تضاءلَ بينَ قِطافِ القُرى تينُهُ عِنبا .. |
وماذا يُخَبّرُ نيلُ الصّعيدِ عن الثأرِ ..؟ |
هل قطّعتْ مِصْرُ للثائرين ِ ضفائِرَها ..؟! |
أم تخلّيتَ يانيلُ عن ضفّتيكَ، |
وأنت الذي أجّجَ الفَقْرَ من جودِهِ فيهِما لَهَبا .. |
كُنتُ |
إذا كُنتَ تُودِعُ جَمْرَكَ في رَحِمِ الأرض ِ |
لا أعرِفُ الشِّعْرَ .. |
حتى اكْتَوَيْتُ بنارَيْكُما، |
وانْثَنَيتَ ... |
فهلْ يتحاشى الذي وهَبَ الشَّيْءَ، ما وَهَبا .. |
راحِلٌ |
قد دعاني المَقامُ إلى فتح ِ قلبي .. |
وما يومُ قلبي بِسِرٍّ |
على ملأٍ في عُكاظ .. |
وما كان لي يومَها، خيمةٌ من أدَمْ . |
بَدَأْتُ من الصّفْرِ، |
أُنشِدُ جُرحي على صخْرَةِ البَوْح ِ |
ألقيتُ جُلّ دمي .. |
.................... |
لاشيءَ يوحي بشيْءٍ .. |
................... |
................... |
سلامٌ على أهلِ هذا المساءْ . |