كَبيرُ السابِقينَ مِنَ الكِرامِ |
بِرُغمي أَن أَنالَكَ بِالمَلامِ |
مَقامُكَ فَوقَ ما زَعَموا وَلَكِن |
رَأَيتُ الحَقَّ فَوقَكَ وَالمَقامِ |
لَقَد وَجَدوكَ مَفتوناً فَقالوا |
خَرَجتَ مِنَ الوَقارِ وَالاِحتِشامِ |
وَقالَ البَعضُ كَيدُكَ غَيرُ خافٍ |
وَقالوا رَميَةٌ مِن غَيرِ رامِ |
وَقيلَ شَطَطتَ في الكُفرانِ حَتّى |
أَرَدتَ المُنعِمينَ بِالاِنتِقامِ |
غَمَرتَ القَومَ إِطراءً وَحَمداً |
وَهُم غَمَروكَ بِالنِعَمِ الجسامِ |
رَأَوا بِالأَمسِ أَنفَكَ في الثُرَيّا |
فَكَيفَ اليَومَ أَصبَحَ في الرِغامِ |
أَما وَاللَهِ ما عَلِموكَ إِلّا |
صَغيراً في وَلائِكَ وَالخِصامِ |
إِذا ما لَم تَكُن لِلقَولِ أَهلاً |
فَما لَكَ في المَواقِفِ وَالكَلامِ |
خَطَبتَ فَكُنتَ خَطباً لا خَطيباً |
أُضيفَ إِلى مَصائِبِنا العِظامِ |
لُهِجتَ باِلاِحتِلالِ وَما أَتاهُ |
وَجُرحُكَ مِنهُ لَو أَحسَستَ دامي |
وَما أَغناهُ عَمَّن قالَ فيهِ |
وَما أَغناكَ عَن هَذا التَرامي |
أَحَبَّتكَ البِلادُ طَويلَ دَهرٍ |
وَذا ثَمَنُ الوَلاءِ وَالاِحتِرامِ |
حَقَرتَ لَها زِماماً كُنتَ فيهِ |
لَعوباً بِالحُكومَةِ وَالذِمامِ |
مَحاسِنُهُ غِراسُكَ وَالمَساوي |
لَكَ الثَمَرانِ مِن حَمدٍ وَذامِ |
فَهَلّا قُلتَ لِلشانِ قَولاً |
يَليقُ بِحاِلِ الماضِيَ الهُمامِ |
يَبُثُّ تَجارِبَ الأَيّامِ فيهِم |
وَيَدعو الرابِضينَ إِلى القِيامِ |
خَطَبتَ عَلى الشَبيبَةِ غَيرَ دارٍ |
بِأَنَّكَ مِن مَشيبِكَ في مَنامِ |
وَلَولا أَنَّ لِلأَوطانِ حُبّاً |
يُصِمُّ عَنِ الوِشايَةِ كَالغَرامِ |
جَنَيتَ عَلى قُلوبِ الجَمعِ يَأساً |
كَأَنَّكَ بَينَهُم داعي الحِمامِ |
أَراعَكَ مَقتَلٌ مِن مِصرَ باقٍ |
فَقُمتَ تَزيدُ سَهماً في السِهامِ |
وَهَل تَرَكَت لَكَ السَبعونَ عَقلاً |
لِعِرفانِ الحَلالِ مِنَ الحَرامِ |
أَلا أُنبيكَ عَن زَمَنٍ تَوَلّى |
فَتَذكُرَهُ وَدَمعُكَ في اِنسِجامِ |
سَلِ الحِلمِيَّةَ الفَيحاءَ عَنهُ |
وَسَل داراً عَلى نورِ الظَلامِ |
وَسَل مَن كانَ حَولَكَ عَبدَ جاهٍ |
يُريكَ الحُبَّ أَو باغي حُطامِ |
رَأَوا إِرثاً سَيَذهَبُ بَعدَ حينٍ |
فَكانوا عُصبَةً في الاِقتِسامِ |
وَنالوا السَمعَ مِن أُذُنٍ كَريمٍ |
فَنالوا مِنهُ أَنواعَ المَرامِ |
هُمُ حِزبٌ وَسائِرُ مِصرَ حِزبٌ |
وَأَنتَ أَصَمُّ عَن داعي الوِئامِ |
وَكَيفَ يَنالُ عَونَ اللَهِ قَومٌ |
سَراتُهُمُ عَوامِلُ الاِنقِسامِ |
إِذا الأَحلامُ في قَومٍ تَوَلَّت |
أَتى الكُبَراءُ أَفعالَ الطَغامِ |
فَيا تِلكَ اللَيالي لا تَعودي |
وَيا زَمَنَ النِفاقِ بِلا سَلامِ |
أُحِبُّكِ مِصرُ مِن أَعماقِ قَلبي |
وَحُبُّكِ في صَميمِ القَلبِ نامي |
سَيَجمَعُني بِكِ التاريخُ يَوماً |
إِذا ظَهَرَ الكِرامُ عَلى اللِئامِ |
لِأَجلِكِ رُحتُ بِالدُنيا شَقِيّاً |
أَصُدُّ الوَجهَ وَالدُنيا أَمامي |
وَأَنظُرُ جَنَّةً جَمَعَت ذِئاباً |
فَيَصرُفُني الإِباءُ عَنِ الزِحامِ |
وَهَبتُكِ غَيرَ هَيّابٍ يَراعاً |
أَشَدَّ عَلى العَدُوِّ مِنَ الحُسامِ |
سَيَكتُبُ عَنكِ فَوقَ ثَرى رِياضٍ |
وَفي التاريخِ صَفحَةَ الاِتِّهامِ |
أَفي السَبعينَ وَالدُنيا تَوَلَّت |
وَلا يُرجى سِوى حُسنِ الخِتامِ |
تَكونُ وَأَنتَ رِياضُ مِصرٍ |
عُرابي اليَومَ في نَظَرِ الأَنامِ |