نَبَذَ الهَوى وَصَحا مِنَ الأَحلامِ | |
|
| شَرقٌ تَنَبَّهَ بَعدَ طولِ مَنامِ |
|
ثابَت سَلامَتُهُ وَأَقبَلَ صَحوُهُ | |
|
| إِلا بَقايا فَترَةٍ وَسَقامِ |
|
صاحَت بِهِ الآجامُ هُنتَ فَلَم يَنَم | |
|
| أَعَلى الهَوانِ يُنامُ في الآجامِ |
|
أُمَمٌ وَراءَ الكَهفِ جُهدُ حَياتِهِم | |
|
| حَرَكاتُ عَيشٍ في سُكونِ حِمامِ |
|
نَفَضوا العُيونَ مِنَ الكَرى وَاِستَأنَفوا | |
|
| سَفَرَ الحَياةِ وَرِحلَةَ الأَيّامِ |
|
مَن لَيسَ في رَكبِ الزَمانِ مُغَبِّراً | |
|
| فَاِعدُدهُ بَينَ غَوابِرِ الأَقوامِ |
|
في كُلِّ حاضِرَةٍ وَكُلِّ قَبيلَةٍ | |
|
| هِمَمٌ ذَهَبنَ يَرُمنَ كُلَّ مَرامِ |
|
مِن كُلِّ مُمتَنِعٍ عَلى أَرسانِهِ | |
|
| أَو جامِحٍ يَعدو بِنِصفِ لِجامِ |
|
يا مِصرُ أَنتِ كِنانَةُ اللَهِ الَّتي | |
|
| لا تُستَباحُ وَلِلكِنانَةِ حامِ |
|
اِستَقبِلي الآمالَ في غاياتِها | |
|
| وَتَأَمَّلي الدُنيا بِطَرفٍ سامِ |
|
وَخُذي طَريفَ المَجدِ بَعدَ تَليدِهِ | |
|
| مِن راحَتَي مَلِكٍ أَغَرَّ هُمامِ |
|
يُعنى بِسُؤدُدِ قَومِهِ وَحُقوقِهِم | |
|
| وَيَذودُ حياضَهُم وَيُحامي |
|
ما تاجُكِ العالي وَلا نُوّابُهُ | |
|
| بِالحانِثينَ إِلَيكِ في الإِقسامِ |
|
جَرَّبتِ نُعمى الحادِثاتِ وَبُؤسَها | |
|
| أَعَلِمتِ حالاً آذَنَت بِدَوامِ |
|
عَبَسَت إِلَينا الحادِثاتُ وَطالَما | |
|
| نَزَلَت فَلَم تُغلَب عَلى الأَحلامِ |
|
وَثَبَت بِقَومٍ يَضمِدونَ جِراحَهُم | |
|
| وَيُرَقِّدونَ نَوازِيَ الآلامِ |
|
الحَقُّ كُلُّ سِلاحِهِم وَكِفاحِهِم | |
|
| وَالحَقُّ نِعمَ مُثَبِّتُ الأَقدامِ |
|
يَبنونَ حائِطَ مُلكِهِم في هُدنَةٍ | |
|
| وَعَلى عَواقِبِ شِحنَةٍ وَخِصامِ |
|
قُل لِلحَوادِثِ أَقدِمي أَو أَحجِمي | |
|
| إِنّا بَنو الإِقدامِ وَالإِحجامِ |
|
نَحنُ النِيامُ إِذا اللَيالي سالَمَت | |
|
| فَإِذا وَثَبنَ فَنَحنُ غَيرُ نِيامِ |
|
فينا مِنَ الصَبرِ الجَميلِ بَقِيَّةٌ | |
|
| لِحَوادِثٍ خَلفَ العُيوبِ جِسامِ |
|
أَينَ الوُفودُ المُلتَقونَ عَلى القِرى | |
|
| المُنزَلونَ مَنازِلَ الأَكرامِ |
|
الوارِثونَ القُدسَ عَن أَحبارِهِ | |
|
| وَالخالِفونَ أُمَيَّةً في الشامِ |
|
الحامِلو الفُصحى وَنورِ بَيانِها | |
|
| يَبنونَ فيهِ حَضارَةَ الإِسلامِ |
|
وَيُؤَلِّفونَ الشَرقَ في بُرهانِها | |
|
| لَمَّ الضِياءُ حَواشِيَ الإِظلامِ |
|
تاقوا إِلى أَوطانِهِم فَتَحَمَّلوا | |
|
| وَهَوى الدِيارِ وَراءَ كُلِّ غَرامِ |
|
ما ضَرَّ لَو حَبَسوا الرَكائِبَ ساعَةً | |
|
| وَثَنوا إِلى الفُسطاطِ فَضلَ زِمامِ |
|
لِيُضيفَ شاهِدُهُم إِلى أَيّامِهِ | |
|
| يَوماً أَغَرَّ مُلَمَّحَ الأَعلامِ |
|
وَيَرى وَيَسمَعُ كَيفَ عادَ حَقيقَةً | |
|
| ما كانَ مُمتَنِعاً عَلى الأَوهامِ |
|
مِن هِمَّةِ المَحكومِ وَهوَ مُكَبَّلٌ | |
|
| بِالقَيدِ لا مِن هِمَّةِ الحُكّامِ |
|
مِصرُ اِلتَقَت في مِهرَجانِ مُحَمَّدٍ | |
|
| وَتَجَمَّعَت لِتَحِيَّةٍ وَسَلامِ |
|
هَزَّت مَناكِبَها لَهُ فَكَأَنَّهُ | |
|
| عُرسُ البَيانِ وَمَوكِبُ الأَقلامِ |
|
وَكَأَنَّهُ في الفَتحِ عَمّورِيَّةٌ | |
|
| وَكَأَنَّني فيهِ أَبو تَمّامِ |
|
أَسِمُ العُصورَ بِحُسنِهِ وأَنا الَّذي | |
|
| يَروي فَيَنتَظِمُ العُصورَ كَلامي |
|
شَرَفاً مُحَمَّدُ هَكَذا تُبنى العُلا | |
|
| بِالصَبرِ آوِنَةً وَبِالإِقدامِ |
|
هِمَمُ الرِجالِ إِذا مَضَتَ لَم يَثنِها | |
|
| خِدَعُ الثَناءِ وَلا عَوادي الذامِ |
|
وَتَمامُ فَضلِكَ أَن يَعيبَكَ حُسَّدٌ | |
|
| يَجِدونَ نَقصاً عِندَ كُلِّ تَمامِ |
|
المالُ في الدُنيا مَنازِلُ نُقلَةٍ | |
|
| مِن أَينَ جِئتَ لَهُ بِدارِ مُقامِ |
|
فَرَفَعتَ إيواناً كَرُكنِ النَجمِ لَم | |
|
| يُضرَب عَلى كِسرى وَلا بَهرامِ |
|
صَيَّرتَ طينَتَهُ الخُلودَ وَجِئتَ مِن | |
|
| وادي المُلوكِ بِجَندَلٍ وَرَغامِ |
|
هَذا البِناءُ العَبقَرِيُّ أَتى بِهِ | |
|
| بَيتٌ لَهُ فَضلٌ وَحَقُّ ذِمامِ |
|
كانَت بِهِ الأَرقامُ تُدرَكُ حِسبَةً | |
|
| وَاليَومَ جاوَزَ حِسبَةَ الأَرقامِ |
|
يا طالَما شَغَفَ الظُنونَ وَطالَما | |
|
| كَثُرَ الرَجاءُ عَلَيهِ في الإِلمامِ |
|
ما زِلتَ أَنتَ وَصاحِباكَ بِرُكنِهِ | |
|
| حَتّى اِستَقامَ عَلى أَعَزِّ دِعامِ |
|
أَسَّستُمو بِالحاسِدينَ جِدارَهُ | |
|
| وَبَنَيتُمو بِمَعاوِلِ الهَدّامِ |
|
شَرِكاتُكَ الدُنيا العَريضَةُ لَم تُنَل | |
|
| إِلّا بِطولِ رِعايَةٍ وَقِيامِ |
|
اللَهُ سَخَّرَ لِلكِنانَةِ خازِناً | |
|
| أَخَذَ الأَمانَ لَها مِنَ الأَعوامِ |
|
وَكَأَنَّ عَهدَكَ عَهدَ يوسُفَ كُلُّهُ | |
|
| ظِلٌّ وَسُنبُلَةٌ وَقَطرُ غَمامِ |
|
وَكَأَنَّ مالَ المودِعينَ وَزَرعَهُم | |
|
| في راحَتَيكَ وَدائِعُ الأَيتامِ |
|
ما زِلتَ تَبني رُكنَ كُلِّ عَظيمَةٍ | |
|
| حَتّى أَتَيتَ بِرابِعِ الأَهرامِ |
|