لَقَد استَقَامَ العالَمُ المَقلُوبُ! | |
|
| يا ذِئبُ يُوسُفُ أَنتَ؟ أَم يَعقُوبُ؟! |
|
وأَشَرتُ لِلوَطَنِ البَعيدِ مُعاتِبًا: | |
|
| ذَبُلَت مَحَاجِرُنا متى سَتَؤُوبُ؟! |
|
وسَكَتُّ والشَّفَقُ استَدَارَ مُوَدِّعًا | |
|
| كَدَمٍ عليهِ قَتِيلُهُ مَسحُوبُ |
|
كَسَرَت عَصَايَ قصيدتِي وكَسَرتُها | |
|
| فَأَنا إذا انكَسَرَت عصايَ غَضُوبُ |
|
وَجَعُ الأَحِبَّةِ - يا أَحِبَّةُ - مُوجِعٌ | |
|
| وأَنا بِكُم فَتَبَخَّروا أَو ذُوبُوا |
|
ما بين أُغنِيةٍ تَمُوتُ ووَردَةٍ | |
|
| سَتَمُوتُ، ثَمَّةَ شاعرٌ مَغلوبُ |
|
إِني لَأَعجَبُ كيف يَضحَكُ شاعرٌ | |
|
| وأَسَاهُ بَين جُفُونِهِ مَصلوبُ؟! |
|
لِلحُزنِ أَجنحةٌ، تَكاثَرَ رِيشُها | |
|
| ولِكُلِّ مُحزِنَةٍ صَدًى وهُبُوبُ |
|
وعَلَيَّ أَن أَضَعَ القصيدةَ كُلَّها | |
|
| بِيَدَيهِ، فَهو الناهِبُ المَنهُوبُ |
|
لا شِعرَ إِلَّا ما شَعَرتَ بأنّكَ ال | |
|
| مَأكولُ بَين يَدَيهِ والمَشرُوبُ |
|
قُل لِي بربِّكَ كيفَ تَمنَعُ دَمعةً | |
|
| أَن لا تَسِيلَ وقَلبُكَ المَثقوبُ؟! |
|
هذي البلادُ مريضةٌ ومُصَابُها | |
|
| جَلَلٌ وأَصدَقُ أَهلِها عُرقُوبُ! |
|
ماذا يَقولُ لِنفسِهِ الوَجَعُ الذي | |
|
| بيني وبين قصائدي مَسكُوبُ؟! |
|
أَيُّوبُ ناءَ بِجُرحِهِ مُتَضَرِّعًا | |
|
| وأَنا بلادِي كُلُّها أَيُّوبُ |
|
يا مَن أَمُرُّ عليهِ كُلَّ عَشِيَّةٍ | |
|
| ولَهُ شمالٌ داخِلِي وجنوبُ |
|
ما دامَ هذا اللَّيلُ يَزعُمُ أَنَّهُ | |
|
| صُبحٌ، وتَشعُرُ أَنّهُ مَرغُوبُ |
|
فَإِلامَ يَنتَظِرُ الحَبيبُ صَباحَهُ | |
|
| وعَلَامَ يُقلِقُ لَيلَهُ المَحبُوبُ؟! |
|
وَدِّع مُوَدِّعَكَ الأَخِيرَ، وقُل لُهُ: | |
|
| إِنَّ الحَنِينَ إلى الذُّنُوبِ ذُنُوبُ |
|
|
لِلحُزنِ في وطني "السّعيدِ" مَنازلٌ | |
|
| مُقَلِي نوافِذُها، ووَجهِي الطُّوبُ |
|
أَنا إن صَمَتُّ فَلِلتُّرابِ تَنَهُّدٌ | |
|
| وإذا نَطَقتُ فَلِلصُّخورِ كُرُوبُ |
|
كالنَّهرِ يَروِي غَيرَهُ، ويَظَلُّ ما | |
|
| بَين القَرَارَةِ والضّفافِ يَلُوبُ |
|
لا بُدَّ مِن سَفَرٍ أَعُودُ به إلى | |
|
| نَفسِي أُحِسُّ بأنني مَسلوبُ |
|
صارَعتُ مُنفَردًا أَسايَ، كأنني | |
|
| رُغمَ الضَّيَاعِ قَبائلٌ وشُعُوبُ |
|
لا المَوتُ أَنصَفَنِي، ولا الوَطَنُ الذي | |
|
| كَمَدًا يَموتُ بِحُبِّهِ المَوهُوبُ |
|
لا بَأسَ يا قَلَقِي سَيَندَمُ كُلُّ مَن | |
|
| غَدَرُوا، فَغَالِبُ أَهلِهِ مَغلُوبُ |
|
مِنّي إِليَّ الآنَ أَهربُ تاركًا | |
|
| كُلَّ الذين لَهم إليَّ هُروبُ |
|
قالوا: سَتَقتُلُكَ القصيدةُ، أَنتَ في | |
|
| وطنٍ يَكادُ عن الجحيمِ يَنُوبُ |
|
فَكَذَبتُ إِذ صَدَّقتُ أَنّي كاذبٌ | |
|
| إِنَّ المُصَدِّقَ لِلكَذُوبِ كَذوبُ |
|
وقُتِلتُ لكني صَحَوتُ، نِكايَةً | |
|
| بالقاتِلِينَ، وما أَزالُ أَجُوبُ |
|
ما زِلتُ "يحيا" رُغمَ كُلِّ قصيدةٍ | |
|
| عُمرُ الشَّقِيِّ على اسمِهِ مَحسُوبُ |
|
قَلِقٌ عَلَيَّ المَوتُ… يَفرُكُ عَينَهُ | |
|
| وأَنا أُحاوِلُ طَعنَهُ وأَتُوبُ |
|
لا شَيءَ يُقنِعُني بأني مَيِّتٌ | |
|
| لا شَيءَ يُقنِعُهُ مَن المَطلوبُ! |
|
|
بَينِي وبَينَكِ -يا أَنَايَ- غَرَابَةٌ | |
|
| وتَرَغُّبٌ، وتَغَرُّبٌ، وغُرُوبُ |
|
بَين التَّغَرُّبِ والتَّرَغُّبِ واقِفًا | |
|
| سَفَرٌ يُلِحُّ وما إِليهِ دُرُوبُ! |
|
ويَدٌ تُطِلُّ من الدُّخَانِ جَريحَةً | |
|
| ولها إِليَّ تَراجُعٌ ووُثُوبُ |
|
وأَنا أُتابِعُ ما يَدُورُ كَعَادَتِي | |
|
| وأَدُورُ مِثلَ دُوَارِهِ وأَثُوبُ |
|
وعَلَيَّ أَن أَعِدَ الكِنايَةَ قَبل أَن | |
|
| يَصِلَ الكَلامُ، ويُجزَمَ المَنصُوبُ |
|
وعَلَيَّ أَن أَئِدَ التَّوَقُّعَ قَبلَ أَن | |
|
| تُلقَى عَليهِ حَقائِقٌ وغُيُوبُ |
|
وعَلَيَّ أَن أَصِلَ النهايَةَ إِنّما | |
|
| دُونَ البدايةِ فِتنةٌ وحُرُوبُ |
|
دُون البدايَةِ والنّهايَةِ مَوطِنٌ | |
|
| غَدُهُ بِأَمْسِ ضَيَاعِهِ مَضرُوبُ |
|
الجُوعُ فيهِ فَريضةٌ مَكتوبةٌ | |
|
| والخَوفُ -رُغمَ رَوَاجِهِ- مَجلُوبُ |
|
والقَتلُ أَسهَلُ مِن "سَلامِ تَحِيّةٍ" | |
|
| والعَيبُ أَنَّكَ ليس فِيكَ عُيُوبُ |
|
والنّاسُ بَينَ ضَحِيَّةٍ، أَو قاتِلٍ | |
|
| لِلعَيشِ فيه خَصَاصَةٌ ولُغُوبُ |
|
يَتَنهَّدُون على مَوَائِدِهِم كَما | |
|
| يَتنهّدُ المُتسوِّلُ المَنكُوبُ |
|
فَمَتى سَتُثمِرُ بالحَنِينِ وُعُودُهُم | |
|
| ومَتى سَتُخلَقُ لِلقُلوبِ قُلوبُ؟! |
|
أَعَلَى القِيامَةِ أَن تَقُومَ؟!: لَقَد مَضَى | |
|
| زَمَنُ القيامَةِ أَيُّها المَجذُوبُ |
|
فَأَعِد عَصَاكَ إِلى يَمِينِكَ رَيثَما | |
|
| يَمضِي الذين وُجُودُهُم مَشطُوبُ |
|
ويَجِيءُ -مِن أَقصَى المَدِينةِ- مَوطِنٌ | |
|
| وعليهِ مِن أَثَرِ الرَّسُولِ نُدُوبُ |
|
|
وسَكَتُّ وانتَهَتِ الحِكايَةُ، وانزَوى | |
|
| خَلفَ الرُّهابِ سِلاحُنا المَعطُوبُ |
|
وعَلَيَّ أَن أَقِفَ الهُنَيهَةَ كي أُوَدِّعَهُ | |
|
| ورَأسِي بِاللَّظَى مَعصُوبُ |
|
وعلى القصيدةِ أَن تَظَلَّ قَصِيَّةً | |
|
| ولِكُلِّ رَبِّ قصيدةٍ أُسلُوبُ |
|