إبلاغ عن خطأ
ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك
انتظر إرسال البلاغ...
|
إلى بغداد حمامتي الطائرة بجرحها |
:::: |
ما بينَ انيابِ الذئابِ العاوياتِ الصارخاتِ |
سكنتْ غزالة |
لم تزل تجري كهائمْ |
مافوقَ اغصانِ الصنوبرِ في الدجى.. |
ناحتْ حمامة دجلةٍ |
للهِ من بينِ الحمائمْ |
وعلى رموشِ الليلِ |
سحّتْ غيمةُ الاحزانِ |
فابتلّ الجوى |
بنداوةِ العينينِ |
اسكرها الهوى.. |
حتى الثمالة بالنوى |
وتقولُ ما للكرخِ غطى أرضَهُ |
حزنٌ كمثلِ الغيثِ ساجمْ |
يتحركُ الوحشُ الرماديُّ الرؤى |
يعوي باحشاءِ الربابة |
والآهةُ المفجوعةُ النغماتِ |
تاهتْ بين أرتالِ النوارسْ |
من فوقِ شطآن الصبابة |
أوَّاهُ يا زمنَ الردى |
غزلانكَ الظمأى |
بصحراءِ النوى.. |
مكدودةُ الخطواتِ.....تأكلها الهواجسْ |
بين الاصابةِ والكآبة |
او بين اطلالِ المعالمْ |
هامتْ وهامتْ حولها |
غزلانُها |
وحمامُها |
وتظلُّ ترقبُ فجرَها المأزومَ.. |
مابينَ الاراقمْ |
للهِ |
آهاتُ الحمامةِ..هاهنا |
وأظلُّ بينَ هيامها |
بينَ الهواجمْ |
تلكَ الكواسرُ هاجماتٌ.. |
اواهُ من تلكَ الهواجمْ |
يحفرنَ في جسدِ المدينةِ بالنيوبِ وبالاظافرْ |
ويرمنَ خدشَ مدينتي |
أواهُ يا أمَّ العواصمْ |
بغدادُ يا قمرَ العواصمْ |
يا عطرَ تاريخِ العروبةِ |
والمكارمْ |
أنتِ الغزالةُ شبهها |
أنتِ الحمامةُ ودعها |
أنتِ الهيامُ لكلِّ هائمْ |
راحتْ حماماتُ الرصافةِ فوقَ صوبي دجلتي |
وحمامتي |
البيضاءُ |
طارتْ |
لمْ تزلْ تعلو المناظرْ |
وتراقب الجوَّ المدمى تحتها الغزلانُ |
لا تدري المخابرْ |
هذي تطيرُ ككلِّ طائرْ |
هذي تروحٌ بغير حافرْ |
ومدينتي |
أمُّ امدائنِ كلها |
جرحٌ يروحُ بها فتختلطُ المشاعرْ |
راحتْ حمامتُها هنا |
وهنا مضتْ |
وهنا ترامى ريشُها |
كدماءِ اهلي |
بدماءِ هاتيكَ الحرائرْ |
بدماءِ اشياخي الاكابرْ |
بدماءِ من ذبحوا على الصوبينِ من وسطِ المنائرْ |
هو ريشُها وبياضُهُ |
كالجرحِ غائرْ |
هو صوتُها وهديلُها |
قدْ صارَ بوحاً بابلياُ |
هادراً وسطَ الهوادرْ |
ريشٌ تخضبهُ دماء لم تزل تجري مخضبةَ المناظرْ |
والمخابرُ بالكواتمْ |
وتسيرُ حينَ تسيرُ هاتيكَ الغزالةُ في الضحى |
عينٌ على شطآنِها |
عينٌ على انسانِها |
عينٌ تطاردُها الورى |
ليستْ تطيرُ |
وانما |
تمضي وذئبٌ قد مضى |
ليعضها |
متربصاً |
ذئبُ الغضى كم رامَ كرخي بالردى |
وشرارةٌ طارتْ بها من عينهِ |
بعيونِها.. |
ومدامعٌ |
بعيونها |
مما رأتْ |
واستفقدتْ |
من راحَ |
في وجدِ الغضى |
هل للغزالةِ من جوانحَ لو تطيرُ |
والرعبُ |
في طيرانِها |
رعبُ الورى |
من كلِّ افَّاكٍ وظالمْ |
تبكي بشجوٍ بالهديلِ حمامةٌ |
بغدادُها |
ال... صارتْ كأطلالِ الرواحلْ |
تشكو بصمتِ عيونِها |
تلكَ الغزالةُ |
مما جرى |
في أرضِها |
مذْ سادَ فيها اليومَ قاتلْ |
كيفَ اجتماعُ الضدِّ |
في أضدادِهِ |
بغدادُ يا دارَ السلامِ |
واليومَ عاديك المسالمْ |
أيجوزُ أن يغدو بكِ الجلادُ |
بينَ الناسِ يمضي |
قائداً أو مثلَ حاكمْ |
أيجوزُ انَّ الرجسَ يغدو |
متربعاً فوقَ الأكارمْ |
أيجوزُ ذبحُ حمامِكِ |
أيجوزُ قتلُ غزالكِ |
ذهبَ الغزالُ معَ الحمائمْ |
وبقيتُ مرعى |
للذئابِ |
العادياتِ |
الدامياتِ |
الراكضاتِ |
بلا قوائمْ |
انا عاشقٌ لما ازلْ |
وحبيبتي لما تزل |
ومدينتي لما تزلْ |
طارتْ هنا بسمائها كلُّ الحمائمِ في الازلْ |
ومشتْ بها الغزلانُ |
حتى صرنَ |
مثلَ الريحِ ناشرةِ الحللْ |
وحبيبتي |
تمشي |
كمثلِ غزالةٍ |
وسطَ الحللْ |
واليوم ابحثُ عن حمامةِ جيرتي |
طارتْ وما طارَ الوجلْ |
واليومَ ابحثُ عن غزالةِ رفقتي |
هي علَّمتْ معنى الغزلْ |
واليومَ ابحثُ عن حبيبةِ عاشقٍ |
صيَّرتُها ربعَ الغزلْ |
وجعلتُ وجنتَها الجميلةَ كالربى |
وسطَ القبلْ |
أينَ الحمائمُ |
هلْ رحلنَ |
بمن رحلْ |
أينَ الغزالةُ |
والغزالُ جميعهُ |
لقدِ ارتحلْ |
أينَ الحبيبةٌ |
دارُها مثلَ الطللْ |
ودموعُها |
دمعُ الطللْ |
وصفاتها |
باقي الطللْ |
بغدادُ |
أين مدينتي |
فهي الحمامةُ |
والغزالةٌ |
والطللْ |
بغدادُ |
فيها الحزنُ جاثمْ |
كيفَ الغناءُ |
لم تبقَ في صوتِ الحمائمِ |
من طرائقَ للغناءِ |
لم يبقَ في افواهِ هاتيكَ الغزالاتِ التي |
أحببتهنَّ |
سوى الخواءِ |
كيفَ الغناءُ |
ومدينتي قد ادمنتْ صوتَ البكاءِ |
وحبيبتي |
تحكي بدمعِ عيونها |
بين النساءِ |
وجسورُ دجلةَ |
ساكتاتٌ |
بضفافهنَّ |
لا مقامٌ لا حداءُ |
ما من صبى |
ما من نوى |
مامن حجازٍ |
ما من غناءٍ |
كيف السبيلُ الى الغناءِ |
وبكاؤنا |
صارَ الغناءَ |
أصواتُ ثكلٍ نائحاتٌ في الصباحِ وفي المساءِ |
وكلاب تعوي |
والضجيجُ لها عواءُ |
حتى خنازيرُ الخنا |
صارتْ بديلاً للحمائمْ |
في الغناءِ |
وثعالبُ الصحراءِ |
مطربةٌ |
ينادي ذئبَها ذاك العواءُ |
بغدادُ صارتْ كالمقابرِ |
ذا صوتُها صوتُ البكاءِ |
عشاقُها اهلُ البكاءِ |
هو ليلُها |
ليلُ البكاءِ |
بغدادُ والدمعُ الذي اجريتُهُ |
والعينُ |
كم سحَّتْ بماءٍ |
والقلبُ |
قد اجرى الدماءَ على الدماءِ |
والراحلونَ |
السائرونَ |
أخذوا أفانينَ الغناءِ |
من كلِّ مَن للبوحِ ناظمْ |
تمضينَ مثلَ حمامةٍهدلَتْ على شجرِ الأراكِْ |
تَحْنينَ مثلَ غزالةٍ ترنو إليكَ بِمَن يَراكِ |
تحكينَ مثلَ حبيبتي ومَن الحبيبةُ إذ سِواكْ |
يا أجملَ الملِكاتِ في مدُنٍ |
تحلَّتْ بالمعالِمْ |
ديوانُ شعري انتِ يا بغدادُ |
يا معنى القصائدْ |
يا لفظ حرٍّ قالهُ |
أهلُ المقاصدْ |
يا شعرَ أهلِ الضادِفي وجدانهمْ |
أنتِ القصيدةُ والقصائدْ |
أنتِ الحمامةُ والهديلُ |
غناؤهُ أحلى القصائدْ |
أنتِ الغزالةُ |
حسنُها وحلاتُها |
وجمالُها ابهى القصائدْ |
أنتِ التي أحبَبْتُها ونظمتُها |
وكتبْتُها |
وجعلتُها ديوانَ شِعرٍ للمكابدْ |
وجعلتُهُ للشِّعرِ خاتمْ |
أنا ذلك المذبوحُ |
مثلَ حمامةٍ |
في الكرخِ |
ناحتْ لم تَطِرْ |
مثلَ الغزالةِ لم تَسِرْ |
مثلَ الحبيبةِ تصطبِرْ |
أنا ذلكَ المخنوقُ في وسطِ الوَتَرْ |
مثلَ اختناقِ الغيثِ في |
غيماتِهِ |
والجوُّ بالأحزانِ غائمْ |
أنا عاشقٌ غنّى لغزلانِ الرُّبا |
غنّى لكلِّ حمامةٍ كرخيّةٍ |
سرَتِ الغداةَ بِمَن سرى |
غنّى لخدِّ حبيبةٍ كرخيّةٍ |
هوَ خدُّها خدُّ المها |
أنا جسرُ بغدادِ الذي |
كم أنَّ مِمّا قد جرى |
فيما جرى |
أنا كرخُها |
ورصافةٌ فيها عيونٌ لِلمها |
أنا صوْبُها |
مَن مثلُ صوْبَيْها هنا |
صوبٌ كمثلِ حمامةٍ |
صوبٌ كمثلِ غزالةٍ |
صَوْبٌ تبدّى ها هُنا |
غنّى |
ومثلي في غنائي كالحمائمْ. |
أحكي أُجاري الحاكياتِ |
حكايةً لا تنتهي |
أبكي بكاءً في الحشا |
لن ينتهِ |
وأقولُ أينَ مدينتي |
بسؤاليَ المملوءِ حزْناً |
في الفؤادْ المشبهِ |
المتشبهِ |
إنّ الحزينَ اليومَ |
في الصوبينِ هائمْ |
تتناقضُ الشّعراءُ في أوصافِها |
تتناقضُ المدنُ الحبيبةُ |
بالهوى |
مثلَ الحمائمِ ناظراتٍ |
في هوى أعطافِها |
مثلَ الحبيبةِ في الهوى |
تمشي بكلِّ حلاتِها |
وبحُسنِها |
وجمالِها |
تختالُ بينَ ضِفافِها |
مثلَ الغزالةِ لم تزلْ |
تمشي على أخفافِها |
مثلي أنا في حيرتي |
بمدينتي |
بغدادُ داري والقصيدةُ في يدي |
تُتلى على أعرافِها |
والشاعرُ المذبوحُ قائمْ |
هوَ دمعُ عيني بالهوى |
والحزنُ سارٍ لِلنّوى |
هوَ جرحُ قلبي والجوى |
وأنا حمامةُ كرخِها |
قد صادها الصيّادُ يوماً وهيَ التي ما كان يوماً |
ليصيدَها |
الصيّادُ |
إلّا في غمامهْ |
هو دمعُ عيني |
ليسَ تعرفُهُ الغزالةُ |
والحمامةُ لا ولا |
يدريهِ كلُّ السّانحينَ برحلِهمْ |
عن |
كرخهمْ |
بينَ الأيامِنِ والأشائمْ |
أنا وسطَ حزنِ قصيدتي |
جُرحٌ عراقيُّ الدّمِ |
نزفُ المواجعِ |
من دمي |
بغدادُ تجري في دمي |
وحبيبتي وغزالتي |
وحمامتي وربابتي |
فيضُ الدّمِ |
اللونُ مِن لونِ الدّمِ |
والريحُ مِن ريحِ الدمِ |
وتناقضي كدمٍ تناثرَ من دمي |
مَن مثلَ بغدادَ الغداةَ مدينةً |
كانت كبدرِ سمائها |
واليوم حمراءُ المناظِرِ كالدّمِ |
غزلانُها جُرحتْ فسالتْ كالدّمِ |
وحمامُها اصطبغتْ بألوانِ الدّمِ |
والعاشقاتُ توزّعتْ |
مثلَ انحدارٍ للدّمِ |
وأنا بوسط ِ قصيدتي |
أحكي كما يحكي دمي |
أحكي كما يحكي دمي |
وحكايتي مثلُ الظّلامِ لترتمي لا تحتمي |
في كرخِ بغدادي دمي |
واللونُ وسطَ سمائها |
كالليلِ قاتِمْ |