أَوحَت لِطَرفِكَ فَاِستَهَلَّ شُؤونا | |
|
| دارٌ مَرَرتَ بِها عَلى قَيسونا |
|
غاضَت بَشاشَتُها وَقَضَّت شَملَها | |
|
| دُنيا تَغُرُّ السادِرَ المَفتونا |
|
نَزَلَت عَوادِيَ الدَهرِ في ساحاتِها | |
|
| وَأَقَلَّ رَفرَفِها الخُطوبَ العونا |
|
فَتَكادُ مِن أَسَفٍ عَلى آسي الحِمى | |
|
| مِن كُلِّ ناحِيَةٍ تَثورُ شُجونا |
|
تِلكَ العِيادَةُ لَم تَكُن عَبَثاً وَلا | |
|
| شَرَكاً لِصَيدِ مَآرِبٍ وَكَمينا |
|
دارُ اِبنِ سينا نُزِّهَت حُجُراتُها | |
|
| عَن أَن تَضُمَّ ضَلالَةً وَمُجونا |
|
خَبَتِ المَطالِعُ مِن أَغَرِّ مُؤَمَّلٍ | |
|
| كَالفَجرِ ثَغراً وَالصَباحِ جَبينا |
|
وَمِنَ الوُفودِ كَأَنَّهُم مِن حَولِهِ | |
|
| مَرضى بِعيسى الروحِ يَستَشفونا |
|
مَثَلٌ تَصَوَّرَ مِن حَياةٍ حُرَّةٍ | |
|
| لِلنَشءِ يَنطِقُ في السُكوتِ مُبينا |
|
لَم تُحصَ مِن عَهدِ الصِبا حَرَكاتُهُ | |
|
| وَتَخالُهُنَّ مِنَ الخُشوعِ سُكونا |
|
جَمَحَت جِراحُ المُعوِزينَ وَأَعضَلَت | |
|
| أَدواؤُهُم وَتَغَيَّبَ الشافونا |
|
ماتَ الجَوادُ بِطِبِّهِ وَبِأَجرِهِ | |
|
| وَلَرُبَّما بَذَلَ الدَواءَ مُعينا |
|
وَتَجُسُّ راحَتُهُ العَليلَ وَتارَةً | |
|
| تَكسو الفَقيرَ وَتُطعِمُ المِسكينا |
|
أَدّى أَمانَةَ عِلمِهِ وَلَطالَما | |
|
| حَمَلَ الصَداقَةَ وافِياً وَأَمينا |
|
وَقَضى حُقوقَ الأَهلِ يُحسِنُ تارَةً | |
|
| بِأَبيهِ أَو يَصِلُ القَرابَةَ حينا |
|
خُلُقٌ وَدينٌ في زَمانٍ لا نَرى | |
|
| خُلُقاً عَلَيهِ وَلا تُصادِفُ دينا |
|
أَمُداوِيَ الأَرواحِ قَبلَ جُسومِها | |
|
| قُم داوِ فيكَ فُؤادِيَ المَحزونا |
|
رَوِّح بِلَفظِكَ كُلَّ روحِ مُعَذَّبٍ | |
|
| حَيرانَ طارَ بِلُبِّهِ الناعونا |
|
قَد كالَ لِلقَدَرِ العِتابَ وَرُبَّما | |
|
| ظَنَّ المُدَلَّهُ بِالقَضاءِ ظُنونا |
|
داوَيتَ كُلَّ مُحَطَّمٍ فَشَفَيتَهُ | |
|
| وَنَسيتَ داءً في الضُلوعِ دَفينا |
|
كَبِدٌ عَلى دَمِها اِتَّكَأتَ وَلَحمِها | |
|
| فَحَمَلتَ هَمَّ المُسلِمينَ سِنيا |
|
ظَلَّت وَراءَ الحَربِ تَشقى بِالنَوى | |
|
| وَتَذوبُ لِلوَطَنِ الكَريمِ حَنينا |
|
ناصَرتَ في فَجرِ القَضِيَّةِ مُصطَفى | |
|
| فَنَصَرتَ خُلُقاً في الشَبابِ مَتينا |
|
أَقدَمتَ في العِشرينَ تَحتَ لِوائِهِ | |
|
| وَرَوائِعُ الإِقدامِ في العِشرينا |
|
لَم تَبغِ دُنيا طالَما أَغضى لَها | |
|
| حُمسُ الدُعاةِ وَطَأطَؤوا العِرنينا |
|
رُحماكَ يوسُفُ قِف رِكابَكَ ساعَةً | |
|
| وَاِعطِف عَلى يَعقوبَ فيهِ حَزينا |
|
لَم يَدرِ خَلفَ النَعشِ مِن حَرِّ الجَوى | |
|
| أَيَشُقُّ جَيباً أَم يَشُقُّ وَتينا |
|
ساروا بِمُهجَتِهِ فَحُمِّلَ ثُكلَها | |
|
| وَقَضَوا بِعائِلِهِ فَمالَ غَبينا |
|
أَتَعودُ في رَكبِ الرَبيعِ إِذا اِنثَنى | |
|
| بَهِجاً يَزُفُّ الوَردَ وَالنِسرينا |
|
هَيهاتَ مِن سَفَرِ المَنِيَّةِ أَوبَةٌ | |
|
| حَتّى يُهيبَ الصُبحُ بِالسارينا |
|
وَيُقالُ لِلأَرضِ الفَضاءِ تَمَخَّضي | |
|
| فَتَرُدُّ شَيخاً أَو تَمُجُّ جَنينا |
|
اللَهُ أَبقى أَينَ مِن جَسَدي يَدٌ | |
|
| لَم أَنسَ رِفقَ بَنانِها وَاللينا |
|
حَتّى تَمَثَّلَتِ العِنايَةُ صورَةً | |
|
| تومي بِراحٍ أَو تُجيلُ عُيونا |
|
فَجَرَرتُ جُثماني وَهانَت كُربَةٌ | |
|
| لَولا اِعتِناؤُكَ لَم تَكُن لِتَهونا |
|
إِنَّ الشِفاءَ مِنَ الحَياةِ وَعَونِها | |
|
| ما كانَ آسَ بِالشِفاءِ ضَمينا |
|
وَاليَومَ أَرتَجِلُ الرِثاءَ وَأَنزَوي | |
|
| في مَأتَمٍ أَبكي مَعَ الباكينا |
|
سُبحانَ مَن يَرِثُ الطَبيبَ وَطِبِّهِ | |
|
| وَيُري المَريضَ مَصارِعَ الآسينا |
|