المَشرِقانِ عَلَيكَ يَنتَحِبانِ | |
|
| قاصيهُما في مَأتَمٍ وَالداني |
|
يا خادِمَ الإِسلامِ أَجرُ مُجاهِدٍ | |
|
| في اللَهِ مِن خُلدٍ وَمِن رِضوانِ |
|
لَمّا نُعيتَ إِلى الحِجازِ مَشى الأَسى | |
|
| في الزائِرينَ وَرُوِّعَ الحَرَمانِ |
|
السِكَّةُ الكُبرى حِيالَ رُباهُما | |
|
| مَنكوسَةُ الأَعلامِ وَالقُضبانِ |
|
لَم تَألُها عِندَ الشَدائِدِ خِدمَةً | |
|
| في اللَهِ وَالمُختارِ وَالسُلطانِ |
|
يا لَيتَ مَكَّةَ وَالمَدينَةَ فازَتا | |
|
| في المَحفِلَينِ بِصَوتِكَ الرَنّانِ |
|
لِيَرى اَلأَواخِرُ يَومَ ذاكَ وَيَسمَعوا | |
|
| ما غابَ مِن قُسٍّ وَمِن سَحبانِ |
|
جارَ التُرابِ وَأَنتَ أَكرَمُ راحِلٍ | |
|
| ماذا لَقيتَ مِنَ الوُجودِ الفاني |
|
أَبكي صِباكَ وَلا أُعاتِبُ مَن جَنى | |
|
| هَذا عَلَيهِ كَرامَةً لِلجاني |
|
يَتَساءَلونَ أَبِالسُلالِ قَضَيتَ أَم | |
|
| بِالقَلبِ أَم هَل مُتَّ بِالسَرطانِ |
|
اللَهُ يَشهَدُ أَنَّ مَوتَكَ بِالحِجا | |
|
| وَالجِدِّ وَالإِقدامِ وَالعِرفانِ |
|
إِن كانَ لِلأَخلاقِ رُكنٌ قائِمٌ | |
|
| في هَذِهِ الدُنيا فَأَنتَ الباني |
|
بِاللَهِ فَتِّش عَن فُؤادِكَ في الثَرى | |
|
| هَل فيهِ آمالٌ وَفيهِ أَماني |
|
وِجدانُكَ الحَيُّ المُقيمُ عَلى المَدى | |
|
| وَلَرُبَّ حَيٍّ مَيتِ الوِجدانِ |
|
الناسُ جارٍ في الحَياةِ لِغايَةٍ | |
|
| وَمُضَلَّلٌ يَجري بِغَيرِ عِنانِ |
|
وَالخُلدُ في الدُنيا وَلَيسَ بِهَيِّنٍ | |
|
| عُليا المَراتِبِ لَم تُتَح لِجَبانِ |
|
فَلَو أَنَّ رُسلَ اللَهِ قَد جَبَنوا لَما | |
|
| ماتوا عَلى دينٍ مِنَ الأَديانِ |
|
المَجدُ وَالشَرَفُ الرَفيعُ صَحيفَةٌ | |
|
| جُعِلَت لَها الأَخلاقُ كَالعُنوانِ |
|
وَأَحَبُّ مِن طولِ الحَياةِ بِذِلَّةٍ | |
|
| قِصَرٌ يُريكَ تَقاصُرَ الأَقرانِ |
|
دَقّاتُ قَلبِ المَرءِ قائِلَةٌ لَهُ | |
|
| إِنَّ الحَياةَ دَقائِقٌ وَثَواني |
|
فَاِرفَع لِنَفسِكَ بَعدَ مَوتِكَ ذِكرَها | |
|
| فَالذِكرُ لِلإِنسانِ عُمرٌ ثاني |
|
لِلمَرءِ في الدُنيا وَجَمِّ شُؤونِها | |
|
| ما شاءَ مِن رِبحٍ وَمِن خُسرانِ |
|
فَهيَ القَضاءُ لِراغِبٍ مُتَصَلِّعٍ | |
|
| وَهيَ المَضيقُ لِمُؤثِرِ السُلوانِ |
|
الناسُ غادٍ في الشَقاءِ وَرائِحٌ | |
|
| يَشقى لَهُ الرُحَماءُ وَهوَ الهاني |
|
وَمُنَعَّمٌ لَم يَلقَ إِلّا لَذَّةً | |
|
| في طَيِّها شَجَنٌ مِنَ الأَشجانِ |
|
فَاِصبِر عَلى نُعمى الحَياةِ وَبُؤسِها | |
|
| نُعمى الحَياةِ وَبُؤسِها سِيّانِ |
|
يا طاهِرَ الغَدَواتِ وَالرَوحاتِ وَال | |
|
| خَطَراتِ وَالإِسرارِ وَالإِعلانِ |
|
هَل قامَ قَبلَكَ في المَدائِنِ فاتِحٌ | |
|
| غازٍ بِغَيرِ مُهَنَّدٍ وَسِنانِ |
|
يَدعو إِلى العِلمِ الشَريفِ وَعِندَهُ | |
|
| أَنَّ العُلومَ دَعائِمُ العُمرانِ |
|
لَفّوكَ في عَلَمِ البِلادِ مُنَكَّساً | |
|
| جَزِعَ الهِلالُ عَلى فَتى الفِتيانِ |
|
ما اِحمَرَّ مِن خَجَلٍ وَلا مِن ريبَةٍ | |
|
| لَكِنَّما يَبكي بِدَمعٍ قاني |
|
يُزجونَ نَعشَكَ في السَناءِ وَفي السَنا | |
|
| فَكَأَنَّما في نَعشِكَ القَمَرانِ |
|
وَكَأَنَّهُ نَعشُ الحُسَينِ بِكَربُلا | |
|
| يَختالُ بَينَ بُكاً وَبَينَ حَنانِ |
|
في ذِمَّةِ اللَهِ الكَريمِ وَبِرِّهِ | |
|
| ما ضَمَّ مِن عُرفٍ وَمِن إِحسانِ |
|
وَمَشى جَلالُ المَوتِ وَهوَ حَقيقَةٌ | |
|
| وَجَلالُكَ المَصدوقُ يَلتَقِيانِ |
|
شَقَّت لِمَنظَرِكَ الجُيوبَ عَقائِلٌ | |
|
| وَبَكَتكَ بِالدَمعِ الهَتونِ غَواني |
|
وَالخَلقُ حَولَكَ خاشِعونَ كَعَهدِهِم | |
|
| إِذ يُنصِتونَ لِخُطبَةٍ وَبَيانِ |
|
يَتَساءَلونَ بِأَيِّ قَلبٍ تُرتَقى | |
|
| بَعدَ المَنابِرِ أَم بِأَيِّ لِسانِ |
|
لَو أَنَّ أَوطاناً تُصَوَّرُ هَيكَلاً | |
|
| دَفَنوكَ بَينَ جَوانِحِ الأَوطانِ |
|
أَو كانَ يُحمَلُ في الجَوارِحِ مَيِّتٌ | |
|
| حَمَلوكَ في الأَسماعِ وَالأَجفانِ |
|
أَو صيعَ مِن غُرِّ الفَضائِلِ وَالعُلا | |
|
| كَفَنٌ لَبِستَ أَحاسِنَ الأَكفانِ |
|
أَو كانَ لِلذِكرِ الحَكيمِ بَقِيَّةٌ | |
|
| لَم تَأتِ بَعدُ رُثيتَ في القُرآنِ |
|
وَلَقَد نَظَرتُكَ وَالرَدى بِكَ مُحدِقٌ | |
|
| وَالداءُ مِلءُ مَعالِمِ الجُثمانِ |
|
يَبغي وَيَطغى وَالطَبيبُ مُضَلَّلٌ | |
|
| قَنِطٌ وَساعاتُ الرَحيلِ دَواني |
|
وَنَواظِرُ العُوّادِ عَنكَ أَمالَها | |
|
| دَمعٌ تُعالِجُ كَتمَهُ وَتُعاني |
|
تُملي وَتَكتُبُ وَالمَشاغِلُ جَمَّةٌ | |
|
| وَيَداكَ في القِرطاسِ تَرتَجِفانِ |
|
فَهَشَشتَ لي حَتّى كَأَنَّكَ عائِدي | |
|
| وَأَنا الَّذي هَدَّ السَقامُ كِياني |
|
وَرَأَيتُ كَيفَ تَموتُ آسادُ الشَرى | |
|
| وَعَرَفتُ كَيفَ مَصارِعُ الشُجعانِ |
|
وَوَجَدتُ في ذاكَ الخَيالِ عَزائِماً | |
|
| ما لِلمَنونِ بِدَكِّهِنَّ يَدانِ |
|
وَجَعَلتَ تَسأَلُني الرِثاءَ فَهاكَهُ | |
|
| مِن أَدمُعي وَسَرائِري وَجِناني |
|
لَولا مُغالَبَةُ الشُجونِ لِخاطِري | |
|
| لَنَظَمتُ فيكَ يَتيمَةَ الأَزمانِ |
|
وَأَنا الَّذي أَرثي الشُموسَ إِذا هَوَت | |
|
| فَتَعودُ سيرَتَها إِلى الدَوَرانِ |
|
قَد كُنتَ تَهتُفُ في الوَرى بِقَصائِدي | |
|
| وَتُجِلُّ فَوقَ النَيِّراتِ مَكاني |
|
ماذا دَهاني يَومَ بِنتَ فَعَقَّني | |
|
| فيكَ القَريضُ وَخانَني إِمكاني |
|
هَوِّن عَلَيكَ فَلا شَماتَ بِمَيّتٍ | |
|
| إِنَّ المَنِيَّةَ غايَةُ الإِنسانِ |
|
مَن لِلحَسودِ بِمَيتَةٍ بُلِّغتَها | |
|
| عَزَّت عَلى كِسرى أَنوشِروانِ |
|
عوقِبتَ مِن حَرَبِ الحَياةِ وَحَربِها | |
|
| فَهَل اِستَرَحتَ أَمِ اِستَراحَ الشاني |
|
يا صَبَّ مِصرَ وَيا شَهيدَ غَرامِها | |
|
| هَذا ثَرى مِصرَ فَنَم بِأَمانِ |
|
اِخلَع عَلى مِصرَ شَبابَكَ عالِياً | |
|
| وَاِلبِس شَبابَ الحورِ وَالوِلدانِ |
|
فَلَعَلَّ مِصراً مِن شَبابِكَ تَرتَدي | |
|
| مَجداً تَتيهُ بِهِ عَلى البُلدانِ |
|
فَلَوَ اَنَّ بِالهَرَمَينِ مِن عَزَماتِهِ | |
|
| بَعضَ المَضاءِ تَحَرَّكَ الهَرَمانِ |
|
عَلَّمتَ شُبّانَ المَدائِنِ وَالقُرى | |
|
| كَيفَ الحَياةُ تَكونُ في الشُبّانِ |
|
مِصرُ الأَسيفَةُ ريفُها وَصَعيدُها | |
|
| قَبرٌ أَبَرُّ عَلى عِظامِكَ حاني |
|
أَقسَمتُ أَنَّكَ في التُرابِ طَهارَةٌ | |
|
| مَلَكٌ يَهابُ سُؤالَهُ المَلَكانِ |
|