أحقٌّ أنهم دفَنوا عَلِيَّا | |
|
| وحطُّوا في الثَّرى المرءَ الزكيَّا |
|
فما تركوا من الأخلاقِ سَمْحًا | |
|
| على وجهِ الترابِ ولا رَضِيَّا |
|
مضَوا بالضاحكِ الماضي وألقَوا | |
|
| إلى الحُفَرِ الخفيفَ السَّمْهريَّا |
|
فمَن عَونُ اللغاتِ على مُلِمٍّ | |
|
| أصابَ فصيحَها والأعجميَّا |
|
لقد فقدَت مُصرِّفَها حنينًا | |
|
| وباتَ مكانُه منها خَلِيَّا |
|
ومن ينظرْ يرَ الفُسطاطَ تبكي | |
|
| بفائضةٍ من العبَراتِ رِيَّا |
|
ألمْ يمشِ الثرى قِحَةً عليها | |
|
| وكان رِكابُها نحوَ الثُّريَّا |
|
فنقَّب عن مواضعها عَلِيٌّ | |
|
| فجدَّد دارسًا وجَلا خَفِيَّا |
|
ولولا جُهْدُه احتجبَت رُسومًا | |
|
| فلا دِمَنًا تُرِيكَ ولا نُؤِيَّا |
|
تلفَّتتِ الفنونُ وقد تولَّى | |
|
| فلم تَجِدِ النصيرَ ولا الوَلِيَّا |
|
سَلُوا الآثارَ من يغدو يُغالي | |
|
| بها ويروحُ مُحتفِظًا حَفِيَّا |
|
ويُنزِلُها الرُّفوفَ كجوهريٍّ | |
|
| يُصفِّفُ في خزائنها الحُلِيَّا |
|
وما جهِلَ العَتيقَ الحُرَّ منها | |
|
| ولا غَبِيَ المُقلِّدَ والدَّعِيَّا |
|
فتًى عافَ المَشاربَ من دَنايا | |
|
| وصانَ عن القَذى ماءَ المُحيَّا |
|
أبيُّ النفسِ في زمنٍ إذا ما | |
|
| عجَمتَ بَنِيهِ لم تَجِدِ الأبيَّا |
|
تعوَّدَ أن يراه الناس رأسًا | |
|
| وليس يرَونَه الذنَبَ الدنيَّا |
|
وجدتُ العِلمَ لا يبني نُفوسًا | |
|
| ولا يُغنِي عن الأخلاق شَيَّا |
|
ولم أر في السلاح أضلَّ حَدًّا | |
|
| من الأخلاقِ إن صحِبَت غَوِيَّا |
|
هما كالسيف لا تُنصِفْه يَفسدْ | |
|
| عليكَ وخُذْه مُكتمِلًا سَوِيَّا |
|
غديرٌ أترْعَ الأوطانَ خيرًا | |
|
| وإن لم تمتلئْ منه دَوِيَّا |
|
وقد تأتي الجداولُ في خشوعٍ | |
|
| بما قد يُعجِزُ السَّيلَ الأتِيَّا |
|
حياةُ مُعلِّمٍ طفئتْ وكانت | |
|
| سراجًا يُعجِبُ الساري وَضيَّا |
|
سبقتُ القابسين إلى سَناها | |
|
| ورُحتُ بنُورها أحْبُو صَبيَّا |
|
|
| ومن لك بالمُعلِّمِ ألمعيَّا |
|
ورُبَّ مُعلِّمٍ تلقاه فظًّا | |
|
| غليظِ القلبِ أو فَدْمًا غَبيَّا |
|
إذا انتدب البَنونَ لها سيوفًا | |
|
| من الميلاد ردَّهمُ عِصِيَّا |
|
إذا رشَدَ المُعلِّمُ كان موسى | |
|
| وإن هو ضلَّ كان السامريَّا |
|
ورُبَّ مُعلِّمينَ خلَوا وفاقوا | |
|
| إلى الحُريَّةِ انساقُوا هديَّا |
|
أناروا ظُلمةَ الدنيا وكانوا | |
|
| لنارِ الظالمينَ بها صِلِيَّا |
|
أرِقتُ وما نسِيتُ «بناتِ بومٍ» | |
|
| على «المطريَّةِ» اندفعَت بُكِيَّا |
|
بكَت وتأوَّهَت فوَهِمتُ شرًّا | |
|
| وقبليَ داخَلَ الوَهْمُ الذَّكِيَّا |
|
قلَبتُ لها الحذيَّ وكان مني | |
|
| ضلالًا أن قلَبتُ لها الحذيَّا |
|
زعمتُ الغيبَ خلفَ لسانِ طيرٍ | |
|
| جهِلتُ لسانَه فزعَمتُ غيَّا |
|
أصاب الغيبَ عند الطير قومٌ | |
|
| وصار البومُ بينهمُ نَبيَّا |
|
إذا غنَّاهمُ وجدوا سَطِيحًا | |
|
| على فمه وأفْعَى الجُرهُميَّا |
|
رمى الغِربانُ شيخَ تنوخَ قبلي | |
|
| وراشَ من الطويل لها دَوِيَّا |
|
|
| وغُودِرَ لحمُهنَّ به شَقِيَّا |
|
نعستُ فما وجدتُ الغمضَ حتى | |
|
| نفضتُ على المَناحةِ مُقلتيَّا |
|
فقلتُ نذيرةٌ وبلاغُ صِدقٍ | |
|
| وحقٌّ لم يُفاجئ مِسمعيَّا |
|
ولكنَّ الذي بكَتِ البواكي | |
|
| خليلٌ عزَّ مَصرعُه عَليَّا |
|
ومن يُفجَعْ بحُرٍّ عبقريٍّ | |
|
| يَجِدْ ظلمَ المنِيَّةِ عبقريَّا |
|
ومن تَتراخَ مُدَّتُه فيُكثِرْ | |
|
| من الأحبابِ لا يُحصِي النَّعِيَّا |
|
أخي أقبِلْ عليَّ من المنايا | |
|
| وهاتِ حديثَك العذبَ الشَّهيَّا |
|
فلم أعدِم إذا ما الدُّورُ نامت | |
|
| سميرًا بالمقابرِ أو نَجِيَّا |
|
يُذكِّرني الدُّجى لِدَةً حَميمًا | |
|
| هنالك باتَ أو خِلًّا وَفِيَّا |
|
نشَدتُكَ بالمنِيَّةِ وهْي حقٌّ | |
|
| ألمْ يَكُ زُخرفُ الدنيا فَرِيَّا |
|
عرفتَ الموتَ مَعنًى بعدَ لفظٍ | |
|
| تَكلَّمْ واكشِفِ المَعنى الخَبِيَّا |
|
أتاك من الحياة الموتُ فانظُرْ | |
|
| أكنتَ تموت لو لم تُلْفَ حيَّا |
|
|
| تصيرُ إذا صبرتَ لها مَلِيَّا |
|
ومُنقلَبُ النجومِ إلى سكونٍ | |
|
| من الدَّوَرانِ يَطوِيهنَّ طيَّا |
|
فخبِّرْني عن الماضينَ إني | |
|
| شدَدتُ الرَّحْلَ أنتظرُ المُضِيَّا |
|
وصِفْ لي منزلًا حُمِلوا إليه | |
|
| وما لمحوا الطريقَ ولا المُطِيَّا |
|
وكيف أتى الغنيُّ له فقيرًا | |
|
| وكيف ثوى الفقيرُ به غَنِيَّا |
|
لقد لبِسُوا له الأزياءَ شتَّى | |
|
| فلم يقبَلْ سوى التجريدِ زِيَّا |
|
|
| ومن قذف اليهودُ به عَشِيَّا |
|
ومن قطعَ الحياة صَدًى وجوعًا | |
|
| ومن مرَّت به شِبَعًا ورِيَّا |
|
وميْتٌ ضجَّتِ الدنيا عليه | |
|
| وآخَرُ ما تُحِسُّ له نَعِيَّا |
|