كفكفْ دموعَكَ ليسَ ينفعُكَ البكاءْ
|
واستمطرِ الإنقاذَ من ربِ السماءْ
|
أوقفْ نزيفكَ فالمَدى يلدُ المدى
|
وأمامَكَ الأيامُ أخْذٌ مع عَطاءْ
|
فإذا كبوتَ فإنّ جُرحَكَ عابِرٌ
|
عُد للوثوبِ وللتمرتسِ بالرجاءْ
|
في كفّها بغدادُ سيفٌ صارمٌ
|
مُتَحرقٌ شوقاً لساحاتِ الفداءْ
|
يا إبنَ الفراتِ لديكَ بابِلُ وحدها
|
أعجوبةُ الدنيا وإبداعُ الذكاءْ
|
فيها الثرى مخضوضرٌ ومعطرٌ
|
فلأنتَ أوّلُ من تعالى للسماءْ
|
ولأنتَ من خطّ الحروفَ معلّما
|
ولأنتَ من وضعَ القواعدَ للقضاءْ
|
العدلُ عندكَ .. كلُّ عينٍ مثلُها
|
من يعتدي صبحاُ يجازى في المساءْ
|
فاشحذْ لهم نصلاً لثأرٍ قادِمٍ
|
فالربُّ يُمهِلُ والخواتمُ للإباءْ
|
ها هم جدودُكَ .. كالكواكبِ شعلةٌ
|
هذا هو العباسُ رَمزٌ واقتداءْ
|
هذا الحسينُ بنورِه وجلالهِ
|
مشتشهَدٌ متجددٌ يُضفي سناءْ
|
سلّّمْ على العتباتِ في نجفِ الألى
|
ما صدَّهُم ضيمٌ ولا حتى إبتلاءْ
|
يا أبنَ الذين تطايرتْ أشلاؤهم
|
من فوقِ دجلةَ والنخيلِ وكربلاءْ
|
كي ينسجوا بدمائهم راياتِهم
|
جفَّ الزمانُ ولم تجفَّ لهم دماءْ
|
في كلِّ شبرٍ بالعراقِ مُحدّثٌ
|
الأرضُ تبقى .. والطغاةُ إلى فَناءْ
|
من ها هنا عبرَ المغولُ وغيرُهم
|
والرافدانِ مُخلّدانِ على سَواءْ
|
وأبو حُنيفةَ .. هل تٌرى يروي لنا؟
|
كيفَ إتّقتْ بغدادُ ألوانَ العداءْ
|
وأبو الفراتِ بشعرِهِ وقصيدِهِ
|
لو ظلَّ حياً .. هل يمرُّ بلا رثاءْ
|
اللهُ أكبرُ يا عراقُ على العدى
|
إربيلُ يدفعها البلاءُ إلى بلاءْ
|
والكرخُ في حزنٍ محالٌ وصفُهُ
|
كركوكُ تنزفُ لا فراشَ ولا غطاءْ
|
بغدادُ نجوانا وقرّةُ عيننا
|
من غيرِها الدنيا .. خَواءٌ في خَواءْ
|
الأرضُ من دونِ العراقِ خَرابةٌ
|
فهي الشذى وهي الندى .. وهي البهاءْ
|
وبها العروبةُ رُسِّختْ أمجادُها
|
لا بالكويتِ ولا بأبناء البغاءْ
|
ما أنجبتَ إلا خيولَ معامعٍ
|
لا رهطَ كازٍ يُحسبونَ كما الإماءْ
|
فلها المشارفُ والمطارفُ كلها
|
ولها الحدائقُ والبيارقُ والثناءْ
|
أما الذينَ تمرغوا بأنوفِهم
|
فالطوزُ يذروهم كما يُذرى الحذاءْ
|
يبقى العراقُ مليكَهم وأميرَهم
|
فهي المشيئةُ للورى .. واللهُ شاءْ
|