إبلاغ عن خطأ
ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك
انتظر إرسال البلاغ...
|
سيّدتي حين أطلت عليك المشوار |
في إحضار الخضرة والفاكهة من السوق |
لم تسألني عيناك الأسباب |
بل صفعتني نظرتك الشزراء |
لم يخطر في بالك أنّ الأولاد الأشرار |
لاقوني في الدرب |
هزؤا من قدمي العرجاء |
فتعثّرت |
واعتصر الحزن القلب |
سيّدتي ما كنت لأملك دفعا |
سيّدتي يكفيني صفعا . |
*** |
سيّدتي هذا الصبح المغبّر الطالع |
قمّطني في ثوب الأحزان |
صادفت أبي يتسوّل في الشارع |
أخبرني أنّ شقيقتي الكبرى تضع الآن |
وشقيقتي الكبرى أرملة من أيام |
فتذّكرت البيت الخاوي من أيّ طعام |
ما عادت تغسل أمي للجيران |
ما عادت تحضر معها بعض الفضلات |
حين صرخت أبي فرّت من عينيه الدمعات |
وأسودّ العالم في نظري |
ماتت كلّ الكلمات |
وبكينا فوق رصيف الشارع |
سيّدتي لست بكذّاب |
لكّني منحوس الطالع |
توصد في وجهي الأبواب |
حتى بابك يا سيّدتي |
*** |
سيّدتي عفوك إني جائع |
ما كنت لأقصد بابك هذي الأمسية |
كنت وحيدا في الشارع |
قالت أمي ما أفطرنا بعد |
والوقت مساء |
عزّ على نفسي أن تسأل عطف الناس عطاء |
فوجدت يدي تطرق بابك |
سيّدتي أنا فقراء |
سيّدتي باع أبي فرشته الصوف |
وربابته المحفوظة من عهد صباه |
ثمنا لحليب حفيده |
فلقد ماتت يا سيّدتي الأم |
إثر نزيف |
دام طويلا عذّبها عذّبها |
ما استطعنا أن نحضر أيّ طبيب يبعد عنها الداء |
سيّدتي نحن أناس فقراء |
ماتت يا سيّدتي وأبي صامت |
كان يفكّر في حزن يتساءل ولماذا ماتت؟ |
قالت أمي: تلك مشيئته العليا |
ردّ أبي في ثورة |
صكتا صمتا |
أيّة عليا يا مخلوقة |
بنتك ماتت جوعا |
ماذا قدّمت لها حين ولادتها غير الخبز الناشف؟ |
والمرق الساخن والعدس المجروش؟ |
ماذا قدّمت لها غير الأحزان؟! |
وبكت أمي في صمت مجنون أخرس |
سيّدتي جئت إليك الآن |
أسألك الرحمة سيّدتي باسم الإنسان |
*** |
سيّدتي هذا اليوم السابع |
ووعودك لم تزهر يا سيّدتي |
ما زالت تسّاقط أمطارا وتمّنيني بالصبر |
وأنا ما زلت ألفّ دروب التيه أنا ما زلت الضائع |
لم ترو الأمطار غليل الظامىء |
فيلوذ بظلّ الخيبة سيّدتي لا يدرك ما هو صانع . |
سيّدتي درت كثيرا في الطرقات |
وبحثت عن اللقمة سيّدتي فعملت بإحدى الحانات |
أجلي الكاسات |
وأنظّف أرض الصالة بعد خروج السادات |
سيّدتي لكنّ الأيام السوداء |
تأبى إلاّ أن تستكمل أبعاد المأساة |
ذات مساء |
وأنا أعمل والصالة رقص وغناء |
إنشقّ الماء |
عن شبح لصبيّ يتسوّل بين الناس |
أحسست بأني وحدي المقرور |
في قبضة هذا الليل المسعور |
فارتجفت أوصالي |
وتذكّرت أبي |
أمي |
أختي |
فاضت عيناي بأحزاني |
غامت كلّ الأشياء |
وتهاوت من بين يديّ الكأس |
كسرت |
وصفعت طردت وعادت تحضنني الطرقات |
لم أحزن يا سيّدتي لكن |
ما زال يرنّ بأسماعي صوت حاقد |
أخرج أخرج |
سيّدتي ما ذنبي في أنّي أعرج؟ |
من حقّي سيّدتي أن أحيا . |