أَمِن آلِ نُعمٍ أَنتَ غادٍ فَمُبكِرُ | |
|
| غَداةَ غَدٍ أَم رائِحٌ فَمُهَجِّرُ |
|
لِحاجَةِ نَفسٍ لَم تَقُل في جَوابِها | |
|
| فَتُبلِغَ عُذراً وَالمَقالَةُ تُعذِرُ |
|
تَهيمُ إِلى نُعمٍ فَلا الشَملُ جامِعٌ | |
|
| وَلا الحَبلُ مَوصولٌ وَلا القَلبُ مُقصِرُ |
|
وَلا قُربُ نُعمٍ إِن دَنَت | |
|
| وَلا نَأيُها يُسلي وَلا أَنتَ تَصبِرُ |
|
وَأُخرى أَتَت مِن دونِ نُعمٍ وَمِثلُها | |
|
| نَهى ذا النُهى لَو تَرعَوي أَو تُفَكِّرُ |
|
إِذا زُرتُ نُعماً لَم يَزَل ذو قَرابَةٍ | |
|
| لَها كُلَّما لاقَيتُها يَتَنَمَّرُ |
|
عَزيزٌ عَلَيهِ أَن أُلِمَّ بِبَيتِها | |
|
| يُسِرُّ لِيَ الشَحناءَ وَالبُغضُ مُظهَرُ |
|
أَلِكني إِلَيها بِالسَلامِ فَإِنَّهُ | |
|
| يُشَهَّرُ إِلمامي بِها وَيُنَكَّرُ |
|
بِآيَةِ ما قالَت غَداةَ لَقيتُها | |
|
| بِمَدفَعِ أَكنانٍ أَهَذا المُشَهَّرُ |
|
قِفي فَاِنظُري أَسماءُ هَل تَعرِفينَهُ | |
|
| أَهَذا المُغيريُّ الَّذي كانَ يُذكَرُ |
|
أَهَذا الَّذي أَطرَيتِ نَعتاً فَلَم أَكُن | |
|
| وَعَيشِكِ أَنساهُ إِلى يَومِ أُقبَرُ |
|
فَقالَت نَعَم لا شَكَّ غَيَّرَ لَونَهُ | |
|
| سُرى اللَيلِ يُحيِي نَصَّهُ وَالتَهَجُّرُ |
|
لَئِن كانَ إِيّاهُ لَقَد حالَ بَعدَنا | |
|
| عَنِ العَهدِ وَالإِنسانُ قَد يَتَغَيَّرُ |
|
رَأَت رَجُلاً أَمّا إِذا الشَمسُ عارَضَت | |
|
| فَيَضحى وَأَمّا بِالعَشيِّ فَيَخصَرُ |
|
أَخا سَفَرٍ جَوّابَ أَرضٍ تَقاذَفَت | |
|
| بِهِ فَلَواتٌ فَهوَ أَشعَثُ أَغبَرُ |
|
قَليلاً عَلى ظَهرِ المَطِيَّةِ ظِلُّهُ | |
|
| سِوى ما نَفى عَنهُ الرِداءُ المُحَبَّرُ |
|
وَأَعجَبَها مِن عَيشِها ظِلُّ غُرفَةٍ | |
|
| وَرَيّانُ مُلتَفُّ الحَدائِقِ أَخضَرُ |
|
وَوالٍ كَفاها كُلَّ شَيءٍ يَهُمُّها | |
|
| فَلَيسَت لِشَيءٍ آخِرَ اللَيلِ تَسهَرُ |
|
وَلَيلَةَ ذي دَورانَ جَشَّمتِني السُرى | |
|
| وَقَد يَجشَمُ الهَولَ المُحِبُّ المُغَرِّرُ |
|
فَبِتُّ رَقيباً لِلرِفاقِ عَلى شَفا | |
|
| أُحاذِرُ مِنهُم مَن يَطوفُ وَأَنظُرُ |
|
إِلَيهِم مَتى يَستَمكِنُ النَومُ مِنهُمُ | |
|
| وَلى مَجلِسٌ لَولا اللُبانَةُ أَوعَرُ |
|
وَباتَت قَلوصي بِالعَراءِ وَرَحلُها | |
|
| لِطارِقِ لَيلٍ أَو لِمَن جاءَ مُعوِرُ |
|
وَبِتُّ أُناجي النَفسَ أَينَ خِباؤُها | |
|
| وَكَيفَ لِما آتي مِنَ الأَمرِ مَصدَرُ |
|
فَدَلَّ عَلَيها القَلبُ رَيّا عَرَفتُها | |
|
| لَها وَهَوى النَفسِ الَّذي كادَ يَظهَرُ |
|
فَلَمّا فَقَدتُ الصَوتَ مِنهُم وَأُطفِئَت | |
|
| مَصابيحُ شُبَّت في العِشاءِ وَأَنوُرُ |
|
وَغابَ قُمَيرٌ كُنتُ أَرجو غُيوبَهُ | |
|
| وَرَوَّحَ رُعيانُ وَنَوَّمَ سُمَّرُ |
|
وَخُفِّضَ عَنّي النَومُ أَقبَلتُ مِشيَةَ ال | |
|
| حُبابِ وَرُكني خَشيَةَ الحَيِّ أَزوَرُ |
|
فَحَيَّيتُ إِذ فاجَأتُها فَتَوَلَّهَت | |
|
| وَكادَت بِمَخفوضِ التَحِيَّةِ تَجهَرُ |
|
وَقالَت وَعَضَّت بِالبَنانِ فَضَحتَني | |
|
| وَأَنتَ اِمرُؤٌ مَيسورُ أَمرِكَ أَعسَرُ |
|
أَرَيتَكَ إِذ هُنّا عَلَيكَ أَلَم تَخَف | |
|
| وُقيتَ وَحَولي مِن عَدُوِّكَ حُضَّرُ |
|
فَوَ اللَهِ ما أَدري أَتَعجيلُ حاجَةٍ | |
|
| سَرَت بِكَ أَم قَد نامَ مَن كُنتَ تَحذَرُ |
|
فَقُلتُ لَها بَل قادَني الشَوقُ وَالهَوى | |
|
| إِلَيكِ وَما عَينٌ مِنَ الناسِ تَنظُرُ |
|
فَقالَت وَقَد لانَت وَأَفرَخَ رَوعُها | |
|
| كَلاكَ بِحِفظٍ رَبُّكَ المُتَكَبِّرُ |
|
فَأَنتَ أَبا الخَطّابِ غَيرُ مُدافَعٍ | |
|
| عَلَيَّ أَميرٌ ما مَكُثتُ مُؤَمَّرُ |
|
فَبِتُّ قَريرَ العَينِ أُعطيتُ حاجَتي | |
|
| أُقَبِّلُ فاها في الخَلاءِ فَأُكثِرُ |
|
فَيا لَكَ مِن لَيلٍ تَقاصَرَ طولُهُ | |
|
| وَما كانَ لَيلى قَبلَ ذَلِكَ يَقصُرُ |
|
وَيا لَكَ مِن مَلهىً هُناكَ وَمَجلِس | |
|
| لَنا لَم يُكَدِّرهُ عَلَينا مُكَدِّرُ |
|
يَمُجُّ ذَكِيَّ المِسكِ مِنها مُفَلَّجٌ | |
|
| رَقيقُ الحَواشي ذو غُروبٍ مُؤَشَّرُ |
|
تَراهُ إِذا تَفتَرُّ عَنهُ كَأَنَّهُ | |
|
| حَصى بَرَدٍ أَو أُقحُوانٌ مُنَوِّرُ |
|
وَتَرنو بِعَينَيها إِلَيَّ كَما رَنا | |
|
| إِلى رَبرَبٍ وَسطَ الخَميلَةِ جُؤذَرُ |
|
فَلَمّا تَقَضّى اللَيلُ إِلّا أَقَلَّهُ | |
|
| وَكادَت تَوالي نَجمِهِ تَتَغَوَّرُ |
|
أَشارَت بِأَنَّ الحَيَّ قَد حانَ مِنهُمُ | |
|
| هُبوبٌ وَلَكِن مَوعِدٌ مِنكَ عَزوَرُ |
|
فَما راعَني إِلّا مُنادٍ تَرَحَّلوا | |
|
| وَقَد لاحَ مَعروفٌ مِنَ الصُبحِ أَشقَرُ |
|
فَلَمّا رَأَت مَن قَد تَنَبَّهَ مِنهُمُ | |
|
| وَأَيقاظَهُم قالَت أَشِر كَيفَ تَأمُرُ |
|
فَقُلتُ أُباديهِم فَإِمّا أَفوتُهُم | |
|
| وَإِمّا يَنالُ السَيفُ ثَأراً فَيَثأَرُ |
|
فَقالَت أَتَحقيقاً لِما قالَ كاشِحٌ | |
|
| عَلَينا وَتَصديقاً لِما كانَ يُؤثَرُ |
|
فَإِن كانَ ما لا بُدَّ مِنهُ فَغَيرُهُ | |
|
| مِنَ الأَمرِ أَدنى لِلخَفاءِ وَأَستَرُ |
|
أَقُصُّ عَلى أُختَيَّ بِدءَ حَديثِنا | |
|
| وَما لِيَ مِن أَن تَعلَما مُتَأَخَّرُ |
|
لَعَلَّهُما أَن تَطلُبا لَكَ مَخرَجاً | |
|
| وَأَن تَرحُبا صَدراً بِما كُنتُ أَحصُرُ |
|
فَقامَت كَئيباً لَيسَ في وَجهِها دَمٌ | |
|
| مِنَ الحُزنِ تُذري عَبرَةً تَتَحَدَّرُ |
|
فَقامَت إِلَيها حُرَّتانِ عَلَيهِما | |
|
| كِساءانِ مِن خَزٍّ دِمَقسٌ وَأَخضَرُ |
|
فَقالَت لِأُختَيها أَعينا عَلى فَتىً | |
|
| أَتى زائِراً وَالأَمرُ لِلأَمرِ يُقدَرُ |
|
فَأَقبَلَتا فَاِرتاعَتا ثُمَّ قالَتا | |
|
| أَقِلّي عَلَيكِ اللَومَ فَالخَطبُ أَيسَرُ |
|
فَقالَت لَها الصُغرى سَأُعطيهِ مِطرَفي | |
|
| وَدَرعي وَهَذا البُردُ إِن كانَ يَحذَرِ |
|
يَقومُ فَيَمشي بَينَنا مُتَنَكِّراً | |
|
| فَلا سِرُّنا يَفشو وَلا هُوَ يَظهَرُ |
|
فَكانَ مِجَنّي دونَ مَن كُنتُ أَتَّقي | |
|
| ثَلاثُ شُخوصٍ كاعِبانِ وَمُعصِرُ |
|
فَلَمّا أَجَزنا ساحَةَ الحَيِّ قُلنَ لي | |
|
| أَلَم تَتَّقِ الأَعداءَ وَاللَيلُ مُقمِرُ |
|
وَقُلنَ أَهَذا دَأبُكَ الدَهرَ سادِراً | |
|
| أَما تَستَحي أَو تَرعَوي أَو تُفَكِّرُ |
|
إِذا جِئتِ فَاِمنَح طَرفَ عَينَيكَ غَيرَنا | |
|
| لِكَي يَحسِبوا أَنَّ الهَوى حَيثُ تَنظُرُ |
|
فَآخِرُ عَهدٍ لي بِها حينَ أَعرَضَت | |
|
| وَلاحَ لَها خَدُّ نَقِيٌّ وَمَحجَرُ |
|
سِوى أَنَّني قَد قُلتُ يا نُعمُ قَولَةً | |
|
| لَها وَالعِتاقُ الأَرحَبيّاتُ تُزجَرُ |
|
هَنيئاً لِأَهلِ العامِرِيَّةِ نَشرُها ال | |
|
| لَذيذُ وَرَيّاها الَّذي أَتَذَكَّرُ |
|
وَقُمتُ إِلى عَنسٍ تَخَوَّنَ نَيَّها | |
|
| سُرى اللَيلِ حَتّى لَحمُها مُتَحَسِّرُ |
|
وَحَبسي عَلى الحاجاتِ حَتّى كَأَنَّها | |
|
| بَقِيَّةُ لَوحٍ أَو شِجارٌ مُؤَسَّرُ |
|
وَماءٍ بِمَوماءٍ قَليلٍ أَنيسُهُ | |
|
| بَسابِسَ لَم يَحدُث بِهِ الصَيفَ مَحضَرُ |
|
بِهِ مُبتَنىً لِلعَنكَبوتِ كَأَنَّهُ | |
|
| عَلى طَرَفِ الأَرجاءِ خامٌ مُنَشَّرُ |
|
وَرِدتُ وَما أَدري أَما بَعدَ مَورِدي | |
|
| مِنَ اللَيلِ أَم ما قَد مَضى مِنهُ أَكثَرُ |
|
فَقُمتُ إِلى مِغلاةِ أَرضٍ كَأَنَّها | |
|
| إِذا اِلتَفَتَت مَجنونَةٌ حينَ تَنظُرُ |
|
تُنازِعُني حِرصاً عَلى الماءِ رَأسَها | |
|
| وَمِن دونِ ما تَهوى قَليبٌ مُعَوَّرُ |
|
مُحاوِلَةً لِلماءِ لَولا زِمامُها | |
|
| وَجَذبي لَها كادَت مِراراً تَكَسَّرُ |
|
فَلَمّا رَأَيتُ الضَرَّ مِنها وَأَنَّني | |
|
| بِبَلدَةِ أَرضٍ لَيسَ فيها مُعَصَّرُ |
|
قَصَرتُ لَها مِن جانِبِ الحَوضِ مُنشَأً | |
|
| جَديداً كَقابِ الشِبرِ أَو هُوَ أَصغَرُ |
|
إِذا شَرَعَت فيهِ فَلَيسَ لِمُلتَقى | |
|
| مَشافِرِها مِنهُ قِدى الكَفِّ مُسأَرُ |
|
وَلا دَلوَ إِلّا القَعبُ كانَ رِشاءَهُ | |
|
| إِلى الماءِ نِسعٌ وَالأَديمُ المُضَفَّرُ |
|
فَسافَت وَما عافَت وَما رَدَّ شُربَها | |
|
| عَنِ الرَيِّ مَطروقٌ مِنَ الماءِ أَكدَرُ |
|