عناوين ونصوص القصائد   أسماء الشعراء 
شعراء الفصحى في العصر الحديث > فلسطين > هلال الفارع > للمرة الأولى يصافحُنا الرّصاصُ من الأمام

فلسطين

مشاهدة
1487

إعجاب
0

تعليق
0

مفضل
0

الأبيات
0
إغلاق

ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك

إرسال
انتظر إرسال البلاغ...

للمرة الأولى يصافحُنا الرّصاصُ من الأمام

عامانِ، واخْضَرَّتْ بكَ الأَعوامُ
وابْتَلَّتِ الأَرواحُ والأَقلامُ
ها نحنُ نبْدَأُ مِنْ يديكَ حِسابَنا
لَكَأَنَّما بُدِئتْ بِكَ الأرقامُ
عامانِ مَرَّا... لم يَنَمْ
عَيْناهُ صامِدَتانِ ما أَغْوَتْهُما خَمْرُ النُّعاسِ،
وما تَرَجَّلَ منهما دَمْعُ الأَلَمْ
عامانِ..
لم يَهْدَأْ جُنونُ يَدَيْهِ.. لم يُرْهِقْهُما الكسرُ.. التَّمَلُّخُ،
لم تَقِفْ قَدَماهُ عن نشْرِ النَّزيفِ
على الشِّعابِ المُفْضِياتِ إلى تَباريحِ الخِيَمْ
كمْ باغَتَ السَّوْطَ المُرَوِّعَ جِلْدُهُ،
واسْتَعْذَبَتْ حَرَجَ العِصِيِّ عِظامُهُ،
ومضى إلى رُؤْياهُ في كِبْرٍ.. وكمْ
خَذَلَ النَّواطيرَ الَّذينَ يُراهِنونَ على تَدَفُّقِهِ..
وما خَذَلَتْهُ كَفٌّ أو قَدَمْ!!
سَكَنَتْ عَصافيرُ المساءِ،
وَأَوْشَكَ اللّيلُ المُطَوَّلُ أَنْ يَنامَ على وِسادَتِهِ،
أَحَسَّ بِدَوْرَةِ النَّجْمِ المُشاكِسِ يَمْتَطي ظَهْرَ الغُيومِ،
ولا يُفارِقُ ظِلَّهُ..
لَفَظَ الأخيرَ مِنَ التَّنَهُّدِ:
ليتَهُ يُلْقي بِقامَتِهِ على صَدْرِ التَّعَبْ..
مِنْ حَقِّهِ أَن يستريحَ
– ولو قليلاً –
من أَكاليلِ الغَضَبْ!!
يمضي الزَّمانُ إليهِ في مِحرابِهِ
لِيَقُدَّ عَزْمَ الصَّخْرِ مِنْ أَعصابِهِ
وكَذا الزَّمانُ.. يَفِرُّ مِنْ أّغْلالِهِ
لِيَدورَ مُشْتَعِلاً على أَعْتابِهِ
يا نَوْمُ زُرْ..
عامانِ مَرَّا لم ينَمْ!!!
لو يُطْفِئُ المِصباحَ..مَنْ يَدْري،
فقد تُلْقيهِ أَخْيِلَةُ الظَّلامِ إِلى المنامِ إذا تَمَلَّصَ
مِنْ مُقارَعَةِ النُّجومِ على الأُفُقْ!!
يا نَوْمُ زُرْ..
عامانِ مَرَّا لَم يَنَمْ!!
نَسِيَ النُّعاسَ على مَتاريسِ الطُّرُقْ!!
لو يُطْفِئُ الِصْباحَ...
ماذا تَخْسَرُ الرَّاياتُ لو أَغْفى قليلاً،
ثمَّ قامَ إلى صلاةِ العائِدينْ؟!
هَلْ يَغْفِرُ الشُّعَراءُ غَفْوَتَهُ
إِذا مَرُّوا بِميراثِ السِّنينْ؟!
هل يَخْطِفونَ النَّوْمَ مِنْ عَيْنَيْهِ،
أم سَيُعَلِّقونَ على كَآبَتِهِ قَصائِدَهُم،
وَيَسْتَحْيونَ هَدْأَتَهُ الحَرامْ؟!
لو يُطْفِئُ الشُّعَراءَ..
ماذا يَخْسرُ المِقلاعُ لو خَمَدَ القليلُ مِنَ الكلامْ؟!
عامانِ مرّا.. لو يَنامْ.....
للمرَّةِ الأولى يُطارِدُنا السَّلامْ!!
للمرَّةِ الأولى يُصافِحُنا الرَّصاصُ مِنَ الأَمامْ!!
يا فالِقًا وَطَنًا مِنَ الأعْراقِ
وَمُطَرِّزًا أُفُقًا مِنَ الأشْواقِ
حَكَمَ القَضاءُ، فليسَ مِنْ حُرِّيَّةٍ
إلا إذا نَزَّتْ مِنَ الأعناقِ!!
يا صارِعًا أَلَمَ الْخَوافِقْ
ها نَحْنُ أَحياءٌ،
بِرَغْمِ هَشاشَةِ العَظْمِ المُهَشَّمِ بالعِصِيِّ وبالبنادِقْ
ها نحنُ أَحياءٌ،
وما كَفَّ الرَّصاصُ عَنِ الصُّدورِ،
وما تَنَكَّسَتِ البيارِقْ
ها نحنُ أَحياءٌ،
فطوبى للّذينَ تَكَفَّلَتْ أَعْناقُهُمْ
... إِبْطالَ مَفْعولِ المَشانِقْ!!!
***
عامانِ مَرَّا..
نحنُ أَغْنى الميِّتينَ، وأَفْقَرُ الأَحياءِ،
نحنُ الواقفونَ على شِفاهِ البحرِ،
كانَ الماءُ يَبْلَعُنا وَيَلْفُظُنا،
ونَحنُ اليومَ نَبْلَعُهُ لِيَبْلُغَنا،
كِلانا جُرْحُهُ مَلاَّحَةٌ لا يسْتَريحُ بِها الظَّمَأْ
ها نحنُ نُعْلِنُ لِلْمَلأْ
أَنَّ الترابَ يُعانِقُ المَوْتى
إِذا اقْتَرَفوا حَياةً لا تُطِلُّ على الحياةِ،
ولا يَطوفُ بِها الأَرَقْ
وإِذا أَناخُوا حُلْمَهُمْ خَلْفَ احْتِمالاتِ القَلَقْ
كانتْ بَيادِرُنا تَذوبُ مِنَ العِناقِ
إِذا أتى يَوْمُ الحصادِ،
وطالَ ظِلُّ القَمْحِ،
والْتَمَعَتْ عيونُ العاشِقينَ على حِكاياتِ السَّمَرْ
كانَ النَّدى يَغْفو على وَجْهِ الكُرومِ،
وفَوْقَ أَجْنِحَةِ الطُّيورِ الحالِماتِ بِمَوْسِمٍ أَحْلى
وَغُصْنِ باسِقٍ أَعْلى
يُغازِلُهُ القَمَرْ
كانَ النَّدى...
والأَرْضُ تَعْرِفُ أَنَّهُ دَمْعُ العيونِ الغَافِياتِ على طناطيرِ الشِّتاءِ،
يَمُرُّ في خَدِّ الشَّرَرْ
ما زالَ يَزْرعُ والمَنايا تَحْصُدُ
وَيَداهُ تُبْدِعُ ما يُخَبِّئُهُ الغَدُ
حتى تَرَنَّحَ مِنْ صلابَتِهِ الرَّدى
وَسَرَتْ بِقَبْضَتِهِ إِلى وَطَنٍ يَدُ
كانَ النَّدى...
ها نحنُ نُنْبِئُ بِالْمُخَبَّأِ في مَكاتيبِ المَطَرْ
حَجَرٌ على حَجَرٍ..
وَيَرْتَدُّ الرَّصاصُ إلى صُدورِ المُطْلِقينَ بِلا عَدَدْ
عَلَمٌ على عَلَمٍ..
تُخَبِّئُهُ دِماءُ المُضْرِبينَ عَنِ السُّكوتِ،
وَتَنْتَهي مِنْ حُلْمِ رايَتِهِمْ
كَوابيسُ البَياضِ إلى الأَبَدْ
قَدَمٌ على قَدَمٍ..
وَتَحْتَرِقُ المَسافَةُ بينَ أَنيابِ المَنافي والوَطَنْ
وَنَشُقُّ عَنْ أَجْسادِنا جَسَدًا
لهُ طَعْمُ المَرافِئِ والمَخابِئِ والعَفَنْ
.. جَسَدًا كَفَنْ
ها نَحْنُ نُبْعَثُ مِنْ شَجَنْ
مِنْ رايَةٍ وَحِجارَةٍ .. وَقَصيدَةٍ مِنْ ذََوْبِ نُورْ
وَبِما نَشاءُ مِنُ الضَّحايا والقُبُورْ
مِنْ صَرْخَةٍ..
حَصَدَتْ هَشيمَ الصَّبْرِ، واحْتَرَقَتْ على آفاقِنا
اُغْنِيَّةً ضَحِكَتْ لها أَعْراقُنا
وضَفيرَةً دارَتْ على أَعْناقِنا
.. ما أَطْيَبَ الموْتَ المُذَيَّلَ بِالحَياةِ وبالنِّشيدْ!
ها نحنُ نُبْعَثُ مِنْ جَديدْ
ها نحنُ نَحْيا..
والنَّدى يَبْكيهِ دَمْعُ الواقِفينَ على مَحَطَّاتِ السَّراب،
يسائِلونَ القادِمينَ مِنَ الحدود:
مِنْ أَيْنَ جِئْتُمْ؟... لا جوابْ
صَدِئَ السُّؤالُ على الشِّفاهِ، وأَطْرَقَ المُتشائلون،
وهاجَرَ البَصَرُ المُؤَطَّرُ بالدُّموعِ إلى البعيدْ
وارْتَدَّ يَنْفُضُ عَن مَدامِعِهِ الخَرابْ
مِنْ أَينَ تَبْتَدِئُ الإِجابَةُ، والسُّؤالُ بِلا إطَارْ؟
آهٍ على هّمِّ الغريبِº يموتُ مِنْ وَجْدٍ إِذا يحيا،
وَيحيا إِذْ يَموتُ على مُناجاةِ الدِّيارْ
يَرنو إلى أُفُقٍ تُرَقِّشُهُ النُّجومُ الباهِتاتُ،
وَيَنْثَني مِزَقًا تُجاذِبُهُ الفِرارْ
.. كانتْ لهُ نَبَّاطَةٌ
كم أَلْهَبَتْ ظَمَأَ العصافيرِ الطَّريدَةِ..
هل تُراهُ يَعودُ مُعْتَذِرًا يُكّفِّرُ عَنْ شَقاوَتِهِ،
فَيَملأُ كَفَّهُ دَمْعًا وَيَسْقيها؟
كانتْ لَهُ أَحْلامُهُ فيها
كانتْ لَهُ نَبَّاطَةٌ كَمْ أَمْعَنَتْ تِيها!
لو يُطْفِئُ المِصباحَ..
هلْ يَقْوى على النَّوْمِ المُميتِ.. على الضَّجَرْ،
والغُرْبَةُ السَّوداءُ تُقْرِئُهُ دَفاتِرَهُ المَليئَةَ بالزَنابِقِ والزَّهَرْ؟
كانَتْ تُبادِلُهُ السَّلامَ إِذا خَلا الدَّرْبُ المُزَنَّرُ بالْخَطَرْ
وَتَصُدُّهُ..
إلا إِذا امْتَدَّتْ إِلى صَدْرِ الظَّلامِ رِسالَةٌ،
مَرَّتْ على أَعْصابِها
فَتَمُدُّ في وَجَلٍ يَدًا هي وحدها أَدرى بِها
.. ماذا إِذا أَحَدٌ رَآها؟!
كمْ تَمَنَّتْ لو تُفيقُ كَأَنَّما حُلُمٌ يَطوفُ بِبابِها
وَتَهُمُّ أَنْ تَمضي.. ولكنْ،
تلكَ زادُ غَدٍ إِذا جَلَسَتْ إلى أَتْرابِها!!
لو يُطفئُ المِصباحَ..
هل يَقْوى، وفيهِ حُطامُ مِشْيَتِها إذا انْتَفَضَتْ،
كَأَنَّ الدَّرْبَ تَشْرَبُها وَتُخْفيها
وَيَتْبَعُها بِروحٍ كُلُّها فيها؟!
آهٍ على وَجَعِ الغريبِ إِذا تَمادَتْ فيهِ غُرْبَتُهُ،
وَغَصَّ بها، وَوَطَّنَها الفُؤادْ
سيظَلُّ يصْرَعُ دَمْعَهُ.. والدَّمْعُ يَصْرَعُهُ،
ويَصْطَنِعُ الرُّقادْ
هل يُطفئُ المصباحَ؟
... لن يقوى
ففي أحشائِهِ نارٌ تُضيءُ مَشارِفَ الماضي،
وَتَنْفُخُ في السُّهادْ
ما زالَ يحرصُ أنْ يُؤَجِّجَها، فَيُلْقِمَها الرَّمادْ
ما زالَ يُطعِمُها الكَفَنْ
عامانِ مَرَّا..
كمِ مِنَ الأعوامِ يَلْزَمُ كي نَمُرَّ مِنَ الزَّمَنْ؟
وَإِذا مَرَرْنا...
كم مِنَ الأَزْمانِ يَلْزَمُ كي نَمُرَّ إِلى وَطَنْ؟
وَإِذا مَرَرْنا...
كَمْ مِنَ الأَوْطانِ يَكفي.. كي يَرُدَّ لَنا الثَّمَنْ؟!
هيَ حِسْبَةٌ مَعْقولَةٌ..
لكنَّها الأَرْقامُ تَسْقُطُ
حينَ نسْقُطُ في الطَّريقِ إِلى فِلسطينَ الوَطَنْ!!
طارُوا على حَجَرٍ إِلى الأَقْمارِ
وَتَفَجَّروا في الأُفْقِ كالإِعصارِ
مُرْدٌ يُطاوِلُ بَعْضُهُمْ بَعضًا إِذا
وَفَدَتْ إِليهمْ بِعْثَةُ الأَقدارِ
عامانِ مَرَّا..
لا تَعُدَّ الماضِياتِ فَكُلُّها أَعوامُ جُوعْ
يا أَيُّها الوَطَنُ المُلَبَّدُ بالحِجارَةِ والمُسَيِّلِ للدُّموعْ
يا أَيُّها الجَسَدُ المُلَغَّمُ بالسَّواعِدِ والشُّموعْ
سَتَظَلُّ تَنْزِفُ كُلَّما انْهَمَرَتْ خُطاكَ على السُّفوحِ،
ولا سبيلَ إِلى الذُّرا
إلاَّ على جُثَثِ الدُّروعْ
مَنْ قالَ إِنَّ الموتَ في وَضَحِ النَّهارِ يُداهِمُ الموتى،
إِذا زَرَعوا الضِّياءَ على الثُّغورْ؟
سَتَظَلُّ تَنْزِفُ.. لا تَقِفْ
فالأَرضُ تَعْرِفُ زارِعيها إِنْ تَوَسَّدَتِ الوُجوهُ هَوى الثَّرى،
أَو مَرَّتِ الأَبْدانُ مِنْ موْتٍ إِلى مَوتٍ على حّدِّ الحديدِ
إِذا تَثاءَبَتِ القُبورْ
ما بالُ جَفْنِكَ جامدًا لا يَغْمِضُ
إِنَّ الذي أَدمى جُفونَكَ مُعرِضُ
جُثَثٌ يُدَثِّرُها القُنوطُ وإِنَّها
لو فاجَأَتْها النارُ.. ليستْ تَنْهَضُ
سَتَظَلُّ تَنْزِفُ.. لا تَقِفْ
لا تسْمَعِ الأَصواتَ إِنْ صَرَخَتْ بكَ الآلامُ،
لا تَحْفَلْ بِجُرْحِكَ إِنْ هَوى
جَرِّدْ جُروحَكَ كُلَّها،
وانْزعْ فَتيلَ مُكَبَّلٍ خلفَ الضُّلوعْ
إسْرِجْ يديكَ.. ولا تَقِفْ
قد أَوشكَ الفَجْرُ المُحَنَّى بالدِّماءِ على الطُّلوعْ
طالَ انتِظارُكَ، واحتَرَقْتَ على خَراطيشِ الهُتافْ
عامانِ مَرَّا..
والضِّفافُ هيَ الضِّفافْ
والنَّازِحونَ النَّازِفونَ على الشَّواطِئِ لا تُبُلِّلُهُمْ مِياهُ البَحْرِ
لا يَنْفَضُّ عَنْ أَعناقِهِمْ حَدُّ الجَفافْ
يا أَيُّها المُتَساقِطونَ على السُّفوحِ رُوَيْدَكُمْ
سَتَمُرُّ أَعوامٌ عِجافْ
والبحرُ مَغلولُ اليدينِ،
وليسَ مِنْ زادٍ على كفِّ السَّحابِ سوى السَّرابْ
يا أيها المُتَساقِطونَ تَشَبَّثُوا
إِنَّ الحياةَ مِنَ التُّرابْ
وَتَشَبَّثُوا..
لا تَدْفِنوا الشُّهَداءَ
– إن سقطوا –
فليسوا ميِّتينْ
لا تَدْفِنوهم.. إِنَّ في أَعراقِهِمْ أَحلامَ كُلِّ اللاجِئينْ
سَيُبَرْعِمونَ على المَعابِرِ والسُّهولِ، وفي الجِبالْ
خيلاً يُسابِقُها الصَّهيلُ إلى ثُغورِ البُرتُقالْ
وَحِجارَةً كالبَرْقِ تَخْطِفُ ما تَيَسَّرَ مِنْ ظِلالْ
لا تَسْأَلوا مِنْ أَيْنَ تَبْتَدِئُ الحكايَةُ والمَدى
هل يُسْأَلُ الزًَّمَنُ المُسافِرُ في المَدامِعِ عَنْ مَداهْ؟
ماذا نَرى؟! هل شابَتِ الأَلوانُ
أَمْ جَلَّلَتْ قِمَمَ الذُّرى الأَكْفانُ
لا تَعْجَبوا..هذا البياضُ على الذُّرا
قِطَعُ الضُّحى يسعى بِها الفِتيانُ!!
عامانِ مَرَّا..
لا يَزالُ الليلُ يُجْهِضُ طَلْعةَ الفجْرِ المُرَصَّعِ بالأغاني والحياهْ
عامانِ..
والحجَرُ المُزَنَّرُ بالجُنونِ يطارِدُ الليلَ الكسيحْ
والليلُ يَغْرَقُ في دُجاهْ
ماذا نَقولُ إِذا وَقَفْنا في رِحابِ الجُرحِ للفجْرِ الجَريحْ؟!
ماذا تَبَقَّى مِنْ مَحاجِرِنا لِنَدْفِنَ في زَواياها كَآبَتَنَا،
وَنُلْحِفَها الجُفونَ وَنَسْتَريحْ؟!
وَطَنٌ ذَبيحْ..
وَمَلامِحُ الشُّهَداءِ في وَجْهِ الرَّصاصِ،
تَكادُ مِنْ سَأَمٍ تَفِرُّ إِلى الدُّروبِ،
وَيُوشِكُ الدَّمُ أَنْ يصيح
بالخاطِرينَ عليهِ .. آهْ
آهٍ على وَطَنٍ تُفَجِّرُهُ الحَناجِرُ في الوُجُوهِ.. ولا تَراهْ
وَطَنٍ يَدورُ على المَوائِدِ والجَرائِدِ والشِّفاهْ
وَعلى الأَكُفِّ المُشْرَئِبَّةِ في الصَّلاهْ
وَطَنٍ؟
وهلْ وَطَنٌ لِمَنْ هَجَروا السُّروجَ إِلى الضَّريحْ
كي يُطْعِموا دُودَ القُبورِ سُيوفَهمْ
وَسَنابِكَ الخيْلِ القتيلَةِ تَحْتَ أَلواحِ الصَّفيحْ؟!
وَطَنٍ؟
وَهَلْ وَطَنٌ لِمَنْ لا يَجْرُؤونَ على تَهَجِّي حُلْمِهِمْ،
وعلى كِتابَتِهِ على الآفاقِ بالحَجََرِ الفَصيحْ؟!
ذَرُّوا عَلَيْنا مِنْ دَمٍ عَبِقِ
فَازَّيَّنَتْ إِطلالَةُ الأُفُقِ
هذا الذي في أُفْقِنا دَمُهُمْ
لكنْ يُسَمَّى حُمْرَةَ الشَّفَقِ!!
عامانِ..
ما زالَتْ جُموعُ الخارِجينَ على الهُمومِ إِلى النُّجومِ،
تُلَمِّعُ الدَّرْبَ المُطِلَّ على غَدٍ مُتَمَرِّدٍ،
لِتَمُرَّ خُطْوَتُنا البَدينَهْ
خَرَجوا لنا.. خَرَجُوا علينا،
هَلْ سَنُبْطِلُ خَوْفَنا المَوقوتَ فينا؟
هل سَنَنْفُضُ عَنْ سَواقينا الغُبارَ المُسْتَميتَ على مَساقِطِها الحَزينَهْ
أَمْ سَوْفَ نَبْحَثُ في مَدائِنِنا الكَفِيفَةِ عنْ مَدينَهْ
لا تَلْعَقُ التَّاريخَ مِنْ يَبَسٍ،
ولا تَجْتَرُّ مِيتَتَهَا اللَّعينَهْ؟!
خَرَجُوا لَنا..
وَعَلى مُحَيَّاهُمْ مَواويلُ الجُروحِ المُبْحِراتِ إِلى مَوانِئِنا العَقيمَهْ
يَمْحُونَ عُتْمَتَنا،
وَيَجْتَزُّونَ مِنْ آفاقِنا أَعناقَ راياتِ الهَزيمَهْ
وَيُباغِتُونَ نُعاسَنا فينا،
وَيَنْتَشِلُونَنا مِنْ فائِضِ المَنْفى،
وَمِنْ فَحْوى جَنازَتِنا القَديمَهْ
خَرَجُوا عَلَينا عِندَ خَطِّ البَدْءِ،
واسْتَلُّوا حِجارَتَهُمْ، وَمَرُّوا فَوْقَ غَفْوَتِنَا
إِلى الحُلُمِ المُؤَجَّلِ في بَلاطِ القائِمينَ على جِراحاتِ الرَّبيعْ
مَرُّوا.. وكُنَّا مِنْ وَراءِ الرِّيحِ نَغْبِطُهُمْ،
نُحَدِّقُ في المَقاليعِ الأَخيرَةِ،
وهيَ تُمْطِرُ ما تَخَثَّرَ مِنْ أَمانينا على وَجْهِ الصَّقيعْ
خَرَجُوا علينا..
والحُواةُ القائِمينَ على مَهَبِّ الذِّكرياتِ تَكَدَّسُوا في ظِلِّنا
لا شَيْءَ يَمْحُوهُمْ إِذا ضاقَ الخَيالُ على الجَسَدْ
خَرَجَ الضُّحَى مِنْ قَبْوِنا المسْلوكِ في كَبِدِ الرَّحيلِ،
وما تَنَفَّسَ لَحْنُنا
لِيُبَدِّدَ الوَهْمَ المُمَدَّدَ في شِغافِ قُلُوبِنا
وَيُوَزِّعَ الأَنْهارَ فينا تَحْتَ رايَتِنا،
بِلا قَدَرٍ يُسَوِّغُهُ أَحَدْ
يَأْتي الصَّباحُ مُضَرَّجًا بِالفَجْرِ والضَّحِكاتِ والجُرْحِ العَميقْ
وَبِنَشْوَةِ الشُّعَراءِ إِذْ يَتَصَيَّدُونَ نَشيدَهُمْ،
وَقَصائِدَ الدَّم والحَريقْ
يأْتي الصَّباحُ..
وفي يَدَيْهِ مِنَ الطُّيُورِ بَقِيَّةٌ،
وَمِنَ الدُّخانِ بَقِيَّةٌ،
وَمِنَ الغُيومِ السَّائِماتِ على الدُّرُوبِ بَقِيَّةٌ
تَرْوي الحِكايَةَ لِلطَّريقِ عَلى الطَّريقْ
خَرَجُوا لَنا.. خَرَجُوا علينا
هلْ سَيَنْطَفِئُ الظَّلامُ المُسْتَبِدُّ على اشْتِعالاتِ الغَريقْ؟
هل يَنْتَهي الحُزْنُ المُسافِرُ طَيَّ غُرْبَتِنا التي كَبِرَتْ
على صَمْتِ المَلاجِئِ والمَوانِئِ والدِّماءْ؟
تَتَساقَطُ الأَشْلاءُ مِنْ وَلَهٍ على صَدْرِ الثَّرى المَعْجُونِ
بالدَّمِ والنُّبُوَّةِ والحَنينِ إِلى الضِّياءْ
وَتَعُودُ في ثَمَرِ الحقُولِ حِجارَةً
تَمْتَدُّ مائِدَةً أَمامَ زُنُودِنا،
لِنَمُدَّ أَيْدِيَنا، وَنَقْطِفَ ما نَشاءْ
يَاْتي الصَّباحُ..
فَيُضْرِبُ التُّجَّارُ عَنْ بَيْعِ السِّلاحِ،
فَنَكْتَفي بِعِظامِنا عنها،
وَنَحْصُدُ ما تَثاءَبَ في الحُقُولِ مِنَ السَّنابِلِ والإباءْ
عامانِ مَرَّا..
لا نَزالُ نُواصِلُ الحُلُمَ الجَميلَ على أنينِ النَّايِ والسَّفَرِ الطَّويلْ
ونَشُدُّ للتِّيهِِ المُخيفِ رِحالَنا،
وَنُذيبُ في هُوجِ الخُيولِ صَدى الرَّحيلْ
في كًلٍّ أُغْنِيَةٍ لَنا وَتَرٌ،
يُرَجِّعُ ما تَراجَعَ مِنْ نَشيدْ
وَبِكُلِّ قافِلَةٍ لَنا حادٍ،
يُلَوِّحُ للبعيدِ مِنَ البعيدْ
يَأْتي الصَّباحُ وليسَ فيهِ سِوى سَواعِدِنا
تَهُبُّ مَعَ الرِّياحِ المُبْحِراتِ إِلى الجُنونِ..
إِلى مُسَمَّانا الجَديدْ
هلْ يُطْفِئُ المِصباحَ؟
مَنْ يَسْتَوْقِدُ المَنْفى،
وَيَقْفِزُ في الظَّلامِ على أَهازيجِ الحِصارْ
وَيُعيدُ للقَمَرِ انْطِلاقَتَهُ على جَسَدِ البيادِرِ وانعِكاساتِ النُّضارْ؟!
مَنْ غَيْرُهُ يَسْتَوْقِفُ الشُّهَداءَ كي يروي لَهُمْ
قِصَصَ النَّزيفِ المُسْتَفَزِّ وَراءَهُمْ،
وَيُعيدُ فيهِمْ ما تَلاهُ اللاحِقُونَ،
وما اسْتَجَدَّ مِنَ التَّهَجِّي والعِثَار؟!
مَنْ غَيْرُهُ لمْ يُطْفِئِ المِصباحَ بَعْدُ، ولمْ يَضِعْ
ما بينَ أَوْهامِ اليمينِ ووهْمِ إِلْهامِ اليَسارْ؟
مَنْ غَيْرُنا حَمَلَ الجِراحً بِِِِِِِِِِِِِِِِلا ضُمُدْ؟
عامانِ مَرَّا..
هل نُصَدِّقُ أَنَّنا اجْتَزْنا الحَواشيَ والإطارَ بلا مَدَدْ؟
أمْ هل نُصَدِّقُ أَنَّنا عُدْنا على حَجَرٍ
مِنَ المَنْفى القَتيلِ.. إلى الخليلِ.. إلى صَفَدْ؟!
وَمِنَ احْتِراقاتِ الرَّحيلِ.. إِلى الصَّهيلِ..
مِنَ الخُواءِ إِلى الجَلَدْ؟
عامانِ..
هذا حَقْلُنا مُتَسَرْبِلٌ بِسَنابِلِ الوَجَعِ الأَصيلِ،
وفي أَيادينا المَناجِلُ والمَعاوِلُ والحَرائِقُ والبَرَدْ
عامانِ..
هذا حَقْلُنا مُتَبَرِّجٌ بِدَمِ النَّجيلِ،
وهذهِ أَعْراقُنا
تَلْهُو بِدَوْراتِ المقاصِلِ والقنابِلِ والزَّرَدْ
وعلى تَقاسيمِ النَّخيلِ،
وَفَوْقَ أَفْنانِ الكَمَدْ
أَلْقَتْ عَنادِلُنا تفاعيلَ الخليلِ
مِنَ الخَفيفِ إلى الثَّقيلِ.. إلى الطَّويلِ
على مَواقيتِ الأَبَدْ
عامانِ..
هل رَجَعَ المسافرُ،
أم تَراجَعَ دربُهُ شيئًا فشيئًا للوراءْ؟
هل أًبحَرَتْ رِئَتاهُ،
أم أبقاهُما قيدَ الموانئِ
ما تَقاعَسَ مِن هَواءْ؟
عامانِ يَخْتَصِرانِ تاريخَ الخُواءْ
ما بينَ رائِحَةِ الرَّصاصِ ولونِ موْتٍ هارِبٍ مِنْ طَعْمِ غَدْ
أوْ طَعْمِ صَوتٍ خائِفٍ مِنْ لَونِ غَدْ
عامانِ..
من هذا الذي الذي أَسْرى على خيلِ المَحاجِرِ،
كي يُقَنِّنَ ما نَراهُ مِنَ المَجازِرِ والبَدَدْ؟
في عَزْمِهِ شيءٌ مِنَ الفُصحى،
وبعضٌ مِنْ شهيقِ الشَّمسِ في وَجْهِ الزَّبَدْ
وعلى مُحَيَّاهُ انْهِماكٌ في التَّبَعْثُرِ،
واشتِهاءٌ للتَّبَلْوُرِ،
وامْتِلاءٌ بالتَّهَوُّرِ والجُنونْ
قُلْ: مَن تُراهُ يكونُ هذا الجامِحُ الصَّادي
إلى وَكْرِ المَنون؟
في كَفِّهِ حجرٌ،
وفي أَعراقِهِ حقلٌ مِنَ الأَلغامِ يَزْرَعُهُ العِدا والخائِنون
يا فارسَ العلياءِ:
هذا درْبُكَ المملوءُ بارودًا،
يُفَتِّشُ عَنْ خُطاكَ .. فهلَ تُحاذِرْ؟
يا حارسَ الصَّحراءِ:
كم ستموتُ، ثمَّ تعودُ،
كي تتلو على أسماعِنا قَلَقَ المقابِرْ؟
عامانِ..
مَنْ أَفشاكَ في وَضَحِ النَّهارِ على المنابِرْ؟
يَسْتَعْجِلونَكَ كي تُوَزِّعَهُمْ على كفَّيْكَ،
عُدَّ يَدَيْكَ ثانِيَةً..
إذا صافَحْتَ تُجَّارَ العَشائِرْ
لكَ اَنْ تَقولَ،
ولستَ مَعْنِيًّا بأنْ تُصغي لِفَلْسَفَةِ القبيلَهْ
كَفَّاكَ أَمْضى مِنْ لِسانٍ،
لا يُفَرِّقُ بينَ أَفواهٍ مُصَوَّبَةٍ،
وَأَفواهٍ قتيلَهْ
لكَ أنْ تَقولَ،
ولستَ مَعْنِيًّا بَأَصواتٍ
تُفَتِّشُ عنْ لُغاتٍ مُسْتَحيلَهْ
عامانِ مَرَّا..
مَنْ يُحاوِلُ أَنْ يَفُكَّ رُموزَ رايَتِنا المُدَمَّاةِ الجميلَهْ؟
أم مَنْ يُحاوِلُ أَنْ يَرانا مثلما نَبْدو،
إِذا عَصَفَتْ بِنا الكُرَبُ الجَليلَهْ؟
ها نحنُ نَقْطُرُ خَلْفَنا
جَبَلاً مِن َالأَحزانِ أَزْمانًا طَويلَهْ
وَنُميتُ فينا كُلَّ نَبْضٍ،
لا يُؤَجِّلُ مَوْتَنا..
حتَّى لِساعاتٍ قليلَهْ
ها نحنُ نُلْغي ظِلَّنا كي لا نُرَى،
وَنَفِرُّ مِنْ أَحلامِنا،
حتى إِذا اتَّسَعَتْ دَوائِرُها على خُطُواتِ قَتلانا الثَّقيلَهْ
سِرْنا إلى حُلُمٍ يُفَسِّرُ خَطْوَنا فينا،
وَيبحثُ عن دوائِرهِ البديلَهْ
ها نحنُ نخرُجُ مِنْ مَدافِنِنا إلى ساحاتِنا،
أَسَلاً مُثَقَّفَةً، وأَسيافًا صَقيلَهْ
ونسيرُ.. نبدأُ مِنْ حَقائِقِنا،
ونَشْطُبُ كلَّ شيءٍ عنْ كُلَيْبٍ والجليلََهْ
وَنَحُزُّ مِنَّا كُلَّ كَفٍّ،
لا تُحاوِلُ اَنْ تُجَرِّبَ حَدَّها بِيَدٍ عَميلَهْ!!
***
عامانِ..
ما زِلْنا نُوَزِّعُ بيننا البَسَماتِ،
كي نَاْسو بِها الطَّعَناتِ،
ما زِلْنا نُحارِبُ بالهواءِ وبالحرائِقِ والحَجَرْ
والأَرضُ تُخْفينا إِذا انْفَضَحَتْ ملامِحُنا،
وَطَوَّقَنا الخَطَرْ
كانَ النَّدى..
والأَرْضُ تَحْفَظُ طَعْمَهُ عن ظهْرِ قلبٍ،
ليس تُخْطِئُهُ إِذا هَجَّتْ بشائِرُهُ،
وَأَوغَلَ في السَّفَرْ
كمْ يَعْشَقُ الرَّمْلُ المطرْ!!
كمْ يعشقُ الرملَ المطرْ!!
عامانِ..
كيفَ نُصَنِّفُ الأَعوامَ إَِنْ ضاقتْ بها خاناتُنا،
وازْوَرَّ خِنْجَرُها منَ الطَّعَناتِ،
كيفَ نَمرُّ في أَجسادِنا،
لنُخيطَ منها ما تثاءَبَ مِنْ جروحٍ واسْتَتَرْ؟
كيفَ السَّبيلُ إلى العِناقِ،
إلى نِهاياتِ الضَّجَرْ؟
.... وإِلى وَطنْ؟
يَتصاعَدُ الإيقاعُ مِنْ كَفٍّ إلى كفٍّ،
وَمِنْ صَفٍّ إلى أَلْفٍ،
وَمِنْ أَلَمٍ إلى حُلُمٍ،
يَشُقُّ على سِوانا أنْ يُوالِفَهُ،
إذا ما داهَمَتْ رُؤياهُ غَفْوَتَهُ،
لدى زَمَنٍ بِحَجْمِ رَصاصَةِ المطَّاطِ،
أو لَوْنِ الرَّصاصِ الحَيِّ،
وَهو يُوَزِّعُ الأَقدارَ في عَبَثٍ جُنونِيِّ الصفاتْ
يَتَصاعَدُ الإيقاعُ مِنْ صَوْتٍ إلى موتٍ إلى بَعْثٍ،
وتَختَلِطُ الأُمورُ على مواقيتِ المَواتْ
حُلُمٌ على كوفِيَّةٍ،
ويدٌ تُسّطِّرُهُ على صَدْرِ الهواءِ المُستحيلِ
وطنًا بِلَونِ الفجرِ، أَو سِحْرِ الأًصيلِ
يتدافَعونَ..
وفي نَواياهُمْ مُداهَمَةُ الرِّياحِ على مَداخِلِ حُلْمِهِمْ
.. يَتدافعونَ إلى وَطَنْ
وَطَنٍ تَقَطَّرَ مِنْ سُكوتٍ مُستَقيلِ
مُتَوَضِّئٍ بِدَمٍ خُرافِيٍّ جَميلِ
حتّى إِذا مالَتْ بِهِمْ ريحُ النَّوى
قالوا لها:إنّا هُنايا ريحُ ميلي!!
يَتصاعَدُ الإيقاعُ مِنْ ضَجَرٍ إلى حَجَرٍ،
يُقَبِّلُ إنْ هَوى – خَدَّ السَّبيلِ
وَلَهُ صَبابَتُهُ إِذا مَرَّتْ عليْهِ خُطى الصَّبايا
إِنْ صَبَوْنَ إِلى المَشاويرِ الطَّويلَةِ،
وافْتَرَضْنَ خُلُوَّهَا مِمَّنْ يُرِدْنَ،
وَطَوَّحَتْ أَيْدِ بِما سَتَرَ الشُّموسَ عَنِ الشُّروقِ،
وَرُحْنَ في نَشْرِ الهديلِ
يَتَصاعَدُ المِقلاعُ مِنْ نَفَقٍ إِلى أُفُقٍ،
لِيَرْصُفَ دربًنا للشمسِ،
كي نخطُو إلى غَدِنا،
على دَرْبِ الفِدى والعُنفُوانْ
حُلُمٌ على كُوفِيَّةٍ
وَيَدٌ تَذَرُّ على رَتابَتِنا انْفِجاراتِ الزَّمانْ
حُلُمٌ تَطيرُ بِهِ يَدانْ
يَسْتَحْضِرانِ الغيبَ مِنْ وَكَناتِهِ،
ويُلَمْلِمانِ الغيمَ في كَفَّيْهِما،
لِتَقرَّ عينُ الأُقْحُوانْ
كانَ النَّدى..
يا مُوغِلاً في النَّزْفِ قد ضاعَ الصَّدى
فاضَ الزَّمانُ وَهَزَّ أَوْصالَ الثَّرى
فَنَمَتْ حِجارَتُهُ رَصاصًا أَخْضَرا
وَتَخَطَّفَتْهُ يَدٌ تَعالَتْ كَفُّها
سَلَكَتْهُ في دَمِها.. فَأَدْمى العَسْكَرا
كانَ النَّدى..
لا تَلْتَفِتْ.. ماتَ الصَّدى
حُلُمٌ على عَلَمٍ تَنَشَّرَ واشْتَعَلْ
وعلى المداخِلِ والمخارِجِ مُعْتَقَلْ
يَتَدافَعُونَ إليكَ بالتَّصريحِ والتَّلْميحِ بالفَمِ والقُبَلْ
كانَ النَّدى..
يا فارِدًا كَفَّيْكَ في وَجْهِ المَدى
شيئانِ يَلْتَقِيانِ فيكَ إِذا سَرَجْتَ على المقاليعِ اليَدا
شيئانِ يلْتِقيانِ فيكَ إذا طَلَعْتَ على العِدا
شيئانِ يلتَقِيانِ فيكَ:
رَصاصَةٌ.. وخَصاصَةٌ
فَتَضوعُ حَولَكَ هالَةٌ مِنْ خالِصِ الدَّمِ والدُّخانْ
تَسْتَقْطِبُ الإِشفاقَ والإِغْراقَ،
والنَّعيَ المُلَفَّعَ بالأَسى والفَخْرِ:
آلُ.. وكلُّ آلِ..وَشَعْبُنا.. ينعونَ بالحُزْنِ العميقِ شَهيدَنا..
بُشرى لأمَّتِنا.. نَزُفُّ لها الشَّهيدَ الأَلْفَ..
عَهْدًا أنْ نُواصِلَ دَرْبَنا.. دَرْبَ الشَّهادَةِ..
تُقْبَلُ الْ.. نَسْتَقْبِلُ الْ..
شيئانِ يلتقيانِ فيكَ مِنَ البِدايَةِ
كُلَّما غَضِبَتْ يَداكَ:
رَصاصُهُم.. وَعَزاؤُنا،
فَتَمُرُّ فيكَ قَصائِدُ الشُّعَراءِ،
تَسْتَجْدي مَزيدًا مِنْ صَلابَةِ ساعِدَيْكَ،
وَنُعْلِنُ الإضْرابَ والإِعرابَ والتَّأْريخَ،
هل يعني انتظارُكَ أَيَّ شيءٍ
غيرَ مَعنى الإنتظارْ؟
يا حامِلاً وِزْرَ الحقيقةِ في يَدٍ،
ودمَ الحَقائقِ في يَدٍ،
ودمي.. وأَوزارَ المَضارِبِ..
كم يَدًا ستَمُدُّ في صَحرائِنا،
لِتَمُدَّ روحَكَ فوقَها سُحُبًا ونارْ؟!
كم مرَّةً ستُضيءُ روحَكَ مِنْ لَظَى الظَّلْماءِ،
كي يسْتَأْنِسَ الغَدُ والنَّهارْ؟!
عامانِ مَرَّا لم تَنَمْ..
وعلى المَداخِلِ والمَخارِجِ لم يزلْ يَعلو الجِدارْ
يَتَدافَعونَ إِليكَ بالتَّنْظيرِ والتَّفْسيرِ والفُرَصِ الكبيرَةِ
هل تُصَدِّقُ ما يَدورُ على المَوائِدِ،
أمْ تُصَدِّقُ ما تَراهُ على الشَّواهِدِ،
هل ترى غيرَ الحِجارَةِ والرَّدى؟!
كانَ النَّدى..
عامانِ مَرَّا..
هل سَنََنْزِفُ للأبَدْ؟!
تتَدافَعونَ إلى الوراءِ، ووَحْدَنا
نبني سماءً للأَمامِ بِلا عَمَدْ
لكُمُ الفُحولَةُ والسُّيُولَةُ والهَوى
وَسَرائِرُ الليلِ المُعَطَّرِ بالهِباتِ..
ولا حَسَدْ
خَيْلٌ مُسَوَّمَةٌ.. وأسيافٌ مُدَلَّلَةٌ،
ونِفْطٌ ليسَ يُحْصى.. لا حَسَدْ
وَمُناوَراتٌ.. لا حَسَدْ
وَمُخابَراتٌ.. لا حَسَدْ
لكُمُ الحَياةُ.. ولا حَسَدْ
فَدَعُوا لَنا حُلُمًا تُطَرِّزُهُ لنا..
كَفَّا وَلَدْ
وَدَعُوا لَنا ما تَكْرَهُونَ،
فَنَحْنُ نَعْشَقُ ما يُوَرِّثُنا النَّكَدْ
باضَ الحَمامُ على الوَتَدْ
أَنتُمْ وما تَتَخَرَّصُونَ.. فَنَحْنُ أَصحابُ البَلَدْ
وَلَسَوْفَ نَدْخُلُهُ كما يَحْلو لنا،
مِنْ بعدِ ما لاكَتْ قَواطِعُنا المَسَدْ
وَتَخَلَّلَتْ أَقدامُنا وجْهَ السُّكوتِ المُسِتَحيلِ،
.. وما تَخَلَّلَنَا أَحَدْ!!
أَرَأَيْتَ ما جادَتْ بِهِ كَفُّ المِحَنْ؟
حَجَرًا فَصيحًا لا يُغالِبُهُ الوَسَنْ
فاعْطِبْ يَدَيْكَ إِذا تَوَسَّدَها الكَرى
واحْطِبْ يَديْنِ مِنَ الصُّخورِ بلا وَهَنْ
عامانِ مَرَّا..
كم مِنَ الأَعوامِ يَلْزَمُ،
كي نَمُرَّ مِنَ الزَّمَنْ؟!
وَإِذا مَرَرْنا..
كم مِنَ الأَزمانِ يَلزَمُ،
كي نَمُرَّ إلى وَطَنْ؟!
وإذا مَرَرْنا..
كمْ مِنَ الأوطانِ يكفي،
كي يَرُدَّ لنا الثَّمَنْ؟!
هي حِسْبَةٌ مَعْقولَةٌ..
لكنَّها الأَرْقامُ تَسْقُطُ
حينَ نَسْقُطُ
في الطَّريقِ
... إلى فِلِسْطينَ الوَطَنْ!!!
هلال الفارع
بواسطة: محمد أسامة
التعديل بواسطة: محمد أسامة
الإضافة: الخميس 2007/04/26 05:32:06 صباحاً
إعجاب
مفضلة

أضف تعليق

يجب تسجيل الدخول أو الاشتراك أو تفعيل الحساب اذا كنت مشترك لإضافة التعليق


أعلى القصائد مشاهدة للشاعر
أعلى القصائد مشاهدة خلال 24 ساعة الماضية
انتظر معالجة القصيدة ...
جميع الحقوق محفوظة لبوابة الشعراء .. حمد الحجري © 2005 - برمجة وتصميم
info@poetsgate.com