عناوين ونصوص القصائد   أسماء الشعراء 
شعراء الفصحى في العصر الحديث > مصر > علي محمود طه > حواء

مصر

مشاهدة
943

إعجاب
0

تعليق
0

مفضل
0

الأبيات
0
إغلاق

ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك

إرسال
انتظر إرسال البلاغ...

حواء

أأبغض وّاء وهي التي
عرقت الحنان لها والرّضى؟
وباع بها آدم خلده
و لو لم يكن لتمنّى القضا؟
ورثت هواها، فرمت الحياة
و حبّب لي العالم المبغضا
أراها على الأرض طيف النّعيم
و حلم الفراديس فيما مضى!
وكانت حياتي محض اتّباع
فصارت طرائف من فنّها
وكان شبابي صمت القفار
و رجع الهواتف من جنّها
فعادت ليالي الصّبا والهوى
أرقّ المقاطع في لحنها
وأفرغت بؤسي في حضنها
و أترعت كأسي من دنّها!
وكم ذكريات لها عذبة
أعيش عليها وأحيا بها
لها في دمي خلجات الحياة
كأنّي خلقت بأعصابها
مسامرتي حين يمضي الصّبا
و تهتف روحي بأحبابها
وتخلو بي الدّار عند الغروب
و أجلس وحدي على بابها!!
بدت شبه عابسة فانثنيت
و قد زايل الشمس لألاؤها
وخلت الحياة وضوضاءها
تموت على الأرض أصداؤها
وكفّ عن الهمس حتّى النّسيم
و أمسك عن لعب ماؤها
وناديت، فالتفت لا تجيب
و لكن دعاني إغراؤها
ومرّت إزائي فتابعتها
بقبي، وعيني إلى أمّها
رأيت مفاتنها غير تلك
و إن لم يخلّدن في جسمها
وأبصرت من حولها الكائنات
جوانح تهفو إلى ضمّها
ويحنو الصّباح على ثغرها
و قد جنّ شوقا إلى لثمها
يساءلني القلب عن أمرها
و أسأله أنا عن سرّها
ويعطفني في الهوى ضعفها
و أنسى بأنّي في أسرها
وتبدي لي الأنجم الوامقات
رفيف الأماني على ثغرها
فأحسب أنّ اهتزاز الحياة
صدى حبّها ورؤى سحرها!
لكذبتها تستحبّ الحياة
و يصفو الزّمان بتغريرها
ويأخذني الشّك في قولها
فتقنعني بأساريرها
وتعصف بي شهوة للجدال
فتسكتني بمعاذيرها
غفرت لها كلّ أخطائها
سوى دمعتين لتبريرها!
أحاول أفهمها مرّة
فأعيا بها وبتفكيرها
أمخلوقة هي؟ أم ربّة
تسير الخلائق في نيرها؟
وما سحرها؟ ألتكوينها؟
و ما حسنها؟ ألتصويرها؟!
تقول الطّبيعة: بنتي! وما
أحسّ لها بغض تأثيرها!
أعند الطّبيعة هذا الدلال؟
و في دفئها مثل هذا الحنان؟
إذ قيل لي: هاك ملك الثّرى
و دنيا الشّباب وعمر الزّمان
فما لذّتي بالذي نلته،
و ما نشوتي برحيق الجنان
كرعشة روحي وهزّاتها
و صدري على صدرها واليدان!
وغنّت فأسمعني صوتها
صدى الرّوح في خلجات البدن
عميقا كأنفذ ما في الحياة
و أبعد ما في قرار الزّمن
فأحسست كيف تطيش العقول
و تسهو القلوب وتصحو الفتن
وقال لها الحسن: يا ربّتي!
فقالت له: كلّ شيئ حسن!!
رآها على النّبع بعض الرّعاة
مصوّرة في إطار الغصون
فقالوا: أحلم تراه العيون؟
أفي الغاب حوريّة؟ من تكون؟
ومسّ مزاهرهم روحها
فرفّت بها خالدات اللّحون
وباتت تعانق أحلامهم
و قد كان يرقص حتّى السّكون!
ولاحت بمرأى لعيني فتى
طوى البحر ليس له من قرار
تفتّح عن صدرها موجتان
و ينشقّ في الفجر عنها المحار
رآها فجنّ غرامها بها
و غنّى بها اللّيل بعد النّهار
وقالوا تعشّق جنيّة
فتى شاعر تائه فب البحار!
قضى الله أن تغوي الخالدين
وتغري بالمجد عشّاقها
لقيت على بابها الفاتحين
و غار الفتوح وأبواقها
وكلّ مدلّ عصيّ القياد
دعته الصّبابة فاشتاقها
سلا مجده الصّخم في قبلة
تذلّ وتسعد من ذاقها!
أمانيّ شتّى تمثّلن لي
بكلّ وضيء الصّبا ناعم
مبعثرة حولها في التّراب،
بقايا الدّمى في يد الحاطم
تمرّ بها وهي في ضحكها
و ما ذرفت دمعة النّادم
فيا لك من طفلة فذّة
و رحماك سيّدة العالم!
علي محمود طه
بواسطة: محمد أسامة
التعديل بواسطة: محمد أسامة
الإضافة: الجمعة 2007/07/06 12:54:49 صباحاً
إعجاب
مفضلة

أضف تعليق

يجب تسجيل الدخول أو الاشتراك أو تفعيل الحساب اذا كنت مشترك لإضافة التعليق


أعلى القصائد مشاهدة للشاعر
أعلى القصائد مشاهدة خلال 24 ساعة الماضية
انتظر معالجة القصيدة ...
جميع الحقوق محفوظة لبوابة الشعراء .. حمد الحجري © 2005 - برمجة وتصميم
info@poetsgate.com