يا فجرُ جَمَّعنا في ليلةٍ قَدَرُ
|
نِلنا بها كلَّ ما نرجو ونَنتظِرُ
|
هذي مجالِسُنا بالأنسِ عامرةٌ
|
فيها تألَّقَ نجمٌ وازدهى قمرُ
|
خَمرٌ وليلٌ وما يُغريكَ من مُتَعٍ
|
يا حبَّذا كم لنا مِن حَظِّنا ظَفَرُ
|
إنْ أرتوي ظلَّتِ الأنفاسُ لاهبةً
|
أبغي المزيدَ وقلبي ظلَّ يَستَعِرُ
|
مازلتُ أشربها مِن كفِّ فاتِنةٍ
|
نورٌ ونارٌ بكأسِ الحُبِّ تَنصَهِرُ
|
نيرانُها اخْتبأتْ في ظِلِّ رِقَتِها
|
يا ويحَ قلبي إذا ما مَسَّهُ شَرَرُ
|
القلبُ يَرقُصُ ولهاناً على وتَرٍ
|
والليلُ كم طابَ فيهِ الأُنسُ والسَّهَرُ
|
ليسَ الهوى كلُّ صبٍّ صارَ يُدركُهُ
|
إنَّ الهوى رقةٌ بالنَّفسِ تَستَتِرُ
|
مَن رانَها لم يجدْ للحسنِ بادرةً
|
إنَّ الجمالَ على أهدابِها صُوَرُ
|
ما لي أرى النَّاسَ والنُّدمانَ عاتبةً
|
ليتَ النّدامي قليلاً فيكِ تَفتكِرُ
|
لاموا وما لومُهم من بابِ معرفةٍ
|
يا ليتَهم عرفوا ما الفنَّ لاعتبروا
|
يا فجرُ أعطيتِ روحي كلَّ أمنيةٍ
|
قد عِشتُ فيها وما في ليلِنا كَدَرُ
|
ما عدتُ أحسبُ للأيامِ عاقبةً
|
فالدَّهرُ يمضي وتَنسانا به السِّيَرُ
|
أوجَزتُ بالقولِ لم أُسهِبْ بِهِ أبداً
|
مِن طولِ تَجربتي مازلتُ أختصِرُ
|
هلْ خفقُ قلبي إذا ما اشْتَدَّ مِن وَلَهٍ
|
أمْ حينَ غنَّيتِ جُنَّ الكأسُ والوتَرُ
|
يا غادَتي ما وفانا الدهرُ في أمَلٍ
|
إلا افْترقنا وحالتْ بيننا البَشَرُ
|
ما السِّرُ حينَ أرى ذِكْراكِ في خَلَدي
|
أروعةُ الفَنِّ أنْ يبقى له أثَرُ!
|
تأتي الحياةُ كما شِئنا مُسايرةً
|
لا شيءَ فيها لغيرِ الحُبِّ يُعتَبَرُ
|
حلاوةُ العيشِ لا تأمَنْ تَقلُّبَها
|
كمْ ذُقتُ مِنها وكمْ مرَّتْ بِها عِبَرُ
|
شَوقي وحُبّي بِطولِ الدَّهرِ مُلتزِمٌ
|
فالشَّوقُ يَغلي وحُبّي مالهُ غَيَرُ
|
ذكرى تَعودُ وتَبقى في مُخَيّلتي
|
حُلماً تُرافقُ أيامي بِهِ الذِّكَرُ
|
ما بيننا قصةٌ مازال يَذكُرُها
|
قلبٌ محِبٌّ بنارِ الشَّوقِ يَنصهِرُ
|
مهما تناسى فؤادي ذِكرَها رَجَعَتْ
|
بكلِّ حِسٍّ حَوَتْها الرّوحُ والفِكَرُ
|
هيّا تعالي نُعيدُ الأمسَ ثانيةً
|
فالشَّوقُ في روضَتي يَزهو ويَزدَهِرُ
|
نَملو كُؤوس الهوى مِن خَمرِ داليتي
|
والليلُ يروي حَديثاً كادَ يَنتشِرُ
|
أنتِ الحياةُ وأنت الحُبُّ يا قَمَري
|
أنتِ السَّعادةُ والأحلامُ والوَطَرُ
|
ما الوردُ أحلى ومِن خَدّيكِ رِقَّتُهُ
|
والشَّهدُ إلا رضابٌ مِنكِ يَعتصِرُ
|
أهوى جنونَكِ والأنغامُ راقصةٌ
|
أهوى جمالاً على نَهدَيكِ يَقتصِرُ
|
هذي الصَّبايا نُجومٌ أنتِ أشرَقُها
|
تَمضي الليالي وتَبقى بالهوى الذّكَرُ
|